الفصل الثالث والعشرين :

4.9K 67 1
                                    


استدارت لتنظر له لتحاول ان تبتعد وتركض
الا انه احكم محاوطتها جيدا هذة المره
فرحة :
-  ابعد يلا
وحاولت دفعة بذراعيها ولكن بلا جدوي
ابتسم وقال :
-  قولي بقى انك خايفه
حركت رأسها نافيه وقالت :
-  لا مش هقول
قال ياسين وهو ينظر لعينيها :
-  بس انتي خايفه
قالت بتعلثم تحاول جاهدة اخفاء خوفها من كل ذاك القرب .. هو قريب جدًا لم تعتد على ذلك :
-  لا لا عادي
اقترب منها قليلا وقال :
-  عادي واثقه
بدأ ترتجف قليلا ثم قالت بإستسلام :
-  طيب طيب اه خايفة ابعد يلا
ابتسم ولكن لم يبتعد عنها وقال :
-  متخافيش
ثم قبل احدى وجنتيها ونظر لها ليجد وجهها قد صار لونة من لون الدماء ..
فضحك قليلا وقال :
-  ابقي قولي مش خايفة تاني بقا
اخفضت رأسها بضيق وخجل ولم تجيب
فرفع وجهها بيداه وقال :
-  بس أنا جوزك ومينفعش تخافي مني ..
ماذا افهم أنا الآن  .. هل تحبني ام لا .. هل تريد ان ابقي معك .. للنهايه .. هل ..
ظهرت بعض الدموع في عينيها .. هي حقا حائرة .. تائهة ومشتتة .. لم يقل لها كلمة تهدأها مثل افعالة المطمئنة ولكن لا يكفي الفعل .. اريد اثباتا بالكلمات
نظر لها وعلم بما تفكر من خلال تلك البلورتان المكورتان اعلي رأسها .. دوما ما تخبرة عيناها بما في داخلها وتفضح سرها الخاص ..  لكن لا يستطيع اخبارها الآن  كم يعشقها ليس بعد .. غدا سيكون اليوم المثالي لإخبارها بهذا اما الآن  فسأكتفي ب..
ابعد ذراعية عن الباب وضمها ايه قائلًا  :
-  خلاص انا آسف مش هعمل كدة تاني
دفنت وجهها في صدرة ولم تتكلم ..
                          *           *           *
كانت جنى جالسة تنظر إلى صورة والدها وبداخل عيناها الف دمعة تطلب الاذن بالاخروج ..
قالت بشجن شاردة في الصورة :
-  وحشتني اوي يابابا بقى كدة تسيبني وتروح هو انت كنت مستني حد يشيل حملي عنك عشان تبعد عني ..
جاء يوسف فجأة ومعة صينية الطعام وجلس بجانبها واضعا يده على كتفها وقال باسما :
-  عشان هو تعب منك يعني الحقيقة ..
وخطف منها الصورة وقال وهو ينظر لها مدعيا الغضب :
-  شوف ياعمي بنتك الفقر دي مبتاكلش خالص وسايبة جوزها يجوع عادي ومش فارق معاه قولي انت يرضيك كده
ضربتة على كتفة وهي تقول :
-  لا والله وانا جوعتك ازاي يعني
قال ببرائة مصطنعة :
-  مهو لو حبيبتي مأكلتش أنا مش هاكل وهجوع بس هستحمل عشانها
رفعت حاجبها وقد تناست ما كانت تمر به منذ قليل قائلة :
-  نعم وانا طلبت منك تستناني
قال باسما :
-  ماهو أنا مش هعرف اكل من غيرك الله
ثم احضر الصينية ووضعها امامها وقال :
-  اهو يلا بقى ناكل عشان أنا جوعت ومينفعش كده
جنى باسمة :
-  بالشفي والهنا ياحبيبي كل انت أنا مش جعانه
رفع احدى حاجباه وقال :
-  تمام انتي إلى جبتيها لنفسك
ثم بدأ يضع الطعام بالملعقة وامسك وجهها وبدأ يطعمها
جنى :
-  حرام عليك هو أنا كتكوت
ياسين :
-  ههههههههة اه كتكوتي الصغيرة هتاكلي زي مخاليق ربنا البنائدمين ولا عاوزة تاكلي زي الكتاتيت
امسكت الملعق بغضب قائلة :
-  هات هات استغفر الله ولا كفار قريش كانو بيعذبو الناس كده
ياسين :
-  أيوة يابنني أنا متعلم منهم اصلا .. كيفيه تعذيب خلق الله
بدأت تأكل وهي تضحك على طريقتة المضحكة بالكلام وهو ينظر سعيدا ان استطاع رسم البسمة على وجهها مرة اخرى .. فذاك الاسبوع كان صعبا عليها كثيرا ولم يتركها للحظة بل اخذها معه للمنزل بالطبع لن يتركها وحيدة .. وحاول جاهدا ان يجعلها تنسي ولو قليلا لينتهي بها الامر دائما بين ذراعية نائمة كل ليلة .. حتى انه اعتاد الامر لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعامل مع طفلة حزينة فقد كانت فرحة بالمثل لكن تلك المرة الأولى التي يتعامل مع حبيبتة في موقف صعب كهذا .. ولكنة استطاع التعامل معها ليخرجها عن ذاك الالم ..
-  انا شبعت
قالتها جنى وهي ترجع للخلف قليلا
قال يوسف بضيق :
-  طيب مش هغصب عليكي تاكلي
جنى :
-  انت زعلت
يوسف :
-  ماهو انتي مش بتاكلي وتضحكي عليا وتقولي شبعتي
جنى :
-  ما أنا عاوزة انام الساعة 12 وانا شبعت وربنا وعد بكرة هفطر حلو
ابتسم لها وقال :
-  خلاص عادي
ثم وقف حاملا الصينية في ذاك الوقت دخلت اسماء عليهم وقالت :
-  ايه ده انتم ماكالتوش حاجة الاكل لسا زي ماهو
يوسف باسما :
-  خلاص ياماما شبعنا الحمد لله
ابتسمت له اسماء وقالت :
-  هات الصنية دي
اعطاها اياها وخرجت بينما ذهبو هم لغسل يداهم ثم دخلت جنى إلى غرفتها وجلست على السرير .. حتى جاء وجلس بجانبها
يوسف :
-  يلا نامي بقا
ابتسمت وامأت رأسها
فظل يتحدث عن اشياء كثيرة كما يفعل كل يوم تقريبا يعيد نفس الكلام المجنون كل يوم وهو لا يعلم انه يروق لها كثيرا وتحاول ان تنتبة معه إلى ان يغلبها النوم فتقع اسيرة له ..
كان يقول انه احبها يوم رأها لاول مرة وتعلقت عيناه بها .. وكان يعترف لها عن تلك الخطط المحتالة التي كان يجعلها تقع ضحية لها ويبقيان وحدهما دون غيرهما في اي مكان كانت تضحك او تضربة على كتفة كلما قال شيئا مشابها ..
قال يوسف باسما :
-  استني تصدقي أنا نسيت احكيلك لما كلهم مشيو وسابونا في الجامعة لوحدنا والباب اتقفل علينا ان أنا إللي كنت مخطط لكدة ولما قولتلك اني لقيت المفتاح على الارض كنت بكدب كان اصلا المفتاح معايا ساعتها ..
اتسعت عيناها وهي تتذكر تلك الذكري المضحكة فقد شعرت بالاحراج يومها كما لم تشعر من قبل ولكنها ادعت الغضب وظلت تضربة على ذراعة بقوة وهي تقول :
-  كداب كدااااب يلا أنا يومها كنت هموت وبقي شكلي يضحك
هذا ما كان يريدة الآن  فقد حاوطها بيداه ذاك المحتال .. وقال ضاحكا :
-  ما انتي كنتي وحشاني فضلت اسبوعين ماشوفكيش بقى فقولت اعوضهم في الساعة دي
حاولت ان تقاوم وبالطبع لا جدوي فقالت وهي لاتزال تضربة :
-  والله انت بارد ومجنون
يوسف ضاحكا :
-  بيكي والله
جنى تحاول اظهار الضيق :
-  ماتحاولش مش هتشبتني بردو
شدد من ضمة لها وقال :
-  هههههههة أنا ثبتك خلاص اصلا
قالت وقد بدأ النعاس يسيطر عليها :
-  انت بارد
قال بحنان :
-  وانا بحبك
ابتسمت وقبل ان تذهب اسيرة للنوم مرة اخرى قالت :
-  وانا كمان
لم يعلم ما هذا الحنان الذي تملكة فجأة حتى صار هكذا .. ولكنة يعلم انه متيم بعشقها ذاك العاشق الولهان ..
                          *           *           *
لا يزال إلى الآن  يجوب الطرقات باحثا عنها في كل مكان .. لا يزال يتذكر تلك الورقة التي قرأها قبل اسبوع والتي كان نصها .. "حسام أنا طلبت منك الطلاق انت موافقتش .. أنا قررت امشي بعيد خالص اوعدك انك مش هتشوفني تاني .. بس حبيت في الورقة دي ابينلك إلى انت مقدرتش تسمعة مني من وقت طويل اوي .. حسام أنا في الاول حبيت ادهم .. وهو وهمني انه بيحبني وانت عارف بقى حورات وكلام .. وثقت فيه اكتر من الازم لحد فامرة طلب مني اروح معاه في العربية وافقت لأن عربيتي عطلت اصلا .. اتفاجأت انه مروحنيش البيت لا .. فضل ماشي  بالعربية ووقفني عند بيت معرفوش ونزلني غصب عني من العربية ولما قاومت فضل يضربني واجى شابين من جوا البيت وساعدوة ودخلوني جوا البيت .. طبعا ده معناه اكيد يعني إلى بيحاولو يوصلولو انهم .... المهم الحمد لله ان هما سابو الباب مفتوح هما حولو يتعرضولي كتير بس أنا كنت بصدهم جامد وبعدين زقيت واحد كان قدامي .. كان ادهم عمال يندهلو  سامي .. المهم أنا زقيته جامد فاوقع على الارض وطلعت اجري خرجت من الشقة .. وهربت من البلد شهر كامل بعدها ولما رجعت بابا قالي انك متقدملي وانا كنت عاوزة حد يحميني أنا كنت عاوزة اتجوز حد يحبني ويخاف عليا .. بس للاسف طلع جوزي بيكرهني .. أنا اكتفيت ياحسام والله تعبت حتى معرفش عن خبر موتة ده حاجة غير لما انت قولتلي .. بس أنا يمكن كنت نقطة سودة في حياتك .. انت متقدرش تعيش مع واحدة بتكرها وبتتمنالها الشر .. وانا مينفعش اعيش مع واحد بيذلني كل همه يجرحني ويكسر فيا ..
معرفش لية .. بس أنا مسمحاك وللاسف مش قادرة اكرهك ..
متدورش عليا .. مع السلامة .. وللابد"
تلك الرسالة الغبية .. اسبوع كامل يجوب الطرقات بحثا عنها .. اسبوع كامل لم يترك طريقة الا وجربها .. فجأة سمع صوت هاتفة يرن ليتقف افكارة عند ذاك الحد ويجيب على الهاتف
امسك الهاتف وبجرد ان رأي الرقم اجاب بسرعة :
-  الو أيوة ياحضرة المحقق لقيتوا حاجه
المحقق :
-  الصراحة احنا لقينا حد بنفس المواصفات دي بس للاسف
قال بسرعة وقلبة يكاد يسقط خوفا :
-  للاسف ايه فيه ايه قووول
المحقق :
-  تعالي مستشفي                           *           *           * وانت هتعرف كل حاجه
اتسعت عيناه بمجرد ذكر كلمة مستشفي وقال بصوت مهزوز :
-  من مستشفي لية هي ريم حصلها حاجه
المحقق :
-  تعالي بس بسرعة وانت تتاكد وساعتها اقدر اديك معلومات
لم يكمل كلمتة حتى استدار بالسيارة متجها للمستشفي المطلوبة .. دقائق قليلة وكان هناك وعندما رؤية المحقق له ناداه فذهب مسرعا ..
حسام بقلق :
-  الوقت فيه ايه ريم مالها ؟!
اعطاه المحقق بعض الاغراض التي وجدوها معها وقال :
-  الحجات دي بتاعة مراتك
ازداد قلقة اكثر عند التعرف على حقيبتها وما بداخلها من اغراض وقال بقلق شديد :
-  اه ممككن تفهمني بقى إيه إللي حصل
تغيرت نبر ة صوت المحقق وهو يقول :
-  للاسف مراتك عملت حادثة من اسبوع عربيتها اتخبطت في عربية نقل كبيرة ودا ادي لإصابتها اصابات خطرة جدًا وحالتها كانت مستعصية جدًا
بدأ الخوف يدب في عروقة وهو يقول :
-  قصدك ايه الوقت هي كويسة صح
المحقق بحزن :
-  بص يابني هي الوقت في غيبوبة من اسبوع وحالتها مستعصية جدًا الدكاترة معدش عندهم امل انها تفوق وقالو انها لو مفاقتش خلال يوم هيشيلو عنها الاجهزة ..
تنفس قليلا عند معرفتة انها لا تزال على قيد الحياه وان كان الامل ضئيلا وقال سريعا :
-  طيب أنا عاوز اشوفها حالا
وفي لحظات كان بداخل غرفتها .. أغلق الباب هلفة ونظر لها .. شابة حسناء مغضاه بالمحاليل ومركب لها كل تلك الادوات الطبية المرعبة التي تصيب بالقشعريرة يا اللهي ماذا فعلت .. ما الذي اقترفتة يداي ربما لم تكن المذنبة وانا ....
ذهب وجلس على الكرسي بجانبها وامسك يدها قائلًا  :
-  ريم أنا عارف ان انتي سمعاني .. تعرفي أنا اكتشفت في الاسبوع ده اني مقدرش اعيش يوم واحد من غيرك .. أنا حياتي ناقصة ملهاش معني من غيرك .. فوقي وهعملك كل إلى نفسك فيه .. أنا غلطت في حقك كتير كتير اوي .. والله حتى لو انتي إلى قتلتية معدش فارق معايا بس فوقي ارجوكي .. والله أنا بحبك اوي اوعي تسيبيني لوحدي زي كل إلى حبتهم .. عشان خطري ياريم لرجوكي .. طب بصي فوقي وانا .. أنا هعوضك اقسم بالله هعوضك وهجيبلك حقك من كل إلى اذوكي .. وحتي مني بس متسبنيش
لا استجابة .. جثة هامدة هي امامة الآن  .. على ماذا الندم والحسرة فقد كانت امامك لسنة كاملة حاولت مرارا ان تتحدث معك .. ان تخبرك .. مرة .. مرة واحدة فقط لتستمع وتفهم ماحدث ..
تنهد قليلا بحزن ثم قبل يداها وقام غاضبا من على كرسية وقال :
-  أنا راجعلك تاني بس هجيبلك حقك
الاول واخفض رأسة ليقبل رأسها ثم خرج ..

العشق الضآلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن