٥٣-الحقيقة

757 30 4
                                    

بكت الفتاة كثيراً بين ذراعي زوجها حتى اكتفت من البكاء فابتعدت عنه لتنظر إلى وجهه وهي تمسح وجنتيها الرطبتين.
نظر عمر لها وهو يرى أنها اصبحت بحالٍ أفضل مما كانت عليه فراح يتأكد من أن دموعها لم تعد تتساقط من عينيها البندقية وراح يمسح عنها وجنتيها برفق ولطف.
  - أنت بخيرٍ الآن؟
رفعت البرتقالية رأسها لتنظر له كأنها تفكر في إجابة السؤال الذي طرحه عليها ولكنها أومأت برأسها في النهاية ثم أخفضت رأسها وهي تنظر إلى الأسفل مازال جزء في داخلها يبكي بسبب ما حدث لجدتها وجزء منها خائف لأن يحدث لها مكروه.
عندما رأى عمر انكسارها وركودها رفع يده ليضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع رأسها مجدداً لتنظر إليه بعينيها فرسم ابتسامة بسيطة على شفتيه ثم تحدث بنبرة مطمئنة.
  - لا تقلقي حبيبتي، جدتك ستكون بخير كوني على ثقة بذلك.
نظرت لعينيه تشعر بتجمع العبرات مرة أخرى في مقلتيها حين سمعت ما قاله فزمت شفتيها وهي تحاول النظر للبعيد وعدم مواجهة عينيه السوداويتين كي لا تذرف المزيد من الدموع فأومأت برأسها ببساطة وشهقت بارتجاف فحرك عمر يده السمراء ليمسك بيدها البيضاء ثم قال:
  - تعالي لأطلب لك الشكولاتة الساخنة كي تدفئك.
اتجه الاثنين يداً بيد إلى المقهى الخاص بالمشفى فجلست الفتاة على إحدى الطاولات بينما انتظرت زوجها ليأتي بالطلب إلى الطاولة.
مضت بضع دقائق على ذلك حتى جاء السينيور أخيراً يحمل كوبين أحدهما من قهوة لأجله والآخر شكولاتة ساخنة لأجلها.
  - هيا اشربيها دافئة كي تشعري بالدفئ.
وضع عمر كوب الشكولاتة الساخنة أمام حبيبته وراح يراقبها بدقة وهي تحرك يديها ببطء لتمسك بالكوب بين يديها كي تدفئهما فأخذت أولى رشفاتها لينتشر الدفئ في أنحاء جسدها فذكرها ذاك الدفئ بذكرياتها الشتوية الجميلة مع جدتها فأعادت الكوب إلى الطاولة مرةً أخرى وراحت تحدق به بعمق.
التقط عمر ملامحها التي مازالت حزينة وعلم أن الشكولاتة الساخنة لم تعدل مزاجها كما اعتقد بل ربما زادت الوضع سوءً كما طهر على تلك الملامح.
ترك الرجل كوب القهوة وامتدت يداه لتمسكان يداها الناعمتين فشعر بملمسها الساخن يتدفق من خلاياها إلى خلاياه.
  - روحي... لا تحزني نفسك أكثر.
نظر لعينيها التي مازالاتا تحدقان بالكوب بعمق فضغط على كفي يديها محاولاً أن يعطيها القوة التي تحتاجها للتغلب على ذلك الحزن ولكن دفنة لم تستطع أن تستقبل تلك القوة كما خطط لأنها كانت مشغولة بتذكر تلك الذكرى الدافئة على قلبها.
  - في الماضي حين كان الهواء يبرد والشتاء يأتي... كانت جدتي تعد لنا أكواب الشكولاتة الساخنة، حينها كنا... نجلس أمام التلفاز على أريكة واحدة ونغطي أنفسنا بغطاء ثقيل ونحتضن بعضنا البعض لندفأ أكثر... وبأيدينا الأكواب... ونشاهد مسلسلاتها المفضلة... كان المشروب الرسمي في الشتاء...
ارتسمت ابتسامة بسيطة فوق شفتي عمر وهو يسمعها تروي تلك الذكرى وراح يتخيل الذكرى بداخل رأسه وحينما أنهت ما كانت تقوله ضغط يديها الاثنتين بيديه وتكلم وهو مبتسم ابتسامة مشرقة.
  - إذاً في الشتاء القادم لنفعل ذلك مع إمينة، ستكون حينها قد اعتادت على شرب مثل هذه الأشياء.
ثم رفع يده اليمنى ولامس بشرتها بإبهامه.
  - جدتك إنسانة قوية... لن يصيبها مكروه، ستكون بخير.
أجبرها عمر على رفع رأسها إلى جهته فنظرت إلى عينيه واطمأنت لما قاله.
  - وما تحتاجه منك الآن هو أن تكوني قوية لكي تتعافى وتصبح بأفضل حال.
فكرت دفنة قليلاً بما يقول وارتاح قلبها لسماع تلك الكلمات منه. فهذه الكلمات التي كانت تحتاجها حقاً في وقت كهذا فأومأت برأسها ببساطة ليبتسم عمر ويلامس وجنتها بإبهامه.
  - نعم، أريدك أن تكوني قوية بهذا الشكل وسيصبح كل شيء على ما يرام.
كان كلامه الطيب كدوائها الذي يعالج جميع أمراضها وكان يكفي ليحسن من مزاجها ويعدل منه فنظرت لعينيه السوداويتين وشعرت بالرغبة في النظر لهما طوال الوقت لأنها تشعر بأن كل شيء جيد وبخير حين تنظر لهما ولكن عمر لم يلبي لها أمنيتها وقرر أن ينزل يديه من على وجهها ليمسك بكوب الشكولاتة وبيدها وجعلها تمسك به.
  - هيا اشربي هذا كله.
أومأت الفتاة برأسها مجدداً وبعدها بدأت بالرشف منه حتى أنهت الكوب كله وحبن لاحظت أنه قد أنهى قهوته تكلمت.
  - هيا لنعود إلى الغرفة عمر.
  - حسناً حبيبتي.
انطلق الاثنان عائدان إلى غرفة جدتها سوياً بخطواتٍ متباطئة ولكن وجود الطبيب على باب غرفتها جعلهما يسرعان خطواتهما كي ينظرا ما سبب مجيئه وفور وصولهما سمعت دفنة صوتاً مألوفاً لها فارتسمت بسمة تلقائية على وجهها وانطلقت فوراً إلى داخل الغرفة بدون أي مقدمات كي تتأكد أن ما سمعته كان صحيحاً.
  - جدتي...!
كانت المرأة مغمضة العينين وتتحدث بعدة كلمات غير واضحة على مسامع الجميع ولكن وجودها على هذا الحال كان كافٍ ليرسل الفرحة والطمأنينة في قلوب الجميع بما فيهم دفنة.
  - دفنة... ماذا سنفعل حيال سردار؟
بدأ الجميع يستوعب الكلمات التي تخرج من فمها فاقتربت دفنة إلى السرير وبدأت تلامس وجهها برقة حتى تعيدها إلى وعيها ولكن المرأة لم تتوقف عن الحديق
  - جدتي أنا هنا... جدتي هل تسمعيني؟
  - يجب علينا إيجاد المال... ولكن كيف سنجد ذاك القدر من المال؟
عقدت دفنة حاجبيها وحاولت استدراك أمر المال واستدراك أمر قد يحتاج سردار لدفع المال فيه ولكنها على حد علمها بأخيها وأعماله ليس مديون لأي مديون بأي قرش لأي أحد في الوقت الحاليوهذا ما أرسل الخوف إلى قلبها.
  - لقد ذهب وتورط مع المافيا... أنا أخاف أن يصاب بمكروه.
صدمت دفنة بما سمعته وراحت تلامس شعرها ببطء بعدها رفعت عينيها إلى زوجها وأخيها في البداية ثم بعد ذلك إلى الطبيب الذي كان قد بدأ يجري بعض الإجاراءات للتأكد من صحة العجوز.
  - أيها الطبيب... ما بالها؟ لما تتحدث هكذا؟
عادت دفنة إلى جدتها لتنظر لها بينما حاولت أن تطمئن قلبها بأنها بخير ولم يصبها أي مكروه سوى فقدان الوعي الذي حدث في منتصف الليل فقط ليس إلا ولكن خيبت توركان أمالها بآخر ما قالته لترسل الصدمة إلى قلوب وعقول الجميع.
  - وما أنت إلا نادلة... كيف سنحصد ذاك القدر من المال؟!
  - جدتي!
  - Nasıl yani?
  "كيف ذلك؟"
كانت دفنة في حالة صدمة مما سمعته يخرج من فم جدتها فحركت رأسها لتنظر إلى الطبيب الذي كان مشغولاً بالنظر إلى وجوه الجميع في الغرفة عله يفهم ما يحدث وما تقوله المرأة المسنة فتكلمت دفنة وهي تشعر بغصة مسننة في حلقها.
  - حضرة الطبيب، لقد كنت أعمل نادلة قبل ثلاث سنوات من الآن!
حين قالت ما قالته استدرك سردار الأمر سريعاً وتكلم يعلق على موضوع المافيا التي تكلمت عنها توركان.
  - نعم ومشكلة المافيا كانت قبل سنوات، كيف ذلك؟
صمت لثانية واحدة ثم تكلم مجدداً عن ما استنتجه من كلام العجوز.
  - هل من المعقول أن تكون قد نست ما حدث خلال الثلاث سنوات؟
  - لا يعقل!!
نظر الطبيب للثلاثي الذين أمامه ثم نظر إلى المرأة التي أمامه وتكلم متنهداً حين شعر بأن الأمر صحيح بالفعل فتكلم يفسر سبب ذلك.
  - قد يحدث ذلك تحت تأثير الصدمة في بعض الأحيان.
  - صدمة ماذا؟ لم تتعرض لأي شيء!
انتفضت دفنة قائلة لا تصدق كلمة واحدة مما سمعته ولكن حين شعرت بأن الجزء المتعلق بما حدث لها قبل مجيئخا إلى هنا ينقصها ولم تعشه معها حركت وجهها باتجاه أخيها ونظرت له متسائلة.
  - أو تعرضت...؟
عينا دفنة الاتهامية سقطت على أخيها فلم يستطع سردار أن يصمت أكثر من هذا وباح بما هو مدفون في قلبه حين شعر بأن ما حدث لجدته كان بسببه.
  - لقد سمعتنا ونحن نتحدث.. أنا ونيهان... عن ما حدث من سنوات.
عم الصمت واتجهت عيون دفنة وعمر إلى الرجل ورغم أن ما قاله لم يكن واضحاً وضوح الشمس إلا أنهما فهما ما قاله جيداً وفهما مقصده تماماً.
  - يعني... سمعت كل شيء عنكِ وعن عمر وعن اللعبة!

..........................................................
بارت جديد وسوري على التاخير
انا عارفة اني مقصرة في حق القصة دي هي كمان والقصة التانية بس والله انا نفسي مش عارفة مالي
بكتب بالعافية عشان كدة كل البارتات الجديدة قصيرة 🙁
رغم اني حابة الكتابة جدا ولسة عندي افكار ليها وللقصة التانية كمان بس مش عارفة في ايه بجد
لكن الحمدلله انا لسة حابة الكتابة وحابة القصتين ومستحيل انهيهم في اي وقت جاي
عشان تطمنو بس ❤️
ارجو انكم تستحملوني ❤️

Cinderella And Her Prince حيث تعيش القصص. اكتشف الآن