' الحمامة '

480 25 0
                                    

بسم الله يلا نبدأ:

' الباب السادس '

استطاع ' الحكيم ' أن يتسلل من بين أقدام الحرّاس الذين كان
يُطوقون نحدود منطقة عشائر الدم ويمنعون أي مخلوق قد يُشكل خطرا عليهم من الاقتراب....

وفي الحقيقة لقد انتبه إليه بعض حرّاس العشائر وهو يتسلل من بين أقدامهم للداخل ولكن أحدًا منهم لم تواته الفكرة لإيقافه؛ وذلك لأنه لم يأتِ في عقل أحدهم أن ذلك الفأر ليس إلا إنسيًّا جاء يحمل رسالة من الأعداء....

وبينما ' الحكيم ' يتجوّل هناك إذ اعترضت قطة مشاكسة طريقه فجأة وظلّت تتقدم نحوه بخطوات متمهلة وخيط لُعَاب الجوع اللزج يتسرّب من زاوية فمها:

' يا للسماء هل كُتبت نهايتي أن أكون طعامًا لقطة جرباء؟! '

كان يعرف أن جسده الصغير الهزيل لن يُساعده في الدفاع عن نفسه وأنه لا يملك من الخبرة ما يكفيه للهروب والنجاة من قطة بدت أنها مدرّبة جيدًا على المطاردة والاصطياد....

وفجأة فقئت برأسه فكرة للنجاة....

صحيح أنها فكرة غبية ومتهورة ولكنه لا يملك وقتا أطول للتفكير بأخرى إنها خُطة الوهم:

' حيث إنه بدلًا من أن يهرب من هناك ويُعطي للقطة فرصة سهلة لاصطياده من الخلف، فإنه سوف يهجم عليها موهمًا إياها بأن لديه قوة ما يُخفيها. '

حين رأت القطة هجوم الفأر عليها ترددت قليلًا وفكرت غريزيًّا بأن ذلك الفأر الهزيل لو لم تكن لديه قوة ما يُخفيها لما تجرأ على الهجوم عليها بكل تلك الشجاعة فاستدارت وهرولت مبتغدة....

بعد ذهابها ارتمى ' الحكيم ' على بطنه فوق الأرض يأخذ أنفاسه وهو يكاد لا يُصدق أنه استطاع النجاة من ذلك الموقف الخطير، وبعد قليل جاءه الصوت الناعم من ورائه:

أأنت بخير أيها الفأر؟!

حين التفت لمصدر الصوت شاهد حمامة بيضاء تقف بالقرب منه وتضم جناحيها إلى جسدها:

لم يسبق لفأر من قبل أن استطاع النجاة من تلك القطة....

رد عليها وهو ينهض وينفض الغبار عن بطنه:

لأنهم كانوا يهربون من أمامها فيسهل عليها اصطيادهم من الخلف....

معك حق؛ إن الأخطار تهزمنا حين نُدير لها ظهرنا ولكننا نهزمها حين تُقرر مواجهتها....

تساءل بينه وبين نفسه كيف الحمامة بسيطة أن تمتلك كُل ذلك الحد من المعرفة لتخرج بحكمة رائعة مثل هذه:

' إن الأخطار تهزمنا حين نُدير لها ظهرنا ولكننا نهزمها حين نُقرر مواجهتها. '

قالت الحمامة قاطعة عليه حبال أفكاره:

يبدو أنك لست من هذه المنطقة....

لقد جئتُ أبحث عن قلعة أمير العشائر، إن مصير أصدقائي مرتبط بذلك هل تستطيعين أن تدليني على الطريق؟!

اقتربت منه الحمامة وقالت:

اصعد فوق ظهري أيها ' الحكيم ' سأطير بك إلى هناك....

لقد نادته بـ ' الحكيم '؟!

فكيف عرفت كُنيته وهو لم يخبرها بها؟!

إنه أمر يبعث على القلق ولكن طالما أنها ستقوم بإيصاله للهدف المطلوب فإن الأشياء الأخرى لا تهم كثيرًا، هكذا فكر ' الحكيم ' قبل أن يمتطيها وتحلق به بعيدًا....

الحمد الله كده خلصنا.

الجَساسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن