٥٠-ابقي بجانبي!

1K 39 6
                                    

عقد الرجل حاجبيه و ضغط جفني عينيه معاً لثانية ثم فتحهما بعد ذلك لينظر بتشوش على السقف يحاول استيعاب ذلك الصوت الذي دخل لرأسه و استمر وضع كذلك لبضع ثواني ليستدرك أخيراً أن ذلك الصوت كان صوت بكاء ابنته الصغيرة فنهض من فراشه فوراً ليتجه ناحية سريرها.
  - حبيبتي...
عندما وصل إلى فراشها أنزل كلا كفيه إلى داخل سريرها ليضع أنامل يديه الثمانية خلف ظهرها و إبهاميه على بطنها ثم رفعها إلى حضنه و راح يربت على ظهرها.
  - ششش... أنا هنا لا تخافي...
خرج صوته من جوفه أجش إثر نومه بينما استنشق أنفه رائحتها الملائكية.
ربت عمر على ظهر الصغيرة ليطمئنها بوجوده بجوارها و معها و راح يتحرك يميناً و يساراً حتى تهدأ و في تلك اللحظة تشبثت إمينة بتيشرته بأصابعها الصغيرة و ارتاحت كلياً لوجوده بجانبها.
أغمض الرجل عينيه يستمتع بتلك اللحظة بكل ما فيها من دفء و رائحة يعشقها و لمسات بسيطة كادت تفقده عقله المسكين الذي تغلب عليه قلبه بعشق تلك المخلوقة الصغيرة بدون أي مقابل.
مرت تلك اللحظة كأعوامٍ من النعيم عليه حتى فتح عينيه أخيراً ليتقابل مع حياته و روحه فابتسم حين شعر بهدوئها و سكينتها و اقترب ليضع قبلة عميقة لطيفة على وجنتها البيضاء المكتنزة.
  - Hadı bakalım prenses... İyi geceler!
"هيا لنرى أيتها الأميرة... تصبحين على خير!"
حرك عمر صغيرته من فوق صدره لينقلها إلى السرير و لكن كانت الصغيرة متشتبثة بقوة لا تريد إفلات قماشة قميصه و عندما وضعها على السرير أفلتته دون قصد لأن أصابعها الصغيرة لم تحتمل الإمساك أكثر فلم يعجبها الابتعاد عن والدها و أطلقت صرخة معلنة عن بكاء جديد.
  - Noldu sana Eminem?!
"ماذا حدث لك إمينتي؟!"
فاضطر لحملها مجدداً إلى حضنه و تشبث بها لعدة دقائق حتى هدأت من جديد.
  - يبدو أن عملي سيكون صعباً معك!
نظر الرجل إلى عيني الفتاة بحدة مزيفة ثم بعد فترة من التحديق تنهد بتعب و نعاس.
  - تعال معي إذاً طالما تحبيني بهذا القدر و لا تريدين تركي!
أخذها معه إلى السرير و وضعها في المنتصف بينه و بين زوجته و راح يحدق به و الفتاة متشبثة بإصبع من أصابعه السمراء و قال بصوتٍ منخفض و هو يقبل رأسها:
  - هيا نامي يا روحي....
لم تشعر الفتاة بشيء بعد ذلك و غطت في نوم عميق بارتياح شديد بعدما أخذت كفايتها من رائحة والديها التي تطمئنها و تريحها في نومها و لكن عمر لم ينم فوراً بل كان يستمتع بالصورة التي أمامه، بجمالها و برائتها و روعتها.
إلى أن غطى في النوم و هو يراقب صغيرته الجميلة و زوجته التي جملت صورتها من خلفها.
بعد مدة شرقت الشمس من تحت الأفق و تسللت خيوطها البيضاء من خلال قماشة الستار البيضاء الذي زين الباب الزجاجي للشرفة الخارجية التي تطل على حديقة المنزل و المسبح.
و حين استقبلت خلايا عيني البرتقالية ذلك الشعاع اللطيف أخذت شهيقاً عميقاً من أنفها لتطلقه بزفيرٍ هادئ مرتاح و بعدها فتحت عينيها البنيتين ببطء شديد لتقعا على ما أمامها فور فتحهما.
و ما كان أمامها كان سرير صغيرتها الفارغ فعقدت حاجبيها حين رأته فارغاً لتنتفض من مكانها و تجلس على السرير و لكنها حين حركت جسدها النحيل في ناحية عمر و هدأ قلبها حين لاحظت أن صغيرتها تنام بجوارها تنهدت براحة و عادت للاستلقاء على السرير مرة أخرى.
لا يمكنها أن تعيش يوم واحد بدون أدرينالين حتى في صباحها الباكر كذلك و بدون أن تسأل عن سبب وجود صغيرتها بينها و بين زوجها رفعت يدها البيضاء و راحت تلامس وجهها الصغير بأناملها بكل رقة و حنان و لم تلبث أن ارتسمت ابتسامة بسيطة نعسة على شفتيها و اقتربت لتضع قبلة على وجنتها البيضاء تشعر بنعومة و جمال جلدها الرقيق.
  - Canım...
"روحي..."
كانت تحبها، تحبها جداً.
كانت روحها التي تخاف عليها حين تغمص عيونها للحظة.
تخاف عليها من الهواء المحيط بها.
تخاف عليها من أصغر الأشياء التي قد تلامسها.
تحبها لدرجة تتمنى أن تراقبها طوال الوقت و لا تمل و لا تتعب من مراقبتها.
و هي مصدر الدفء الذي تلجأ إليه في كثيرٍ من الأحيان.
هي ابنتها روحها، جزء من جسدها فكيف لها ألا تحبها؟!
بينما انشغلت البرتقالية في مشاهدة و حفظ تفاصيل ابنتها للمرة المليون التقط ناظرها وجه السينيور الوسيم من خلف صغيرتها فابتسمت و راحت تعطيه جصته من المشاهدة هو الآخر.
زوجها الوسيم الذي مهما حدث بينهم لا يقل عشقهما لبعضهما البعض بل يزيد... و كثيراً.
وصلا إلى ذروة الحب التي لا تقل و لا يمل منها أحد!
كان مصدر طاقتها و راحتها في الحياة فلا تتخيل أبداً كم سيكون حالها مزري بشكلٍ مهين إذا ابتعد عنها و لو لليلة واحدة.
كان روحها هو الآخر فكيف لا تحب روحها؟!
طرأت على رأس الفتاة فكرة رائعة فنهضت من مكانها تبحث بيدها عن هاتفها و التقطت للأب و ابنته العديد من الصور لتحتفظ بها على هاتفها.
بعد التقاط الصور فتحت دفنة الاستوديو و راحت تشاهد تلك الصور و ابتسامتها من الأذن للأذن.
  - Çok güzel...!
"جميلة للغاية...!"
و بعدها نهضت البرتقالية من السرير بعزم و جد لتحضير مأدوبة إفطار عريضة لزوجها العزيز الوسيم الذي كان يستيقظ مبكراً كل صباح و يعمل جاهداً لتحضير الفطور من أجل حبيبته و لكن هي ستفعل هذا هذه المرة، هي ستجتهد لإرضائه.
انطلقت الفتاة بمرح و سعادة ناحية حمامهما المشترك لتستعد للهبوط للطابق الأول لبدء العمل بينما كان الرجل يغط في نومٍ عميق و رائحة ابنته التي يعشقها تحتضنه و تريح خلاياه دماغه و جسده.
بعد انتهاء دفنة من تجهيز نفسها اتجهت إلى الطابق الأول بكل حماس لأجل إعداد المفاجأة التي رغم بساطتها و لكنها آمنت بداخلها أنها ستفرح السينيور للغاية.
  - Evet.... Hadi başlayalım...!
"نعم... هيا لنبدأ...!"
بدأت البرتقالية العمل بالفعل و لشدة حماسها في تحضير ما لذ و طاب للسينيور نسيت أنها عندما تتحمس بهذا الشكل لتحضير شيء خاص بزوجها يبدأ عقلها بسرد ذكرياتهما سوياً فيتشوش و يجعلها شاردة مبتسمة ببلاهة محمرة الوجنتين متنهدة بحرارة كل دقيقتين أو أكثر.
و عدم التركيز في عملها كان في قمة القائمة!
و ها هي... تفعل نفس الشيء الآن.
قامت الفتاة بتحضير الأطعمة الصباحية المفضلة للسينيور مع تجهيز كوب من القهوة الصباحية التي يشربها ليصحو و لكن للأسف عندما أصابتها تلك الحالة نست الطعام على النار حتى احترق!
لم تلحظ دفنة ذلك في البداية لأنها كانت منشغلة بحمل كأس القهوة المرة و لكن عندما شمت الرائحة كانت هذه أولى الكوارث!
  - الطعام... الطعام قد احترق!
سارعت دفنة إلى الفرن كي تنقذ ما يمكن إنقاذه و لكن بدون أن تنتبه وضعت فنجان القهوة على الهواء عوضاً عن وضعه على الطاولة فــوقع على الأرض و.... انكسر!
.............................................
فتح صاحب الشعر الأسود عينيه ليتقابل مع أجمل منظر قد يراه إنسان و هي ابنته الصغيرة ذات الخمسة أشهر تحدق به و ببشرته السمراء بينما كانت أناملها الصغيرة تعبثان بلحيته السوداء الناعمة.
كم كان شعوراً رائعاً أن تتلقى تلك اللمسات من طفلٍ رضيع بهذا العمر و هذا الحجم و تلك اللطافة.
لم يجد الرجل نفسه إلا مبتسماً حيث أمسك يدها الصغيرة التي تلامس لحيته و قبلها بعمق.
  - Babacığım... Canım... Ne güzel kokusunu!
"ابنتي... روحي... ما أجمل رائحتك!"
بعد وضع عدة قبلات فوق جنته فأظهرت الصغيرة قليلٍ من الاستمتاع بإصدار عدة أصوات مختلفة أما هو توقف عن تقبيلها عندما وقع ناظريه فوق الجانب الفارغ من السرير و خمن في البداية أن زوجته قد تكون في الحمام فتابع مداعبة إمينة بأنامله لبضع دقائق أخرى و هو ممدد على جانبه الأيمن على السرير ينتظر خروج زوجته من الحمام و لكن اتضح في النهاية أنها لم تكن هناك من الأساس.
  - يبدو أن والدتك قد استيقظت باكراً جداً إمينتي!
  - ااااه...
  - نعم، أنا أوافقك الرأي!
اعرضت ابتسامة عمر و نهض ليجلس على السرير ثم حمل إمينة بين ذراعيه و لكن عبس عندما دخلت رائحة حفاضها الكريه إلى أنفه.
  - أقول لو أغير لك حفاضتك في البداية قبل الذهاب لوالدتك، ماذا تقولين؟
  - ااااه...
عضت إمينة أصابع عمر أو ما استطاعت عضه منهم فلامس عمر لثتها الخالية من الأسنان و ابتسم.
  - اتفقنا إذاً!
و بعدها نهض من مكانه يحملها في حضنه متجهاً إلى غرفتها المجاورة للوصول للحفاضات النظيفة و بعد انتهائه من تنظيف صغيرته اتجه للحمام لغسل وجهه و تغيير ملابس النوم لملابس بيتية.
انتهى شاه السمر من عمله سريعاً و انطلق إلى الطابق السفلي و فور وصوله سمع عدة أصوات تأتي من المطبخ فنظر لإمينة التي تعض في قماش قميصه و قال مبتسماً:
  - والدتك لم تسمع الكلام و نهضت مبكراً لتعد الفطور مجدداً!
تنهد شاه السمر و اتجه بعد ما قاله إلى المطبخ فارتسمت ابتسامة صباحية نعسة على شفتيه و قال مازحاً:
  - دفنتي... ألم أخبرك بألا تغادري السرير في نومي؟ فعلتك هذه تستحق العقاب الشديد!
و لكن شيئاً ما منعها من الكلام، منعها من سماع كلامه حتى لأنها كانت مشغولة بدرجة كبيرة في محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
و لكن... بدون فائدة!
  - دفنة...
دخلت رائحة الطعام المحترق إلى أنفه و لمح الفنجان المنكسر على الأرض فعلم فوراً ما حدث هنا و علم سبب ذعرها تركض من هنا لهناك بكثير من كلمات التأفف و الاعتراض بدون أن تنتبه لوجوده.
و بدون حتى أن تلتفت لتريه ملامح وجهها خمن عمر أن بسبب ما حدث هذا ستكون اليوم سيئة المزاج.
و الأفضل أن ينسحب حتى لا يطوله سوء مزاجها و لكن... فات الأوان!
  - اااااه...
أصدرت إمينة صوتاً مميزاً آخراً من فمها لتستوعب دفنة الآن أنهما هنا فتركت كل ما تفعله و استدارت في مكانها لتنظر له و هو يقف في بداية المطبخ.
و ما أثر عليها أكثر شيء كان رؤية عمر للكارثة التي اختلقتها في المطبخ فشعرت بإحراج شديد و أرادت أن تدفن نفسها في أقرب حائط!
  - حبي... لقد استيقظت...
  - نعم.... هل أنت بخير؟
كان متوتراً قليلاً و مرتبك لسؤالها ذاك السؤال لأن الجواب يظهر في العنوان و لكن أراد أن يتأكد بنفسه و يتأكد إلى أي مدى سيؤثر ما حدث فيها.
أخفضت دفنة رأسها و حدقت بالأرض كطفلة صغيرة مذنبة و حاولت أن تومئ برأسها لتشعره بأن كل شيء بخير و لكن فشلت في ذلك أيضاً فانفجرت باكية بكل أسف.
و لأنه عمر و لا أحد غيره هرع نحوها بخوف و تلقائية و احتضنها ليربت على ظهرها النحيف يشعر بأنه قد ارتكب حماقةٍ ما و أحزنها فباختصار شعر بالذنب حيالها دون ارتكابه من الأساس.
  - حبيبتي... ماذا هناك؟ ما كل هذا البكاء؟!
اشهجت البرتقالية بالبكاء كطفلة بعمر العاشرة و راحت تبكي طويلاً حتى بللت قميصه البيتي و قبضت على القماش الذي يغطي ظهره بكلتا يديها بقوة فقالت بين شهقاتٍ باكية:
  - أردت أن أحضر.... لك مفاجأة و أجهز لك الفطور... و لكني فشلت... فشلت في ذلك.... و أحرقت الطعام!
ثم عادت برأسها للخلف و أشارت بسبابتها على الأرض مكان الفنجان المكسور.
  - و انظر... كسرت فنجان القهوة كذلك... أنا فاشلة في كل شيء و لا أستحق لقب زوجتك!
زاد نحيبها و زاد استغراب عمر من حساسيتها الغير مفهومة و لكنه لم يعترض بل هرع إليها و راح يحاول تهدئتها أكثر.
  - دفنة ماذا تقولين حباً في الله؟ أنت و الفشل؟ هل تصدقين ما ينطقه لسانك؟!
مسح عمر أنامله على وجنتيها ليزيل قطرات الدموع التي بللتهما و نظر لعينيها الحمراوتين و أكمل كلامه.
  - إذا كنت أنت تصدقين ذلك فأنا لا أفعل!
انتبهت دفنة لما يقوله و محاولته شرحه و قررت الاستماع لباقي الحديث لأنها شعرت بأن ذلك سيريحها فأكمل:
  - أنت زوجة رائعة و أم مذهلة!
  - تحضرين ما لذ و طاب و ألذ قهوة أشربها هي تلك التي من صنع يديك!
  - تبهريني بقيامك بكل شيء في آنٍ واحد و تجعليني أشعر كم أنا محظوظ لأن أكون زوج لامرأة مثلك....!
  - ااه...
مسح عمر على ظهر صغيرته التي مازال يحملها و نظر بطرف عينيه عليها مبتسماً ابتسامة بسيطة.
  - نعم إمينة، أخبريها!
ضحكت الفتاة رغماً عنها و مسحت على ظهر إمينتها تقبل قدمها الصغيرة أو ما طالته منها بالأصح لفارق الطول بينها و بين زوجها.
و في أثناء انشغالها بالنظر على صغيرتها و مداعبة جسدها الصغير أمسك عمر جهة وجهها اليمنى و مسح بإبهامه على وجنتها البيضاء.
  - أنت رائعة يا زوجتي و لكن لنقل أن هناك خلل ما و سوف نصححه.
و بعدة كلمات منه انقلب مزاجها مئة و ثمانون درجة ليغيرها كلياً من تلك الكئيبة الباكية إلى تلك الخجولة ذات الابتسامة المشرقة لسماع كلام هذا الضخم الوسيم.
فأخذت صغيرتها منه تقبلها و تشبع منها بينما راح عمر ينظر في المكان و ينظر إذا ما كان هناك ما يمكن إنقاذه و لكن بكل أسف لم تكن هناك فرصة لفعل ذلك.
فأخذ معدات التنظيف و جلس القرفصاء لينظف فنجان القهوة المكسور و القهوة التي لوثت الأرضية.
  - ما رأيك عوضاً عن تحضير الفطور و القهوة مجدداً نذهب لتناول الفطور في الخارج مع ابنتنا الجميلة؟
  - نعم سيكون هذا جميلاً للغاية. لم نأخذ إمينة إلى الخارج منذ زمن!
اتسعت ابتسامة السينيور و رفع رأسه ليشاهدهما.
كانت الفتاة ترفع إمينة إلى أعلى مستوى من رأسها و تنظر لها و هي تداعبها و تبتسم لها و الصغيرة مستمتعة بذلك و تبتسم ببراءة لوالدتها.
فظل عمر يشاهدها بهيام و ابتسامة حب تعلو شفتيه بينما لم تتوقف يده عن العمل في لملمة ما كسرته دفنة و بسبب عدم تركيزه في عمله جرح يده بكل أسف.
فأطلق صيحة خافتة متفاجئة إثر ذلك لتتوقف الفتاة عن ما تفعله و تنسر له بذعر.
  - حبي.... هل أنت بخير؟ ماذا حدث؟
اتجهت دفنة إليه سريعاً و جلست القرفصاء بجواره لتنظر له و عبست فور رؤيتها للدم الخارج من يده.
  - ابتعدِ عن الزجاج... كي لا تجرحِ نفسك
لم تأبه دفنة لأمره و سبحت يدها في الهواء حتى أمسكت بيده لتنظر إليها عن كثب و النظر إلى أي مدى ساء الجرح.
  - ليس هناك شيء يذكر، أنا بخير.
و لكنه تابع المراوغة و محاولة تحرير يده من قبضتها و لكنها لم تنصاع له و تمسكت بها بقوة و وبخته قليلاً.
  - ماذا تقول؟ لقد جرحت نفسك و هذا يؤلمك بالتأكيد...
راحت تقلب يده في يدها و تنظر لكل جزء منها كي تتأكد أنه لا يوجد سوى هذا الجرح البسيط لا غير.
  - هل تتألم؟ هل الجرح عميق؟
هز الرجل رأسه بنفي للسؤال محاولةً منه تهدئتها و طمأنتها و لكنها دفنة في النهاية لم تطمئن على صحة زوجها بأي شكلٍ كات فنهضت من مكانها و هي ترفع ذراعه معها و قالت آمرة:
  - تعال لنعالجها في الحمام.
  - Gerek yok söyledim!
"قلت لك لا داعي!"
تجاهلته و تابعت سحبه إلى أن نهض ثم اتجهت إلى خارج المطبخ و بعدها التفتت و هي تنظر إليه و تقول:
  - اذهب إلى الحمام قبلي، سأضع إمينة على الأريكة و آتي.
تنهد الرجل باستسلام و لم يتناقش و لا يتحدث معها أكثر من ذلك لأنه بالكاد كان يفوز مع دفنة في أي نقاش حتى لو كان هو صحيحاً في ذلك لأنها دائماً تحاول إقناعه بوجهة نظرها التي اقتنعت بها و لا ترى غيرها البتة و الآن اكتفى بقول 'حسناً' كي لا يقع على عاتقه جنونها.
ذهب الزوج بجهة الحمام الذي يقع في الطابق السفلي بينما اتجهت دفنة إلى أقرب أريكة لتضع إمينة عليها و ابتسمت حين لاقت عينيها و قالت و هي تحاول إبعاد يدها الصغيرة عن ملابسها:
  - حبيبتي انتظري هنا قليلاً.
و أعطتها لعبة تصدر صوتاً حين يتم تحريكها فأمسكتها الصغيرة فوراً و راحت تحركها مراراً و تكراراً باستمتاع.
و بعكس ما ظنت دفنة، انصاعت الصغيرة للكلام بسرعة و انشغلت في لعبتها فاستغلت البرتقالية انشغال إمينة باللعبة و اتجهت بسرعة إلى الحمام لتجد أن السينيور لم ينتظرها أن تلعب دور الطبيبة و تداوي جرحه بل بدأ هو بمداواة نفسه بنفسه.
  - لا تتعب نفسك حبي... سأفعل أنا.
أمسكت دفنة الضمادة البيضاء من يده و أمسكته من ذراع لتجلسه فوق حوض الاستحمام. 
  -... ثواني و ننتهي من ذلك.
راقبها و هي تتحدث لا يسمع أي مما ينطق به لسانها لأنه شرد في جمالها و سافر إلى عالم آخر بعيد كل البعد عن هنا.
فراقب حركاتها البسيطة و حركة شفاهها التي تعلو و تنخفض و عينيها التي ترمشان باستمرار و شعرها المنسدل و جبهتها البيضاء و وجنتيها الحمراء.
و لم يكتفي....
هل  هناك أي أحد يكتفي من مشاهدة هذا الجمال؟
لو استطاع لشاهدها طيلة اليوم و لم يسأم للحظة!
  - Eveeet, bittik!
"نننعم، انتهينا!"
ما إن رفعت الفتاة عينيها لتنظر إلى وجهه الأسمر حتى فاجأها السينيور بقبلة فجائية قطعت أنفاسها و بدون أن تبدي أي رد فعل في هذه اللحظة المفاجئة و الصادمة التي من المفترض أن تكون قد اعتادت عليها و لكن ذلك الوسيم الضخم يقوم بما يجعلها متجمدة متصلبة في مكانها في أي وقتٍ و أي زمان.
حين ابتعد السينيور عنها كانت هائمة سارحة و شاردة في جمال قبلته و لكنه رأى بشاير ابتسامة تداعب شفتيها فلم يستطع إلا أن يرسم ابتسامة على شفتيه هو الآخر و يلامس مؤخرة عنقها بلطف.
  - يبدو أني لست الوحيدة الذي أشرد و أقوم بكوارث.
انتبه عمر لقولها ذاك و نظر لها بعلامات تعجب.
  - Nasıl?
"كيف؟"
فرفعت الفتاة عيونها الضاحكة إلى عيونه المحتارة و قالت بنبرة ضاحكة:
  - Senden bahsediyorum...
"أتكلم عنك... "
  - Ah, evet... Çok... Gayet güzeldin...!
"اه، نعم... جداً... كنت جميلة للغاية...!"
.............................................
  - هل ابتلعتها؟
نظر الرجل إلى صغيرته التي كانت تحارب مع قطعة صغيرة من الجبن حرباً كبيرة  و في النهاية كانت هي المنتصرة و ابتلعتها بالفعل لتحصل على ابتسامة عريضة من والدتها و قبلة عميقة على وجنتها.
  - نعم، ابنتي الصغيرة كبرت و أصبحت تأكل!
كان الاثنين بالفعل قد ذهبا إلى إحدا المطاعم لتناول الفطور و القهوة و الشاي بالطبع مع صغيرتهما اللطيفة إمينة.
و لأن دفنة لا تستطيع أن تعطيها من حليبها في مكانٍ عام كما تفعل عادةً في المنزل و هي تأكل فقررت أن تطعمها ما هو لين تجيد بلعه.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تفعلها الصغيرة و تبتلع مثل هذه الأطعمة و لكن يعتبر الوالدين هذا إنجاز في حد ذاته و في كل مرة تبتلع فيها الطعام يسعدان بها كثيراً جداً.
  - Evet... Benim kızım çok akıllı bir kız!
"نعم... ابنتي فتاة ذكية للغاية!"
ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه السنيور و رفع يده ليداعب وجنة الصغيرة بحب و قال و هو يطري عليها علها تفهم و تسعد لسماع ذلك.
  - Aferin Eminem!
"أحسنت إمينتي!"
عادت دفنة لتناول طعامها مجدداً عندما لم تتقبل الصغيرة المزيد من الطعام لتناوله و راحت تدردش مع زوجها عن مختلف الأشياء.
  - عندما استيقظت اليوم و لم أجد إمينة في فراشها ذعرت و نهضت من مكاني لأجدها في نهاية الأمر بجواري.
  - نعم، كانت رائحتها جميلة جداً و لم أستطع التحمل فأخذتها و نيمتها بيننا.
علق على ما قالته بهذا ليتناول بعدها قطعة من الخبز و عندما ابتلع ما في فمه أكمل كلامه.
  - في بداية الأمر لم توافق إمينة هانم في الأساس على ترك قميصي فوضعتها بيننا في نهاية الأمر و في الحقيقة هذا ما جعلني أكمل نومي بعد استيقاظك.
نظرت دفنة لإمينة لوهلة ثم قالت:
  - كم هو جميل أن تكبر لتكون بهذا التعلق بنا! ألا تراها هكذا؟
  - نعم، بالطبع... صغيرتنا المدللة!
مضى الوقت سريعاً و انتهى عمر من تناول فطوره فقرر أن يقوم بهوايته المفضلة و هي مشاهدة طفلته المدللة الكبيرة لأن الصغيرة قد نامت منذ زمن لتترك والديها يتغازلان بحرية.
كانت دفنة جائعة للغاية و تأكل دون توقف و لأن مزاجها كان جيداً و عقلها صافي كانت تأكل أكثر فكان الرجل يحب كل حالاتها بقلب مرحب و واسع.
لاحظت دفنة نظره المستقر عليها فابتلعت ما فمها و حدقت به بعينين متسعتين. فرغم أنها تعرف ما يحل بها عندما تشرد فيستغل هو الفرصة في التحديق بها إلا أنها لم تعتد ذلك إلى الآن فتحمر وجنتيها و تبدأ بالبحث عن مكان لتختبأ به.
  - ياااه عمر، كف عن التحديق بي بهذا الشكل!
لم يستطع السينيور منع انسياب ضحكة من بين شفتيه حينما رأى قطعة من الجبن ملتصقة على جانب شفتيها فامتدت يده ليمسحها عنها.
  - إني أزيل قطعة الجبن، ماذا في ذلك؟
ضيقت عينيها و هي تنظر له تحاول إيجاد الصدق من الكذب في عينيه و لكنها فشلت كما تفشل كل مرة معه لأنها لم تكن ماهرة يوماً في ذلك حتى تنجح فيه الآن.
  - حسناً إذاً...
أكملت ما تبقى من طبقها في هدوء و راحة حيث وجهت كل تركيزها على الطعام و وجه عمر تركيزه لصغيرته النائمة كي لا تمسك به متلبس هذه المرة أيضاً.
و هذا كانت إحدى أمتع اللعب بالنسبة له.
........................................
  - يا جميلتي الصغيرة، هل تفتحتِ أنت؟!
أمسكت دفنة ورقة الزهرة الصفراء برقة و وضعت عليها قبلة بنفس الرقة و الخفة و ابتسمت بسعادة لرؤية جمال و روعة أزهار الربيع التي زرعتها من مدة و قد تفتحت في الحديقة و أعطت أزهاراً و رائحة طبيعية و مذهلة لتزين المكان بجمالها.
  - ما أجمل الربيع!
فتحت دفنة صنبور الحديقة و راحت ترش أزهار الحديقة بالماء و تسقيهم ما يرويهم ليكبروا و يزهروا بجمالهن.
  - انظر عمر، انظر لجمال الأزهار.
لمحت دفنة زوجها يسير باتجاهها فلم تنتظر أن تخبره بشرى تفتح الأزهار بل أخبرته فوراً فابتسم عمر لبراءة و سعادة زوجته بأبسط الأشياء راح يحدق بالأزهار الملونة.
  - نعم، إنها كذلك.
كانت سعيدة للغاية لرؤية ذاك الجمال و لم تنتبه إلى المكان الذي ترشه بالماء و انتهى بها الأمر... في رش زوجها.
  - أه، أنا آسفة جداً!!
كان عمر يعلم أنها لم تقصد فعل ذلك و لكنه أراد اللعب معها، فهل هناك سبب لمنعه من فعل ذلك؟
  - ترشين علي الماء إذاً؟
  - لم أقصد... أقسم لك!
و لم تستطع إكمال الجملة إلى نهايتها حتى لأن السينيور قد مد ذراعه و أمسك بطرف الخرطوم ليوجهه ناحيتها يغرقها بالماء أيضاً.
  - يااه عمر!
رغم رغبتها في عدم التبلل إلى أنها حاربت بنفس طريقته فحاولت سحب الخرطوم من قبضته حتى ترشه بالماء و بالفعل نجحت و لكن حدث في المقابل أنه لم يتنازل عن حق الدفاع عن نفسه و بدأت تلك الحرب يرى كل منهما السعادة التي رسمت على ملامح الآخر.
في النهاية انتهت الحرب بتعادل الاثنين و... استحمام أجسادهما!
  - Bak ne yaptın?!
"انظر ماذا فعلت؟!"
رفعت المرأة ذراعيها في الهواء و نظرت بنظرة سريعة إلى جسدها لترى أنه لا يوجد جزء جاف واحد تفخر به كفوزٍ لها بعكس كلامها الذي يدل على ضيقها من هذا الوضع.
لم يجاوبها عمر و عوضاً عن ذلك حدق بها ليبتسم ابتسامة جانبية عندما وقع ناظره على ملابسها المبللة و انتابه الضحك و لكن لم يفعل ذلك حين تذكر أن حاله مثل حالها تماماً و ربما اسوأ.
  - رأيت... و الآن هيا لنجففك كي لا تصابين بالبرد!
أمسك كتفيها و قادها إلى غرفة الجلوس فحركت رأسها له و هي تمضي قدماً، فمطت شفتيها كطفلة و اعترضت.
  - و لكن أنت هكذا خربت كل المناقرات التي أعددت لها!
  - تناقري معي لاحقاً عندما تجفين!
  - يااه!
...................................................
  - Ay, yavaş...!
"على رسلك...!"
مسح عمر شعر دفنته بالمنشفة الجافة لتخرج الفتاة رأسها في النهاية من داخلها و تعترض على قوة عمله و لكن ببراءة فما كان على عمر إلا أن يبتسم للطافتها و يتمنى لو أنها كانت قطعة حلوى لكان قد أنهى تناولها من زمن.
  - طفلتي الحلوة لعبت اليوم بالماء و أغرقت نفسها!
عقدت دفنة حاجبيها و تقدمت نحوه و هي تهاجمه بلطافة.
  - ماذا تقول؟ من هذا الذي أغرق من؟ هل كنت معي بنفس المكان؟!
اتسعت ابتسامة ذو الشعر الأسود حتى بانت أسنانه فكم أحب إغاظتها و نيل ما يستحقه من ردود أفعال يعشقها بها و لكنه لم يرد و اكتفى بإبقاء آخر صورة لها بهذا الشكل في عقله دون تشويشها.
فتقدمت يديه لتناول كوبين من الشوكلاتة الساخنة من على الطاولة ليعطيها كوب و الآخر له.
  - خذي هذا و اشربيه كي لا تبردِ.
  - أه، شوكولاتة ساخنة!
أخذ الرجل يرشف منه عدة رشفات و هو ينظر إلى ردود أفعالها التي تظهرها كطفلة بعمر الثامنة.
  - أي حار جداً!
  - تبدين اليوم كالطفلة... و أنا أبدو كوالدك.
أدخلت دفنة لسانها حين سمعت ما قاله فنظرت إليه بل حدقت به بتجمد تحاول استرجاع ذكريات اليوم بطوله و ما فعلته هي حتى يقول عنها هذا و لكن قبل أن تبدي رد فعل هو غير موجود في الأساس أكمل عمر بعد رشفه لرشفة أخرى من كوب الشكولاتة الساخنة.
  -... و هذا يعجبني...
نظرت له دفنة لتشعر بأنه كبير بالفعل و ما فعلته اليوم عن غير عمد أظهرها كطفلة صغيرة أمامه فراح يهتم بها و يصحح من كوارثها و أخطائها بينما هي لا تشعر بالذنب و تكمل طريقها كما يفعل الطفل تماماً.
و عوضاً عن الشعور بالإهانة شعرت بالفخر أن يكون لها والد مثل عمر فهي أحياناً تحسد ابنتها بأن لها أب رائع مثله عندما تحتاج الأبوة بالفعل.
  - أنت تحب تمثيل دور الأب.
  - أن أكون الأب و الأخ و الصديق و الزوج لجميلة مثلك شيء لن يضايقني البتة...
لقد قال ما كانت تريد أن تسمعه. فهو بالفعل الأب و الأخ و الصديق بالنسبة لها و هذا ما يجعلها أسعد إنسانة على وجه الأرض.
تلجأ إليه عندما تحتاج أبوته فيعطيها بقدر الحنان الذي يعطيه لإمينة.
و تلجأ له عندما تحتاج بأن تلعب دور الأخت و حين تحتاج لأن تفضي همومها يصبح صديقها الذي يسمعلها وينصحها دون اعتراض.
و حين تحتاج لحبه... تلجأ له لأنه زوجها!
  - قضينا يوماً جميلاً للغاية و أنت أسعدتني كثيراً!
تجاهلت تلك العبرات التي تكونت لتذكرها بمدى حظها به و أكملت و هي تمسك بطرف سترته الرمادية.
  - أنت دائماً ما تسعدني و لكن أنا لا أستطيع أن أفعل مثلما تفعل أبداً.
حدق بها كثيرا و أراد أن يصحح لها مفاهيمها الخاطئة عن ما تظنه و لكن في هذا الوقت كان هو في حاجتها للغاية و لم يستطع أن يفعل فوضع الكوب مكانه و اكتفى باحتضانها بشدة و قال:
  - ليس صحيح ما تقولينه...
صمت لثواني ليشعر بها تضع الكوب جانباً و تطوق ذراعيها حول جسده لتريح رأسها فوق صدره فعندما دخلت رائحته الرجولية إلى أنفه شعرت بالراحة فشدد من عناقه و قال يهمس في أذنها:
  - ابقي بجانبي و هذا يكفيني...
..............................................................
اتمنى اني اكون متاخرتش عليكم و اتمنى ان يكون البارت عجبكم
البارت دا يمكن مش بجودة البارتات التانية عشان هو مكنش متخطط ليه نهائي
انا كنت ناوية اعمل سلسلة احداث ورا بعض و اتمنى انها تكون مشوقة
كنت مخططلها في الحقيقة من زمان بس اللي خلاني اغير رايي اني في حد كلمني و قالي انو محتاج يقرالي حاجة عشان زعلان و انا من بعد ما قريت الكلام دا مقدرتش ارفض خصوصا اني بنبسط جدا من ابسط الكلام و بتاثر بيه جدا و بحس اني فعلا استحق دعمكو و حبكو ليا
رسالة للشخص اللي كلمني:
الدنيا مبتقفش و لو حاجة ضاعت منك في مليون حاجة تمسك فيها و تحبها بس انت اصبر و دور على حلول تعدي بيها الازمة و متقفش ابدا في مكانك و و متخسرش نفسك و حياتك حارب كل الصعوبات و فوز و هتبقى مبسوط!

Cinderella And Her Prince حيث تعيش القصص. اكتشف الآن