الفصل السابع عشر(17)

38 10 0
                                    

بعد مرور عشرة أيام قضاها مجد في بحر آبي العظيم وصل أخيرا الى شاطئ مملكة إيبرس قبيل ظهيرة اليوم الحادي عشر
هبط من السفينة وتوجه الى العربات التي تقل المسافرين إلى داخل المملكة، وقد كانت تلك العربات مميزة بكبر حجمها لإحتوائها على خزان للمياه كي يكفي المسافرين طوال فترة السير كما أنها لا تُقل أكثر من خمسة مسافرين فقط أما بالنسبة للطعام فعلى كل مسافر أن يجلب معه ما يكفيه من طعام.
توجه مجد إلى إحدى العربات فوجد بها امرأة وطفليها ورجل كهل فركب إلى جوارهم ثم تحركت العربة بعد وقت طويل، وعندما عم الظلام توقفت العربة فتسائل مجد عن سبب وقوفها فأخبره الكهل أن العربات لا تسير ليلاً خوفاً من أي اصطدام ولكنها تسير في الليالي القمرية لوضوح الرؤية فيها
هبط عن العربة ليفسح للمرأة مجالاً لتنام هي وأطفالها وجلس أرضا بالقرب من العربة محتضناً حقيبته الحاوية لماله، وأخذ يحدق بالسماء التي تلمع نجومها مع الظلام الحالك حتى غاب في النوم ولم يوقظه سوى حرارة الشمس في اليوم التالي
وعندما استيقظ وجد المرأة وطفليها والكهل مستيقظون ويجلسون منتظرين داخل العربة فانضم إليهم ثم سألهم عن السائق فأجابه الكهل بصوت قضى عليه الزمن:
لا زال نائما
فقال وهو يهم بالهبوط من العربة:
سأذهب لأوقظه
فخرجت المرأة عن صمتها وقالت وهي تحذره:
لا تذهب اليه فقد يقتلك إن أوقظته، هؤلاء الناس خطرون جداً
فصاح مجد بغضب أفزع أطفالها:
بل أنا من سيقتله إن لم يستيقظ الآن
ثم ذهب اليه على الفور
عندما نظر مجد الى سائق العربة الذي كان ينام كالحيوان النافق غير آبه بحرارة الشمس امتعض وجهه وقال معلقاً على قبح ملامحه:
لولا هذا الجسد لظنك الناس قرداً……..ما هذا الوجه؟!
ثم قام بهزه بقوة فاستيقظ، وعندما استيقظ نظر نحوه بغضب ثم صرخ فيه:
كيف تجرؤ على هذا أيها الحقير؟
ثم أخرج من جانب حزامه سكيناً كبيراً وبحركة فجائية وضعه أسفل عنق مجد الذي نظر بطرف عينه نحو السكين ثم أعاد بصره نحو الرجل مرة أخرى
بعدها أمسك مجد مقبض خنجره بهدوء وثقة فنظر الرجل نحو الخنجر فقام مجد في تلك اللحظة بحركة مفاجئة أسقطت سكينه أرضا ثم قام بلوي زراعه خلف ظهره ووضع خنجره أسفل عنقه وقال بحدة:
إسمعني جيدا يا نصف البقرة إن لم تتحرك الآن سأقتلك دون أن تهتز مني شعرة واحدة هل هذا مفهوم؟
ثم أشار نحو الجياد التي تقود العربة وتابع باستهزاء:
وأظن أن جيادك تحفظ الطريق أفضل منك
ثم دفعه بقوة فسقط أرضا، بعدها نهض واتجه ناحية العربة يرتجف جسده من الخوف، ثم تبعه مجد بعدما التقط السكين واحتفظ به وقبل أن يصعد إلى العربة قال موجهاً حديثه لسائق العربة:
ستواصل السير ليل نهار ولن تتوقف الا لإعطاء الجياد قسطاً من الراحة وتناول الطعام، فلن أتحمل عشرين يوماً في هذه الصحراء
فقال السائق مستنكراً:
وكيف سأواصل السير نهاراً إن لم أنم ليلاً؟
فأجابه:
سأهتم أنا لأمر العربة ليلاً وفي هذا الوقت يمكنك النوم لبعض الوقت
وبالفعل سارا على نفس المنوال حتى وصلا الى إيبرس بعد مرور أربعة عشر يوماً فقط في صبيحة اليوم الخامس عشر فهبط مجد من العربة وهو يمدد أطرافه التي أصابها الخدر لكثرة جلوسه داخل العربة ثم نظر نحو السائق الذي كان يرمقه بنظراته الغاضبة وقال:
ها قد وصلنا مبكراً يا نصف البقرة
ثم ألقى إليه بالنقود التي رفض دفعها مقدماً، ورفع السكين عاليا وتابع بابتسامة:
سأحتفظ بهذه ذكرى
ثم لوح مودعا وقال:
أتمنى ألا أراك عند عودتي…….وداعا
ثم دخل إلى إيبرس التي كانت تختلف اختلافا جذرياً عن أكاسيا فإيبرس تتميز منازلها بالبساطة سواءً كانت منازل أالأغنياء أو منازل الفقراء كما أن مساحات المنازل والطرقات أصغر من منازل وطرقات أكاسيا بشكل كبير
كان أول ما قام به هو استئجار بيت ليقيم فيه حتى عودته
كان البيت متوسط الحجم يتكون من طابقين
الطابق الأول عبارة عن ردهة بها أريكة شبه حية ودرج جانبي
صعد مجد إلى الطابق الثاني عن طريق الدرج فوجد غرفة متوسطة الحال فدلف اليها واستلقى على الفراش من شدة التعب فغفا ولم يشعر بشئ حتى استيقظ عند منتصف الليل على أصوات صياح وموسيقى عالية جدا، في البداية لم يكن مدركاً أين هو، ولكنه سرعان ما تذكر أنه في إيبرس
خرج الى الشرفة فاتسعت حدقتاه وفغر فاهه ذهولا
فقد كانت الأضواء والمشاعل تزين كل شبر في شوارع إيبرس ومنازلها كما احتشد المئات الذي كانوا يتراشقون بالمساحيق الملونة في مشهد مبهج وساحر
فقال بإعجاب شديد:
يا لهذا الجمال
ثم هبط الدرج على نحو سريع ليشاهد هذا الاحتفال الذي لم يعرف سببه بعد
كان يقف قريباً من البيت فلفت انتباهه شاب تغطي الألوان المختلفة وجهه ولا يظهر منه سوى عينيه اللتين تحدقان به بشكل ملحوظ فقال مجد متعجبا:
لماذا تحدق بي هكذا؟
ودون إجابة قفز الشاب نحوه فجأة وقام برمي الألوان على وجه مجد فدخلت الألوان في جوفه فأخذ يسعل لبعض الوقت ثم صاح في الشاب بغضب:
ماذا فعلت أيها الأحمق؟ أنا لست منكم
كمم الشاب فم مجد بيده ليمنعه من قول المزيد ثم سحبه من يده بقوة وتوارى به في زقاق جانبي مما أثار غضب مجد فسحب يده منه وصاح بغضب أكبر:
إبتعد عني
تلفت الشاب حوله سريعاً ثم قال بصوت منخفض:
أنت من أكاسيا
أجابه بحدة:
وما العيب في هذا؟
فقال الشاب بنفس الصوت الخفيض:
في إيبرس من السئ أن تكون من أكاسيا
فسأله مجد بتوجس:
لماذا؟
ـ إتبعني
تبعه مجد كالمغيب حتى سلكا طرقاً وتعرجات كثيرة أنست مجد طريق عودته الى البيت وبعد طول المسير وجد نفسه بالقرب من بحيرة كبرى تشتهر في إيبرس ببحيرة داريا فقال وكأنه استعاد وعيه فجأة:
ماذا تريد مني يا هذا؟ لماذا أحضرتني إلى هنا؟
جلس الشاب عند حافة البحيرة وأشار لمجد أن يجلس فكاد أن يصرخ فيه ولكنه تابع:
إجلس وسأخبرك بكل شئ
جلس مجد على مضض وقال بتأفف:
إن كان من السئ وجودي في إيبرس لأنني من أكاسيا، فلماذا لم يخبرني بهذا أحد؟ لا في أكاسيا ولا أحد من البحارة ولا حتى نصف البقرة
فقال الشاب مستغرباً:
نصف البقرة؟!!
فأردف موضحاً:
هذا سائق العربة التي أقلتني من شاطئ بحر آبي إلى إيبرس
فابتسم الشاب وقال:
وما الذي يدفع سائق العربة لأن يخسر خمسين قطعة ذهبية تكفيه العمل لأشهر، وحتى البحارة كل ما يهمهم هو جمع المال
أما عن أكاسيا فلا أحد منها يعرف بأمر منع وجودهم داخل إيبرس وذلك لأن من يأتي إلى هنا لا يعود أبداً
فسأله بشك:
لماذا؟
أشار الشاب بيده عند عنقه علامة الذبح فقال مجد غير مصدق:
يقتلون؟!!!
أومأ الشاب إيجاباً فتابع:
ما الذي فعله أهل أكاسيا ليستحقوا مثل هذا العقاب البشع؟
نظر الشاب نحوه مطولاً ثم قال:
منذ ما يربوا على المائة عام كانت إيبرس تعيش حياة هادئة كهذه الأيام وكانت علاقتها بمن حولها من ممالك هي الأفضل وذلك لأن بها الكثير من الثروات التي جعلتها مطمعاً للممالك الأخرى
لم تكن إيبرس مملكة ضعيفة أمام أي عدو قد يطمح في نيل ثرواتها بل كانت صامدة أمام كل من حاولوا النيل منها ولا سيما أكاسيا أقوى ممالك هذا العالم، فقد قامت الأخيرة بالسيطرة على بحر آبي ومنعت الإبحار فيه دون إذن منها مما ضيق الخناق على الجميع ولا سيما إيبرس التي كانت تعتمد على بحر آبي في تدبير شؤونها وذلك لإضعاف شوكتها فقام ملك إيبرس بإرسال رسول إلى أكاسيا لإخبار ملكها نية إيبرس دفع ما تريده أكاسيا مقابل ترك بحر آبي لهم
فوافقت أكاسيا شرط أن تأخذ جميع الأراضي المجاورة لبحر آبي وهو أمر يقع في مصلحة أكاسيا التي سيصبح بحر آبي جزء من أرضها لا يمكن لأحد الإبحار فيه دون إذن أو مقابل، ولأن ملك إيبرس رجل أحمق وافق على هذا، حتى جاء يوم قررت فيه أكاسيا السيطرة على إيبرس جميعها وذلك عن طريق محاربتهم بطريقة لم يعهدها أحد من البشر من قبل وذلك عن طريق المتحوليين……
قاطعه مجد مستغرباً:
المتحوليين؟!!.
فأكمل الشاب:
أولائك المتحولين هم مجموعة من المخلوقات لهم هيئة كهيئة البشر ولكنهم أضخم وكانوا يمتلكون وجوها تشبه وجوه الذئاب، ولكني في الحقيقة لا أعرف إن كانوا بشراً تم تحويلهم بطريقة ما إلى هذه الصورة أم أنهم مخلوقات أخرى لها هذه الهيئة، المهم أن هذه الحرب دامت لعشرة أيام متتالية قتل خلالها الآلاف من أهل إيبرس حتى ظهر فجأة شاب من بين الذين كانوا ينتظرون مصيرهم ووقف أمام هذه المخلوقات دون خوف فتشجع البعض ووقفوا خلفه وكأنهم أرادوا الخلاص من هذا الذل وإن لم يكن أمامهم سوى الموت فحدث أن ولت تلك المخلوقات هاربة حتى انتهى بهم المطاف في صحراء إيبرس وماتوا جميعاً فأصبحت صحراء إيبرس مقبرة لمتحولي أكاسيا ولهذا السبب تكره إيبرس قدوم أي شخص من أكاسيا على أرضها أبداً
كان ما يقوله الشاب أمر لا يصدقه عقل ولا يتخطى كونه أسطورة فقال مجد بشك:
هل هذا الأمر حقيقي؟
اومأ الشاب إيجابا وقال:
نعم فلا زال هناك بعض المومياوات التي يحتفظ بها متحف إيبرس، ولكن الغريب في الأمر هو كيف تمكنت أكاسيا من تحويل البشر إلى هذه الهيئة؟ وإن لم يكونوا بشرا متحولين ففي أي مكان من عالمنا تعيش هذه المخلوقات؟
مسح مجد وجهه بكلتا يديه بطريقة تنم عن استياءه وقال:
لا أعرف لماذا كلما وضعت يدي في أمر تعقد
ثم تابع وهو ينظر نحو الشاب بشك:
لماذا ساعدتني ألا تكره أكاسيا كغيرك؟
ابتسم الشاب ابتسامة عذبة وقال:
لا فأنا من أكاسيا أيضاً
ـ وكيف لم يتعرض لك أحد؟!
لأنه لا أحد يعرف أنني من أكاسيا
ثم تابع:
أتذكر ذلك الشاب الذي أخبرتك أنه تمكن من التصدي لأولائك المتحولين
أومأ مجد إيجابا فتابع:
كان قادم من جنوب أكاسيا وكان يدعى الحارث وقد تزوج بعد حرب إيبرس من إحدى فتياتها وأنجب منها ولده الوحيد جرير والذي تزوج أيضا من فتيات إيبرس وأنجب منها ثلاثة من الأبناء أثنين من الذكور وأنثى واحدة، استقر واحد منهم هنا ورحل الآخر إلى أكاسيا فور بلوغه السادسة عشرة ثم لحقت به أخته بعد عشرة أعوام
كان الأخ الذي بقي في إيبرس هو الأكبر وقد كان يدعى عمار، رزق بعد زواجه بولده الوحيد الذي يدعى شمس، وهو نفسه الشاب الجالس أمامك الآن
فابتسم مجد وسأله:
ولماذا رحل عمك إلى أكاسيا وهو لا يعرف أحدا بها؟
قوس شمس فمه لأسفل وقال:
كان عمي غسان يحب السفر والترحال كثيراً وهو الأمر الذي لم يكن يفهم والدي سبباً له فلم يكن يسأله عن سبب رحيله أو بقائه
فقال مجد بذهول:
كان عمك يدعى غسان؟
أومأ شمس إيجاباً فتابع:
وماذا كان اسم عمتك؟
تعجب شمس من أسئلة مجد فأجابه دون تعليق:
بتول
فقال مجد بذهول:
هل تعرف من أكون؟
أومأ شمس نفيا فتابع:
أنا مجد إبن عمك غسان وعمتك بتول هي عمتي أيضا وزوجة ملك أكاسيا
ـ مستحيل
قالها شمس مستنكراً فقال مجد بنبرة متهكمة:
تريدني أن أصدق ما قلته عن بشر متحوليين ولا تريد أن تصدق أن عمك الذي ذهب الى اكاسيا قد تزوج وأنجب هناك وأن عمتك التي لحقت بأخيها بعد عشر سنوات من رحيله قد تزوجت من ملك اكاسيا وأنجبت فتاتها الوحيدة
فقال شمس وقد اتسعت حدقتاه غير مصدق:
نعم هذا صحيح، فقد كنت في السابعة من العمر حين أرسل عمي غسان رسالة لوالدي يخبره فيها عن زواج أختهما فسافر والدي الى أكاسيا لحضور زفاف أخته وعند عودته سمعته يتحدث الى أمي عن ضخامة عرس أخته التي تزوجت بالملك ولكني لم أكترث لهذا
ثم تابع وهو ينظر في عيني مجد:
لماذا جئت الى هنا؟
صمت مجد قليلا ثم قال بعدما شعر بالارتياح تجاه شمس:
للبحث عن قاتل والديَّ
فقال شمس غير مصدق:
ماذا؟
قال مجد وهو يهز رأسه بالإيجاب:
نعم، لهذا أنا هنا، لأن قاتلا والدي قد جاءا الى هنا وأنا أريد معرفة من حرضهما على هذا
صمت الاثنان لبعض الوقت حتى قطع شمس هذا الصمت قائلاً:
هذا يعني أننا أبناء عم
ـ حسب ما أخبرتني به، نعم
فقال شمس وهو ينهض:
بما أننا صرنا أقرباء هل تسمح لي بفعل شئ؟
ـ ما هو؟
سأله مجد باستغراب فانقض الأخير عليه يعانقه وهو يصيح بسعادة:
أنا لا أصدق ظهر لي قريب أخيراً
ثم ابتعد عن مجد وتابع:
كنت أظنني وحيدا في هذه الدنيا
ثم أخذ يرقص من فرط سعاداه فما كان من مجد الا أن أخذ في الضحك حتى سقط على ظهره
وبعدما انتهت نوبة الرقص من قبل شمس ونوبة الضحك الهستيري من قبل مجد قال الأول بجدية:
عليك ان تنهي ما جئت لأجله سريعاً لأنه ما إن انتهت الإحتفالات حتى انتبه لك جميع سكان المملكة
فسأله:
وإلى متى ستستمر الإحتفالات؟
ـ لعشرة أيام
صمت مجد قليلاً ثم قال :
ما سبب هذه الاحتفالات؟
ـ هذه الاحتفالات تخليداً لذكرى خروج المتحولين من إيبرس وانتهاء لعنة أكاسيا كما أسماها أهل إيبرس
فقال متعجباً:
من الذي أخبرك بكل هذا؟
ـ والدي
ثم تابع:
ألم يخبرك والدك بهذا؟
تبدلت ملامح مجد واكتسى الحزن قسمات وجهه ثم قال بمرارة:
لم يكن لديه الوقت الكافي لإخباري بشئ، ربما كان ينتظر بلوغي حتى يتأكد من مدى إدراكي لشئ كهذا ولكن القدر لم يمهله فتركني وحيداً في هذه الدنيا ورحل قبل أن أودع سنين صباي
تأثر شمس لحاله فاقترب منه وربت على كتفه ثم قال ليواسيه ويشد من أزره:
لست وحيداً يا أخي
عانقه مجد فقد فهم ما يرمي إليه بكلماته وكأنه يخبره أنه سيكون بجانبه كما الأخ بجانب أخيه
ثم بقيا صامتين لبعض الوقت حتى وثب شمس فجأة وقال مستنكراً:
ما هذا الذي نفعله؟ الجميع هناك يحتفلون ويتراقصون ونحن هنا نجلس لتقليب أوجاع الماضي على أنفسنا
ثم أشار له أن ينهض وعادا سويا الى أرض الإحتفال

اندمج شمس سريعا بين المحتفلين بينما وقف مجد جانباً يشاهد الاحتفال ويضحك على طريقة شمس في الرقص، ثم بعد قليل عاد إليه شمس وفي يده زجاجة شراب ومدها نحو مجد الذي رفض تناولها فقال متعجباً:
لماذا؟
ابتسم مجد وقال:
لأنني لا أشرب، فهذا الشئ يذهب العقل وأنا أفضِّل أن أكون متيقظاً دوماً
ابتسم شمس ثم غمز بطرف عينه وقال وهو ينظر في اتجاه المتراقصين:
دعك من هذا وانظر
ـ انظر إلى ماذا؟
أشار شمس نحو مجموعة من الفتيات يرتدون ثياباً تظهر أكثر مما تخفي ويتلون كالثعابين على أنغام الموسيقى الصاخبة:
إلى هذا الجمال
فابتسم مجد وقال:
وما حاجتي إليهن وأنا لدي الأجمل؟
فقال شمس بحماس:
تعالَ نشاركهن الرقص
فرفض مجد وقال بمزاح:
أخشى أن تراني حبيبتي
ـ حبيبتك؟! أين هي؟
ـ هنا معي
فقال شمس مستغرباً:
أين؟؟!!!
وضع مجد راحته على صدره موضع قلبه وقال بابتسامة مليئة بالوفاء والإخلاص:
هنا
لم يجد شمس ما يقوله فظل صامتاً إلى جانب مجد يتابع العروض دون المشاركة فيها فقد شعر بالخجل من نفسه حتى انتهى الإحتفال قرب الفجر فعاد الجميع الى بيوتهم، وودع مجد شمساً الذي كان قد ثمل لدرجة أنه لم يعد يرى أمامه فقال وهو يسير مترنحاً:
أراكَ غداً
فابتسم مجد وعاد إلى بيته وما إن دلف اليه حتى استلقى فوق الأريكة المتواجدة في الردهة ولم يستيقظ إلا قرب الظهيرة

                         ****************

# وفاء عبدالهادي احمد🌸

{ملك الذئاب} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن