كان جالسا في شرفة القصر يراقب شروق الشمس كعادته التي استمر عليها منذ اكثر من عام هو وريماس التي انقطعت عن ذلك منذ مرض والدها
في ذلك الوقت استيقظ الملك من نومه وخرج ليحظى بأنفاس الصباح العليلة فتوجه الى الشرفة وهناك رأى مجدا يجلس ارضا ينظر باتجاه الشمس
فقال بصوته الاجش:
صباح الخير ايها الطبيب
انتفض مجد فجأة لأنه لم يكن منتبها ونظر خلفه على الفور فتفاجأ بالملك يقف خلفه، فنهض واقفا وهو يبدي احتراما:
صباح الخير جلالة الملك، كيف حالك اليوم؟
أجابه:
انا بخير، ولكن اخبرني ماذا تفعل هنا في هذا الصباح الباكر؟
ابتسم مجد وهو يجيبه:
لا شئ فقط اراقب شروق الشمس
ابتسم الملك ثم جلس على الارض فقال مجد رافضا ما يفعله:
جلالة الملك، لا يليق بك ان تجلس هكذا
فقال الملك:
لا يهم فأنا اريد هذا
فلم يزد، ثم اشار له الملك بأن يجلس وهو يقول:
اجلس يا مجد، اجلس يا بني
ذهل مجد من الطريقة التي يتحدث بها الملك معه ولكنه لم يعلق، بينما تابع الملك:
هل توافق على مناداتي لك بإسمك مجرداً ام تحب ان الحقه بلقب الطبيب
فقال مجد بتواضع:
انه لشرف لي ان اسمع اسمي منك جلالة الملك
فابتسم الملك ثم نظر نحو الشروق في صمت، ولكنه اعاد بصره نحو مجد مرة اخرى وحدق به طويلا ثم سأله:
هل رأيتك من قبل؟
فقال مجد متعجبا:
لا افهم قصدك سيدي
فأردف الملك:
أقصد اني رأيتك قبل مجيئك الى القصر طبيبا
فقال مجد بحرج:
تقصد يوم ان دلفت الى القصر كاللصوص؟
هز الملك رأسه نفيا وقال:
لا قبل هذا ايضا
فقوس مجد فمه لأسفل علامة الجهل، ثم لمعت عينا الملك فجأة وقال بحماس:
لقد تذكرت،
ثم تابع:
لم اراك ولكني رأيت شخصا يشبهك كثيرا
ـ ومن يكون؟
ـ وصيفة الملكة
ضحك مجد بعفوية وقال:
امرأة؟!..... وكيف اشبهها؟
اجابه:
تشبهها في ملامحها وكأنك صورة منها بيد ان عينيك مختلفتين ولكن….
ـ ولكن ماذا؟
سأله مجد فقال:
طريقتك في الكلام وطريقتك في التعامل مع الناس تذكرني بصديقي
ـ ومن يكون صديقك هذا؟
قال الملك بحنين وقد دمعت عينه وهو يحدق بالفراغ امامه:
غسان
اضطرب قلب مجد لدى ذكر اسم والده فلقد اعاد اليه ذكرى ما كان يود نسيانه
فنظر نحو الملك وسأله:
هل تعرف لماذا اشبههما؟
نظر الملك نحوه بتأهب فتابع:
لأنني شئ مشترك بينهما
انعقد ما بين حاجبي الملك وقال بعدما لم يفهم قصده:
ماذا تقصد؟ انا لا افهمك
صمت مجد قليلا وقد ثبت بصره على وجه الملك ثم قال بمرارة:
لأنني ابنهما
اتسعت حدقتا الملك وقال بذهول:
ماذا قلت؟
أعاد مجد ماقاله فسأله الملك وهو لا يصدق ما يسمع:
ابن من؟
قال مجد مؤكدا:
ابن غسان وأفنان
فأمسكه من كتفيه وصرخ في وجهه بلهفة:
واين والديك؟
نظر نحو الارض ثم رفع بصره نحو الملك وقد اغرورقت عينيه بالدموع ثم قال بألم:
ماتا
صعق الملك بينما تابع مجد:
او بالاحرى قتلا
فصرخ الملك وقد جن جنونه:
مستحيل، من الذي يجرؤ على هذا
فقال مجد مؤكدا وقد اغرقت دموعه وجهه:
لقد رأيت هذا بعيني، رأيت والدي وهما يقتلان امامي ولم استطع الزود عنهما فقد كنت طفلا صغيرا حينها
نهض الملك فنهض مجد ايضا ثم قال الملك بغضب وقد بدأت الدموع تنزلق من عينه تباعا:
من الذي تجرأ وفعل هذا بأخي؟
ثم نظر نحو مجد وتابع وهو يربت على كتفه:
امسح دموعك يا بني، اقسم لك اني سأبحث عن قاتل والديك وحين اجده سأحرقه حيا امام اهل اكاسيا جميعا
ثم رحل تاركا مجدا يتخبط في ذهول والافكار تعصف به***********
امتطى مجد ظهر حصانه وخرج به الى مكان بعيد حيث يمكنه ترتيب افكاره التي تبعثرت بعد حديثه مع الملك فوجد نفسه قرب شاطئ بحر آبي العظيم والذي يقع شمال المملكة فنزل عن حصانه ووقف عند الشاطئ وظل يملأ صدره بالهواء ويخرجه مراراً وتكراراً وكأنه يغسله من الهموم التي علقت به، ثم قال وكأن شخصا اخر يتحدث اليه:
مجد، هل تصدق ما قاله هذا الرجل؟
فتنهد بمرارة وقال:
انا لم اعد افهم شيئا
ثم أطلق اهة قوية وتابع:
ما الذي يدفعه بأن يدعي عدم معرفته بمقتل والدي؟
ثم اكمل مجيبا:
هو الملك يمكنه فعل ما يريد دون أن يخشى شيئاً، ففي النهاية لن يحاسبه احد
ثم جلس في مكانه ثم أغمض عينيه وأخذ يستعيد مشهد قتل والديه ففتح عينيه فجأة حين انتبه لشئ كان قد اغفله ثم قال موبخا نفسا:
ما كل هذا الغباء يا مجد، هل انتظرت كل هذه السنوات حتى تنتبه لهذا
ثم نهض من مكانه وقال بحماس:
الآن يمكنني معرفة الحقيقة
ثم امتطى ظهر حصانه وعاد الى القصر ليقوم بترتيب أفكاره والتخطيط لها جيدا
وفي اليوم التالي بدأ تنفيذ خطته بدءا من القصر لكنه لم يلقى جوابا قط، فقد كانت خطته هي البحث عن حيدر وميمون اللذين تذكر اسميهما حين جلس بجانب الشاطئ فقرر البحث عنهما لأنه بالتأكيد سيصل الى من ارسلهما لقتل والديه،
ثم بدأ في البحث عنهما خارج القصر فلم يلق جوابا ايضا، حتى انقضت عدة اشهر دون ان يفوت يوما في البحث عنهما، فوجد من اخبره انه يعرفهما ولكنه لا يعرف عن مكانهما شئ
فكانت النتيجة واحدة وهو انه لم يجد لهما اثر في اي مكان حتى بدأ اليأس يتسرب الى قلبه وبدأ يفقد امله الى ان جاء يوم كان فيه عائدا الى القصر خالي الوفاض بعد يوم طويل من البحث، فوجد زهرة تقف قرب باب غرفته وكأنها تنتظره فقال بمجردان رآها تلتفت اليه:
ارجوكي يا زهرة، لا طاقة لدي بساعات من العتاب ولا وقت لدي لتبرير فعل واحد
انعقد ما بين حاجبيها وقالت باستغراب:
سيد مجد، انا لا افهمك
زفر انفاسه بضيق ثم قال:
لا شئ لا شئ
ثم سألها:
ماذا تريدين؟
اجابته:
كنت اريد اخبارك اني اعرف شخصا قد يساعدك فيما تبحث عنه
ثم اردفت موضحة:
اقصد ذلك الرجلين اللذين تبحث عنهما
فسألها بتأهب:
من؟
صمتت قليلا ثم قالت:
السيدة سلاف
ـ السيدة سلاف؟؟!!
فقالت تذكره:
تلك المرأة العجوز التي داويت قدمها قبل اشهر
فتهللت اساريره ثم سألها عما اذا كانت بالفعل لديها معلومات عنهما ام انه مجرد تخمين فقالت:
أظن انها تعرف فقد عاشت في القصر لأكثر من خمسين عام
تعجب مجد وقال:
كل هذه المدة، لماذا؟
فابتسمت زهرة وقالت:
لأنها كانت وصيفة الملكة الأم
اراد الذهاب الى بيت العجوز في ذلك الوقت المتأخر ولكنه اثر ان يذهب في اليوم التالي****************
# وفاء عبدالهادي احمد🌸
أنت تقرأ
{ملك الذئاب}
Fantasyفي رحلته للأخذ بثأره يفاجأ بأمر سيقلب موازين حياته رأساً على عقب ويعرضه للموت أكثر من مرة فكيف سيواجه هذا الأمر؟ وهل سيصمد أمامه أم لا؟ كل هذا سنعرفه في روايتنا { ملك الذئاب } گ/ وفاء عبدالهادي أحمد🥰