١٥. دماء

12 2 0
                                    




بعد بحث طويل وغير مثمر عن موقع آخر يمكننا الصعود عبره لأعلى الجرف دون أي تعب على الحارس، عدت إلى موقعي السابق والسماء قد أظلمت مع مغيب الشمس والليل يحلّ معتماً.. لم أجرؤ على إشعال المصباح الذي أملكه خوفاً من كشف موقعي، بل اعتمدت على حدسي حتى عدت لموقعي الأول لأجد الحارس ينتظر صامتاً وهو يتأمل ساعته المحطمة، فسألته بشيء من الشك "هل تعمل؟"

ابتسم مجيباً "لا تخافي.. حتى لو كانت تعمل، فلن أستدعيهم ما دمتِ في الجوار"

جلست على مبعدة دون أن يغادر الشك وجهي، فقال بجدية "أخبرتك أنني مدين لك بحياتي.. ولا يمكن أن أضرّك أبداً.. وإن كنت لا أعلم لم تفعلون ما تفعلونه بهربكم هذا.."

قلت مبتسمة بجانب فمي "أريد جواب هذا السؤال منك أنت.. ما الذي تعتقد يغرينا بالبقاء والاستسلام في هذه الظروف التي نعيشها؟ هل ترضى بالاستعباد وقضاء حياتك دون رغبتك في كويكب بعيد تحت رحمة أشخاص لا تعرفهم وتقوم بعمل مجهد بلا أجر ولا راحة؟"

قال مقطباً "لكن أنتم جميعاً محكوم عليكم بالسجن المؤبد.. أنتم أصحاب سوابق خطيرة.. العيش في هذا المكان الخلاب أفضل بالتأكيد من العيش في زنزانة حقيرة بقية عمرك، وأفضل قطعاً من الإعدام.."

قلت باعتراض "من قال ذلك؟ لقد أفقدونا ذاكرتنا.. أتعلم لماذا؟ لأنهم لا يريدون أن نكتشف حقيقة ما يفعلونه.. ليس الكل هنا مجرم خطر يقضي عقوبته مدى الحياة.. بعضنا بريء، أجبر على القدوم هنا لتغطية العجز في العمال على الكويكب.."

نظر لي بغير تصديق وهتف "مستحيل.. لا تملكين دليلاً على ذلك.."

فقلت "بعضنا قد بدأ يستعيد ذكرياته.. وأحد رفاقي يؤكد أنهم اتهموه بتهمة باطلة بعد أن بدأ بنبش خبايا المؤسسة بحثاً عن عمه الذي اختفى في ظروف غامضة.."

غمغم وليد "هذا قول كبير، لو كان مؤكداً.. لكن مع ذلك ينقصكم إثبات.."

علقت "ستجد الإثبات في بيانات السجناء في الإدارة.. لاشك أنهم يحتفظون بدلائل مهمة في ملفاتهم.. لكن أخبرني.. منذ تلك الليلة التي هربنا فيها، لا أشعر أن الإدارة تبذل جهداً كافياً للبحث عنا والقبض علينا.. فلم ذلك؟"

أجابني "إنهم يبحثون عنكم بالفعل، لكنهم لم يُسَخّروا الكثير من الحراس لهذا.. المساكن والمناجم تستهلك الكثير من الحراس، ولا يمكن أن نتسبب بضعف الحراسة في مواقع مهمة كتلك للبحث عن بضع هاربين.. ثم إن القائد مقتنع أنكم ستحاولون التسلل للسفينة الفضائية، وبهذا يمكنه القبض عليكم دون بذل كثير من الجهد.."

غمغمت "وهذا حق.. هذا معناه أن الخطر سيكون مضاعفاً عند محاولتنا التسلل.. لكن....."

حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن