فرصة ثانية

228 6 2
                                    

فتحت عيني ببطئ لأجد خالد أمامي....
في الأول قلبي بدأ يدق بسرعة و بدأت أشعر بالتوتر لكنني لم أكن أمتلك القوة لأصرخ أو أغادر.
لذلك إستسلمت للوضع و لم أقل شيئا.
خالد بتوتر: هل أنتي بخير؟
لكنني لم أكن أستطيع أن أرد، كنت أحارب نفسي قبل أن أحاربه.
خالد: لماذا لا تصرخين؟
مريم بصعوبة نطق: لماذا علي ذلك؟
إبتسم خالد بتوتر وقال: أنا جئت أطمئن عليك فقط سأغادر.
شعرت أنني يجب أن أوقفه، لم أكن أريده أن يغادر..
لذاك رفعت يدي بصعوبة و أمسكته.
إندهش خالد و نظر إلي: مريم؟
مريم: لا تذهب.
عاد يجلس في الكرسي الذي جنبي.
مريم: أنا خائفة...
خائفة من وضعي الحالي، خائفة لأنني لا أشعر بالخوف منك، خائفة لأنني أريدك هنا.
سكتت قليلا حيث تجمعت الدموع في عينيها ثم قالت: خائفة من الحقيقة.
ثم أضافت: كلما حاولت أن أتذكر أي شيئ أشعر بالألم في رأسي و قلبي يدق بسرعة و أشعر أنني لا أستطيع التنفس، لذلك لا أريد أن أتذكر بعد الآن.
شعر خالد بخيبة أمل.
فقالت مريم: لكن...أريد أن أتعرف عليك.
نظر خالد إليها بدهشة.
مريم: أريد أن أعطيك فرصة، لأعرف من أنت كيف أنت حتى أكون جاهزة لأسمع الحقيقة منك فقط.
نزلت الدموع من عينيه و قال: أنا موافق.
تنهدت مريم ثم قالت: أنا متعبة الآن لنلتقي في يوم آخر لنتحدث، ما رأيك في يوم الإثنين.
إبتسم خالد بحسرة و قال: و يوم الجمعة.
مريم: لم أفهم؟
مسح خالد دمعته و قال: إذا يوم الإثنين.
هكذا خرجت مريم من المستشفى و عادت إلى منزلها.
و رغم محاولات أهلها معها أن ترتاح لكنها قررت العودة للدراسة.
و يوم الإثنين ذهبت إلى المعهد.
و إلتقت بدنيا.
دنيا: هل أصبحتي بخير؟
مريم: هل تريدين التحدث؟
هكذا ذهبوا إلى مكانهم المعتاد.
ثم قالت مريم: أنا الآن لا أعرف إذا كنتي صديقتي أو معلمتي، أنا ضائعة بين هذا و ذاك لكن أريد أن أعطيك فرصة ثانية.
دنيا: حقا؟!
مريم: حقا، أريد أن أتعرف عليك.
دنيا: حسنا..
ثم قدمت بدها لتصافحها: مرحبا أنا إسمي دنيا و عمري ثلاث و عشرين سنة.
مريم: أنتي صغيرة على أن تكوني متعلمة.
دنيا: لقد بذلت جهدا كافي.
مريم: إذا الرسم هو حلمك؟
دنيا: في الحقيقة كانت مجرد موهبة أريد صقلها لكن أصبحت وظيفتي.
مريم: رائع.
ثم عادوا بعد ذلك إلى القسم.
كانت مريم متوترة لأنها ستلتقي مع خالد.
لاحظت دنيا ذلك.
عندما إنتهي الدرس خرج الجميع و بقيت مريم في مكانها.
جلست دنيا جنبها و قالت: هل أنتي بخير.
مريم بتوتر: نعم..
دنيا: أو لم نصبح أصدقاء؟ يمكنك أن تخبرينني.
مريم: سألتقي بشخص مساءا..
شعرت دنيا أنها تتحدث عن خالد فقالت: إذا لا تريدين الإلتقاء به؟
مريم: ليس كذلك، لكن أنا خائفة.
تنهدت دنيا لأنها تعرف أن الوضع صعب من الطرفين، فوضعت يدها على كتفها و قالت: في هذه الحياة إن لم نغامر و نفعل الأشياء التي نخافها سنكون مثل هذه اللوحات، جماد.
شعرت بالراحة من كلامها لذلك جمعت كل شجاعتها و خرجت من المعهد.
لكن بمجرد رؤيته شعرت بالفشل في رجليها و دقات قلبها تسبقها.
فتوقفت و كانت لديها رغبة كبيرة للعودة إلى الداخل لكن لم تستطع.
لاحظت إقتراب خالد إليها فبدأت تشعر أن قلبها سيخرج من فمها.
خالد: مرحبا.
كانت دنيا تنظر إليهم من بعيد.
فلاحظها خالد و إبتسم معها.
فقالت له بصوت غير مسموع: تحلى بالقوة.
لم تكن مريم تستطيع النظر إليه.
فقال لها: هناك حديقة قريبة من هنا هل تعرفينها؟
مريم: أعتقد.
إقترب منها ليستنشق رائحتها التي إشتاق لها و قال بصوت خافت: هل زرتيها من قبل؟
لم تكن تدري مريم لماذا لكن شعرت بقشعريرة في جسدها.
قالت بصوت أجش: لا.
خالد: إذا لنذهب إليها.
لم يكن يريد أن يذهبوا في السيارة لكي لا تشعر بالصدمة أو الخوف.
كان يحاول أن يتجنب أي شيئ يبعدها.
لذلك ذهبوا مشبا إلى هناك.
كانت مريم كل الطريق تكاد أن تسقط لأنها كانت تشعر بالفشل في رجليها.
كم من مرة أراد خالد أن يمسكها لكنه خاف أن تخيفها لمسته فكان يترتجع في الدقيقة الأخيرة.
و أخيرا وصلوا إلى الحديقة، لقد كانت تبعد ربع ساعة لكنهم شعروا أنها ساعات..
في الحقيقة كانت الحديقة جميلة و هادئة لا يأتي الكثير من الناس هنا في هذا الوقت..
كان هناك القليل منهم واحد هنا و هناك.
إختار خالد مقعد تحت شجرة الخوخ الجميلة و جلسا....
بعد صمت قال خالد: هل أنتي جائعة؟
مريم بخجل: ليس حقا.
بدأ خالديشعر بالإنزعاج لأنها لم تكن تنظر إليه.
فقال: مريم.
مناداته بإسمها جعلتها تتجمد في مكانها.
فقالت: اممم.
ثم أعاد مناداته لإسمها.
و هذه المرة نظرت إليه بصعوبة.
لتقع عينيها مع عينه.
فأصبح يحدق في كامل وجهها و يحفظ تفاصيلها.
و هي كانت تنظر في عينيه فقط وقالت في نفسها: لون عينيه جميل.
فشعرت بالخجل من نفسها و إحمرت خدودها.
إبتسم خالد و شعر أنهما مراهقان يخرجان في موعد لأول مرة.
خالد: إذا...
ثم أضاف بصعوبة: لماذا أردتي أن نلتقي اليوم؟
مريم: أخبرتك، لأتعرف عليك.
خالد: إسألي أي شيئ تريده.
مريم: إسمك، خالد، حقيقي؟
خالد: نعم هو إسمي الحقيقي...
مريم: ما هي وظيفتك بالضبط؟
خالد: طبيب نفسي.
شعرت مريم بالقليل من الخوف...
ثم قالت: عمرك؟
خالد: أربع و ثلاثين.
مريم: عائلتك؟
خالد: والدتي توفت منذ زمن و والدي يعيش في الخارج و....
ثم سكت.
مريم: و أيمن؟
خالد: نعم أخي من والدي.
مريم: أصدقاءك؟؟
خالد: أصدقاء لدي أصدقاء من العمل و نورا هي أقرب شخص لي.
مريم و قد بدأت تشعر بالغيرة: كيف أقرب؟
خالد: أعرفها من زمان و هي تعرفني جيدا، شاركت معها جميع لحظات حياتي.
مريم بجدية: جيد.
ثم أضافت: إذا؟ أممم انتم الإثنين تبدوان جيدان مع بعض أنا...أقصد كثنائي...
خالد يبرر نفسه: لااا لم أقصد ذلك، إنها صديقة جيدة، نحت جيدين كأصدقاء فقط.
لا تدري لماذا لكنها شعر بالراحة و قالت بإبتسامة: جيد.
ثم أضافت بدون أن تميز كلامها: إذا لماذا لم تتزوج إلى الآن؟
عندما أفاقت إلى نفسها وضعت يدها على فمها و قالت: آسفة...لم أكن أقصد ذلك.
نظر إليها و قال في نفسه: زوجتي جنبي لكنها لا تشعر بذلك.
تنهد و قال: أنا أنتظر أن تأتي.
ثم قال بجرأة: و أنتي؟
مريم: أنا....أنا لا أعرف.
بعدها بني بينهم جدار صمت.
لقطعه مرور طفل يحمل حلوى العسلية ليبيعها.
نظرت إليها مريم بحماس.
فذهب خالد للطفل و أخذوا منه قطعتين.
ثم عاد و قدم واحدة إليها.
فتحتها بحماس و بدأت تتناولها على عجل.
ثم نظرت إلى خالد لتجده يتناول في الحلوى و ينظر إلى بعيد...
فأصبحت تضحك.
نظر إليها بإستغراب: ماذا؟!
مريم و هي تلتقط أنفاسها بخجل: أنت كبير عن الحلوى...
إبتسم بخجل: و أنتي أيضا..
مريم: لاااا أنا صغيرة...
خالد: نعم نعم أعرف تحبين الحلويات و الشكولاطة...
مريم بخجل: لأنها تشعر أن فمي حلو.
خالد بإبتسامة: أعرف...
كانت مريم دائما تشعر بالغرابة و الراحة في نفس الوقت عندما تسمعه يعرف شيئ عنها...
بدأت الشمس تغيب تدرجيا.
فقالت مريم: يجب أن أعود إلى المنزل.
كان خالد يريد أن يقضي المزيد من الوقت معها، لكنه لا يستطيع أن يرغمها على البقاء.
فنهض و قال: نعم أنتي محقة هل نذهب؟
مريم: منزلنا بعيد سأركب الحافلة و أذهب.
أراد أن يمسك يدها و يخبرها أنه يريد أن يوصلها لكنه لم يستطع.
قالت مريم: إلى اللقاء.
فقال خالد بحماس: متى؟
مريم: لا أدري..
خالد: يوم الجمعة؟
إبتسمت و قالت: إذا هذا نا كنت تقصده ذاك اليوم.
ثم أضافت: ربما.
ثم ودعته و غادرت، و بقي هو يشاهد خطواتها المبتعدة...
وصلت مريم منزلها و ذهبت مباشرة إلى غرفتها.
و أول شيئ فعلته، إستلقت في سريرها.
نظرت إلى سطح الغرفة و بدأت تسترجع كل ما حدث لها اليوم.
رؤيته له من بعيد، نظرته، ضحكته، صوته، كلماته، مشيته...
قاطع تفكيرها صوت هاتفها.
لترد: ألو.
لبأتيها صوت من الجانب الآخر: مريم.
ضعرت أن قلبها يدق بسرعة: خالد!
خالد: أردت أن أطمئن عليك، هل وصلتي للمنزل بخير؟
أرادت أن تسأله من أين جاء برقم هاتفها، لكنها فضلت عدم فعل ذلك.
مريم: بخير.
خالد: إستمتعتي اليوم؟
مريم بخجل: أجل؟
خالد: سيكون موعدنا القادم ممتع أكثر.
مريم: موعد؟
خالد: اه أقصد لقاءنا القادم، هل تحبين السينما؟
مريم: نعم.
خالد: إذا يوم الجمعة؟
إبتسمت مريم: يوم الجمعة.

خطفني طبيبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن