٢٠-رأيتها في حلمي

1.4K 46 11
                                    

فتح الرجل عينيه ببطء شديد ليتقابل مع سقف السرير الذي كان ينام عليه و قبل أن يفعل أي شيء أو ينهض من مكانه، شعر ذلك الرجل بثقل على ذراعه العلوية اليمنى فعندما حرك رأسه لينظر لمسبب هذا الثقل ليجد أنها زوجته الجميلة التي مازالت نائمة، نائمة على ذراعه.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه صاحب العيون السوداء و عينيه أغلقت بسبب عدم استفاقته جيداً. فرفع يده اليمنى ليزيح خصلة كانت قد استقرت على عينيها المغلقة و بعدها حرك رأسه قليلاً ليضع قبلة على أعلى جبينها و أخذ يراقب نومها في صمت.
كانت ليلة البارحة عيد ميلادها الذي حضر و خطط له جيداً و لم يسأم و لم ييأس و لم يمل و هو يفعل ذلك لأنه عيد ميلاد حبيبته و زوجته فكيف له أن يمل منها. و ها هي الآن نائمة على ذراعه سعيدة و مرتاحة بسبب كمية المفاجآت و الهدايا التي تلقتها من زوجها الوسيم.
لاحظ عمر ابتسامة دفنة في نومها و أخذ ينتظر ليرى ماذا سيحدث بعد تلك الابتسامة ليرى أنها كانت تفتح عينيها ببطء شديد لتقابل عينيه السوداوتين فابتسم تلقائياً عندما رأى جمال تلك العيون.
أخذت ذات الشعر الأحمر تنظر له و هي مازالت تضع رأسها على ذراعه العلوية بدون حراك ليحرك هو يده و يرجع خصلة حمراء من شعرها خلف أذنها و يقترب ليضع قبلة أخرى على أنفها الصغير و هي تبتسم لرقة القبلة.
-صباح الخير حبيبتي، هل نمت جيداً؟
بدون أن ترد عليه رفعت ذات الشعر الأحمر نفسها قليلاً لتضع يدها اليمنى على وجهه ثم تقبله على شفتيه.
-صباح الخير يا حبي و حياتي.
عرف عمر الآن أن مفاجآت البارحة قد أعجبتها لأنها استيقظت حسنة المزاج في صباح يوم كهذا فالتفت ذراعه حول ظهرها و قربها إليه ليحتضنها.
-يبدو أن مزاجك جيد اليوم..
-نعم، لقد رأيت إمينة في حلمي..
-ها، و أنا الذي ظننت أنك سعيدة بسبب ما فعلته لك البارحة.
رفعت دفنة رأسها عن صدره لتنظر لعينيه التي كانتا تحدقان على أعلى رأسها في البداية.
-بالطبع أعجبتني، أعجبتني جداً أيضاً... أنا مازلت لا أصدق كل ما فعلته كان من أجلي أنا!
ابتسم عمر ثم رفع يده ليلامس وجنتها البيضاء الناعمة بإبهامه.
-أنت تمني و أنا أحقق.
ضحكت ذات الشعر الأحمر ثم نهضت ببطء لتجلس على السرير و تحاول إيجاد ساعة في غرفة الفندق الذي كانا يقيمان فيه.
-كم الساعة الآن؟ هل تأخرنا عن العمل يا ترى؟
نظر لها عمر و هو مازال مستلقي على السرير.
-مازالت تتكلم عن العمل، ألم تصبحي مريضة عمل بعد ما تعرفتي علي؟
ضحكت دفنة و حركت رأسها لتنظر إلى وجهه لترى تعابيره الكسولة.
-فضيلة العمل، تعلمتها منك... و أنت أصبحت أكثر كسلاً بعد تعرفت علي.
اعتلى وجه عمر ابتسامة و استجمع قواه لينهض عن مكانه و يقترب إلى وجهها.
-من يرى كل هذا الجمال و لا يريد أن يقضي وقته كله معه؟
رفع شاه السمر يده و أخذ يلامس إبهامه وجنتها بلطف فابتسمت دفنة خجلاً مما يقوله و أنزلت رأسها لتنظر إلى السرير.
-و لكن عمر بيه، يجب علينا أن نذهب كي لا يقول الناس أننا فسدنا بعد ما تزوجنا.
ضحك السينيور على كلامها و أمسك بيدها اليسرى ليضغط عليها و تابعت هي الكلام.
-... ثم إنك حجزت الغرفة للصباح فلابد أنهم يريدون إخراجنا من الغرفة.
تنهد عمر عندما تذكر هذا و بعدها حرك رجله لينزلها من على السرير بعد تركه ليدها.
-حسناً هيا لنذهب، فلتي من يداي هذه المرة... و لكن المرة القادمة لن أدعك تذهبين.
ضحكت دفنة و بعدها احتضنته من خلف و لفت ذراعيها حول صدره و قبلت خده.
-حسناً عمر بيه، هيا إلى العمل.
نهض الاثنان سوياً من على السرير يداً بيد و ذهبا إلى حقائبهما و أخذ يبحثان عن ملابس ليخرجا بها فهما سيذهبان إلى العمل فوراً و لن يمرا على البيت.
و عند بحث دفنة عن ملابس لها عندما فدخل السينيور إلى الحمام، و عند بحث دفنة عن أشياءه تذكرت حلمها الذي حلمت به منذ دقائق لترتسم ابتسامة دافئة على وجهها، هي رأت إمينة، ابنتها الصغيرة في حلمها و كان هذا سبب ابتسامتها الدافئة بسبب أنها رأت كم كانت صغيرة و لطيفة.
و حينها خطر شيء على عقلها، هي تريد أن تصنع شيئاً لها فماذا تعرف كي تصنعه فأخذت تفكر في شيء هي ماهرة فيه كي تصنعه.
-جورب!
نعم، جورب. هي تعلمت كيف تصنع جوارب من جدتها.
و الآن ستحتاج خيوطاً حتى تصنع شيئاً من أجل إمينة. تحمست الفتاة للفكرة كثيراً و همت بالنهوض عن مكانها و الذهاب للبحث عن هاتفها المحمول.
و عندما وجدت ذات الشعر الأحمر الهاتف، أخذت تتطلب رقماً ما عليه و حين أجاب الطرف الآخر، بدأت بالتحدث بصوت كله حماس.
-ألو...
-ماذا هناك يا ابنتي في الصباح الباكر؟ هل رأيتيني في حلمك أم ماذا؟
ضحكت دفنة لوهلة على قول جدتها ثم قررت الإجابة.
-لا يا جدتي و لكن رأيت حفيدتك في الحلم.
تعجبت المرأة من قول حفيدتها فهي عندها اثنتان و الثالثة في الطريق.
-من إسراء؟
-لا، إمينة.. إمينة يا جدتي!
ابتسمت الجدة الكبيرة لما قالته الفتاة ثم فتحت فمها لتقول شيء ما بفرح و حماس.
-حقاً؟ هل هي جميلة مثل أمها؟
-نعم، جميلة جداً..
صمتت دفنة قليلاً تستدرك الموضوع ثم قررت التكلم مرة أخرى لطلب ما كانت تريد أن تطلبه و لهذا اتصلت بالمرأة الكبيرة.
كنت أريد أن أسألك عن شيء ما.
-هاتي لنرى...
-هل عندك خيوط صوف؟
....................................................................................
عند انتهاء السينيور من ارتداء ملابسه، حرك جسده لينظر على زوجته التي كانت تحدق على نفسها في المرآة تضع لمساتها في المكياج فابتسم و قرر الذهاب للمشاغبة معها قليلاً.
-هل ترين ما أراه؟
احتضن عمر دفنته من الخلف و أراح ذقنه على كتفها. نظرت دفنة على المرآة لثواني ثم حركت رأسها محاولةً النظر على وجهه الذي كان يرتكز على كتفها فعقدت حاجبيها و أخذت تفكر فيما لفت انتباه السينيور بغرابة.
-ماذا؟ أنا لا أرى شيئاً.
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتي عمر و رفع يده اليمنى ليضع سبابته على المرآة.
-أجمل امرأة في العالم، هنا!
كانت عينا دفنة تتبعان إصبعه حتى وصل إلى انعكاس صورتها و بعدها ابتسمت، بل ضحكت و أخذت تنظر على انعكاس صورتهو هي مازالت تضحك على ما يقوله.
-أنت لا تمل من مغازلتي، أليس كذلك؟
-كيف لي أن أمل من حبك...؟
أخذ الرجل نفساً عميقاً من أنفه و أفرغه براحة ثم ابتسم ليقترب من وجهها الأبيض الجميل و يضع قبلة عميقة على وجنتها.
-أنا لم أكذب عندما قلت أنك أجمل نساء العالم، أنت حقاً كذلك.
ابتسمت الفتاة بدفئ و بعدها التفتت بجسدها لتنظر له، ثم وضعت يديها على بطنها و نظرت إلى الأسفل.
-و إمينة؟
-من دون أن أراها بعد، فهي ثاني أجمل نساء العالم!
ضحكت دفنة و رفعت كلتا يديها لتلفها حول عنقه و يداه امتدتا لتمسك بخصرها و بدأت تتكلم.
-و أنت... أكثر الرجال وسامة..
-تقولين؟
ابتسم الرجل و أخذ يراقب ملامح وجهها التي تغيرت فجأة عاقداً لحاجبيه.
-نعم، أقول... و أقول أيضاً أني جعت كثيراً، ألن نأكل اليوم؟
انفجر عمر ضحكاً عليها ثم ترك خصرها ليمسح دموعه التي نزلت من كثرة الضحك.
-لا تضحك!
لم يكف الرجل عن ضحكه و تابع ما كان يفعله فعقدت الفتاة حاجبيها و أخذت تنظر له لا تعرف ما يضحكه إلى هذا الحد.
-عمر، لا يوجد شيء يضحك حقاً!
عندما شعر الرجل أنها بدأت تضايق لحساسيتها الزائدة أمسك يدها و قبلها.
-حسناً، أنا لن أضحك... و أيضاً... سنأكل شيئاً سريعاً في السيارة و حين نصل إلى العمل سأطلب لكل منا فطوراً لكي نأكله، تمام.
لمعت عينا دفنة عندما سمعت هذا الكلام و أومأت برأسها عدة مرات فابتسم الرجل لرؤيتها أنها لا تبكي أو تضايق فكم أحبها بهذا الشكل مثل الطفلة الصغيرة التي ترضيها بأي لعبة أو حلوى.
-Süper!
....................................................................................
انتهى يوم العمل الطويل و حل المساء على اسطنبول الجميلة و رحل عدة أشخاص إلى بيوتهم منذ زمن و لكن كان هناك شخصان مازالا يعملان إلى الآن بسبب كثرة العمل و الآن فقط، أنهيا عملهما و قررا الذهاب من الشركة بعد هذا اليوم الطويل.
-هل أنت بخير؟ هل أنت متأكدة أنك تريدين الذهاب في هذا الوقت؟
وضعت دفنة حزام أمانها بعد ركوب السيارة بجانب زوجها الذي سيقود ثم تنهدت لتحرك رأسها و أخذت تنظر إلى وجهه الجميل.
-أنا بخير عمر، لا تقلق!
الزوجان الجميلان قد أنهيا عملهما على الساعة السادسة بعد و بعد يوم طويل و منهك، و طلبت دفنة من عمر أن يأخذها و يذهبا إلى بيت أهلها. عمر لم يكن متعباً و لكن خاف عليها لأنها تعبت كثيراً اليوم لأن يومها كان منهك و طويل. فعند إصرارها و قولها أنها بخير، تنهد ببطء و أخذ يحرك مقود السيارة للقيادة.
-هل اشتقت إلى أهلك إلى هذا الحد؟
سأل عمر السؤال و قبل إجابة دفنة على السؤال أكمل كلامه.
-...يمكننا الذهاب و قضاء يوم معهم في نهاية الأسبوع، إذا أردت.
هزت دفنة رأسها نافية ثم أخذت تنظر إلى خارج النافذة و تراقب السير للحظة ثم عادت برأسها لتنظر له.
-اشتقت لهم بالطبع، و لكن أنا ذاهبة لآخذ شيئاً من جدتي..
نظر عمر لها للحظة و تعجب من هذا، فماذا تكون قد أرادت من جدتها لكي تأخذه منها و لكن هاتفه رن منعه من سؤالها، فرفع هاتفه ليرد و عند دفنة التي لم تستطع أن تكمل كلامها، حركت رأسها و فتحت نافذتها لتكمل النظر على السير من الخارج و أخذت تشعر بالهواء يضرب جلدها الأبيض.
....................................................................................
-يا ابنتي، يبدو عليك التعب. ألا تأكلين جيداً؟
مضغت الفتاة ما يوجد في فمها و من ثم نظرت إلى جدتها توركان.
-آكل، آكل كثيراً أيضاً، و لكثرة أكلي... أخاف أن تولد إمينة سمينة...
قالت هذا لتضحك كلا المرأتان لتكمل هي كلامها بتنهيدة راحة.
-... اشتقت لطعامك جدتي.
-حسناً، سأحضر لك طعام في مرة و أرسله لك!
لمعت عينا دفنة فرحاً بسماعها هذا الشيء و أخذت تتناول المزيد من الطعام المقدم لهاو عند ابتلاعها لما في فمها تكلمت مجدداً.
-قومي بتحضير الفاصوليا لي يا جدتي فقد اشتهيتها كثيراً!
-و لكن يبدو أنك تتعبين كثيراً يا فتاة، انظري إلى حالك.
قفزت نيهان في منتصف الكلام و أخذت تنظر إلى صديقتها ذات الشعر الأحمر.
-إنه العمل اليومي، فما زاد علي هو الحمل فقط.
جاوبت دفنة نيهان ذات الشعر البني و تنهدت من تعبها.
-حسناً بما أنك مشغولة و متعبة هكذا، لا تتعبي نفسك في الحياكة، الخالة توركان تقوم بحياكته!
عقدت دفنة حاجبيها و نظرت بانزعاج لنيهان التي كانت و بدأت تخاف من تلك النظرات.
-لا تهذي يا فتاة! أنا أمها و هي ابنتي و أيضاً... و هو كله جورب!
حكت نيهان رأسها ثم عادت بالنظر إليها مجدداً.
-هذا صحيح، لم الجورب يا فتاة؟
سألت نيهان ثم خطر شيء على عقلها و أخدت تضحك و قررت قوله.
-هل لأن عمر صانع أحذية مثلاً؟
سألت نيهان دفنة عن هذا ثم قامت دفنة بالتوقف عن الأكل لتحدق بها و تخبرها بعينيها أن مزحتها لم تكن جميلة فانكمشت نيهان عندما رأت تلك النظرات.
تنهدت دفنة لتعود إلى وعيها مجدداً و تجاوب على السؤال الأول و أخذت تنظر إلى جدتها و من ثم إلى نيهان بنظرة خجل.
-لأنه هو الشيء الذي أستطيع فعله تمام؟!
صرخت دفنة لوهلة و عادت إلى طعامها مرة أخرى فانفجرت نيهان ضحكاً على رد فعلها.
-لا تضحك!!
-كانت دفنة غير صبورة أبداً في صغرها!
قاطعت توركان نظرات دفنة الغاضبة و ضحكات نيهان التي كانت تتعالى شيئاً فشيئا.
-كانت لا تطيق الحياكة و القيام بمثل هذه الأشياء و حين تعلمت عمل الجوارب... كانت مثل المعجزة بالنسبة لها، فأخذت تحيكهم ليلاً و نهاراً!
تذكرت دفنة ما كانت تقوله جدتها فكانت حينها صغيرة جداً و كانوا أيضاً جميعهم في مانيسا آن ذاك.
-و ها هي الآن، محتارة بأي لون تحيك الجورب لابنتها، كم كبرنا يا فتاة!
حركت البرتقالية رأسها لتنظر إلى ذات الشعر البني و هي تمضغ ما في فمها ثم ابتلعته.
-الله الله، أنا لا أريد أن تبقي ابنتي حافية القدمين!
حركت دفنة رأسها لتنظر إلى جدتها و ابتسمت.
-و أنت جدتي... لا تتركيها عارية و اصنعي لها كنزة أو فستان من فساتينك الجميلة!
ضحكت توركان على ما قالته حفيدتها و أومأت برأسها.
-سأصنع ذلك و لكن، لن تعتمدي علي للأبد... يجب أن تتعلمي أن تفعليه بمفردك!
تأففت دفنة و أرجعت ظهرها للخلف و بدأت تكمل طعامها الذي قارب على الانتهاء.
-و ها هي... مازالت غير صبورة البتة!
حركت الجدة رأسها ليقع ناظرها على طبق دفنة الفارغ فنهضت من مكانها لتمسك بالطبق الفارغ.
-دعيني أضع لك المزيد...
راقبت ذات الشعر البني توركان التي كانت مشغولة بإحضار الطعام ثم اقتربت سريعاً إلى دفنة و أخذت تهمس.
-البارحة كان عيد ميلادك... ماذا فعل لك السينيور يا ترى؟
حركت دفنة عينيها لتقع على صديقتها التي كانت مبتسمة ابتسامة حماس لمعرفة ما حدث البارحة لتجد دفنة تبتسم و بعدها تتنهد براحة.
-البارحة كان أجمل عيد ميلاد مر علي في حياتي، كان أكثر من رائع!
-اييه أخبريني، ماذا فعل لك؟
لم تزل ابتسامة دفنة من على وجهها و أخذت تنظر إلى صديقتها و تتذكر البارحة بما فيه من مفاجئات رائعة.
-Neler neler!
و قبل أن تستطيع دفنة قول شيئاً آخراً أو نيهان تسألها ما الكثير هذا، دخل السينيور من الخلف و وقف حيث كانا جالستان و وضع كلتا يداه على كتفي دفنة.
-دفنة، هيا لنذهب لكي ترتاحي... لقد تعبتي كثيراً اليوم!
قال عمر و هو ينظر إلى رأس زوجته فالتفتت الفتاة لتنظر إلى أعلى. فنهضت من مكانها.
-حسناً، هيا لنذهب.
قالت ثم اقتربت جدتها و هي تحمل طبقاً مليئاً بالأرز.
-و لكن، دفنة... الطعام.
قالت الجدة فالتفتت الفتاة و حين رأت الطعام، لمعت عيناها و شعرت بالجوع مجدداً و اقتربت لتأخذ من توركان الطبق و بدأت تأكل مجدداً فأخذ الجميع يضحكون عليها فقرر سردار أخوها التكلم هذه المرة.
-انظروا لها كم هي جائعة... إن الحمل يفضح حقاً!
راقب صاحب الشعر الأسود زوجته التي كانت تأكل كالتي لم تأكل من قبل. فبرغم أن من الممكن أن يرى الناس المرأة التي تأكل كثيراً لا أنوثة لها إلى أنه وجدها لطيفة و حلوة مثل الأطفال.
عقدت البرتقالية حاجبيها و هي تنظر إلى أخوها الذي كان يضحك على حالها.
-أخي، اصمت!
-نعم، معها حق حبي... كي لا تنفجر فيك، أنا أعرف هرمونات الحمل و ما تفعله في الأنثى!
....................................................................................
نظرت الفتاة إلى زوجها النائم بجانبها و تنهدت باستسلام لعدم قدرتها على النوم مثل ما غطى هو في نوم عميق. فكانت لا تستطيع النوم من كثرة الحماس.
رؤيتها لهذا الحلم و حماسها لصناعة شيء من أجل طفلتها، سبب لها المشاكل. و عدم قدرتها على النوم، جعلها تنهض عن السرير لتذهب وتبدأ في عمل ذلك الشيء.
نزلت دفنة من الطابق العلوي إلى السفلي و بدأت بالبحث عن ذلك الكيس التي وضعت فيه الخيوط.
-وجدته!
عندما وجدت دفنة كيس الخيوط، فتحته و بدأت تحدق عليه لثواني بعدها ابتسمت و أمسكت بكرة وردية اللون و أخذت تستعد لحياكة جورب وردي.
أخذت دفنة تعمل و تعمل في الجورب و هو لا ينتهي. و لكن الفتاة هي التي انتهت و بدأت تنام و هي تعمل. رفعت رأسها لتنظر إلى الساعة للتفاجئ أنها الثانية ليلاً مسحت على عينيها و تثائبت.
-على أي حال، سأكمل عملي غداً.
وضعت دفنة ما بيدها داخل الكيس مجدداً و و ظلت ممسكة به و أخذت تتمشى ناحية السلم لتصعد إلى غرفة نومها و وضعت الفتاة ذلك الكيس في زاوية من زوايا الغرفة ثم نامت بجانب زوجها إلى أن حل الصباح و استيقظ الشاب قبلها.
فتح عمر كلتا عينيه ليتقابل مع شعرها الأحمر فابتسم براحة و تنهد.
كم هو جميل هذا الزواج الذي يقوم على الحب. فبمجرد استيقاظه صباحاً و رؤيتها بجانبه يسعده و يجعله يطير من الفرح.
نهض عمر عن مكانه ووضع قبلة على مؤخرة رأسها ثم قرر النهوض عن السرير و الذهاب و القيام برياضته الصباحية.
عاد السينيور لأيام الرياضة مجدداً للحفاظ على صحته مثل الماضي و لكن تارة يذهب و تارات كثيرة يظل في المنزل ليستيقظ و يقضي صباحه مع جميلته. فبجمالها هذا، ألا يستحق حق مشاركة صباحها؟
ظلت دفنة نائمة طوال الوقت لنومها المتأخر في الليل فظلت نائمة حتى مجئ عمر.
عند دخول الرجل من الباب، نظر حوله ليبحث عن ذات الشعر الأحمر التي كانت تستيقظ في مثل هذا الوقت فنظر في غرفة الجلوس ثم نظر في المطبخ و لكنه لم يجدها.
-لم تستيقظ بعد؟
أخذ عمر أغراضه و أخذ يصعد رويداً رويداً إلى أعلى و عند ذهابه إلى غرفتهما، تفاجأ بوجودها على السرير نائمة بكل راحة و عمق.
ابتسم شاه السمر ثم ذهب ليجلس على طرف السرير التي كانت تنام عليه.
-حبيبتي...
لم ترد دفنة عليه لنعسها الشديد.
امتدت يد عمر لتزيح خصلة حمراء من شعرها كانت قد ارتكزت على عينها المغلقة.
-حبيبتي... هيا وقت الاستيقاظ!
تمايلت دفنة في نومها و اعتدلت ليصبح بطنها إلى أعلى ثم فتحت عينيها ببطء لتتقابل عينيها مع السقف في البداية و عند تحريك رأسها ببطء إلى جهة اليمين قابلت العينين السود لصاحب الشعر الأسود.
-صباح الخير... هيا انهضي.
-أريد أن أنام بشدة اتركني أنام لنصف ساعة أخرى...
امتدت يد عمر للإمساك بيدها و الضغط عليها.
-حبي، يبدو أن تعب البارحة قد أثر عليك...
صمت عمر قليلاً و نظر إليها ليجد نظرات الاستمتاع بدفئ يده على يدها.
-... إذا كنت تريدين أن أكلم سيدا و أخبرها أنك لا تستطيعين أن تأتي؟
هزت دفنة رأسها نافية ثم قررت أن تكف عن الكسل و تنهض من مكانها.
-لا أنا بخير حقاً... و في الأساس عندي الكثير من الأعمال لا أستطيع أن أهملها.
تنهد عمر باستسلام لعنادها ثم مد يده اليسرى ليضع خصلة من شعرها الأحمر خلف أذنها و أخذ ينظر إلى عينيها.
-حسناً إذاً، ارتاحي أنت بشكل جميل و أنا أستحم سريعاً و من ثم أحضر لك فطوراً جميلاً و أطعمك بيدي و أهتم بك و من ثم نخرج.
كانت هذه العروض جذابة جداً بالنسبة للفتاة و لم تعترض و لا تتعاند أبداً عليها فبعد إماءة رأسها و الابتسام في اقتناع، أرجعت جسدها إلى الخلف فوراً و أغلقت كلتا عيناها و نامت.
....................................................................................
امتدت يدا الفتاة فوق رأسها و أخذت تشدها إلى أعلى و من ثم فتحت فمها لتقول شيئاً ما.
-لقد تعبت اليوم كثيراً، أريد أن أحظى بقليل من النوم.
نظر عمر لزوجته و من ثم امتدت يداه الاثنتين و بدأت بتدليك كتفها.
-حسناً، أنت نامي بشكل جميل و أنا أحضر لك طعاماً لذيذاً و أوقظك عند انتهائه.
-دعني أساعدك...
-لا يمكن، اذهبي لترتاحي الآن.
تنهدت الفتاة باستسلام و أخذت حقيبتها وصعدت إلى أعلى الغرفة.
غيرت الفتاة ملابسها إلى ملابس مريحة و من ثم جلست على السرير و أخذت تجهز نفسها للنوم و لكن شيء ما في الغرفة أثار انتباهها لتنظر إليه، نعم ذلك الكيس.
همت دفنة مسرعة للذهاب إلى تلك الزاوية من الغرفة و لم تستطع المقاومة و بدأت بالعمل مجدداً فيه و فوراً نست أنها كانت تريد النوم.
حضر عمر زوج المرأة طعام للغداء و هم بالذهاب إلى الطابق الثاني لييقظ حبيبته.
سار صاحب الشعر الأسود ناحية الغرفة ببرود و لكن ملامحه تغيرت عندما رآها جالسة على السرير تمسك في يديها شيء على ما يبدو أنها كانت تحيك.
-حبيبتي...
انتبهت دفنة إلى الرجل الذي قد جاء فجأة و نظرت إليه حتى أيقنت أن وقت النوم قد انتهى لأن على ما يبدو أنها قد أخذت كل الوقت في حياكة الجورب الذي تبقى فيه قليل من اللمسات و ينتهي تماماً.
-عمر...
-أنت لم تنامي؟
هم عمر بالذهاب و الجلوس بجانبها و عينيه لم تفارق زوج الجوارب الصغيرة و الجميلة التي كانت تعمل عليهما.
-تحمست كثيراً لصناعة الجورب و لم أستطع أن أنام.
لم يرد عمر عليها و امتدت يده للإمساك بجورب واحد من الاثنين و ابتسم لصغر حجمه و لطافته و لونه الوردي الجميل.

لم يرد عمر عليها و امتدت يده للإمساك بجورب واحد من الاثنين و ابتسم لصغر حجمه و لطافته و لونه الوردي الجميل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

رأت الفتاة رد فعل عمر و ظنت أنه يضحك على حماسها الزائد لصناعة مجرد جورب صغير و من ثم أرادت التفسير له.
-أعرف أنه شيء تافه و ضعيف جداً و لن يأتي بنفس أهمية و جمال الحذاء الذي صنعته أنت و لكن... لم أستطع أن أزيل الفكرة من رأسي.
عقد عمر كلا حاجبيه بعد الاستماع لما كانت تقوله و نظر إليها متعجباً.
-رأيت إمينة في حلمي و تحمست كثيراً لصناعة شيء ما لها بنفسي و هذا هو الشيء الوحيد الذي أستطيع صناعته.
نظر عمر للجورب لوهلة ثم حرك رأسه للنظر إلى عيني دفنته بشغف.
-أنت مجنونة! إنه رائع جداً... غاية في الجمال!
فتحت دفنة كلا عينيها باتساع اندهاشاً لقوله.
-سيليق بها جداً صدقيني!!

Cinderella And Her Prince حيث تعيش القصص. اكتشف الآن