الجزء 22

27 4 0
                                    



تكملهـــــــــــــــــــــــــے..

الفصل الخامس

ولكن الفتى أرمتیاج كان مختلفًا؛ لقد نظر إلى قائده بدهشة شديدة. ربما علم أن ريتشموند كان مرسَلًا إلى موته بتدبير مسبَق. تُرى هل تكلّم أرمتیاج بعد انتهاء الحرب ؟ ليزلي لم تعلم. افترضَ أنها بكت صاحبَها ، ولكن بكاءها كان قد انتهى حين عاد هو إلى إنكلترا . لم يخبرها قط أنه اكتشف الأمر واستمرا معًا، ولكنها لم تعُد إلى طبيعتها كما كانت. ثم أصيبت بالتهاب رئوي بعد ثلاث سنوات أو أربع وماتت .

كان ذلك منذ وقت طويل ، خمسة عشر عامًا أو ستة عشر . وقد ترك الجيش وجاء للعيش في ديفون فاشترى بيتًا صغيرًا من النوع الذي كان يحلم بامتلاكه دائمًا، جيران طيّبون ومنطقه جميلة من العالَم وبعض الصيد البرّي وصيد الأسماك ...

كان الناس جميعًا ودودين في البداية ، ولكنه بدأ يشعر بعد ذلك بالقلق من إحساسه بأن الناس يتحدثون من وراء ظهره ، وبدا له أنهم ينظرون إليه -على نحو ما- بصورة مختلفة كما لو أنهم سمعوا شيئًا، إشاعة ما . هل هو أرمتياج ؟ هل من الممكن أن يكون أرمتیاج قد تكلم ؟

تجنّب الناس بعد ذلك وتقوقع داخل نفسه. كم هو مؤلم أن تشعر أن الناس يتحدثون عنك !

كان ذلك كله منذ وقت طويل ، كلام لا جدوى منه الآن . ليزلي تلاشت بعيدًا وكذلك ريتشموند ، لا شيء ممّا حدث تبدو له أهمية الآن ، ولكن ذلك جعله وحيدًا في حياته وأصبح حريصًا على تجنّب رفاقه القدامى في الجيش ؛ فإذا كان أرمتیاج قد تكلم فسيكونون على علم بالموضوع

والآن ، الليلة ، دوّى صوتٌ خفيّ معلنًا تلك القصة القديمة المخفيّة. هل تعامل مع الموضوع كما ينبغي ؟ هل تجنّب الثرثرة ؟ هل أظهر القدر الكافي من مشاعر الغضب والاحتقار دون الإحساس بالذنب أو الارتباك ؟ من الصعب أن يجزم بذلك. 

من المؤكَّد أن أحداً لم يحمل الاتهام على محمل الجدّ. لقد كان في ذلك الحديث الكثير من الهراء غير المعقول أيضًا، تلك الفتاة الجميلة اتهمها الصوت بإغراق طفل ! إنه اتهام أحمق ؛ رجل مجنون يرمي الناس بالتهم جِزافًا ! إميلي برنت أيضًا، وهي ابنة أخي توم برنت زميله في الكتيبة ، اتهمها الصوت بارتكاب جريمة قتل ؟ إن بوسع أيّ واحد ( حتى لو كان بنصف عين ) أن يرى كم هي تقية صالحة . المسألة كلها شيء غريب لعين ... جنون ، لا أقلّ من ذلك.

منذ وصولهم إلى هذا المكان و ... ولكن متى كان ذلك ؟ كان ذلك هذا المساء فقط ! ولكن تبدو المدة أطول من هذا بكثير ! قال لنفسه : تُری متی سنخرج من هنا ثانية ؟ غدًا طبعًا عندما يعود القارب من الشاطئ.

ولكنه لم يكُن -في تلك اللحظة- مهتمّاً كثيرًا بمغادرة الجزيرة أو بالعودة إلى الشاطئ ثم إلى بيته الصغير ، العودة إلى كل ذلك القلق والمتاعب . كان بوسعه سماع صوت الأمواج وهي ترتطم بالصخور من خلال نافذته المفتوحة ، كان الصوت أعلى قليلًا  مما كان عليه في وقت سابق من المساء ، وكانت الريح تشتدّ أيضًا. وفکّر قائلًا لنفسه : هذا صوت هادئ ومكان هادئ. أفضل ما في أية جزيرة أنك عند وصولك إليها لا تستطيع الذهاب إلى أبعد منها ، فأنت تصل إلى نهاية الأشياء .

وأدرك فجأة أنه لا يريد مغادرة الجزيرة.

يتبعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــے.
٠٠٠

ثم لم يبق أحد "اجاثا كريستي"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن