الفصل التاسع والعشرين(29)

49 12 0
                                    

عصفور مبلل بماء المطر في ليلة شتوية عاصفة جعلته يرتجف من البرد لدرجة التجمد كان هذا هو الوصف الانسب للحالة التي كان عليها الفارس زهير وهو يقف امام جنيد الغاضب لدرجة ان انفاسه الغاضبة قد تسببت في ارتفاع درجة حرارة القصر فجعلت الجميع يتصببون عرقا رغم برودة الجو ولو فتح فمه في تلك اللحظة لخرجت النار من جوفه كالتنين
فما اخبره به زهير كان كافيا لأن يضرم النار في كل ارجاء المملكة
كان زهير مطأطئ الرأس ينظر الى الارض لا تصدر منه اي حركة عدا عن تلك الرجفة التي تمكنت منه مذ دلف الي القصر بينما تتحرك عينيه ذهابا وايابا مع حركة جنيد يخشي ان يرفع عينه فتلتقي بكرتي اللهب اللتين تعلوان وجهه منتظرا حكم الاعدام فشعر لو انه مات اثناء هجوم الفيلق الجنوبي عليهم لكان ذلك ارحم الف مرة من ان يقف بين يدي جنيد جاهلا مصيره اللذي ينتظره
اخرج الان
قالها جنيد بنبرة هادئة على غير المتوقع فلم يصدر من زهير شئ سوى ان رفع رأسه ونظر باتجاهه وكان واضحا من نظرته انه لم يسمع او لم يستوعب ما سمعته اذناه فأعاد جنيد ماقاله بنفس النبرة فسأله زهير باضطراب وتلعثم يستوثق مما سمعته اذنيه:
ه ه هل انت جاد سيدي؟
فأمسكه من عنقه يكاد يخنقه وقال بحدة:
وهل اعتدت مني المزاح ايها الوغد؟
ليقول زهير بنفس التلعثم:
أ  أ.  العف. العفو  م. منك سيدي
فدفعه للخلف بقوة فسقط ارضا ليصرخ فيه جنيد بأعلى صوته:
اغرب عن وجهي
فأخذ يسير بظهره عائداً إلى الخلف فتعثرت إحدى قدميه بالأخرى فسقط أرضاً ولكنه نهض على الفور وركض خارجاً
عاد جنيد وجلس على عرشه بهدوء لا يتناسب مع الموقف أبداً وجلس يفكر في حل لما أخبره به زهير
ظهرت زمرد فجأة في أحد زوايا القاعة وأصدرت صوتاً فانتفض إذ لم يكن منتبهاً ولكنه تمالك نفسه بسرعة وعاد يحدق في نفس النقطة التي كان يحدق بها قبل ظهورها، فأثار هدوءه الغير مبرر تساؤلاتها فقالت:
ماذا أصابك؟
فأجابها مستنكرا:
أصابني؟ هل ترينني أجذب شعري كالمجانين؟ أم أنك تريني أضرب رأسي بالجدار؟
فقالت:
على الأقل هذا تصرف طبيعي يصدر منك
ثم تابعت وهي تشير إلى وجهه:
لكن ما أراه منك يدعوني للتعجب
فقال بنبرة هادئة:
وبماذا سيفيد الصراخ؟
ثم تابع وهو يأخذ نفساً عميقاً:
أرى أن التفكير بهدوء مفيد أكثر
ارتسمت الدهشة على ملامحها فاقتربت منه ثم وضعت راحتها فوق جبينه وقال:
لست مريضاً ولكنك تهذي،
ثم تابعت:
هل أنت جنيد الذي أعرفه أم أنك شخص آخر؟
لم يقل شيئاً ولكنه اكتفى بإزاحة يدها ثم خلع عنه سترته ليظهر وشمه والقلادة التي تلتف حول عنقه ثم سار خارجاً من القصر
ظلت في مكانها تفكر في هذا التغير الذي طرأ عليه فجأة وقد ظهر الضيق على وجهها ثم لحقت به بعد لحظات
كان يقف أمام الأقفاص لتي يستقر بداخلها تلك الكائنات فاقتربت منه ثم قالت وهي تنظر نحوه بشك:
فيم تفكر؟!
فقال متعجباً وهو ينظر نحوها بطرف عينه:
ما بالك اليوم تكثرين من السؤال؟
قالت وهي تزفر أنفاسها بغضب:
أفعالك اليوم لا تعجبني أبداً، هدوءك الغير مبرر والغير معهود
ثم تابعت:
لا أعرف لماذا يظهر تفكيرك مشوشاً عندي وكأنك تفكر في عدة مواضيع في الوقت نفسه
فلاحت على شفتيه ابتسامة ما كرة مما جعلها تستشيط غضباً وتثرخ فيه بأعلى صوتها:
أيها الوغد، تتعمد هذا حتى تشوش الأمر على عقلي
فقال وقد لمعت عينه بخبث:
هل كنت تظنين أني سأجعل من نفسي كتاباً مفتوحاً أمامك يحق لكِ تصفحه وقتما تشائين؟…..ربما أكون سريع الغضب، ولكني لست أحمقاً
فتنهدت بقوة ثم قالت وهي تبتسم ابتسامة مزيفة:
إذن أطلعني على ما تريدني أن أطلع عليه
صمت ولم يقل شيئا ثم اخذ يتقدم باتجاه احد الاقفاص فاستطاعت معرفة ما يفكر فيه لأنه نصب تفكيره على شئ واحد في تلك اللحظة وهو ان يقف في مواجهة تلك الوحوش ليستطيع التحكم بها من جديد فأمسكت بيده وهي تحذره:
تريث ولا تكن احمقا فهؤلاء لن يفكروا لحظة قبل ان يقوموا بتمزيق جسدك الى اشلاء
فاكتفى بنظرة ثاقبة ولم يقل شيئا فما كان منها الا ان لطمته على وجهة لطمة قوية القته بعيدا وجعلته يئن من الألم
بقي على وضعه لبعض الوقت ملقى على ظهره ينظر باتجاه السماء ثم نهض بصعوبة متحاملا على الالام المبرحة التي تضرب كل جسده وخصوصا وجهه ثم اخذ يحدق باتجاهها كانت نظرته لها مزيج من الذهول والغضب فقالت بحدة:
رأيت ما فعلته بك لطمتي على الرغم من اني نصف بشرية
ثم تابعت وهي تشير بسبابتها في وجهه محذرة:
فما بالك بهم؟!
ظل على حاله لا يتكلم وكأنه فقد النطق ثم سار عائدا الى القصر ومنه الى جناحه الخاص ولم يخرج منه حتى صباح اليوم التالى
خرج الى شرفة القصر واخذ يملأ صدره بأنفاس الصباح الهادئة فوقع بصره على زمرد التي كانت تتنقل بين الاقفاص بحرية فذهب اليها وقال بمجرد وقوفه امامها:
ما الذي عنيته بكونك نصف بشرية؟
نظرت اليه بطرف عينها ثم ابعدت بصرها عنه وقالت ببرود:
صباح الخير جلالة الملك
ثم تابعت بسخرية:
كيف حال وجهك اليوم؟
فتحسس وجهه بتلقائية ثم زفر انفاسه بطريقة تنم عن الاستياء وقال بحدة وبصوت عال:
سألتك ما الذي كنت تعنيه بكونك نصف بشرية؟
قالت بتهكم:
ماذا حدث لعقلك اليوم؟ هل عدت للصراخ من جديد؟!
قال وهو يكز على اسنانه بغضب:
لا تتلاعبي بأعصابي ايتها العاهرة ولا تثيري غضبي وإلا......
قاطعته وهي تقول بتحد:
وإلا ماذا؟...... ماذا ستفعل؟........انت ضعيف يا سيد جنيد
لا تستطيع فعل شئ سوى الصراخ علي الضعفاء من بني جنسك وقتلهم اذا ما تجرأ احدهم عليك ولو بنظرة خاطفة
اما الاقوياء يمكنهم ان يدفعوا مقابل ان يحصلوا على الرضا والامان من بطشك
صمت ولم يقل شيئا فقد كان ما تقوله حقيقة يدركها فأكملت:
اما عن سؤالك فسأجيبك عنه رغم اني لست مجبرة على ذلك ولكني سأجيبك ارضاءً لنفسك
ثم اخذت تحكي له قصتها  حتى انتهت فكان داخله بين التصديق وعدمه ولكن رؤيته لتلك الوحوش جعله يميل للتصديق اكثر  فمسح علي شعره بضيق ثم قال:
ماذا سنفعل؟
سحبت نفساً عميقاً ثم قالت:
هناك طريقة وحيدة لتستطيع السيطرة عليها مرة اخرى
فقال جنيد متسائلاً:
وما هي؟
اجابته بثقة وهي تحدق باحد الاقفاص:
التخاطر
فقال جنيد مستغرباً:
ال...... ماذا؟
اعادت اجابتها بنفس النبرة الواثقة:
التخاطر.......
فتسائل بنفاذ صبر:
وماذا تعني؟
ــ تعني القدرة على التواصل مع الغير عن طريق الذهن
اخذ يملأ صدره بالهواء ويخرجه عدة مرات محاولا تمالك اعصابه ثم قال:
وكيف يكون ذلك؟....وهل سيحتاج الى وقت؟َ
ـ حينما يصفو ذهنك ويصل لدرجة الصفاء الكامل ستتصل روحك بروحه وحينها ستستطيع التواصل معهم ووقتها سيمكنك املاء اوامرك....... اما عن الوقت فهذا امر يعتمد على ما لديك من رحابة الصدر
صمت قليلا ثم قال بحزم:
انا مستعد لذلك
فقالت زمرد وقد لاحت ابتسامة على شفتيها:
سنبدأ من الغد
حاول ان يعترض ولكنها اوقفته قائلة:
لابد وان يكون ذهنك صاف والا لن تحقق شيئا
فوافق على مضض
وفي صباح اليوم التالي كانا يقفان في نفس الموضع الذي كانا فيه يوم الامس فقال جنيد:
كيف سأبدأ؟
قالت وهي تشرح له بكلتا يديها:
امعن النظر في عيونهم جميعا واختر منهم من تشعر بالألفة نحوه
فقاطعها مستنكرا:
اي الفة هذه التي سأشعر بها تجاه هذه الوحوش؟
تابعت دون الالتفات لسؤاله:
حينها ستجلس امامه باسترخاء وستحدق بعينيه دون ان يرمش جفنك ولما يصل ذهنك لأعلى درجات الصفاء ستشعر به يخاطبك حينها ستستطيع التواصل معه عبر ذهنك وستتمكن من القاء اوامرك عليه والبقية سيفعلون ما يفعله بشكل تلقائي
فقال مستفسرا:
هل كان سيدهم يحتاج لكل هذا؟
فأجابته بحدة:
لا تشغل نفسك بالسؤال وحافظ علي صفاء ذهنك
ثم تنهدت بضيق وتابعت:
اما عن سؤالك فهو لم يكن يحتاج لهذا فهو سيدهم وهم يعرفون ذلك.......... انت سيدهم  لا تنس ذلك اجعلهم يشعرون بك............ سيدا عليهم
اخذ نفسا عميقا واخرجه ببطء ثم اخذ يجول ببصره بين تلك الوحوش فلفت انتباهه احدهم والذي كان يحمل على الجانب الايسر من صدره بقعة رمادية مميزة فتقدم باتجاهه وجلس امام القفص على بعد خطوات ثم اخذ يحدق بعيني ذلك الوحش لبث للحظات فشعر بالضجر فنهض وقال متذمرا:
لا استطيع....... لا صبر لدي لذلك
فصرخت فيه زمرد على غير عادتها:
ايها الاحمق لابد من الصبر والا فلن تستطيع السيطرة عليها ابدا
فصرخ هو الاخر:
اخفضي صوتك ولا تثيري استفزازي  هل فهمت؟
ثم تركها وسار عائدا الى القصر
وفي اليوم التالي وجدته يجلس امام القفص ذاته فأخذت تراقبه دون الذهاب اليه فمكث قرابة الساعة ثم وجدته ينهض ويتقدم نحو القفص وما ان امسك بقضبان القفص حتى زمجر الوحش وهجم عليه ولولا وجود القضبان حائلا بينهما لفتك به على الفور
عاد جنيد الى الخلف مسرعا بأنفاس لاهثة وضربات قلبه تتسارع ثم اخذ ينظر حوله بحثا عما اذا كان احد قد لاحظ ذلك فوجدها تقف في مكان بعيد بعض الشئ تراقبه في صمت ما ان وقع بصره عليها حتي قالت بتهكم وعلى وجهها ابتسامة ساخرة:
هل كنت تظن ان ساعة كافية لأن تسيطر عليه
فرمقها بنظرة غاضبة ولم يقل شيئا
وفي اليوم التالي فعل الامر ذاته ولكنه اطال مكوثه قليلا وما ان اقترب من القفص حتى هاجمه الوحش مرة اخري
وهكذا حتى انقضى شهر كامل كان خلاله يمكث امام القفص لوقت طويل قد يصل الى منتصف النهار وفي كل مرة يهاجمه الوحش حتى فقد الامل في السيطرة عليهم
فعاد الى القصر
التقى في بهو القصر بزمرد التي قالت لما لاحظت الضيق البادي على وجهه:
ليس بعد؟
فاجابها بحدة:
لا ولن يحدث شئ  .... لأنني لن اكمل 
لما لاحظت الاصرار في صوته  احست بأنها ستخسر هدفها  فهي تحتاجه
فاقتربت منه وهي تتغنج في مشيتها وما ان اقتربت منه حتي لفت زراعيها حول جذعه ووضعت رأسها فوق صدره وقالت بدلال:
ما بالك ياجلالة الملك تضجر بسرعة
ثم رفعت رأسها ونظرت في عينيه متصنعة البراءة فزفر انفاسه بقوة واشاح بوجهه بعيدا عنها ثم قام بدفعها بكلتا يديه بقوة وصاح في وجهها وهو يشير بسبابته محذرا:
ابتعدي عني ايتها العاهرة واياك ان تعيدي ما فعلتيه مرة اخرى
ثم تركها وانصرف فاخذت تثور في مكانها كالبركان
لم يتوقف جنيد عن المحاولة رغم انه لم يلق اي بوادر لذلك حتى انقضى عام كامل.
كان يجلس كعادته امام القفص منذ الشروق حتى لاحت الشمس في الافق منذرة برحيلها فأحس بصوت داخل رأسه يقول:
سيدي!.............
فنهض من مكانه ودنا من القفص دون ان يبعد عينيه الذاهلة عن اعين الوحش ثم امسك بقضبانه فحدث ما لم يتوقعه حيث اقترب منه المستذئب دون ان يزمجر او يصدر منه رد فعل عدائى ثم امسك بكف جنيد القابضة على القضيب الحديدي
فاضطرب داخله وبدا عليه التوتر لدرجة ان هناك زخات من العرق ظهرت فوق جبينه ولكنه حاول ان يبدو متماسكا قدر استطاعته فما كان من الوحش الا ان اخذ يتفحصه من اعلى رأسه حتى اخمص قدميه تركز بصره على الوشم الذي على القلادة وعلى الوشم الذي صدره ثم نفض رأسه بيأس وعاد ادراجه وجلس في اخر القفص
احس للحظة بالهزيمة فوضعت زمرد كفها فوق كتفه وقالت:
لا تفقد حماسك فلم يتبقى الكثير
ثم تابعت وقد لاحت على شفتيها ابتسامة:
كما ان هذا مؤشر جيد......... سيحين الوقت الذي يراك فيه السيد القوي
هز رأسه علامة الرضا ثم دلف الى مخضعه واستلقى على فراشه وغط في نوم عميق حتى فجر اليوم التالي نهض من فراشه ثم ذهب واغتسل بماء بارد ليعطيه انتعاشا ثم هبط الى الساحة حين اشرقت الشمس فجلس ليكمل ما بدأه قبل عام فانقضى عام اخر ولكنه كان الافضل على الاطلاق حيث استطاع التواصل مع المستذئب عن طريق توارد الخواطر وقرب نهاية العام خاطر بالولوج لداخل القفص ثم اغلقه ووقف في مواجهة الوحش ثم اصدر امرا في ذهنه ووجهه له فانصاع الوحش له على الفور فتهللت اساريره وشعر بنشوة النصر
ولكن ما فعله في اخر يوم من ايام العام التالي كان هو المخاطرة الكبرى حيث وقف في شرفة القصر ثم صاح في جنوده اللذين يملؤون الساحة ان يقوموا بفتح الاقفاص والسماح للوحوش بالخروج منها ولكن لم ينصاع احد لأوامره فالموت بحد سيفه اهون عندهم من تمزق اجسادهم على ايدي هذه الوحوش فصرخ فيهم مهددا اياهم ولكن لا احد يستجيب فقالت له زمرد بتهكم:
لا تكن متغطرسا وضيق الافق...... بالطبع سيخافون من ملاقاة هذه الكائنات
فقال وهو يزفر انفاسه بغضب:
وكيف سيقاتلون الى جانبهم ان لم يتقابلوا معهم؟
فربتت عل كتفه وقالت بابتسامة واثقة:
هذا يعتمد عليك
فقرر المخاطرة وهبط الى الساحة ثم اخذ يفتح الاقفاص واحدا تلو الاخر فخرج جميع الوحوش والذين يصل عددهم الى الف او يزيدون كما ان هناك مجموعة من الجنود تجرأوا وساعدوه في ذلك ولكنهم سارعوا بالهرب قبل ان يكتمل خروجهم
سار جنيد حتى وقف عند احد جوانب الساحة بالقرب من السور ثم استدار مواجها لهم، كان متوترا بعض الشئ فازدرد ريقه محاولا تمالك نفسه ثم امرهم بالاصطفاف فاصطفوا على الفور مكونين عشريا صفا في كل صف خمسين وحشاً،
جثا الوحش صاحب البقعة الرمادية على احدى ركبيته ثم احنى رأسه امام جنيد في خضوع ففعل البقية مثله عندها اتسعت اعين جنيد غير مصدق ما تراه عينه فهاهم اخيرا خضوع امامه اما زمرد التي كانت تتابع ذلك في ذهول وكأنها لم تتوقع ان يحدث ذلك قط اختفت فجأه وظهرت في هيئة العجوز سُلاف ثم وقفت الى جوار جنيد  الذي قال مستغربا:
لماذا تحولت الى سلاف من جديد؟!
فأجابته بصوت عجوز واهنه:
لابد من ذلك 
ثم اشارت نحو الوحوش وتابعت:
بيننا ثأر قديم
فقال متسائلا:
هل هو ايضا يفعل ذلك؟!
فأومأت برأسها نفيا
فتابع:
اذا كيف تستطيعين التحول من صورة الى اخرى؟!
فقالت:
هذا ليس من شأنك
فصمت ولم يعلق ثم أخذ يحدق بتلك الوحوش التي تفوقه قوة وحجما وهي خاضعة امامه
طال الصمت فقطعته قائلة:
ماذا ستفعل؟   .......   هل ستهاجم الجنوب الان؟
اجابها وهو ينظر بعيدا نحو الافق:
لا فالجنوب ليس هو الهدف الذي اصبو اليه
ثم فتح زراعيه عن اخرهما وقال وهو يدور حول نفسه وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة واثقة:
بل هذا العالم هو هدفي والسيطرة عليه هي غايتي التي اسعى اليها
صدمت مما سمعت فقالت محاولة تدارك الامر:
تخلص من الجنوب الان وبعدها سيطر على العالم كما يحلو لك
لاحظ الاعتراض في نبرة صوتها فقال وهو يضيق احدى عينيه بمكر:
وما الذي يوجد في الجنوب وتريدين التخلص منه؟!
بدا الضطراب على ملامحها ولم تجد ما تقوله فتابع:
لا اعرف ما الذي تسعين اليه ولكني سأحقق رغبتك في التخلص من الجنوب
فابتسمت بسرور ثم قالت وكأنها تذكرت شيئا:
وشئ اخر
نظر نحوها نظرة مستفسرة فتابعت:
جثة مجد...........اريدها بين يدي
اخذ يحملق بها مدهوشا ولكنه لم يقل شيئا
وفي اليوم التالي اخذ يدرب جنوده على التعامل مع المستذئبين ليقاتلوا معهم كتفا الى كتف حتي اتم تدريبهم بعد مرور مدة تزيد عن الثلاثة اشهر اعد بعدها جيشا قوامه خمسة الاف جندي  من بينهم سبعمائة مستذئب وعلى رأسهم صاحب البقعة الرمادية والذي خصصه جنيد لتلقي اوامره وفرضها على البقية
انطلق الجيش بقيادته واتجه الى الجنوب وفي نيته سحق الجنوب كاملا

                         **************

# وفاء عبدالهادي أحمد🌸

{ملك الذئاب} حيث تعيش القصص. اكتشف الآن