الفصل السادس( 6 )

95 13 0
                                    

لم تكن الاميرة ريماس تحب الخروج من القصر في موكب رسمي لذا كانت تخرج خلسة، ولكنها خرجت هذه المرة بشكل رسمي على مرأى ومسمع من الجميع ولكن دون اية حراسة، ولم يذهب برفقتها سوى صديقتها حور
وصلتا الى عيادة الشاب ثم وقفتا امام بابها تتبادلان النظرات، حتى تقدمت الاميرة وطرقت الباب وانتظرت، فلم يصلها رد فقامت بطرق الباب مرة اخرى، فلم تتلقى اجابة ايضا فقالت وهي تتنهد باستياء:
يبدو انه لم يعد الى عيادته بعد
ـ ماذا سنفعل الان؟
ـ لا اعلم ولكني افضل ان ننتظر قليلا
فقالت حور بضيق:
وماذا ان لم يأت؟
فصاحت فيها الاميرة:
سيأتي يا حور
لم تفهم حور سر صياح الاميرة عليها فلاذت بصمتها

                          *****
كان يسير في شوارع المملكة غاضبا بعدما حدث في قصر الملك، محدثا نفسه بصوت مسموع:
لقد فشلت الخطة، لابد من ايجاد خطة بديلة للدخول الى القصر مرة اخرى
انشغل عقله بما حدث لدرجة انه لم يكن يعلم الى اين تأخذه اقدامه وفجأة وجد نفسه قريبا من عياته فتجهم وجهه حين رآها تجلس امام باب العيادة وبرفقتها فتاة اخرى فاقترب منهما وبمجرد ان وقع بصرها عليه يقترب حتى نهضت من مكانها وقبل ان تنبس بشئ صرخ فيها مستنكرا:
انت مرة اخرى؟..كيف تخرجين امامي؟..هل تنبتين من الارض ام تنزلين من السماء؟
فقالت بهدوء:
لماذا تصرخ؟ هل اخبرك احد انني لا اسمع؟
فسألها بحدة:
لماذا انت هنا؟
فتابعت بهدوء:
سأخبرك
ثم صرخت فيه فجأة:
ولكن اخفض صوتك
ـ لن اخفض صوتي، بل سأتكلم كما يحلو لي وليس كما تريدين انت
وظلا على تلك الحالة من الصراخ حتى قطعت حور شجارهما صارخة:
اخفضيا صوتيكما،فسوف يتجمع الناس
فقال:
اخبريها هي ان تخفض صوتها فأنا لست عبدا عندها لتصرخ في وجهي
فقالت حور بشئ من الحرج:
ولكن انت من بدأ بالصياح
فقال صارخا:
بسببها، فهي من سببت لي مشكلة
صرخت فيه الاميرة:
هل اجبرتك على المجئ الى القصر؟.. كان بإمكانك اخذ القلادة واخفاء الامر عن العالم بأسره
ـ انا لست لصا لآخذ شيئا ليس لي
ثم صمتا فقالت حور:
رجاءا كفا عن الصراخ
ثم توجهت نحو الاميرة وتابعت:
وانت يا مولاتي اخبريه بما لديك
زفرت الاميرة انفاسها بقوة ثم قالت:
جئت اعرض عليك امرا
ـ لا اريد
فتبادلت النظرات المتعجبة مع وصيفتها ثم قالت:
وهل تعرف ما هو حتى ترفضه؟
فقال وهو يرمقها بنظرة حادة:
لا، ولكن طالما انت طرف فيه فسيكون مصيبة لا اكثر
استشاطت ريماس غضبا وكادت ان تصيح من جديد لولا ان امسكت حور بساعدها طالبة منها ان تهدأ، ثم خطرت في بالها فكرة وقامت بتنفيذها على الفور، فقالت بحزن مصطنع:
ولكن يا حور من يكره ان يعيش في قصر الملك؟
لمعت عيناه حينها وسألها مندفعا:
ما هذا الامر؟
رمقته بنظرة غاضبة ثم قالت:
ما شأنك انت؟ لقد رفضت الامر دون ان تعرفه، لذا سأبحث عن شخص اخر
فتنهد بضيق وقال:
هيا اخبريني
فابتسمت بمكر ثم قالت:
سأخبرك، ولكن ليس هنا
ـ اين؟
اشارت نحو الباب وقالت:
في الداخل
ففتح الباب ودلف ثلاثتهم ثم اغلق الباب بعد ذلك
فور دخولهم جلست حور على احدى الارائك الخشبية الموجودة هناك وتبعها هو ايضا بينما بقيت ريماس واقفة فسألها:
الن تجلسي؟
ـ اين سأجلس؟
نظر حوله بتعجب ثم قال متهكما :
الا تعجبك اي اريكة من هؤلاء؟
فنظرت نحو الارائك بازدراء ثم قالت:
اين؟….على هذه
فقال مستدركا بالنبرة ذاتها:
اه لقد نسيت، انت اميرة لا تجلسين على شئ قاس كهذا
ثم تابع بحدة:
ولكن هذا ما لدي، إن لم يعجبك يمكنك الجلوس ارضا
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ثم جلست على اريكة بعيدة عنه نسبيا
طال صمتهم فقطع هذا الصمت قائلا:
هيا اسمعك
وضعت احدى ساقيها على الاخرى ثم قالت وهي تنظر نحو بكبرياء:
جئت اعرض عليك امرا
وصمتت فقال بنفاذ صبر:
وما هو هذا الامر؟
ـ ان تصبح طبيبا للملك
اعترت الدهشة قسمات وجهه ثم قال:
هل تمزحين؟
ـ لا، انا اتكلم بجدية
فقال:
ولكني لست طبيبا متمكنا، اعني انني اعرف بعض الامور واجهل البعض الاخر
ـ بإمكانك التعلم
فأوضح:
سيستغرق الامر زمنا
ـ خذ وقتك
ثم تابعت لتحمسه على ذلك:
ولكنك قد تبدي مهارة عالية في ذلك وتتعلم بسرعة
ـ موافق
قالها مندفعا ثم تابع مستفسرا:
ولكن عندي سؤال
ـ ما هو؟
سحب نفسا عميقا ثم قال:
كان بإمكانك اختيار طبيب من امهر الاطباء في المملكة ليكون طبيبا للملك ولكن لماذا تصرين علي؟
ارتبكت الاميرة واضطربت ملامحها فهي لا تعرف لماذا تريد له ان يكون طبيب الملك؟ ولكن ما لم تكن تعرفه انها ومنذ اللحظة التي رأته فيها حين جاءته طالبة منه المساعدة قد شغل تفكيرها وبدأ اعجابها به
هل انت بخير؟
سألها بقلق حين رأى اضطراب وجهها فنهضت وقالت وهي تتجه نحو الباب:
دعك مني، وانتبه جيدا لما انت مقدم عليه
ثم تركته وغادرت رفقة وصيفتها
بقي في مكانه لا يحرك ساكنا، فلماذا تصر عليه وهناك من هم افضل منه؟
                          *****
عادت الاميرة الى القصر والسعادة ترتسم على وجهها مما لفت انتباه حور فسألتها بمجرد ام دلفتا الى مخضع الاميرة:
تبدين سعيدة يا مولاتي، تُرى ما سر هذه السعادة؟
ارتبكت الاميرة وقالت وهي تتحاشى النظر في عينيها:
لا شئ ثم جلست على طرف فراشها واشارت لحور ان تقترب منها ثم قالت:
هل لي ان اخبرك بسر،شرط الا يطلع عليه احد؟
فقالت حور بشئ من الحزن:
وهل افشيت لك سرا من قبل يا مولاتي؟!
ـ لا، ولكن الامر يختلف هذه المرة فأنا لا اعرف ماذا سيحدث ولا اعرف كيف ستكون ردة فعل والدي ان علم بهذا
فجلست حور الى جوارها ثم قالت بابتسامة مطمئنة:
لن يعلم احد بسرك ابدا يا مولاتي وان حدث بإمكانك قطع رأسي بسيفك
فابتسمت ثم قالت وقد توردت وجنتاها:
لا اعرف كيف اخبرك بهذا، ولكني اشعر بالسعادة كلما رأيته، وحين يكون امامي اشعر وكأن الكون يبتسم لي لهذا اريده ان يظل امامي طوال الوقت
فقالت حور متعجبة:
اذن لماذا تشاجرت معه حين كنا امام عيادته؟
فقالت وهي تخفض بصرها هربا من حور:
لأنه يبدو جذابا حين يغضب
فقالت حور وقد لمعت عيناها بخبث:
الاميرة تحب
فضربتها الاخيرة في كتفها برفق وقالت تنهرها:
كفي عن هذا يا حور، من قال انني احبه؟
نهضت حور من جوارها ثم قالت وهي تتحرك امامها جيئة وذهابا:
تريدين رؤيته طوال الوقت، وعرضت عليه ان يصبح طبيبا خاصا بالملك كي يبقى امامك، وتتعمدين استفزازه لأنه يبدو جذابا، وبعد هذا كله تقولين انك لا تحبينه،
فقالت الاميرة بنفاذ صبر:
هل انت حمقاء؟ كيف سأحبه وانا لم التق به سوى بضع مرات؟ كما انني لا اعرف اسمه حتى
فقالت حور وهي تبتسم:
ـ الحب لقاء غير مرتب له، لقاء بين روح وروح، وحين تلتقيان لا حاجة للعين كي تعرف الروح حبيبها
لم تجد الاميرة ما تقوله فبقيت صامتة ولكن عقلها كان منشغل بهذا الامر الذي لم تكن منتبهة له فهل من المعقول ان تحبه بهذه السرعة؟

# وفاء عبدالهادي احمد🌸

{ملك الذئاب} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن