-حبيبتي...
كان هناك صوت ضعيف يدخل أذانها و يهمس باسمها، لم يكن اسمها الحقيقي و لكن هي كانت تعرف أن هذا الصوت من يقصدها بمناداته لها و رغم من أنها عرفت أن هذه المناداة هي لها لم تعطي هذا الصوت أية أهمية و لم تكترث له. هي كانت نائمة و تحتضن وسادتها احتضاناً دافئاً كاحتضانها لزوجها ذلك الاحتضان الدافئ في نومها معه على نفس السرير، لم تبعث الوسادة على الدفئ و لكن بعث زوجها على ذلك و هذا ما افتقدته وقتها.
هي لم ترد أن تنهض من السرير و تستيقظ بأي شكل من الأشكال مهما فعل الناس من حولها لمحاولة إيقاظها من سريرها الدافئ حتى إذا اضطروا لتفجير السرير بها، لن تسمع لهم و لن تنهض من نومها. كانت تحتاج النوم بشدة تريد به الهرب من الواقع و آلام ولادتها التي لم تتعافى منها بعد حتى تريد أن تشحن لما بعد ذلك لأنها تعرف أن ابنتها الجديدة ستجبرها على الاستيقاظ في أوقات مختلفة و لن تتذوق طعم الراحة فحتى إذا ستنام خمس دقائق إضافية هي راضية عن ذلك.
قررت ذات الشعر الأحمر تجاهل هذا الصوت الذي يناديها و يحاول إيقاظها و تابعت النوم بسلام و أمان لأن النوم هو منقظها و ما تحتاجه الآن من شدة تعبها.
-دفنة...
لم يستسلم زوجها لتجاهلها له في المرة الأولى يعرف و موقن ما تفهله هي من تجاهل و عدم اهتمام لصوته الذي يناديها و أخذ يتابع مناداتها دون توقف أو استسلام مقرراً أنه لن يتحرك من مكانه قبل أن ييقظها من نومها الكسول. عمر عرف عنه عدم الاستسلام بسهولة و عرف عنه أنه يصر على الشيء حتى ينجح فيه و هذه أبسط الأشياء التي يصر على النجاح فيها فتابع مناداتها بصوت أعلى هذه المرة حيث امتدت يده اليمنى و أخذ يداعب أنفها الأبيض الصغير بسبابته السمراء.
شعرت دفنة بذلك الشعور المزعج الذي ينتج عن ملامسة إصبعه لأنفها و لم تحبه أبداً و كانت تريد أن تصرخ في وجهه و لكن اكتفت بتحريك جسدها المغطى إلى الناحية الأخرى تتابع تجاهل الرجل و تحاول متابعة نومها بشكل سلمي بدون تلقي أي إزعاج من أي شخص حتى لو كان هذا الشخص هو زوجها العزيز الذي لا تعرف لما هو مصر لإيقاظها لهذا الحد. أخذت تفكر لثانية لما قد يريد استيقاظها و حاولت استجماع عقلها لثانية دون أن تغفو و عندما فكرت في سبب إيقاظه لها جاءت صورة ابنتها على عقلها، نعم ابنتها إمينة التي نومتها من ساعات فلابد أنها استيقظت و لكن هي لا تسمع صوت بكاء فلابد أنها مازلت نائمة بعمق. اطمئنت دفنة لاستنتاجها هذا و احتضنت وسادتها مجدداً تحاول أن تنام هذه المرة فعلياً.
عقد الرجل حاجبيه عندما رآها بهذا الشكل و عرف السبب الحقيقي وراء عدم رغبتها بالاستيقاظ فلابد أنها منهكة جداً و متعبة و لكن لا يستطيع أن يتركها هكذا، لا يستطيع تجاهل عدم تناولها الطعام منذ الصباح الباكر فاحتار حقاً ما يفعله كي يجعلها تصحو من نومها.
-دفنة... حبيبتي.. هيا استيقظي، الطعام جاهز...
في أوقات حملها كانت تشعر بكثير من الجوع الذي يجعلها تقفز و تطير إلى المطبخ لتتناول الطعام و لكن الآن هي ليست حامل و جنينها التي تغذيه قد ولد لذا تشعر بعدم رغبة كبيرة في تناول الطعام حتى لو كانت تتضور جوعاً.
-İstemiyorum... uyumak istiyorum...
قالت هذا و هو شعر بغرابة قولها و شعر أنه يتحدث مع امرأة مختلفة تماماً فهو في النهاية قد اعتاد عليها في تلك التسعر أشهر و اعتاد على تضورها للجوع و تناولها الطعام بشراهة خلال فترة حملها و لكن الآن هي مختلفة تماماً، مختلفة لدرجة أنه لا يصدق ما يراه أبداً و لا يعرف ما سبب اختلافها هذا. نعم هي لا تغذي جنيناً في رحمها و لكن على الأقل لابد أنها تتضور جوهاً كباقي البشر.
تنهد الرجل و انحنى لينظر لوجهها الجميل و عينيها المغمضتين و أخذ يحدق بهذا الجمال الأخاذ مطولاً ثم رفع يده اليسرى ليضعها على رأسها. أمسكت أصابعه بخصلة حمراء كانت قد استقرت على جبينها و حركها ليضعها مع باقي الخصلات الحمراء في الخلف و بعدها أخذت يده تمسح على شعر الفتاة الأحمر و أخذ ينظر على عيونها المغمضة مجدداً.
-Ama böyle olmaz aşkım...
قال الرجل محاولاً استمالة الفتاة للستيقاظ بشتى الطرق و هو يضع الخصلة الحمراء خلف أذنها و بعدها تابع النظر على وجهها الجميل بابتسامة لجمالها الأخاذ الذي يأخذه إلى عالم آخر.
-لم تأكلي شيئاً منذ عودتنا من المشفى... ألا تضورين جوعاً؟
أخذ عمر يحاول إقناعها بالنهوض و تناول الطعام لأنه بالفعل أشفق على حالها لأنها لم تتناول أي شيء في اليوم غير شطيرة قد أحضرها لها في المشفى صباح اليوم كفطوراً لها كي تستجمع قواها.
-هممم... لا.
كانت الفتاة تحاول النوم و بشدة و عينيها لا تريدان أن تفتحا في الأصل. كان معه حق فهي بالفعل كانت تضور جوعاً و لكن لم تستطع النهوض من مكانها و فتح عينيها لأي سببٍ كان حتى لو كان هذا السبب هو الطعام التي تعشقه و لكن في أوقات معينة. فهي الآن عادت كدفنة الأصلية التي كانت تأكل بالقطارة و لا أظن أنهت ستتغير حتى تحمل مجدداً.
تنهد الرجل و رفع رأسه إلى أعلى يفكر في طريقة لجعلها تنهض من مكانها لكي تتناول الطعام كي لا تبقى جائعة و حين كان ينظر إلى أعلى تذكر شيء مهم و هو ابنته. نعم، ابنته التي من المفترض أنها ترضع من حليب والدتها الذي لا يتكون إلا عند التغذية الصحيحة و السليمة. هذه كانت فكرة عمر الرائعة لجعل دفنة تنهض للطعام.
-و لكن دفنة...إمينة الآن...
و قبل أن يكمل هو جملته التي كانت تتضمن ابنته فيها كانت دفنة قد فتحت عينيها و نهضت لتجلس على السرير سريعاً تنظر إلى الفراغ بشرود تستوعب و تستدرك نهوضها و وجودها في غرفتها و بعدها حركت رأسها لتنظر له بعينين نصف مفتوحة من ثم تكلمت تكلمت.
-ماذا حدث لإمينة؟
سألت بفضول و قلق قليل لمعرفة أنه بالكاد لم يحدث شيء خطير لابنتها لأنه لو حدث ما كان سيقظها بهذا الشكل فابتسم الرجل لشعورها بالأمومة المفرطة الذي يجعلها تنحرم من نومها لأجل ابنتها و بعدها تكلم مخففاً عنها كي لا تذعر و تخاف على شيء لم يقصده حتى و قاله لأنه أرادها أن تستيقظ لتأكل الطعام و لا تبقى جائعة.
-... تريد حليبك، هذا ما قصدته و لا تستطيعين أن تكفيها من حليب إلا بالتغذية الصحية و السليمة.
قال عمر لتحدق به زوجته و تفكر فيما قاله. هو كان يتكلم بطريقة صحيحة إنها بحاجة أن تنتبه لغذائها لأجل ابنتها و لأجل صحة ابنتها. هي لم تعد وحيدة كالسابق و حياة ابنتها مرتبطة بحياتها هي شخصياً. أومأت ذات الشعر الأحمر برأسها لتخبره بأنه على حق و بعدها تنهدت لترمي جسدها للخلف على الفراش و تقع مؤخرة رأسها على الوسادة الناعمة لتتناثر خصلات شعرها الحمراء في كل جانب على الوسادة.
-Tamam uyandım!
قالت ذات الشعر الأحمر حيث رفعت ذراعها الأيمن إلى الأعلى و اليد الأخرى وضعتها على عينيها معلنةً استسلامها فابتسم شاه السمر لانتصاره و سهولة اقناعها بأشخاص تحبها و رفع يده ليمسك بتلك اليد المرفوعة منه قبل نزولها و قربها من شفتيه ليلصق عليها قبلة لطيفة و رقيقة و عندما انتهى من عمله مع حبيبته نهض من مكانه يعدل ملابسه ثم قرر الخروج قبلها من الغرفة لتحضير المائدة.
و لكن توقف و لم يتحرك عندما تذكر شيء ما التفت بجسده لينظر لزوجته التي كانت تستلقي على الفراش و تغطي عينيها بظهر يدها البيضاء.
-حبيبتي... إذا كنت متعبة أحضر لك طعاماً هنا...؟
التزمت ذات الشعر الأحمر الصمت لثواني ثم رويداً رويداً رفعت يدها عن عينيها و نظرت له بعينين متعبتين و بداخل رأسها تفكر بعرضه الجذاب و لكن سرعان ما شعرت أنها لا تريد التدلل إتعابه في حمل الصينية خاصة و هي تستطيع المشي وحدها إلى الطابق السفلي و تناول الطعام بنفسها فنهضت لتجلس على السرير ثم رمت قدميها على الأرض و أخذت تنظر له بنفس العينين.
-لا لا، أستطيع النزول...
ابتسم عمر و انحنى ليضع قبلة أعلى رأسها و بعدها ابتعد لينظر لوجهها الجميل و عينينها التي كانت تنظر له بتعب فأشفق على حالها و قرر أنه لن يضغط عليها أكثر في هذه الأيام.
-حسناً يا روحي، أنتظرك بالأسفل.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهها إثر كلام الرجل الجميل و راقبته بعينيها إلى أن خرج من الغرفة ليرحل إلى الطابق الأول و عندما رحل من المكان ارتمت دفنة بجسدها للخلف مرة أخرى حيث ارتفعت امتدا ذراعيها الاثنين على السرير و أخذت تتأفف بتعب.
كانت ذات الشعر الأحمر متعبة جداً إثر الولادة و من قلة النوم و تفكر أنه من حقها أن تنام و تأخذ راحتها في النوم و لكن في نفس الوقت تشعر بأنانيتها و تفكر في ابنتها التي ترتاح من شم رائحتها و الاقتراب منها. بصراحة هي أيضاً ترتاح معها، هي ابنتها فكيف لها أن تفرط بها و تتجاهلها إذا بكت أو إذا أرادت حليبها لتنام. هي ابنتها، من لحمها و دمها، جزء من روحها لا تستطيع أن تفكر في نفسها فقط من بعد الآن و الشخص الذي سيأتي على عقلها الأول ليست نفسها بل ابنتها و كل ما تحتاجه و كل ما سيريحها.
تنهدت ذات الشعر الأحمر و نهضت من مكانها حيث رفعت كل الشعر الذي سيضايقها من على وجهها و صنعت كعكة منه كي لا يضايقها أي خصلة منه و بعدها اتجهت ناحية الحمام لتغسل وجهها و تستفيق قليلاً.
عند انتهائها من ذلك اتجهت ذات الشعر الأحمر إلى غرفة ابنتها بعد خروجها من غرفتها الخاصة لتطمئن عليها و على نومها الهادئ و عندما تأكدت أنها بخير ابتسمت و عدلت الغطاء على جسدها ليغطي كل جسدها عادا وجهها لكي يدفئها.
و هي تنظر إلى فتاتها الصغيرة بابتسامة حب قرقرت بطنها جوعاً و طلباً للطعام لترفع دفنة يدها و تضعها على بطنها و تضغط عليها ثم تعبس لشعورها المؤلم ذلك و بعدها اتجهت إلى خارج الغرفة سريعاً من أجل تناول الطعام التي حضرته الخادمة ميني بعد قدومها من عند ناريمان زوجة عم عمر.
حين وصلت دفنة إلى الطابق السفلي اتجهت فوراً للمطبخ لترى أن الطاولة قد أعدت و كل شيء تمام و الشيء الوحيد الذي ينقص هو جلوسها و تناول الطعام.
-Askım...
كان عمر يضع اللمسات الأخيرة على الطاولة فكان يضع الحساء الساخن في الأطباق و لم ينتبه أبداً أن دفنة قد جاءت إلى المطبخ و عندما التفت لينظر لها ابتسم.
-تعالي و اجلسي حبيبتي...
نظرت دفنة إلى الطاولة و رائحة الطعام جعلتها تشتهي الطعام أكثر فسارت قدميها بضع خطوات تلقائياً و أجلست جسدها على الكرسي أمام الطاولة في مكانها المعتاد و بدأت في تناول الطعام المقدم لها.
-لذيذ جداً... ولكن أين هي ميني أنا لا أراها؟
تذوقت من الطعام المحضر أمامها و بعدها عندما لاحظت عدم وجود خادمة ناريمان تساءلت عن مكانها. وضع عمر أطباق الحساء على الطاولة و بعدها جلس على كرسيه المخصص لتناول الطعام و نظر لها ليجاوبها عن سؤالها.
-جعلتها ترحل و تذهب لزوجة عمي فلابد أنها جنت لعدم وجودها.
قال هذا و هو يضحك على ما قاله ليجعل دفنة تضحك هي الأخرى و تابعت تناول الطعام و كل ما يأتي على رأسها تنطقه و هي تتناول الطعام.
-أنا في الأساس لا أعرف كيف وافقت زوجة عمك أن تترك ميني...
تابعت دفنة كلامها لتأخذ من المخلل الموجود أمامها و تتناوله فبدون رفع عمر لناظره لينظر لفتاته تابع النظر إلى طعامه و تكلم موضحاً السبب الذي تتساءل عنه.
-إنهم يقولون كله من أجل إمينة.
ضحكت دفنة و رفعت ناظرها لتنظر له و على وجهها ابتسامة و بعدها تكلمت.
-لنرى إلى أي مدى سيصلون من أجل إمينة إذاً.
ضحك عمر دون أن يعلق على تعليقها الأخير و تابع تناول الطعام في صمت. أخذت دفنة هذا الصمت في تناول الطعام و التفكير في حياتها الجديدة التي تأثرت كثيراً في الأوقات الأخيرة و خاصة بعد أن أنجبت ابنتها الصغيرة النائمة في غرفتها في الأعلى. هي الآن مسؤولة عن روح صغيرة و عليها أن تتقن عملها على أتم وجه لكي لا تخجل أمام ابنتها في المستقبل.
المستقبل، نعم المستقبل الذي سيتضح فيما بعد كم هم عائلة سعيدة و جميلة و أن تعبهم في تربية أولادهم لم يذهب هدراً.
ابتسمت دفنة للحظة و هي تنظر على طعامها و حين نظرت إلى ذلك الكرسي الفارغ على الطاولة تخيلت ابنتها عليه في المستقبل. نعم، إمينة ستكبر لتصبح بالحجم المسموح لها أن تأكل معهما على الطاولة.
كم هذا جميل، هي تنتظر ذلك الشيء بفارغ الصبر و لا تستطيع أن تكف عن بناء الأحلام التي ستشارك ابنتها الجميلة معها.
قررت أن تصبح أماً رائعة من الآن فصاعداً أماً تتحمل مسؤولية طفلتها الصغيرة لكي تكبر و تحب والديها و تفتخر بهما فيما يفعلانه و يعملانه قررت أن تكون تلك المرأة التي ستحبها طفلتها بكثرة لأنها والدتها.
-صحيح، سنان و سيدا سيأتيان بعد قليل، يعني مباركات و إلى آخره.
قطع السينيور أفكار ذات الشعر الأحمر التي كانت قد غرقت في عالمها الخاص و لم يخرجها منه إلا صوت زوجها الوسيم و عندما لاحظ شرودها الغريب هذا و عدم تحمسها لما قال فسألها عن سببه.
-ماذا حدث لك فجأة؟
حدقت الفتاة بها لثواني و ابتسمت ثم نفت سؤاله لا تريده أن تفصح عن مدى جنونها بابنتها و مدى حبها لها الغير منتهي.
-لا، لا يوجد شيء...
صمتت الفتاة قليلاً و هي تنظر لزوجها تستدرك ما كان يقوله في الثانية السابقة و عندما أدركت ما كان يقوله تكلمت كتعليق على ما قاله.
-رائع... سيكون من الجيد أن نراهما لأننا لم نراهما صباحاً.
أومأ الرجل برأسه و تكلم و هو يتناول الطعام.
-و هناك شيء آخر... سأذهب غداً إلى العمل... العمل كله تراكم على رأس سنان، لابد و أنه جن بسبب كثرته.
نظرت دفنة إلى رجلها فبينما كان عقلها يرتسم عالماً للخيال مع ابنتها الصغيرة الجميلة و الرقيقة كانت أذنيها تصغيان لكلام عمر و عند انتهائه من جملته كان عقلها يبدأ بالعمل لاستيعاب ما كان يقوله الرجل و عندما أدركت كلامه للمرة الثانية تكلمت.
-هذا رائع أيضاً، في الأصل لقد طلبت منك الذهاب للعمل و لكنك لم ترد ذلك... الآن اقتنعت؟
سألت و هي تنظر له عاقدة لحاجبيها لتصرفاته الغريبة فابتلع الرجل ما في فمه و بعدها تكلم مبرراً فعلته.
-أنت تعرفين أني لا أستطيع تركك في المشفى وحدك، الآن ستكون ميني معك في البيت عند ذهابي...
قال عمر و هو ينظر لها ليرى أن عقدة حاجبيها قد اختفت سريعاً فقرر إتمام كلامه.
-... فعند احتياجك لي في أي وقت أخبريني فوراً.
بدون النظر إليه جاوبته و هي تنظر لطعامها.
-حسناً حسناً...
تابعت دفنة تناول الطعام لينظر لها بحدة لشعوره أنها ستتجاهل كلامه لا محالة و لن تخبره بشيء هي تحتاجه فقرر تعنيفها.
-دفنة!
-Tamam söz!
....................................................................................
ارتسمت ابتسامة على وجه السينيور فور فتحه للباب و مقابلته ذلك الشخص الذي كان يقف أمامه فتقابل الشخص مع تلك الابتسامة و ارتسمت ابتسامة أخرى على شفتيه هو و زوجته و ابنتها التي كانت تنظر إلى الرجل طويل القامة صاحب الشعر الأسود.
-أهلاً و سهلاً، تفضلوا...
استمعوا ثلاثتهم لاحترام عمر لهم و دخلوا إلى البيت خلف بعضهم يتبعهم صاحب البيت من خلفهم فور إغلاقه لباب البيت الأحمر.
خطوة بعد خطوة وصل جميعهم إلى غرفة الجلوس و ارتسمت ابتساماتهم على وجوههم فور رؤية ذات الشعر الأحمر التي كانت تجلس على الأريكة و تمسك بجهاز تحكم التلفاز تحاول أن تبحث لنفسها عن فيلم أو برنامج مشوق تستطيع أن تشاهده.
-دفنة...
كانت الفتاة منهمكة جداً بالبحث عن شيء تشاهده و لم تنتبه إلى الناس الذين جاؤوا حديثاً إلى بيتها فرفعت دفنة رأسها فور سماع اسمها يأتي من فم الزوجة و وقعت عينيها على الشخصان و الطفلة و ابتسمت فوراً لرؤيتهم و بعدها ضغطت زر إغلاق على جهاز التحكم لتغلق التلفاز و نهضت بعدها من على الأريكة بعدما وضعت جهاز التحكم على الطاولة الصغيرة لتستقبل الثنائي المتزوج و طفلتهما.
-كيف حالك الآن؟
قبلت ذات الشعر البني البرتقالية و سألتها عن حالها لتطمئن على صديقتها و زميلة عملها و منه كان صاحب الشعر البني ينظر لزوجة صديقه و صديقته ليطمئن عليها هو الآخر.
-أفضل... تفضلوا بالجلوس.
و تلبية لرغباتها رفع صاحب الشعر البني يده ممسكاً بحقيبة في يده ليعطيها لصديقه بابتسامة أخرى.
-حسناً، هذه هديتنا لإمينة أرجو أن تعجبها...!
ضحك سنان على ما قاله ليحدق عمر بالحقيبة لثواني معدودة و قبل أن تمتد يد عمر لأخذ الحقيبة منه تكلمت دفنة معترضة على ما أحضره لشعورها بكثرة الأشياء التي استقبلتها من الناس من حولها لا تعرف متى و أين ستستخدم هذه الأشياء كلها.
-لماذا أتعبتم نفسكم بكل هذه الأشياء؟
قالت دفنة معترضة على ما أحضروه فتكلم سنان قبل أن تتفوه بكلمة أخرى.
-إذا سمحتي... لارا من اختارتها و لا يمكن أن ترفضيها!
حركت دفنة رأسها لتنظر إلى الفتاة الصغيرة و ابتسمت لسماع هذا الشيء الجميل الذي يدفئ القلب حين تسمع أن فتاة صغيرة مثل لارا تختار هدايا من أجل الأصغر منها.
-Bakım madem...
أخذت دفنة الحقيبة من عمر لتنظر إلى داخلها و ابتسمت فوراً لرؤيتها العلبة التي بداخله فكانت عبارة عن طقم ملابس للأطفال فأعجبت دفنة به كثيراً.
-Aii, çok güzel bunlar... Çok teşekkür ederim canım!
اقتربت صاحبة الشعر الأحمر من الفتاة الصغيرة و قبلت وجنتها لشكرها و أخذت الهدية بعدها و وضعتها على الأريكة.
عندما جلس الجميع و ارتاحوا في أماكنهم قدمت دفنة جهاز التحكم للارا بعد إحضار الرسوم المتحركة لها لتشاهدها ليبقى الكبار مع بعضهم و أخذوا يتبادلون الأحاديث المختلفة للتسلية.
-كيف هو العمل؟ لقد اشتقت للجميع!
قالت صاحبة الشعر الأحمر بفضول تتساءل عن أحوال الجميع و أصدقائها الذين في الشركتين لأنها حتماً ستشتاق لهم بعد ثلاثة أيام و ستشتاق إلى مكان عملها فابتسمت المرأة ذات الشعر البني و نظرت لصديقتها و تكلمت لإيجابتها و طمأنتها عنهم.
-الأعمال جيدة... و الجميع اشتاق لك.
سعدت دفنة لما سمعت و ابتسمت ابتسامة عريضة و تكلمت مجدداً.
-هذا جيد جداً، أخبريهم بأني سأعود قريباً!
اندهش سنان و سيدا من كلامها قليلاً و حدقا بها لبعض الوفت يحاولان استيعاب و استدراك الموضوع و من بعد نظرتهما هذه أحدهما أن يتكلم و كان هذا الشخص هو سنان للاستفسار.
-حقاً؟ و ماذا ستفعلين بإمينة إذاً؟
كان الفضول يقتله و لا يتذكر حتى إذا كان قد سأل السينيور عن هذا السؤال مسبقاً أم لا و لكن قرر التكلم عليه ليثبت في عقله.
-لقد قررنا أن نحضر لها مربية.
اتخذ عمر هذه الفرصة هذه المرة في الإجابة على سؤال صديقه الرجل و هو ينظر إلى سنان فنظر سنان و سيدا إليه للحظة ثم حركا رأسيهما لينظرا إلى دفنة لأنه بالكاد هذا السؤال كان موجهاً للفتاة.
-و لكن هل ستشعرين بالراحة هكذا دفنة؟
سألت صاحبة الشعر البني الفتاة الجالسة أمامها لأنها تعرف كيفية الشعور عند ترك فتاتك الصغيرة مع مربية لم تتعرف عليها و لا على أخلاقها جيداً فبالكاد الأمهات يرتعبن من هذا الشيء و لا يرتحن مع مهما سمعن من دفاع عن المربيات فتنهدت ذات الشعر الأحمر بتعب و استسلام لعدم قدرتها على فعل أي شيء غير ذلك.
-بالطبع لا و لكن، هذا ما أستطيع فعله الآن فأنا لا أريد ترك العمل..
صفق صاحب الشعر البني يديه الاثنين مع بعضهما للفتاة للإطراء عليها فيما تقوله فقلقها الزائد على ابنتها يجعلها تفكر فيها أربع و عشرين ساعة و في نفس الوقت لا تريد ترك عملها لنجاحها بما تحبه.
-و الله رفعت لك القبعة دفنة، أنت امرأة رائعة... تريدين النجاح في كل الأشياء من أمومة و عمل!
قال سنان و هو يطري عليها ليشعرها بقيمتها فسعدت الفتاة كثيراً لسماع مثل هذا الشيء يخرج من فمه و فوراً حركت رأسها لتنظر إلى زوجها تشاركه لحظات فرحها لتلاحظ ابتسامته هو الآخر تشرق على وجهه لأنه بالكاد يعلم أنها تستحق هذا الكلام و ليس إطراء و ما شابه.
و في وسط هذه الابتسامات و الأحاديث الطريفة عن مواقف العمل المختلفة قاطع حديثهم هذا صوت بكاء يخرج من جهاز مراقبة الطفل الذي كان موضوعاً على المنضدة فعند سماع دفنة هذا للصوت يخرج من هذا الجهاز لأول مرة نهضت بذعر من مكانها لسماع صوت البكاء.
-أي.. لقد استيقظت!
كانت حالتها المذعورة هذه غير مفهومة و لكن على ما يبدو أن ليس السينيور وحده من يتوتر في حمل صغيرته بل يبدو أيضاً أن هذه السيدة تتوتر بقدره أيضاً و عندما رأى عمر ذعرها و هلعها قرر النهوض و التكلم ليريحها في مكانها.
-سأرى أنا...
لاحظت الفتاة أخيراً هلعها الغير مفهوم و قررت أن ترتاح قليلاً و تريح جسدها الذي لا يهدأ من المغامرات و الأدرينالين و لكن لم تدعه يفعل هذا رغم كل ذلك فهي الأم و عليها أن ترى ابنتها بنفسها.
-لا بأس سأفعلها أنا...
قالت دفنة و بدأت تمشي إلى السلم و من الخلف كان رجلها الذي يقف بالقرب من الأريكة يراقبها و يراقب خطواتها خوفاً عليها من أن تذعر و تصطدم بشيء ما و من خلفه كان يراقبه صديقه سنان صاحب الشعر البني و ببتسم ابتسامات خبيثة.
-انظروا إليه، لا يريد أن يفارق ابنته!
ضحك سنان على صديقه الذي هم بالنهوض من مكانه سريعاً و كان يتسابق مع زوجته لرؤية ابنتهما حين سمع بكائها. التفت شاه السمر بجسده لينظر إلى صديقه لسماع ما قاله و ضيق عمر عينيه بحدة لرؤية و سماع كلام السخرية عليه و لكن قرر تجاهله لأنه لن يجني شيئاً إذا تناقش معه.
-عندما ننجب نحن أيضاً ستعرف ذلك الشعور...
و لكن قررت زوجته أن تتدخل في الموضوع لأنها تعرف تماماً ما هو هذا الشعور الذي يجعلك منتبه لهذا الجزء من جسدك على هيئة طفل صغير كثيراً و حتى يجعلك أحياناً تتخيل و تسمع أصوات بكاء غير حقيقية لهذا الطفل.
عند وصول البرتقالية إلى غرفة صغيرتها و عندما نظرت لها و هي تضرب بيديها و قدميها الاثنتين في الهواء و صوت بكائها يتعالى كل ما مر الوقت فقررت مد كلا ذراعيها لحملها من فراشها و ضمها إلى حضنها و التربيت على ظهرها.
-Şşş... Tamam canım tamam... Birşey yok, ben burdayım..
حاولت دفنة تهدئة فتاتها الصغيرة بطريقة أو بأخرى عن طريق طمأنتها بوجودها في المكان و شم رائحتها و لكن لم تصمت الفتاة و لم تهدأ فتابعت البكاء و هي في حضن والدتها.
بكائها المستمر هذا جعل دفنة تدرك أن السبب ليس هو أنها لم تشعر بالأمان بعيداً عن رائحة والدتها و لكن حتماً هناك شيئاً آخر فقررت أن تأخذها لترى و تتصفحها من البداية.
في البداية أرادت أن ترى ما إذا كانت قد قضت حاجتها و لوثت حفاضتها فكان هذا صحيحاً فبالكاد فعلت لأنها كانت تنام أكثر من ساعتين فلابد و أنها ستفعل.
-حسناً إمينتي... لنغير حفاضتك..
أحضرت دفنة اللوازم و اتجهت إلى الحمام لتنظيف ابنتها الصغيرة و بعد الانتهاء وضعتها على السرير و أخذت تجففها و بعدها ألبستها حفاضتها الجديدة مع ملابسها بالطبع.
ابتسمت دفنة فور انتهائها من عملها و رفعت ابنتها الصغيرة إلى أعلى.
-غيرنا حفاضتها يا صغيرتي، هل ارتحت الآن؟
رفعتها دفنة إلى أعلى و أخذت تحدق بوجهها الجميل و اعتبرتها تنظر إليها و تحاورها رغم أنها كانت تنظر لما يسقط عينيها عليه.
-أصبحنا نظيفين هل نأكل الآن، حبيبتي؟
وقبل أن تبكي مجدداً لتضورها جوعاً قررت دفنة أن تختصر على نفسها الوقت و تطعمها فوضعتها على فخذيها و بدأت تطعمها من حليبها و تنظر لها مستمتعة برد فعلها و لهفتها لتناول غذائها أخيراً بعد فترة نوم طويلة.
نظرت دفنة لها و الابتسامة مرتسمة كالشمس على وجهها و عرفت الآن السبب وراء شيء كان يشغل عقلها لفترة: بالرغم من تعب الآباء و إرهاقهم في تربية أولادهم الصغار منهم و الكبار، الأطفال منهم و الرضع إلى أن لمجرد رؤيته مرتاحاً بهذا الشكل يزيد حبك له و غرامك له و تقع في حبه و غرامه مراراً و تكراراً، أكثر و أكثر و تشعر بأن كنوز الدنيا لا تستطيع أن تعوضك عن نظرة و ابتسامة واحدة منه و الطريقة التي يمسك بها إصبعك بيده الصغيرة و النوم بحضنك و البكاء طلباً لشم رائحتك و الاطمئنان بوجودك معه و هذه الأشياء هي أكبر كنز بالنسبة لأي أب و أي أم.
رفعت دفنة يدها اليسرى لتضعها على رأسها الحمراء لتداعب رأسها بلطف بإبهامها الأبيض.
-Birtanem... Sen benım canımsın...
قالت الفتاة بصوت منخفض و هي مبتسمة و في غاية السعادة للحصول على هدية كهذه، هدية بألف هدية في هذه الدنيا، كنزها التي ستحافظ عليه دائماً.
بينما كانت دفنة تستمتع بلحظتها مع ابنتها الوحيدة كان عمر في الأسفل يتحدث مع سنان و زوجته و رويداً رويداً بدأ يلاحظ غيابها الذي طال فتعجب لوهلة لهذا و أخذ يتساءل عن سبب تأخرها و لكن قبل أن يتكلم بأي شيء تكلمت سيدا عندما لاحظت غياب صديقتها.
-هل في العادة تتأخر هكذا؟
-لا أعرف و لكن دعوني أرى.
رشف عمر آخر رشفة من قهوته التي حضرها منذ دقائق سريعاً و هو ينهض من مكانه و بعدها وضعها على الطاولة ثم بدأ بالمشي ناحية السلم و رويداً رويداً صعد على السلم و عندما وصل إلى الطابق الثاني سمع صوتاً ضعيفاً يأتي من ناحية غرفته، كان عمر يستوعب مصدر ذلك الصوت و عندما أدركه أخيراً، ارتسمت البسمة على شفتيه.
و عندما تقدم للنظر شاهد زوجته تجلس على طرف السرير و إمينة على ساقيها و أيضاً تغني لإمينة و هي تتناول حليبها.
سار عمر بضع الخطوات بعد إلى غرفته ثم استند على باب الغرفة و أخذ يشاهد ذات الشعر الأحمر و يستمتع بصوتها الجميل و العذب و هي تغني لابنتهما الصغيرة فأخذ يشاهد حوريتان ذوات شعر أحمر يحبهما لدرجة الجنون.
-Mini mini bir kuş donmuştu.. Pencereme konmuştu...
كانت تغني أغنية تركية للأطفال و هي تنظر أمامها ثم أنزلت رأسها و ابتسمت لرؤية ابنتها الجائعة و الملهوفة على الحليب ثم تابعت الغناء بسعادة.
-Mini mini bir kuş donmuştu.. Pencereme konmuştu...
أخذ الرجل يستمع لها بتمعن و يشاهدها و هي تنظر لابنتها بعينيها بينما كانت يدها اليسرى تسند رأس الصغيرة و إبهامها يداعب رأس الفتاة بدفئ.
-Aldım onu içeriye... Cik cik cik ötsün diye...
تقدم الرجل بعد الخطوات بهدوء تام يشاهد رد فعل الفتاة الصغيرة و شدة جوعها و طلبها للحليب فارتسمت ابتسامة فورية على وجهه بتلقائية لرؤية ذلك الوجه البريء.
-Pır pır ederken canlandı... Ellerim bak boş kaldı
و أخيراً انتبهت ذات الشعر الأحمر لوجوده فرفعت رأسه و هي تردد باقي كلمات الأغنية و هي تنظر له و تنتظر إلى أن تنتهي الأغنية.
-Pır pır ederken canlandı... Ellerim bak boş kaldı
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه عند انتهاء الأغنية و جلس على السرير بجانبها ثم حرك رأسه لينظر إلى ابنته الجائعة ثم حرك ناظره ليعود إلى والدتها.
-و لكن أنا الآن بدأت أشعر بالغيرة.
رفع شاه السمر إصبعه و أخذ يداعب وجنة إمينة الصغيرة بخفة و عندما رفع رأسه لينظر لدفنة وجد حاجبيها معقودين و بعدها تكلمت هي.
-غيرة؟ لماذا؟
تساءلت الفتاة حول السبب فابتسم و أرجع جسده للخلف و أخذ ينظر لها بنظرات الشعور بالظلم و الغيرة المزيفة محاولة خداع دفنة كالعادة.
-يعني... كان صوتك هذا لي أنا فقط في الماضي و لكن الآن علي أن أشاركك في كل شيء!
قال عمر و هو ينظر بحزن مزيف لزوجته و لكن لم تنطلي عليه خدعته هذه المرة و بدأت تضحك على كلامه و حين كانت تتكلم معه أنهت إمينة الرضاعة فاضطرت إلى حملها في حضنها و رفعت يدها لتضعها على ظهرها. و تكلمت مع عمر و الابتسامة على وجهها.
-Ama böyle olmaz...
قالت عندما بدأت التربيت على ظهر فتاتها بينما رفع عمر يده السمراء ليعدل ملابس ابنته من الخلف كي لا تبرد.
-أليست إمينة هي روحك؟
ابتسم الرجل لسماع ما قالته و ثبتت يده على ظهرها ثم تكلم و هو ينظر للصغيرة التي كانت تتحرك ببساطة في حضن والدتها.
-بالطبع هي روحي... روحي الثانية.
أنهى الرجل كلامه بقبلة على ظهر الصغيرة حين انحنى ناحية ابنته و عندما ابتعد لاحظ ما تفعله ذات الشعر الأحمر بابنته و تساءل حقاً عن ما تفعله من تربيت و ضرب خفيف على ظهر إمينة.
-دفنة، ماذا تفعلين؟
تساءل الرجل حقاً لعدم معرفته بالعالم الخاص بالأطفال مما سبب له مشاكل في بعض الأحيان فحركت البرتقالية عينيها لترتكز عليه و بعدها جاوبته و هي تتابع عملها.
-أخرج غازاتها كي لا يضايقها...
شاهد عمر ما تفعله زوجته و هو في حالة ذهول مما تفعله فحينما يفكر فيما تفعله و معرفتها الزائدة عن العالم الخاص بالأطفال تشعره بأنه طفل لا يعرف شيء أمامها.
-علميني لأفعل أنا...
قال عمر فور تفكيره في هذا بدون خوف هذه المرة لأنه بالفعل أراد أن يفعل شيء لابنته يجعلها ترتاح حتى مع عدم خبرته و أحبت دفنة الفكرة كثيراً لأنه كسر خوفه و أراد أن يساعد الصغيرة بشتى الطرق.
-حسناً...
-ماذا أفعل إذاً؟
نظرت دفنة إلى ابنتها و تأكدت من وضعيتها الصحيحة بين يدي والدها و بعدها جاء الدور على نصحه بما يفعله.
-قم بضرب يدك على ظهرها برفق، نعم... هكذا!
بدأ عمر بتحريك يده اليمنى على ظهر الفتاة الصغيرة برفق شديد محاولاً ألا يؤذيها بأي شكل كان و متأملاً نجاحه في مهمته، حيث قام بالتربيت على ظهرها منتظراً بتوتر إخراج ابنته للغازات و في النهاية نجح في ذلك.
عندما أخرجت إمينة غازاتها معلنة نجاح والدها في تلك المهمة ابتسمت دفنة للطافة زوجها و جماله في الاهتمام بالفتاة الصغيرة و لكن لم يعلم عمر إذا قد نجح أم لا و أخذ يتسائل عن ما حدث الآن.
-ماذا حدث؟ هل تم هكذا؟
ابتسمت دفنة و نظرت لعينيه التي كانت تحدق بها و بعدها تكلمت لتطمئنه.
-نعم لقد نجحت.
في البداية لم يصدق أنه قد نجح بالفعل فحرك عينيه لينظر إلى ابنته التي كانت مستيقظة و تتحرك بعشوائية بين يديه ثم ارتسمت ابتسامة على وجهه تظهر سعادته لرؤية راحتها.
-حقاً؟
تابعت دفنة ملامسة ظهر صغيرتها و هي تنظر له و لزوجها و أكلمت مجدداً.
-نعم، الأمر ليس صعباً أبداً، يحتاج فقط قليلاً من الاعتياد...
تنهد عمر براحة و أخذ يستمتع بوجود ابنته على ذراعه و هي تتحرك بعشوائية مثل ما تفعل فابتسم و نظر إلى دفنته.
-إنها دافئة جداً...
اعرضت ابتسامة دفنة على وجهها و هي تنظر لزوجها و بعدها تساءلت عن سبب وجوده في المكان.
-أنا أراك هنا، هل رحلوا أم ماذا؟
تذكر عمر الآن ترك صديقه و زوجته في الأسفل منذ دقائق و لابد و أنهم قد ملوا الانتظار.
-أه، لقد نسيت كلياً... كنت قد جئت لأرى لما تأخرت، و نسيت كل هذا عندما...
ابتسمت صاحبة الشعر الأحمر و أكملت جملته عنه بابتسامة ثقة و هي تنظر إلى عيونه.
-...عندما استمعت إلى صوتي...
ضحك الرجل لما قالته و أنزل رأسه ليتجاوب مع ضحكه و بعدها رفع رأسه لينظر لها يعلق على ثقتها بنفسها التي كانت على حق فيها لأن صوتها أخرج عقله من رأسه كما يفعل دائماً.
-حقاً؟ تحبين و تثقين بنفسك للغاية!
تكلم عمر و هو يتابعها بنظرته و هي تنهض من مكانها لتعدل ملابسها و تنظر له.
-Tabii canım..
قالت دفنة بابتسامة ثقة أخرى ثم نظرت لزوجها و تابعت تكلم.
-Hadı...
-Emine?
-لقد نامت لفترة طويلة يبدو أنها ستستيقظ لوقت طويل من الآن..
نهض عمر من مكانه و هو يمسك بفتاته جيداً كي لا تفلت منه و عند سماعه لما قالته بدأ يمشي للأمام و هي في حضنه إلى السلم ثم إلى الطابق الأولو كل هذا بحذر.
-انظروا من جاء!!
تقدمت ذات الشعر الأحمر بخطوات و على وجهها ابتسامة سعادة بينما كانت كل تارة و أخرى ترجع رأسها لتنظر للفتاة الصغيرة التي كانت مرتاحة للغاية بين ذراعي والدها.
رشف سنان رشفة من قهوته و هو ينظر للأسفل ثم فور سماعه لصوت دفنة رفع رأسه للأعلى و ابتسم فور رؤية ذات الشعر الأحمر الصغيرة ليشعر بدقات قلبه تتزايد لحماسه لرؤيتها أمامه و لا ينكر أنه كان سيطلب من دفنة رؤية إمينة إذا لم تحضرها و ها هي أمنيته قد تحققت و الفتاة الصغيرة أمامه بدون أن يتكلم فنهض من مكانه لينظر لها عن كثف و هذا ما فعلته سيدا أيضاً.
-أيتها الجميلة، كيف حالك؟
اقترب صاحب الشعر البني من صديقه و امتدت يده الكبيرة للإمساك بيدها الصغيرة و أخذ يحركها ببساطة و على وجهه ابتسامة حب و راحة لأن هذه الصغيرة تبعث على الراحة و الفرح بالفعل.
كان يقف سنان خلف عمر لينظر إلى عيني الصغيرة المفتوحة فكانت الصغيرة تنظر باتجاهه فزادت ابتسامته فور رؤيتها بهذا الشكل و بدأ يتساءل عن سبب تلك النظرة حقاً.
-إنها تنظر لي، هل أحبتني يا ترى؟
ضحك الجميع على براءة سنان و أخذوا يراقبون حركات إمينة في سلام و سكون.
-إنها لا تدري بشيء من حولها، مازالت صغيرة جداً!
قالت زوجته لتخيب آماله للحظة و لكن نسى ذلك فور رؤية حركات إمينة العشوائية و الصغيرة فأخذ يراقبها في هدوء و يحاول استكشاف عالمها الصغير الذي كان بعيد كل البعد عن عالم الكبار و همومهم و مسؤولياتهم و عالمهم المضجر فهذه الصغيرة كل همها تناول الحليب و النوم و رغم هذا يستمتع الكبار برؤيتهم و مشاهدتهم في هذه الحالة من السكون و الهدوء إنه عالم غريب و جميل في نفس الوقت.
-أتريد حملها سنان؟
قطعت ذات الشعر الأحمر أفكار الرجل حول براءة و جمال هذه الصغيرة حيث رفع رأسه لينظر للفتاة بغرابة لدقيقة لا يعرف ما يفعله و متردد في نفس الوقت فرفع يده و وضعها خلف مؤخرة رأسه ليحكها و بعدها نظر لإمينة لوهلة ثم عاد بناظره إلى دفنة و تكلم حيال هذا الموضوع.
-حقاً؟ أستطيع فعل ذلك؟
أومأت البرتقالية برأسها و على وجهها ابتسامة و بعدها اقترب سنان من عمر أكثر ليستطيع أخذ إمينة منه فامتدت يداه ناحية جانبي إمينة و عندما أخذ الفتاة الصغيرة من والدها و استقرت على صدره و وضع ساعده على ظهرها و يده الأخرى على رأسها و أخذ يحرك جسده لليمين و اليسار.
-هل أحملها بطريقة صحيحة؟
سأل أمها حيث حرك عينيه لينظر إليها للحظة قلق من الوضعية التي كان يمسك بها الفتاة.
-نعم، نعم لا بأس.
ابتسمت ذات الشعر الأحمر لبراءة الرجل و ربتت على ظهر الفتاة الصغيرة لثانية و هذا أثار انتباه الصغيرة التي كانت تشاهد التلفاز فتركت جهاز التحكم على الأريكة و سارت إلى حيث كان الرجل يقف و عند رؤيتها لصغر الفتاة ابتسمت و تكلمت.
-إنها صغيرة جداً!
و بينما كانت عيناه تحدقان في الفراغ بحالة من الذهول يشعر بمشاعر مختلطة و مشوشة في هذه اللحظة. كان يلامس جسداً غاية في الدفئ و غاية في الصغر و كان هذا يبعث الدفئ إلى قلبه، و كانت حركات الفتاة الصغيرة و البسيطة تبعث السعادة إلى قلبه و لكن كان في حالة من الدهشة لأنه استطاع أن يحمل مخلوق صغير مثلها بين ذراعيه.
عندما بدأ يدرك و يستوعب أنها إنسانة مثله تماماً و لكن بحجم صغير و شديد في البراءة حرك سنان رأسه لينظر إلى عمر ثم إلى دفنة بنظرات من الدهشة و الذهول و همس بصوت عالي.
-إنها تتنفس!
ضحك الجميع على رد فعل سنان و أخذوا ينظرون إليه و هو يحمل إمينة و يرسم رد فعل مندهش على وجهه.
-بالطبع، ستتنفس سنان، إنها حية!
حدق سنان على أصدقائه و زوجته و أخذ يشعر بتنفسها البسيط فابتسم سنان و هو يحمل الطفلة و شارك صديقه عمر نظرة حماسية.
-إن رائحتها جميلة جداً... و هي دافئة أيضاً.
ابتسمت سيدا و أمسكت يد الطفلة و نظرت إلى عيني زوجها الذي أغرمت بنظراته للطفلة الصغيرة و ابتساماته الدافئة و شعرت بداخلها أنها لم تندم أبداً للزواج من رجل يحب الأطفال مثله.
-يليق بك أن تكون أباً حبي...
اقتربت منه بعض الشيء و همست في أذنه كي لا يسمع أحد من الموجودين فابتسم بسعادة لسماع هذا منها. و بينما كان الاثنين يرسلون إلى بعضهم البعض نظرات من الحب حركت الطفلة الصغيرة يديها الاثنتين بعيداً عن المرأة التي كانت تمسك بيدها و أخذت تحرك قدميها و يديها ذهاباً و إياباً لضيقها و بدأت بالبكاء بين يدي الرجل مما أثار دهشته و تعجبه للحظة و أخذ يتساءل إذا قد فعل شيئاً خاطئاً.
-ماذا هناك؟ لماذا تبكي؟
امتدت يدا دفنة لتتقدم بأخذ ابنتها من سنان و محاولة إسكات الصغيرة في أحضانها و فور شم إمينة لرائحة والدتها ارتاحت فوراً و هدأت و تشبثت بقماش تيشرت والدتها تدفن وجهها في كتفها. ابتسمت ذات الشعر الأحمر لشعورها بما تفعله ابنتها عن طريق الاعتياد ثم رفعت رأسها لتنظر لسنان و على وجهها ابتسامة.
-لم تعتد عليك بعد...
سمع الرجل ما قالته المرأة و عبس لفهم أنه السبب حيال بكاء الصغيرة و عندما لاحظ هدوءها مع والدتها شعر بالغيرة فوراً.
-أنا السبب إذاً؟
-لا بأس، ستعتاد عليك مع الوقت.
فرح الرجل كثيراً لسماع هذا و أخذ يلعب مع إمينة مرة أخرى عن طريق إمساك يدها من الخلف و أرجحتها.
ابتسم الجميع لبراءة سنان و أخذوا يتناولون الحديث حول الصغيرة التي مازالت مستيقظة على كتف والدتها و بعدها قررت دفنة أن تعطيها لعمر.
-سأحضر شاياً... احملها قليلاً.
بالإضافة إلى الرغبة المميتة لشرب الشاي عندها، كانت عندها رغبة أخرى فكانت تتمنى رؤية عمر و هو يحملها فهي فقط قد أغرمت بهذا المنظر و أرادت رؤيته مراراً و تكراراً كما كانت تراه في أحلامها فامتدت يدا السينيور لأعلى تلقائياً فور رؤية دفنة منحنية و على وشك إعطاءه إمينة.
-أحضره بدلاً عنك...؟
-لا بأس، أنا أحضر...
قررت الفتاة القيام بتحضير شاي لها و للضيوف الموجودين لاشتياقها الشديد لكوب من الشاي لا تتذكر متى كانت آخر مرة شربت كوباً فأخذت تغني مع نفسها بأغنية ما في المطبخ لحسن مزاجها الذي تغير فجأة عندما استيقظت ابنتها و عندما قابلت أصدقائها، فهذا يحسن مزاجها بشدة حتى لو كانت متعبة إثر الولادة.
عند انتهاء الفتاة من تحضير الشاي اتجهت إلى غرفة الجلوس و قدمت الشاي لمن كان يريده و بعدها لمحت العائلة السعيدة يحيطون عمر و يشاهدون إمينة عن كثف و قبل أن تستطيع أن تجلس و تشرب الشاي في سلام دق جرس الباب لينبئهم بأن زائراً قد زارهم.
-من هذا يا ترى؟
سألت دفنة و هي تنظر إلى عمر عاقدة لحاجبيها فنظر لها زوجها بتعجب هو الآخر و رفع شفته السفلية لإخبارها أن ليس لديه أدنى فكرة عن من كان يزورهم في هذا الوقت فوضعت ذات الشعر الأحمر أكواب الشاي على الطاولة و بعدها اعتدلت لتذهب و ترى من الزائر.
-Bakım...
تنهدت الفتاة و غيرت وجهة سيرها إلى الباب لرؤية من الطارق و عندما وصلت إلى الباب و ضغطت على المقبض لفتحه و كانت تقف خلف الباب و تغيرت نظرتها إلى نظرات من الأسى لرؤية القادم و هو كوراي صارغين الثرثار و فوراً عرفت أنها لن يستطيعوا التخلص من ثرثرته لهذه الليلة.
-Ben geldim!!
قال كوريش بتباهي و تفاخر كعادته بينما رفع كلتا يديه في الهواء و تكلم بأعلى صوته و بدون حتى أن تكرمه دفنة بالدخول، دخل إلى البيت بتباهيه الشديد تاركاً الفتاة محدقة بظهره في حالة من الذهول لعدم انتباهه لها.
راقبت دفنة الرجل من الخلف على أمل أن ينتبه أنها كانت واقفة و هي من فتحت له الباب و لكنه لم يفعل و بعدها تنهدت باستسلام و تبعته إلى غرفة الجلوس و خطوة بخطوة وصل إلى غرفة الجلوس و عندما كان يبتسم بتباهي و الجميع ينظرون له في حالة من الجمود على عدم توقعهم لقدومه مرتين في اليوم طار عقله عندما رأى الصغيرة و رفع كلتا يديه إلى أعلى و صفق يده بلهفة و حماس.
-إمينوش!
استطاع الجميع استعادة وعيهم عند وصول دفنة إلى المكان من بعده و مازالت تحدق به بغرابة.
-إذاً، لننهض نحن!
قال الرجل صاحب الشعر البني و هو ينظر إلى زوجته التي كانت توافقه نفس الرأي على عدم المكوث مع الثرثار في نفس المكان كي لا ينتهي بهم الأمر بألم في الرأس و عبست الفتاة الصغيرة سناً لارا لسماع هذا الشيء و ابتعادها عن الطفلة و لكن دفنة و عمر لم يسمحا لهما الرحيل كي لا يتعرضا للأذى وحديهما.
-إياكما!
قال شاه السمر و زوجته في تناغم واحد حيث رفعا يديهما إلى الهواء لمنعهما من النهوض فنظر كل من سنان و سيدا لبعضيهما و بعدها عاد سنان بناظره إلى عمر بنظرة خوف من كوراي الثرثار.
-سنأخذ البلاء سوياً، يا أخي!
أكمل عمر بنظرة تحذيرية و هو يضغط على أسنانه و عاد بعدها إلى كوريش يبتلع ريقه محضراً نفسه للمصيبه التي وقعت على رؤوسهم.
استيقظ كوراي من عالمه و نظراته الرقيقة للطفلة كالطفل المولع بها حقاً و بعدها عندما نظر إلى جانبه أدرك وجود ذات الشعر الأحمر بجانبه. ففزع من وجودها في المكان و أخذ خطوات بعيدة عنها حيث رفع يديه إلى صدره و حدق بها بخوف منكمشاً في نفسه.
-أه، الفتاة الجافة هل كنت هنا؟!
ضمت ذات الشعر الأحمر يديها إلى جسدها و سعلت لتنظف حلقها و نظرت له لتتكلم بنظرات من اللوم و العتب.
-نعم، و أنا التي فتحت لك الباب أيضاً!
حدق الرجل بها لذهوله مما سمع فكيف لها أن تفنح الباب له و هو لم ينتبه حتى لها و بعدها تحولت نظرات ذهوله هذه إلى نظرات من التباهي و الغرور.
-كوني فخورة إذاً أنك من فتحتي الباب لكوراي صارغين بعظمته!
-نعم، نعم...
تحولت نظرات دفنة من نظرة التركيز و توبيخ الرجل لتجاهلها إلى نظرات من الملل حيث أنه كان سيبدأ ما كان يفعله في كل مرة و اتجهت إلى الأريكة لتشرب شايها بسلام.
-ييي، أيتها الحقودة...!
كان الرجل على وشك الشجار مع دفنة لتجاهله بهذا الشكل و لكن لمح بناظريه إمينة مجدداً و تغيرت تعابير وجهه إلى الفرح مجدداً.
فلاحظ الجميع نظرات الحب على وجهه لإمينة و البعض أشفق عليها لأنها ستعاني من حب كوريش لها لأنه سيظل يتكلم و يتكلم و لن يتركها بحالها لتعيش طفولتها و سيأتيها أوجاع في الرأس في عمر صغير.
نظر الرجل بحب للفتاة الصغيرة متيم بها و مولع بصغرها و براءتها.
-دعني أحملها أرجوك!
توسل كوراي من عمر الذي كان مكتوف الأيدي لا يعرف ما يفعله حقاً هل بهذا الشكل يبيع ابنته و يودي بحياتها إلى ما وصفه الجحيم الذي استطاع هو تحمله و تحمل أعباؤه.
و عندما طالت نظرات عمر على كوراي الذي كان ينظر بنظرات الجرو المسكين تحولت نظراته هذه إلى نظرات قطة غاضبة تنتظر بشدة أن تجرح أحد بمخالبها لغضبها و قبل أن يفعل هذا صرخ في وجه عمر يلومه على عدم إعطائه للصغيرة.
-لا تكن أنانياً، إنها ليست ابنتك لوحدك!
شعر شاه السمر بالسخر في كلام الرجل و عندما فكر فيما قاله كان داخله يريد أن يضحك و لكن عوضاً عن هذا نظر له بنظرات من الملل و عدم الاهتمام.
-ماذا؟ هل أنت أمها؟
انكمش صاحب العينين الزرقاويتين في نفسه عندما سمع ما قاله الرجل من سخرية جعلت الجميع يضحكون عليه إثر ذلك و انكمش بازدياد عندما سمع ضحكات من حوله مما جعل عمر يضحك هو الآخر لسماع ضحكات الآخرين فعقد حاجبيه و فهم فوراً أنها إهانة و أن عليه أن يستعيد كرامته التي دهست و لكن لم يلبث هذا الغضب إلا و إن تحول إلى جهش بالبكاء و معارضة.
-أي يا ربي ما هذه الآلام الكبيرة؟ لماذا تفعلون فيني هكذا؟
عندما أدرك عمر أنه لن يتخلص من لسانه و بكاءه في هذا الوقت نهض من مكانه ليقف بنفس طوله و امتدت يده بابنته لكوراي و عندما كف الرجل عن البكاء حدق بخوف في البداية يتعجب من فعلة عمر السريعة في إعطائه للفتاة الصغيرة.
-لا تبدأ، احملها قدر ما تشاء!
عندما استعاد الرجل وعيه رفع كلتا يديه في الهواء سعيداً و فرحاً لاستلام الصغيرة من أبيها أخيراً و بعدها امتدت يداه للإمساك بالصغيرة و وضعها في حضنه.
-إمينة... إمينوش...!
قال الرجل و هو ينظر لعينين الصغيرة التي كانت ترتكز على الفراغ تحدق بما هو أمامها و كفى.
كانت ابتسامته تشرق على وجهه و كان هادئاً بطريقة غريبة فكانت المرة الأولى التي رآه الناس فيها هادئاً بهذا الشكل فيبد أن إمينة هي دوائه في النهاية للثرثرة.
جعلت نظراته الطفولية و تأمله في إمينة الناس من حوله يبتسمون لرؤية بهذا الشكل و شاركوا النظرات سوياً لأنهم الآن شاهدوا كوريش مختلف تماماً و هذا ما جعلهم مندهشين بعض الشيء فهمس أحدهم و هو ينظر إليه.
-انظروا إليه، إنه مثل الطفل الصغير.
حين اعتاد كوريش على كونها بين ذراعيه و بحضنه و أنه اكتفى بالنظر و التأمل بوجهها فاكتفى بهذا القدر و هاد للتكلم مرة أخرى.
-هيا يا فتاة، قولي كوريش... هيا!
و سنان الذي إلى الآن لا يتقبل منه أفعاله و يتعجب لها جداً و يشعر بغرابتها تكلم معترضاً على ما قاله.
-ماذا تفعل يا كوراي؟ لن تستطيع الكلام في هذا العمر!
قال سنان و هو ينظر للفتاة الصغيرة منه بشفقة تملأ عينيه منه و منه برغبة شديدة بحملها و لكن قرر الصبر كي لا تبكي مرة أخرى بين ذراعيه و يحسد كوراي كثيراً على كونه يحملها فضيق كوراي عينيه و عقد حاجبيه و أخذ ينظر له غير متقبل ما يقال له.
-أنت اصمت! أنا كوراي صارغين سأجعلها تتكلم حتى لو في هذا العمر!
كان وضع دفنة كأنها كالتي تشاهد التلفاز و تضحك على ما يعرض فيه و مستمتعة جداً بكوب الشاي التي تشربه تتمنى لو لا ينتهي فهذا أفضل كوب شربته إلى الآن و عمر كان يراقب و ينتظر إلى أي مدى سيصل كوراي هذه المرة و متى سينهي ما يفعله.و حبن كان كوراي يهزها بهذا الشكل و هو يتكلم مع سنان شعرت إمينة بهذا الهز المستجد بالنسبة لها و تضايقت فوراً و لم تكتفي بهذا بل بدأت بالبكاء بين ذراعي الرجل و بقوة أيضاً.
-أحسنت، أبكيتها!
صفق له سنان بكلتا يديه و هو ينظر إلى الصغيرة المسكينة التي كان يشفق على حالتها. فنظر له كوراي ثم إلى إمينة بنظرات من الخوف و تعجب بنفسه.
-إمينوش...
حاول ينفسه أن يسكتها و لكن بلا فائدة فلقد تعرضت الطفلة إلى كوريش بزيادة اليوم و لا تستطيع أن تتحمل أكثر و هذا ما جعل والدتها تنهض من مكانها و هي تاركة كوب الشاي الذي انتهى و أخيراً و قررت أخذ ابنتها لأن على ما بدا لها أنها تحتاج النوم لأنها اختنقت من الوجود وسط الزحام و تضايقت من الأصوات العالية و تحتاج الراحة.
كوريش لم ينتبه لنهوض دفنة من مكانها و لم ينتبه لها في الأصل إلا عندما شعر بيدين تسحبان إمينة منه و بعيداً عنه.
كانت على وجهه نظرات الدهشة و الخوف من بكائها و عدم الاستطاعة في إسكاتها.
-ماذا تفعلين يا جافة؟ لماذا تأخذينها مني؟!
ارتكزت ذات الشعر الأحمر الصغيرة بين ذراعي والدتها و دفنت نفسها في كتفها و أخذت تتابع البكاء فتمسكت بها دفنة للغاية و نظرت للرجل.
-سأنيمها إذا سمحت لي...
و بعدها اتجهت ناحية السلم لتصعد إلى الطابق العلوي و كوريش من خلفها لا يصدق ابتعاد إمينة عنه و يحاول استعادتها إليه مما أثار تعجب الكثيرين من خلفه كأنهم يشاهدون مشهد من مسلسل و لا يفسرون ما سبب كل هذه التمثيليات.
و لكن هذا هو كوريش، لا يتغير أبداً!الكلمات التركي
Çok güzel bunlar هذه الأشياء جميلة
Çok teşekkür ederim canım شكراً جزيلاً يا روحي
Bakım madem لأرى إذاً
Söz وعد
İstemiyorum لا أريد
Uyumak istiyorum أريد النوم
Uyandım استيقظت
Birşey yok, ben burdayım لا يوجد شيء أنا هنا
Ama böyle olmaz و لكن هذا لا يجوز
Birtanem حبيبتي
Sen benım canımsın أنت روحي
Geldim جئتاحم احم انا رجعت 🙋🙋
ايه رايكو في البارت قيموني من غير ما تجرحوني 😂😂
انا الحمدلله كويسة انتو عاملين ايه 😳😳
عايزة اغير كفر (صورة) القصة بس مش راضي و لا ايديت يزبط معايا في حد شاطر في الايديت يساعدني في دا؟
الاغنية اللي كانت دفنة بتغنيها اسمها Mini mini bir kuş donmuştu
اغنية للاطفال ترجمتها على موقع بالجوجل لو عايزين تشوفو يعني ملقتش الترجمة بالعربي كسلت اترجم الانجليزي 😂😂😂
في اكونت على تويتر ليا بنزل عليه كل ما البارت ينزل اعملولي فولو عشان تعرفو البارت لما ينزل اسمو
@AmayaHime1
يلا باي 👋👋
أنت تقرأ
Cinderella And Her Prince
FanficRicorda stanotte, perché è l'inizio di tutto! ﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬﺓ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻛﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ! بعد الفراقات و الأحزان و الآلام التي تعرض لها عمر و دفنة يحق للزوجين أن يعيشا بسعادة مع أطفالهما. عمر و دفنة من بداية خطبتهما الثانية و حياتهما اليومية سوياً و حبهما...