ذهب مجد الى سوق النحاسين للبحث عن ذلك المدعو جواد وقد كانت تلك أول زيارة له ولكنها لم تكن الأخيرة
عندما وصل الى السوق قال متهكما:
هذا ما يسمونه البحث عن إبرة في كومة من القش
فقد كان حجم السوق كبيرا جدا ويحوي عشرات المتاجر كما أنه مزدحم بشكل لا يوصف
دلف الى السوق وتوجه لأحد المتاجر للسؤال عن جواد فأتاه غلام من داهل المتجر وتوجه اليه مسرعا ثم قال بلهفة:
مرحبا سيدي كيف أساعدك؟
قال:
انا……
فقاطعه الغلام:
ـأخبرني ما طلبك؟
ـ كنت أبحث عن………
ـ كؤوس أباريق أواني
ـ لا أنا أقصد…….
ـ أي شئ تريده موجود هنا سيدي، أخبرني بمل تريده وأنا سأحضره في الحال، ماذا تر……
ـ أصمت
صرخ بها مجد في وجه الغلام ليكف عن الثرثرة
صمت الغلام قليلا ثم سأله:
بماذا تأمرني سيدي؟
عبس وجه مجد وزفر أنفاسه بضيق ثم قال:
أنا لا أريد نحاسا
نظر الغلام بعدم فهم ثم قال بتعجب:
إذن ما الذي تريده؟
صمت مجد قليلا ثم قال:
أريد شخصا، أقصد أنني أبحث عن رجل يدعى جواد
تجهم وجه الغلام وقال بحدة:
اذهب وابحث عنه في سوق الجواري
غضب مجد لجواب الغلام وأراد ان يضربه ولكنه لم يرد افتعال مشكلة لا تجدي فتركه وذهب
دلف الى متجر آخر فخرج له من بين الأواني النحاسية صبي صغير لا يتجاوز عمره العشرة أعوام فقال:
مرحباً أيها الصغير
صاح فيه الصبي بغضب:
لست صغيرا
اندهش من ردة فعله فقال مجاراة له:
إذا مرحباً أيها الكبير
فصاح الصبي بغضب أكثر:
لست كبيرا
فقال مجد باستنكار:
بماذا أناديك إذاً؟
ـ تميم
قالها الصبي بحدة فقال مجد متسائلاً بابتسامة:
وهل أناديك بتميم فقط أم بالسيد تميم؟
انتفخ الصبي فجأة وصار كديك على وشك العراك ثم قال بنبرة استعلاء:
يمكنك مناداتي بالسيد تميم
ضحك مجد عاليا وكاد أن يسقط أرضا ثم قال من بين ضحكاته:
لذا أيها السيد تميم، هل لي ان أسألك سؤالا؟
فقال الفتى بنفس النبرة:
ما هو؟
ـ هل تعرف رجلا يدعى جواد؟
ـ وكم ستدفع مقابلا لهذا؟
قال مجد باستنكار:
تريد مالاً؟
فقال الفتى مستهزءاً:
وهل سأدلك مجانا؟
صمت مجد قليلا ثم سأله:
كم تريد؟
ـ مائة قطعة نحاسية
صاح مجد بذهول:
ماذا؟ مائة قطعة؟ هل أنت مجنون؟
بادله الفتى الصياح وهو يشير فوجهه بيده:
إذهب وابحث عنه في السوق إذا حتى تتقرح أقدامك أيها البخيل
رمقه مجد بنظرة حادة ثم قال:
بخيل أفضل من طماع
ثم ابتعد مغادرا فقال الفتى بتحد:
قل ما تشاء ولكنك ستعود مرة أخرى
فقال مجد دون ان يلتفت إليه:
لن أفعلها أبدا
ثم تابع طريقه بحثا عن ضالته حتى أصابه التعب من كثرة السير فجل بجانب أحد المتاجر وقال محدثا نفسه:
كان الصبي محقا،**************
كان تميم يجلس أمام المتجر يلعب ببعض الحصى حين رأى مجدا يعود اليه مرة أخرى فقال وابتسامة ساخرة ترتسم على وجهه:
ألم أخبرك أنك ستعود
فقال مجد بحدة:
ولكني لن أعطيك شيئا قبل أن تخبرني إن كنت تعرف مكانه حقا أم لا
فقال تميم:
بالطبع أعرف وإلا لما طلبت مقابلا
فسأله عن مكانه وقبل ان يجيبه سمعا صوتا خشنا يأتي من داخل المتجر:
تترك عملك وتثرثر مع الزبائن أيها الوغد
انتفض تميم لدى سماعه هذا الصوت بينما القى مجد ببصره نحو الداخل فخرج عليهم رجل ضخم الجثة ذا ملامح خشنة ةشارب يغطي نصف وجهه، وعندما اقترب منهم امسك تميما من ثيابه ثم صفعه على وجهه صفعة قوية طرحته أرضا فهرع مجد لنجدته وهو يصيح في الرجل:
أيها الحقير تضرب طفلا لا حول له ولا قوة؟!
فقال الرجل رحدة:
ليس من شأنك يا هذا، إن كنت ترغب غي شراء شئ فأخبرني عنه وإن كنت لا ترغب فارحل عن هنا
نظر مجد حوله بحثا عن تميم دون الاكتراث لما يقوله ذلك الرجل فوجده يركض مبتعدا فلحق به حتى وجد نفسه خارج السوق،
كان يجلس في زاوية بعيدة يبكي فاقترب منه ثم نزل على إحدى ركبتيه أمامه وقال وهو يمسح على رأسه بعطف:
هل هذا الرجل والدك؟
هز رأسه نفيا ثم قال من بين دموعه:
أعمل لديه فقط
ـ وما الذي يجعلك تتحمل هذه الإهانة؟
صمت تميم قليلا ثم قال:
أعمل مقابل المأوى والطعام
ـ أين والديك؟
سأله مجد فقال وهو ينظر في عينيه مطولا:
ماتا
صعق مجد مما قاله فقد ذكره بحاله عندما رحل عن بيته بعد مقتل والديه فقد تلقى نفس المعاملة من الجميع حتى اشتد عوده وبات قادرا على الاعتماد على نفسه
ثم قام بضمه الى صدره وربت على ظهره بحنان، فلا يشعر بحال اليتيم إلا يتيم مثله
بعد أن هدأ تميم أبعده مجد عنه قليلا قم قال مبتسما:
ما رأيك في عمل مقابل المأوى والطعام والمعاملة الحسنة
نظر تميم نحوه ببراءة ثم قال:
وأين أجده؟
ـ عندي
قطب تميم جبينه وقال متعجبا:
وماذا تعمل؟
ـ طبيب
ـ ولكني لا أفهم شيئا في هذا أبدا
ابتسم مجد وقال:
لا يهم مع الوقت ستتعلم
صمت تميم قليلا ثم سأله بتعجب:
لماذا تساعدني؟ الجميع هنا يعاملونني بقسوة فلماذا انت الوحيد الذي حنوت علي؟!
ملأ مجد صدره بالهواء وأخرجه ببطء ثم قال:
لأنني ايضا مثلك
ثم تابع وهو ينظر في عيني تميم البريئتين:
فقدت كلا والدي عندما كنت في مثل سنك وتلقيت معاملة أسوأ من هذه، لهذا لا احب ان يعامل احد مثلما عوملت أنا
ثم نهض وهو يمسك بكف تميم الصغيرة وقال:
من الآن فصاعدا ستكون مساعد طبيب الملك
ابتسم تميم وسار معه الى القصر، وما إن وطئته أقدامهما حتى التقيا بآخر شخص قد يتمنى مجد رؤيته في هذا الكون….جنيد
تجاهله مجد وتابع سيره ولكنه اعترض طريقه ثم قال وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة:
كيف حالك أيها الطبيب؟
ـ بخير
أجابه مجد باقتضاب فقال وهو يشير نحو تميم بإزدراء:
ما هذا؟
فصرخ فيه تميم بغضب:
ما شأنك أنت يا وجه القرد؟
استشاط جنيد غضبا وهم بصفعه ولكن مجدا أوقفه وهو يقول مهددا:
إن فكرت مرة أخرى في تكرار هذا فلن اتوانى لحظة في قطع يدك
ثم سار مبتعداً وهو ينظر نحو تميم باندهاش
دلفا الى الغرفة فقال مجد لتميم محذرا:
إن جنيدا شخص يستحق أن تصفعه على وجهه ولكن إياك أن تكرر ما حدث، فهذا البغيض لن يتركك وشأنك أبدا
شعر تميم بالخوف فقال ليطمئنه:
لن يمكنه أذيتك أبدا ما دمت برفقتي
فاطمأن قلب تميم نوعا ما
أنت تقرأ
{ملك الذئاب}
Fantasíaفي رحلته للأخذ بثأره يفاجأ بأمر سيقلب موازين حياته رأساً على عقب ويعرضه للموت أكثر من مرة فكيف سيواجه هذا الأمر؟ وهل سيصمد أمامه أم لا؟ كل هذا سنعرفه في روايتنا { ملك الذئاب } گ/ وفاء عبدالهادي أحمد🥰