الجزء 6

78 5 2
                                    



تكملهـــــــــــــــــــــــــے..

الفصل الأول :-

راح توني مارستون يفكر بينه وبين نفسه فيما كان يقود سيّارته في مير . كل هذه السيارات تزحف في الشوارع ببطء ... إنه لأمر فظيع ؛ دائمًا يقودون سياراتهم وسط الطريق معترضین طريقك . إن قيادة السيارات في إنكلترا حالة ميؤوس منها على أية حال ، بعكس فرنسا حيث يكون بوسع المرء أن ينطلق انطلاقًا سريعًا.

هل ينبغي له أن يتوقف هنا ليشرب شيئًا أم يواصل سيره ؟ لديه الكثير من الوقت ، بقي له فقط ما يزيد قليلًا على مئة ميل وهو يحتاج لتناول شيء المرطّبات في هذا اليوم القائظ .

لا بد أن هذه الجزيرة مكان ممتع إذا استمر الطقس على حاله . تساءل في نفسه : من تكون عائلة أوين هذه ؟ لا بدّ أنهم أغنياء إلى حد التخمة . إن بادغر ماهر في اكتشاف هذا النوع من الناس . طبعاً لا بدّ لهذا الشابّ البائس من أن يكون قادرًا على ذلك في وضعه المفلس.

وعاد يقول لنفسه : لتأمل أنهم سيكونون كرماء ، فلا أحد يعرف طباع هؤلاء الذين كوّنوا ثرواتهم بنفسهم ولم يولدوا أغنياء .

وتمطّى وهو يغادر المقهى وتثاءب ونظر إلى السماء الزرقاء ، ثم ركب سيارته الفارهة . نظر إليه بعض الحاضرين بإعجاب ؛ فقد كانت له قامة متناسقة بطول ستة أقدام وشعر ناعم وعينان زرقاوان ووجه لوحته الشمس . انطلق مزمجرًا بسيارته في الشارع الضيق فتتقافز کهول وصبيان سعيًا للنجاة بأنفسهم ، ولكن الصبية تابعوا السيارة بنظرات الإعجاب .

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

كان السيد بلور راكباً في القطار البطيء الذي غادر بلايموث ، وكان معه شخص آخر فقط في العربة ، رجل مهذَّب عجوز ذو عينين متعَبتين يبدو عليه أنه قضى معظم عمره في البحار ، وكان في تلك اللحظة نائمًا. كان السيد بلور يكتب بعناية في دفتر ملحوظات صغير وتمتم لنفسه : هذه هي المجموعة ، إميلي برنت ، فيرا كلايثورن ، الدكتور آرمسترونغ ، أنتوني مارستون ، القاضي العجوز وارغريف ، فيليب لومبارد ، الجنرال ماك آرثر حامل وسام سینت جيمس ووسام سينت جورج ووسام الخدمة المميَّزة ، والخادم وزوجته السيد والسيدة روجرز .

أغلق الدفتر ووضعه في جيبه ونظر باتجاه الزاوية والرجل النائم وغمغم مشخصًا بدقّة : " يوجد واحد فوق الثمانية " . ثم استعرض الأمور بعناية وبوعي تامّ وتمتم متأملًا : مهمة سهلة ، من الصعب أن أقع في خطأ، آمل أن أبدو في وضع جيّد .

ثم هبّ واقفًا وأخذ يتفحص نفسه بقلق في زجاج النافذة . كان وجهه يعكس مظهرًا عسكريًا بعض الشيء ، وكان ذا شارب وقليل من التعبير ، وكانت عيناه رماديتين ومتقاربتين إلى حد ما . قال السيد بلور : يمكن أن أزعم بأني ميجور . لا ، لقد نسيت ، العسكري العجوز سيكتشفني على الفور . جنوب إفريقيا ... نعم ، سأكون من جنوب إفريقيا فلا أحد من هؤلاء الناس له صلة بجنوب إفريقيا ، وسيكون بوسعي التحدث عنها بصورة جيدة بعد أن قرأت ملف الرحلات هذا .


كان يوجَد -لحسن الحظ- أنواع شتّی من رجال المستعمَرات ، وكرجل ثري من جنوب إفريقيا أحسّ السيد بلور أن بوسعه الاندماج في أيّ وسط اجتماعي دون إثارة أيّ ارتياب .

جزيرة الجنود!  هاهو يتذكّر 《 جزيرة الجنود 》 ، أيام كان صبياً، صخرة نتنة الرائحة تقف عليها طيور النورس على بعد میل من الشاطئ تقريبًا. إنها لفكرة غريبة أن يذهب أحد ويبني بيتاً عليها، فهي مكان فظيع في الطقس السيّئ ، ولكنّ لأصحاب الملايين نزوات كثيرة .

أفاق الرجل القابع في الزاوية وقال : لا يمكن التنبّؤ بالطقس في البحر أبدًا.

قال السيد بلور ملاطفًا : هذا صحيح ، لا يمكن

ثم شهق العجوز مرتین وقال باكتئاب : أشعر بعاصفة قادمة .

قال السيد بلور : لا يا صاحبي ، بل هو يوم جميل .

فغضب العجوز وقال : بل هي قادمة ، أستطيع أن أتشمّمها .

قال السيد بلور مهدئًا : قد تكون على حق .

وقف القطار في المحطة فنهض العجوز مترنحًا وقال : سأنزل هنا .

نهض ببطء فساعده السيد بلور ، ووقف الرجل بالباب فرفع يده بوقار ثمّ غمز بعينية المتعَبتين وقال : ترقّب وادعُ؛ إن يوم الحساب وشيك .

ثم نزل من الباب إلى الرصيف ونظر إلى السيد بلور ثانية وقال بوقار شديد : أنا أكلمك أنت أيها الشاب ، إن يوم الحساب سيحلّ قريبًا.

فقال السيد بلور لنفسه وهو يعود إلى مقعده : هو أقرب إلى يوم الحساب منّي .

ولكن الأحداث أثبتت أنه كان على خطأ !.

             
                             *************

يتبعــــــــــــــــــــــــــــے.
٠٠٠

ثم لم يبق أحد "اجاثا كريستي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن