١٤. وليد

6 2 0
                                    




راعنا قرب الفجر هدير قوي صمّ آذاننا مع تضخم الصوت في الكهف.. نهضنا مذعورين ننظر لما حولنا بعدم فهم، فيما وقف أمجد الذي كان يراقب قرب المدخل وقال لنا "إنها المروحية.. يبدو أنهم يشكّون بالتجائنا للجبال.."

قالت بسمة بدهشة "كيف؟ أتظنهم تبعونا؟.."

أجابها "لو حدث ذلك لكانت القيود في أيدينا منذ مدة.. لابد أنه شك يحاولون التأكد منه.."

كان الهدير قد بدأ يخف تدريجياً، فتنفسنا الصعداء وأمجد يقول "قد يستمر بحثها فوق هذه الجبال وقتاً.. الأفضل أن نتفادى الخروج قبل الاطمئنان لابتعادها تماماً.."

لم نكن نرغب بالعودة للنوم مع قرب بدء النهار، فانشغل كل منا بصمت ونحن ننتظر الفرصة المناسبة للخروج.. غسلت وجهي بالماء الذي أحمله محاولة الاقتصاد في استخدامه.. وتناولت القليل من الطعام الذي نحمله.. من حسن حظنا أن الكويكب يتميز بجو معتدل يميل للبرودة.. وهذا أفضل من الحرارة القوية التي ستُفسد الطعام بسرعة كبيرة.. ومع ذلك، فما نملكه من طعام لن يكفي إلا ليوم آخر، وهذا ينطبق على ما نحمله من ماء أيضاً..

اتجهت إلى أمجد الذي وقف قرب المدخل يراقب المروحية التي بدا أنها لم تغادر الموقع تماماً بل هي تدور حول هذه الجبال في بحث مستميت.. فسألته "وماذا بعد الآن؟ لقد نجحنا في الهرب وفي التخلص من الأساور، فما هي خطتنا القادمة؟"

أجابني "لا يمكننا أن نظل مختبئين هنا للأبد، ولا يمكننا أن نسير بلا وجهة محددة.. رغم كل بحثي وتساؤلاتي لم يفدني أحد السجناء بأي معلومة عن مواقع المناجم الأخرى.. والحراس صامتون كالقبر كالعادة.. وهذه هي أكبر مشاكلنا، قلة المعلومات التي نملكها وصعوبة الحصول عليها"

قلت "هذه ليست إجابة سؤالي.. ما هي خطتنا للأيام القادمة؟"

ابتسم معلقاً "يبدو أنك لا تحبين الاستفاضة في الجواب.. تريدين إجابة مختصرة وسريعة"

أجبت "أجل.. أكره الإجابات التي لم أسأل عنها.."

قال مشيراً للخارج "لا يمكننا التحرك قبل أن نتأكد أن المكان آمن تماماً.. ولا تنسي الحراس الذين هم ولابد منتشرون في الغابة القريبة من مسكننا.. بعدها، الخطوة الوحيدة التي يجب أن نقوم بها هي التسلل لمبنى الإدارة والبحث عما ينقصنا من معلومات.."

قلت بصدمة "لكن هذا مستحيل.. كيف يمكننا أن نتسلل للإدارة دون أن يتم كشفنا؟ خاصة مع عددنا هذا الذي يعتبر كبيراً بالنسبة لــ....."

قاطعني قائلاً "هذا مستحيل بالفعل.. لذلك فإن أنسب طريقة هي ببقائكم هنا وذهابي وحيداً لهذه المهمة.."

حمراءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن