لم أكد أجلس علي سريري بتحفز وترقب شديدين بانتظار إشارة أمجد، حتى سمعت طرقات مألوفة على الباب.. لم أحتج لمعرفة هوية صاحبها وأنا أنهض لأفتح الباب بصمت.. وكما توقعت رأيت بسمة تقف قرب الباب وانتفاضة واضحة تبدو عليها.. فجذبتها بصمت لتدخل وأجلستها على السرير.. وجلست قربها متسائلة بلطف "أنت خائفة؟"اتسعت عينا بسمة لتؤكد المعنى الذي نطقته شفتاها المرتجفتان "بل مرعوبة.. بودي نسيان كل شيء والبقاء.. لكنني أخشى من البقاء وحيدة ورحيلكم عني.. لكني خائفة، حقاً خائفة"
كانت انتفاضتها تزداد مع كل حرف تنطقه، فلم أملك إلا أن أضمها وشفقة تغمرني على حالها.. بدت كطائر مبتلٌ ريشه يرجف في وجه الريح.. فقلت لها بصوت حاولت جعله مطَمْئِناً "كلنا سنكون معك وسنحميك بكل ما نستطيع.. إن لم تثقي بقدرتي على ذلك فعلى الأقل ثقي بأمجد وأدهم.."
زفرت بسمة محاولة إخراج توترها وإيقاف النفضة التي استعمرتها، ثم رفعت عيناها المحملتان بدموع جاهدت لحبسهما "هل أستطيع البقاء معك حتى يحين الوقت؟ أخشى البقاء وحدي والعودة للهواجس التي تحتلني.."
فقلت لها مبتسمة "لا بأس.. لا أرى ضيراً في ذلك.."
بعد عدة ساعات، قضيتها أتجاذب الحديث مع بسمة محاولة شغلها عن مخاوفها، تسللت لأنوفنا الرائحة المميزة للحريق.. فنظرت لبسمة التي اشتعل توترها وازدادت نفضة جسدها.. فشددت يدي على يدها وأنا أقول بتصميم "هي ساعات قليلة ونكون أحراراً.. لا تقلقي ولا تخافي.."
هزت رأسها وهي تبلع ريقها بتوتر.. فبقيت دقيقتان أنتظر ثم هببت واقفة وخرجت من مسكني وهي تتبعني.. لم أنسَ أن أحمل الحقيبة الصغيرة التي صنعتها بنفسي بشكل ارتجالي مستخدمة أحد أرديتي والتي حوت بعض العدة.. ولدى بسمة حقيبة مماثلة.. وحالما خرجت من مسكني رأيت أدهم يصرخ ويطرق أبواب بعض المساكن القريبة من الحريق.. بينما اندلع حريق يلتهم معظم مسكن أمجد الذي لم يكن بعيداً من مسكني..
أسرعت أخبيء الحقيبة في موقع بعيد عن الحريق، ثم انطلقت بدوري أوقظ أصحاب المساكن القريبة لكي لا نتسبب بموت أحدهم اختناقاً أو حرقاً أثناء نومهم، ولنحدث الجلبة الكافية لتنفيذ خطتنا كما يجب.. وخلال دقيقة، كان عدد كبير من السجناء قد استيقظ ووقف ينظر للحريق بقلة حيلة.. ونظرت لأجهزة المراقبة القريبة فرأيتها كلها قد استدارت لتراقب الحريق وما يجري حوله.. لذلك، وكما تقتضي الخطة، تراجعت للخلف دون أن أحاول لفت الانتباه واتجهت بين المساكن حيث رأيت أمجد يختفي قبل قليل..
قبل أن أصل لموقع أمجد، سمعت صيحة صارمة توقفني، فاستدرت بتوتر لأرى أحد الحراس يتقدم مني متحفزاً مشهراً سلاحه.. ظلّلني قلق شديد وأنا أراه يخصني بالنداء، وفكرت جدياً بالهرب قبل أن يصل، لكني خشيت العواقب.. وعندما وصل إليّ وجدته يقبض ذراعي بيد من حديد وهو يقول "إلى أين أنت ذاهبة؟"
![](https://img.wattpad.com/cover/372150821-288-k570279.jpg)
أنت تقرأ
حمراء
Science Fiction((رواية خيال علمي)) ازداد بكاؤها أكثر وقالت بصوت مرتجف "ماذا تعتقدين أنهم سيفعلون بنا في الكويكب العاشر؟ هذا الكويكب هو منجم كبير، والساكنون فيه هم عمال السخرة الذين يقضون حياتهم في استخراج ما في المنجم" قلت مقطبة "هذا لا يعني شيئاً.. نحن لسنا.." صا...