فتحت الفتاة عينيها الجميلتين لتتقابل مع المرآة التي كانت تعكس صورتها الملائكية. فتبسمت بدفئ عندما رأت صورتها في المرآة و وقعت نظراتها على فستانها الأبيض، ناصع البياض و الخلاب الذي أظهرها كالأميرات.
نعم، إنه ثالث فستان زفاف ترتديه من أجل عمر. و لأجل عمر فقط كانت مستعدة أن ترتدي المئات من فساتين الزفاف لأنه يستحق هذا. و لكن هذا هو الفستان الأخير الذي سترتديه لأن المد و الجزر قد انتهى أخيراً و قرر الاثنان ترك الآلام و الأوجاع في الماضي لبناء حياة جديدة معاً ليعيشا بسعادة و أمان مع طفلهم القادم.
فهما الآن قد تجاوزا تلك العوائق و ينتظران بعضهما البعض لإسعاد أحدهما الآخر.
سمعت الفتاة ذات الشعر الأحمر المنسدل على كتفيها بطريقة منظمة و جميلة الباب يفتح من خلفها. لم تلتفت لتنظر من القادم و بدأت بالاستماع الى الخطوات القادمة من خلفها لترى صورة نيهان منعكسة في المرآة و تبتسم بدفئ لرؤية جمال صديقتها الأخاذ.
-أوهااا... دفنة أصبحت جميلة جداً!
لم تتغير ابتسامة دفنة ثم التفتت ببطء لتنظر الى صديقتها التي قد بدأت الدموع تتراكم في عينيها من الفرح.
-حقاً؟
-نعم، أصبحت جميلة...
لاحظت دفنة الدموع في عيني صديقة عمرها و بدأت بالمشي بتجاه أختها لتحتضنها.
-ماذا هناك؟ لم البكاء؟
-لم أتخيل أني سأعيش تلك اللحظة حقاً، أنا سعيدة من أجلك جداً!
ابتسمت دفنة ابتسامة أخرى، صافية و بريئة و ابتعدت عن صديقتها لتنظر الى عينيها المملوءة بالدموع.
-العروس من تبكي يوم زفافها، لم تبكي أنت؟
ضحكت دفنة على حال صديقة عمرها و كانت سعيدة جداً لأنها معها في يوم كهذا. فبرغم ما حصل بينهما و مشاجرتهما سوياً لم يتغير شعور أحد منهما تجاه الآخر بل زاد قربهما لبعضهما و أصبحا يحبان بعضهما أكثر. إن دفنة قد اعترفت أن بدون نيهان لم تكن لتصل الى هذه النقطة. فبنصائحها و قرارتها التي كانت تشاركها إياها، استطاعت دفنة أن تسلك الطريق الصحيح. فنيهان صديقتها وأكثر من أخت لها.
-كفي عن البكاء يا فتاة؟ سيصبح شكلك مثل دراكولا!
ضحكت دفنة مجدداً على صديقتها و الكحل الذي سبب سواداً تحت عينيها.
التقطت نيهان منديلاً سريعاً ثم بدأت بمسح عيناها لتختلس النظرات على دفنة التي كانت قد رجعت للنظر إلى المرآة مرة أخرى مما سبب الدهشة من رد فعلها.
-دفنة...
-همممم؟
-أنت ستتزوجين اليوم!
-نعم... سأفعل.
كانت الفتاة ذات الشعر الأحمر هادئة عن غير العادة و هذا سبب القلق لنيهان التي اعتادت على جنونها و ركضها من مكان إلى مكان آخر من كثرة التوتر.
-دفنة، هل أنت بخير؟
-ماذا هناك نيهان؟!
بلعت نيهان ريقها و بدأ القلق يغزوها فبدأت الفتاة صاحبة الشعر البني بالاقتراب منها لتلمس كتفها.
-أنت لم تشربي الكحول أليس كذلك؟! لا يجوز أن تشربي فأنت حامل!
-بالطبع لن أفعل شيئاً كهذا، كفي عن هذه الحماقات!
اقتربت من وجهها لتشم رائحة لترى أنها كانت طبيعية جداً لم تشرب شيئاً. و هذا ما سبب القلق لنيهان أكثر.
-أف نيهان! ماذا هناك؟!
-دفنة أنت هادئة زيادة عن اللازم! هل أنت تدركين هذا؟
-نيهان...
حدقت دفنة عليها منزعجة من تصرفاتها و ما تقوله.
-هل حقاً أنت بخير؟
بدأت دفنة تتضايق من كلام ذات الشعر البني و أرادت أن تصفعها من عصبيتها و لكن أمسكت نفسها.
-بخير عزيزتي نيهان بخير.
يبدو أن صدمة العرس قد أثرت عليها لهذا هي لا تستجيب للتوتر أبداً.
بدأت نيهان بأخذ بضع خطوات إلى الخلف و منه الى باب الغرفة لتخرج و تنادي أحد ليساندها في مساعدة تلك المجنونة.
...................................................................................
نظر سنان إلى صديقه و الفرح يقفز من عينيه لأنه و أخيراً قد عاش تلك اللحظة دون الخوف من خسارة صديقه بسبب ذلك السر.
كان عمر يرتب نفسه أمام المرآة و يرتب بدلته السوداء ليلحظ نظرات سنان الذي كان جالساً على مسند الكرسي الذي خلفه. التفت عمر بعد انتهاءه من تعديل بدلته و سأل.
-كيف؟
-رائع!
أخذ عمر ينظر إلى حذائه و منديله ليتأكد من أن كل شيء في مكانه و على أكمل وجه.
-ستتزوج يا أخي...
نهض الشاب من مكانه و ظل محدقاً في صديقه ثم ابتسم سنان ابتسامة عريضة دافئة حتى بدأت عيناه تلمعان.
-سأتزوج يا أخي.
ابتسم عمر لسنان الذي كان يخطو الى الأمام.
-ستكون أسرة و عائلة.
وضع عمر يديه في كلا جيبه و شرد في الحائط الذي أمامه و أخذ يفكر في أكثر الأشياء حماساً.
-نعم... أنا لازلت لا أصدق أني سأصبح أباً.
نعم كان هنالك ذلك الشيء أيضاً. دفنة حامل بطفل عمر. صديقه و أخوه سيصبح أباً لطفل صغير يركض و يلعب في أرجاء البيت.
حين يفكر سنان في أنه قد يصبح عمر أب، فكر في أنه سيكون أب مثالي، فبرغم سوء طباعه و عصبيته و لكن يعرف أن أولاده سيحبونه كثيراً و يحترمونه.
لكن في بعض الأحيان يبدأ في التفكير إذا كان سيصرخ على أولاده بعدم أدائهم لوظائفهم أم لأنهم لا يريدون النوم. فهذا حينها سيغير صورة عمر إيبليكجي التي في خيال الكل.
و لكن رغم ذلك، سنان سعيد جداً لهذا له و يتمنى له حياة جميلة.
-ماذا هناك؟
لاحظ عمر ملامح سنان الذي كان تارة يضحك و تارة يتوتر و تارة أخرى يشعر بالحزن.
-لا أعرف يا أخي... اليوم أنا... في خليط من المشاعر.
-تقول...
-على أي حال.
اقترب سنان من عمر وربت على كتفه الأيمن.
-أنا سعيد جداً لأني حظيت بفرصة رؤيتك سعيد يا أخي... أتمنى لك السعادة الأبدية!
ابتسم عمر حينما شعر بصدق و دفئ كلام أخيه و هم لاحتضانه.
-أخي!
.................................................................................
-سردار، إنها ليست بخير!
-كيف ليست بخير؟! هل حدث لها شيء؟! هل الطفل على ما يرام؟!
شعرت نيهان بغباء زوجها و لكن لم تستطع توبيخه بسبب وجود الكثير من الناس حولهم.
-هل هذا ما أقوله أنا سردار؟!
-إذاً ماذا تقولين؟
أخذت زوجها صاحب الشعر الأسود من يده إلى غرفة العروس و فتحت الباب ببطئ لترى أن دفنة كانت هادئة جداً تنظر من الشباك.
-ما بها؟ أراها طبيعية!
حدق سردار على أخته ليلاحظ أنها طبيعية و لم يحدث لها شيء و أنها بخير ليست كما قالت له نيهان.
-نعم، طبيعية... وهذه هي المشكلة!
اندهش الرجل من كلام زوجته و بدأ يشك في كلامها و أنها هي التي ليست بخير.
-حبي، هل أنت بخير؟
-سردار، دفنة طبيعية جداً زيادة عن اللازم و هذا ما يقلقني...
صمتت قليلاً لتنظر إلى صديقتها بتوتر.
-...نحن نعرف دفنة و حالاتها عندما تتوتر. فكيف لها أن تصبح هكذا في لحظة؟!
نظر صاحب الشعر الأسود الى أخته مرة أخرى و بدأ يتفهم ما عنته زوجته و شعر فعلاً أنها على حق. بدأ بالمشي باتجاه الشباك لينادي على دفنة ببطئ.
-دفنة...
التفتت السينيورينا بشعرها الأحمر لتنظر لمن يناديها و ابتسمت حين رأت أخوها أمامها.
-أخي...
-هل أنت بخير؟
-بخير... بالطبع بخير!
نظرت دفنة ببلاهة الى أخوها لتلحظ نظرات القلق على وجهه ثم أدارت رأسها لتنظر إلى نيهان القادمة من الباب لترى نفس نظرات القلق.
-ماذا بكما اليوم؟ أنا بخير، أقسم لكم أنني بخير!
كانت تقول الصدق في كلامها و لكن لأنهما يعرفانها و يعرفان جنونها لم يقتنعا بذلك.
-يعني...
لم يستطع سردار أن يكمل كلامه حتى قاطعه صوت شخص قادم من على الباب.
-ديفو جيك! ما هذا الجمال؟
أتى إيسو من الخارج عندما لاحظ أن الباب مفتوح و قرر الدخول لاختلاس النظرات على صديقته الجميلة.
-إيسو!
ركضت دفنة لصديقها العزيز و احتضنته و من ثم جلس الجميع و بدأ بتناول الحديث.
-ماذا يحدث؟ لم هذا التجمع؟
قال إيسو الذي كان و قد جاء حديثاً لا يفهم ماذا يحدث في هذا المكان حقاً.
نظر كل من نيهان و سردار لبعضهما ثم نظرا إلى إسماعيل الجالس في الجهة المقابلة.
-إنها بدأت أن تصبح معتوهة...
همست نيهان للشاب الذي مندهشاً من ذلك الشيء ثم عاد بنظرته الى دفنة التي كانت تبدو عادية. حسناً كانت عادية جداً مما أثار فضوله و تعجبه في نفس الوقت.
-ديفو، هل أنت بخير؟
-ما بكم اليوم؟ هل تريدونند أن أبكي إذاً؟!
بدأ سؤال الناس عن حالها يضايقها حقاً و لم ترد أن تستمع الى تلك الأسئلة أكثر.
-لا بالطبع عزيزتي، لماذا سنريد هذا؟
-نعم، أنا كالقنبلة!أهذا يريحكم؟
لم تكن نظرات الجميع تريحها لأن في يوم كهذا كان من المفترض أن يساندها الجميع بدلاً من أن يخبروها و يسألوها إذا كانت بخير أم لا.
-دفنة نحن نطمئن عليك فقط. أنت تعرفين كم كنت متوترة في الخطوبة!
-ها...
فهمت دفنة المجنونة الآن لما كانت كل تلك الأسئلة و النظرات الغريبة لها. فطبيعتها أنها تتوتر من أبسط الأشياء فكيف ليوم كبير كهذا أن لا تتوتر فيه.
-حسناً، فهمت.
لم تعلق دفنة كثيراً على ما قاله آخر شخص تكلم مما أثار التعجب، بل شدة التعجب و نظرات الحيرة ملأت المكان و بدأوا بالفعل يشعرون أن صدمة العرس أثرت عليها و جعلتها غير طبيعية.
....................................................................................
مرأت تلك الساعات الطويلة في التجهيزات للعرس ببطئ شديد. فكل من العريس و العروس في غرف مختلفة ينتظران تلك الدقيقة التي تدق فيها الساعة لإخبارهم بالمجيء والمشي سوياً يداً بيد ليعقدا قرانهما.
و بعد ذلك الانتظار الطويل حان الموعد أخيراً. خرج العريس بهامته و بمظهره الوسيم و الأنيق من غرفته و في انتظار عروسته التي كانت في الغرفة المواجهة له.
و من ثم، خرجت تلك الفاتنة بفستانها الأبيض الذي أظهرها كالحوريات و الأميرات ممسكة بباقة من الزهور الجميلة. صراحة مهما أعطاها عمر من ألقاب لن يكفي لوصف جمالها.
أنت تقرأ
Cinderella And Her Prince
Fiksi PenggemarRicorda stanotte, perché è l'inizio di tutto! ﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬﺓ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻛﺒﺪﺍﻳﺔ ﺍﻟﺨﻠﻮﺩ! بعد الفراقات و الأحزان و الآلام التي تعرض لها عمر و دفنة يحق للزوجين أن يعيشا بسعادة مع أطفالهما. عمر و دفنة من بداية خطبتهما الثانية و حياتهما اليومية سوياً و حبهما...