الفصل الحادي والثلاثين(31)

54 12 0
                                    

بعد سبع سنوات

فتحت عينيها فوجدت نور الفجر يدخل الى الغرفة عبر النافذة المفتوحة فانفرجت شفتاها باتسامة عذبه ثم نهضت عن الفراش وسارت بهدوء نحو باب الغرفة وفتحته
خرجت الى الردهة ومشت على اطراف اصابعها لئلا توقظ ذلك الذي يرقد في سبات على الاريكة حتى خرجت من البيت
حافية تسير على ارض الغابة الرطبة التي بللتها الامطار في الليلة الماضية فلطخ الوحل اقدامها ثم جلست على جذع شجرة واخذت تنظر في اتجاه معين دون ان ترفع عينيها عنه حتى اشرقت الشمس فسقطت دمعة من عينها  لعبور الذكرى  التي يحملها شروق الشمس على ذاكرتها.
استيقظ شمس على صوت بكاء طفل صغير فمسح وجهه ليزيل عنه اثر النوم ثم نهض عن الاريكة التي كان ينام فوقها و توجه صوب الغرفة يطرق بابها فوجده موارباً فقال بصوت لا زال به اثر النوم وهو يطرق طرقات خفيفة على الباب :
ريماس
ولما لم يصله رد تابع:
ريماس... هل انت بالداخل؟
ولما لم يجد رداً ازاح الباب ببطء
كان الفراش  خالياً الا من شئ صغير يتحرك فاقترب منه وما ان وقع بصره عليه حتى ابتسم ثم اخرج ذلك الشئ الذي كان طفلاً جميل الملامح فأخذ يداعبه ويهدهده حتى عاد للنوم مرة اخرى
اعاده للفراش ودثره جيداً ثم خرج من الغرفة واغلق بابها خلفه ثم خرج للبحث عن ريماس التي لم يجد لها اثر في البيت كله
وقف امام البيت ينظر يميناً ويساراً فوقع بصره على ريماس جالسة فوق جذع شجرة تنظر باتجاه الشمس فابتسم ثم دنا منها وقال:
كان يحبه ايضا
انتفضت ريماس لدى سماعها صوته فقد كانت شاردة في عالمها الخاص ثم نظرت نحوه وقالت كأنها لم تسمعه:
ماذا قلت؟
لاحظ الدموع المتجمعة في عينيها فقال بأسى وقد بدا الحزن على وجهه:
اما ان لك ان تنسي؟
فابتسمت ابتسامة مريرة من بين دموعها وقالت:
وهل مثله ينسى؟
ثم تابعت وهي تنظر الى الفراغ امامها:
العيون تنسى من رأت ولكن القلوب لا تنسى من احبت....
ثم تابعت بعدما تمالكت نفسها قليلاً:
سيندمل الجرح مع الزمن 
فجلس الى جوارها وقال باستنكار:
هل تظنين ان الزمن كفيل بتطييب الجراح؟.....لقد مرت سبعة اعوام على موت مجد ولا زلت تبكينه.......فأي زمان هذا الذي تعتقدين انه سيمحو جرحك؟
كانت كلماته قاسية عليها فكيف تنسى انساناً احبها بصدق وكان على استعداد بأن يضحي بروحه لأجلها فبكت شعر بقسوة كلماته عليها فقال محاولاً التخفيف عنها:
اعتذر منك فلم اقصد ما قلته، ولكن ما قصدته هو انه لو كان مجد بيننا الان لما رضي لدموعك هذه ان تنهمر سدى
فقالت وهي ترتشف دموعها ارتشافا:
اتعلم لقد قطعت له وعدا بألا يرى دموعي شرط ان لا يكون هو سبباً فيها، و في كل مرة ابكي فيها بسببه يأتي الي ويعاتبني فأعاتبه انا الاخرى لأنه يخلف وعده
ثم اجهشت بالبكاء وتابعت:
وايضاً هذه المرة ابكي بسببه ولكنه ليس موجوداً ليعاتبني 
ثم دفنت وجهها بين راحتيها وعلا صوت نحيبها
اراد ان يربت على ظهرها ولكنه تراجع فرغم ان القرابة التي تصله بها هي ذاتها التي تصلها بمجد الا ان قداسة الرابط الذي يربطها بالاخير اعظم واجل من تلك الصلة
لم تمر لحظات حتى عاد صوت بكاء الصغير مرة اخرى فكفكفت ريماس دموعها ثم قالت بصوت باك وهي تنهض من جواره:
سأذهب اليه
وغادرت على الفور
كان يشيعها بعينيه الى ان دلفت الى البيت فعاد ينظر الى الفراغ امامه وقد شرد عقله الى ما قبل سبع سنوات

{ملك الذئاب} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن