عندما فتحت عينيّ، بعد مدة الله وحده يعلمها، لم أدرك أين أنا.. ولم أدرك إن كنت حية أم لا.. لكن جاوبني الألم الذي يعتصر صدري بقوة معيداً إياي للواقع بسرعة..حاولت استيعاب مكاني، والأحداث التي جرت لي، ثم تلفت حولي في الغرفة.. كانت صغيرة جداً، ربما بحجم غرف العزل، وإن كانت لا تحمل ذات الكآبة مع تلك النافذة التي تسمح للنور بالتغلغل من خلف الستائر..
اعتدلت جالسة وأنا أشعر بتعب في أطرافي، ولازلت أشعر بالألم في ذراعي كلها، مما ذكرني بأول مرة داهمني الألم ذاته.. كان ذلك عندما حقنت بذلك العقار على الأرض، وإن كنت لا أذكر ملابسات ذلك الوقت، والسبب الذي لأجله حقنوني به..
دفعت تلك الذكرى بعيداً وأنا أركز على الحادثة التي أدت لفقداني وعيي.. ما الذي حدث؟ أين يمكن أن أجد تفسيراً لذلك الموقف البشع الذي مررت به؟ كانت تجربة عنيفة.. وكأن رئتاي غدتا عاجزتين عن سحب نَفَس واحد.. أو كأنهما تمردتا عليّ ورفضتا الانصياع لأبسط أمر مني..
رباه.. هل يمكن أن يتكرر ذلك؟ لو كنت أعرف ما أصابني، لعرفت كيف أتجنبه مستقبلاً.. أو على الأقل لبحثت عن وسيلة ما.. أما شعور العجز ذاك.. فشيء لا أطيقه البتة..
حانت مني التفاتة ليدي اليسرى، لأجد ذلك السوار البغيض ملتصقاً بها.. زفرت بضيق.. ها قد عدنا لنقطة الصفر.. ذهبت كل جهودنا السابقة هباءً، وهم قطعاً لن يمنحونا فرصة ثانية لتكراره..
فتح باب الغرفة في تلك اللحظة ودلف منها حارس مع أحد المساعدين، والذي تقدم مني قائلاً "انهضي.. سنقوم بنقلك الآن"
لم أعترض بكلمة وأنا أنزل من السرير ورجفة تعتري أطرافي، لكن لم يبدُ عليهما اهتمام بضعفي البادي والحارس يقيد يديّ بقيد حديدي ويقتادني خلف المساعد عبر ممرات المبنى إلى الساحة خارجه، ومنها إلى مبنى العزل المتطرف.. ظللت أنظر للمبنى الكئيب بيأس.. ها قد عدنا من حيث بدأنا.. وأنا قد بتّ أكره مجرد النظر إلى هذا المبنى فما بالك بالبقاء فيه؟ وطبعاً لا أحلم بأن أقضي ليلة واحدة فقط فيه بعد كل ما فعلته بهروبي.. يبدو أن أيامي ستطول هنا لأمد لا أعلمه..
دخلت المبنى وتم تسجيل رقمي بجهازهم، ثم اقتادوني عبر الممرات وأنا أتعجب من اهتمام المساعد باصطحابي إلى غرفتي عوضاً عن تسليمي للمسؤول عن المبنى ككل مرة.. لكن تعجبي زال دفعة واحدة وأنا ألج خلفهم إحدى الغرف، لأجد أمجد مقيد اليدين والقدمين بحالٍ يرثى لها.. كتمت شهقتي وأنا أنظر له بهلع.. لا أعلم كم طالت غيبوبتي، لكنه قاسى فيها الكثير كما يبدو.. بوجهه ذو الكدمات مختلفة الأحجام والألوان.. وبجراح وحروق على أصابعه وسائر جسده.. لقد تلقى تعذيباً قاسياً ولا أستغرب هذا من أصحاب المؤسسة مع كل ما يرتكبونه بالأبرياء..
أنت تقرأ
حمراء
Science Fiction((رواية خيال علمي)) ازداد بكاؤها أكثر وقالت بصوت مرتجف "ماذا تعتقدين أنهم سيفعلون بنا في الكويكب العاشر؟ هذا الكويكب هو منجم كبير، والساكنون فيه هم عمال السخرة الذين يقضون حياتهم في استخراج ما في المنجم" قلت مقطبة "هذا لا يعني شيئاً.. نحن لسنا.." صا...