مضى عام على وجود مجد في القصر وخلال هذا العام اصبح قريبا جدا من الملك وذاع صيته في المملكة وصار يتنقل في كل ارجاءها لمساعدة من يحتاج اليه
كما تعلمت الاميرة بعض العلوم الطبية لكثرة ملازمتها له حتى انها كانت ترافقه في العديد من جولاته في المملكة وهو الامر الذي كان يغضب جنيدا فقد كانت الدفة تسير في عكس الاتجاه الذي يريده حتى جاء يوم وجد فيه شيئا بإمكانه نزع الثقة التي في قلب ريماس تجاه مجد بعد ان عرف بالعلاقة التي تربطهما وبالحب الذي نبت شيئا فشيئا بينهما حتى صار حصنا منيعا في وجهه
كانت ذات مساء تجلس في حديقة القصر بمفردها ، شاردة تراقب البدر وتستمتع بنسمات الهواء الباردة التي تداعب وجنتيها وتراقص غرتها في تناغم بديع لم تكن منتبهة لذلك الذي يتقدم منها ثم ينحني بجوار اذنها هامسا:
رائعة
وثبت من مكانها وهي تشهق في فزع حتى انها كادت ان تسقط ارضا بعدما اختل توازنها اثر المفاجأة فأمسك بها ولكنها ابعدت يده عنها وقالت بغضب:
ماذا تقصد؟
ـ الليلة، اقصد ان الليلة رائعة، بدر ينير الكون، وهواء يداعب الروح،… برأيك هل هناك شئ اروع من هذا؟
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ولم تكترث له فقال بطريقة مفاجئة وهو ينظر خلفها:
ماهذا الذي اراه؟
نظرت في الاتجاه الذي ينظر فيه فوجدت مجدا يسير خارجا من القصر برفقة احدى وصيفات القصر والتي تدعى زهرة
اتسعت حدقتاها في صدمة فاستغل جنيد ذلك وقال ليزرع الشك في قلبها:
ترى الى اين يذهبان في هذا الوقت من الليل؟
بدأت الدموع تتجمع في محجريها ولحقت بهما غير ابهة بالوقت الذي تجاوز منتصف الليل ولا بالحراس الذين حاولوا اعتراض طريقها، فارتسمت ابتسامة خبيثة على وجهه**********
كانت تسير خلفهما بمسافة حتى لا يراها احد منهما ودموعها تغرق وجهها ثم همست في حزن:
مجد، ارجوك توقف، الى اين تذهب؟
كان مجد يتلفت حوله كثيرا مما كان يزيد الشك في قلبها، ولكنه توقف فجأة، شعرت انه سينظر للخلف فاختبأت خلف شجرة قريبة منها، وبالفعل التفت خلفه لشعوره بشخص يتبعه ثم تابع طريقه لما لم يجد احدا، عادت تتبعه من جديد حتى ابتعدوا عن القصر بمسافة هائلة، ثم سارا بين عدة منازل وطرقات متداخلة فحاولت قدر استطاعتها الا تفقد اثرهما ابدا حتى توقفا امام بيت صغير بعيد بشكل نسبي عن بقية البيوت، دلفت الفتاة فشرع هو في الولوج الى البيت ولكنه نظر حوله قبل ذلك فتوارت بجوار احد المنازل كي لا يلحظها
انتظرت لبعض الوقت ثم وقفت في منتصف الطريق المؤدي الى ذلك البيت وهي تنظر نحوه بغضب جم ثم قامت بمسح دموعها وانطلقت باتجاه ذلك البيت كالقذيفة
وقفت امام الباب للحظات ثم طرقته، ففتح الباب وخرجت منه فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها العشرة اعوام، نظرت ببلاهة نحو ريماس التي يتطاير الشرر من عينيها، وبدون استئذان دلفت الاخيرة الى البيت فتناهى الى سمعها صوته اتيا من حجرة متواجدة في ذلك البيت فسارت نحوها وقامت بدفع الباب بقوة فانفتح على مصراعيه، فاتسعت حدقتاها من الصدمة
كانت زهرة تجلس على طرف الفراش وامامها يقف مجد منتظرا امساكها جيدا بقدم امرأة عجوز كسر اثر انزلاقها كي يقوم بلفه بضمادة قماشية لتمنعه من الحركة، حينما فتح الباب فجأة فنظر نحوه وقال بدهشة حين رآها تقف عند الباب:
ريماس؟!!
احمر وجهها حرجا فلم تكن تظن انه قد خرج من القصر في مثل هذا الوقت ليقدم المساعدة لتلك العجوز فسألها مجد بقلق:
ماذا حدث؟ ولماذا اتيت الى هنا؟
لم تجبه ولكنها خرجت من البيت ركضا عائدة الى القصر
انهى مجد ما كان يفعله سريعا ثم امر العجوز بألا تغادر الفراش لمدة اسبوعين، كما اخبرها انه سيكون في زيارتها كل يومين
عاد الى القصر فذهب من فوره الى مخضعها بوجه غاضب وقام بطرق الباب
فتحت ريماس الباب وما ان وقع بصرها عليه حتى اضطرب قلبها وشعرت بالخوف من نظراته الحادة، فعادت للخلف خطوات وهي تضم كفيها امام صدرها في خوف، فتقدم نحوها فقالت بتلعثم:
اسفة لم اقصد ازعاجك
صمتت قليلا ثم تابعت:
مجد، انت تخيفني
فقال بحدة وهو يكز على اسنانه في غضب:
لماذا لحقت بي؟ هل تشكين في افعالي؟
هزت رأسها نفيا وهي تقول ببكاء:
مستحيل، انا لا اشك بك ابدا، انا فقط…..
قاطعها قائلا بثقة:
اذن ما فهمته صحيح
فسألته بتلعثم:
ما الذي فهمته
قهقه عاليا بشكل مفاجئ ثم قال:
انت تغارين يا عزيزتي
تبدلت ملامحها من الفزع الى الدهشة ثم قالت:
مجد، هل كنت تمزح؟
اومأ ايجابا فتابعت باستنكار:
اذن انت لم تكن غاضبا؟
ـ مستحيل ان اغضب منك مهما حدث
فضربته بكلتا يديها في صدره وصرخت فيه:
كدت تقتلني ايها الاحمق
حين رأى غضبها الذي يشبه غضب الاطفال لم يتمالك نفسه واخذ في الضحك من جديد
فتابعت صراخها:
لماذا تضحك ايها الوغد؟ لأنك كدت تقتلني؟
فقال وهو يمسك بوجنتها:
لا ولكن لأنني اكتشفت انك تغارين يا مولاتي
رفعت سبابتها في وجهه محذرة:
انا لا اغار وإياك ان تقول هذا مرة اخرى هل فهمت؟
فقال وهو ينظر في عينيها بتحد:
ولحاقك بي في هذا الوقت المتأخر من الليل ماذا تسمينه يا مولاتي الاميرة؟
صمتت قليلا وهي تنظر حولها كمن يبحث عن شئ، ثم اخرجت خنجره الذي يضعه دائما بجانب خصره وقالت بحده وهي تضع الخنجر اسفل عنقه:
اياك ان تكرر ما قلته، فأنا لا اغار
ثم صمتت لبرهة وتاعبت وهي تضغط على الخنجر اكثر:
انا احترق ان رأيت فتاة تتحدث اليك، بل ان رأيت فتاة تمر الى جوارك افكر في سلخها حية لأنها سمحت لنفسها ان تلفت انتباهك اليها ولو بنظرة عابرة دون قصد
ثم انزلت الخنجر وهمت بالخروج فأوقفها:
الى اين؟
اجابته دون ان تلتفت نحوه:
كان هناك كلب ينبح منذ قليل، سأذهب اليه لأقطع لسانه وأعود،
ثم التفتت نحوه وتابعت:
وأنت الزم مكانك حتى اعود، فحسابي معك لم ينته بعد
خرجت من مخضعها ومنه الى خارج القصر وتحديدا الى المكان الذي كانت تجلس فيه قبل لحاقها بمجد فوجدت جنيدا لازال في مكانه كما تركته فقال وكأنه احس بوجودها:
كان يخونك اليس كذلك؟
لم تجبه ولكنها تقدمت نحوه حتى صارت قريبة منه جدا فالتفت ليواجهها فقامت بوضع سلاحها اسفل عنقه وهي تحكم قبضتها عليه ثم قالت بحدة:
اسمعني جيدا ايها الفتى البغيض، إياك ان تفكر في العبث بعقلي مرة اخرى والا فصلت رأسك عن جسدك
ابتسم بسخرية، فشدت على سلاحها وزادت من ضغطها على عنقه حتى شعر بالسلاح يخترق جلده:
اقسم لك اني استطيع فعلها دون ان ترمش عيني
ثم تركته وغادرت، فتحسس بيده موضع الخنجر فشعر بوجود دماء فقال يتوعدها وهو يضرب حافة المقعد بقبضته:
تريدين قتلي من اجله ايتها العاهرة، فلتريني قوتك اذن**********
عادت ريماس الى مخضعها فوجدت مجد يجلس باسترخاء على الاريكة واضعا ساقيه فوق المنضدة امامه، فاقتربت منه فوجدته نائما فقررت تركه يتابع نومه دون ازعاج
ثم توجهت الى فراشها واستلقت عليه، ففتح مجد عينيه ببطء ونظر نحوها، فلقد تصنع النوم هربا من مواجهتها التي ستجبره ان يقدم اعتذارات حتى شروق الشمس
ظل منتظرا لبعض الوقت حتى تأكد من ذهابها في النوم ثم خرج متسللا ذاهبا الى غرفته
بعد مضي يومين جاءت زهرة اليه تخبره عن موعد زيارة العجوز فخرج معها على الفور، وما ان وصلا الى حديقة القصر حتى توقف مجد فجأة فسألته عما اذا كان قد نسي شيئا، فقال وهو ينظر باتجاه الشرفة:
سأذهب الى العجوز بمفردي
ـ ولكن……
فقال مقاطعا:
اظنني اعرف الطريق لبيتها
فقالت باستسلام:
كما تشاء
ثم عادت الى القصر فذهب بمفرده الى بيت العجوز وهكذا في كل المرات التي تلتها، ولكن ما حدث بعد اسبوع كان نقطة فارقة في حياته***************
# وفاء عبدالهادي احمد 🌸
أنت تقرأ
{ملك الذئاب}
Fantasyفي رحلته للأخذ بثأره يفاجأ بأمر سيقلب موازين حياته رأساً على عقب ويعرضه للموت أكثر من مرة فكيف سيواجه هذا الأمر؟ وهل سيصمد أمامه أم لا؟ كل هذا سنعرفه في روايتنا { ملك الذئاب } گ/ وفاء عبدالهادي أحمد🥰