فَلا خمْر ولا سُكر .

458 67 90
                                    

فأنا خاوٍ، والليلُ كْعُمر الأموات...طويل

_________________________________________
في قلب الليل، أرتعشت نجوم السماء على صداه يرن صوته كَقيثاره بأعماق أرضه. قَتام الليل اوتار قديمة تَسـللت من الثقوب لكل ركنٍ، نافذة تعلق في زجاجها الألق. ومدفأة وراء الليل تحرق الضوء ببطء، رجل وقف في الوسط وعقل يسبح في تيارات من الأفكار المبعثرة، كعناكب تحيك خيوطها في الزوايا المظلمة. عتمة ازدادت كثافة تسربت لأعماق روحه وارتجاف كفيه حتى صار كل شيء ضبابياً، غير واضح. تتشابك في عقله الذكريات مع الحاضر وتشكو ظلام الليل كم عربدت أوهامه في طي الأرواح حُجرَة حَالِكة الأسوداد وذاكرة كالعنكبوت تلتقط كل ذكرى وتغلفها بحبل رفيع من التردد والجنون ليل الخلافات الذي لم يزل قابله الأكبر
في محاولة منه لتهدئة نوبة غضبه المجهولة.

"خليـه يطلع منا.." التف ايفان بعصبية صوب الأكبر بينما ضلت كفه اليمنى ترتجف؛ عَكَس اهتزاز جسد امتلأ بالرفض. وجه شاحب وتعابير حقد رسمت على ملامحه وكأن العالم كله قد تآمر ضده

"بـس أسـمعني ولا تـعاند بـس هالـمرة إيفان" تقدم حَكيـم وبصوت هادئ استرسل محاولاً تهدئة الواقف بعيداً عنهم روح امتلأت بسخط ونظرات توهجت
بالنار والدخان لا يمكن إخماده

"أ.أنـي گلتلـك ما اريـد..." كآنية الزجاج الرقيق اجابه بوَهن وعيون باهتة تستنجد بصمت تُثقلها أسرار لا تُرى وأحزانٌ تكاثفت خلف جفون متعبة..عيون كسحابة رمادية تغلفها عتمة هادئة تراكمت مع الأيام حتى كادت تبتلع بقايا الضوء الضعيف الذي يتشبث به

"أسـتاذ حرارتـك مرتفـعة من يـومين اذا بـقيت اكـثر ممكـن يـصيرلك شي لا سـامح ﷲ،، هوَ فـحص بـسيط وعـلاج حتـى لا تتـخربط صحـتك أكثـر.." استرسل الطبيب اينما تـدخل بجدال الأثنين في لحظة احس بتواتر الاجواء بين الاثنين عناد مفرط تأرجحت الاحتمالات بين الرفض والقبول

"انا دكـتور وأعـرف نفـسي وصـحتي انـتَ بالـذات...لا تتـدخل.." إِحتَدَم غَيْظا من الرجل الغريب بينما خرجت كلماته قسراً ونار تصاعدت في عروقه؛ لم يعبأ بحالة نفسه. طرد كل شيء حوله وكأنه لا يرى غير الحقد معلقًا في متاهات عالمهم

"هايهـه يابه محد يقربلك بس أهدأ" أشار حكيم للطبيب بتركهم لبرهة لما احس شيئاً في تلك النظرات بعيون ذلك التماس البارد بينهم، وبهمهمة ثابتة تراجع الرجل خطوة للوراء مبتعد عن مكان نومهم بالكامل

" صـدگ تحـچي أدري شمـدخل عليـك وهيـج انفعـلت؟!" في غرفة غمرها ظل ثقيل خطى الأكبر ببطئ ويده ممدودة نحو المتصنم عند الحائط يبعد بصره متلافي النظر اليه، كمن يهرب لمكان بعيد لا وجود له. أنفاس متسارعة كل ذرة في جسده رفضت القرب لما احتظنه يغمره بدفء غريب تلوذ له
القلوب المرهقة

سَــفْاح .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن