جالسة بجانب والدتها الحبيبة كعادتها اليومية بعد العشاء تقص عليها تفاصيل يومها قبل أن تذهب للنوم لتستعد ليوم عمل جديد .. أخذت والدتها تنظر لها بسعادة للحماس البادي علي ملامحها فها هي طفلتها القوية عادت من جديد .. رنات هاتف أوقفها عن الحديث ، نظرت أميرة للهاتف ثم للساعة التى قد تجاوزت الحادية عشر بقليل .. ضيقت بين عينيها عندما قرأت إسم المتصل ( إنچي ) ضغطت زر الرد وهمت بالحديث عندما أتاها صوت بكاء
أميرة بقلق : إنچي مالك بتعيطي ليه
إنچي برجاء : معلش يا أميرة م ممكن أجيلك
أميرة بذهول : دلوقتي
إنچي ببكاء : معنديش حد أروحله ومش هبات في البيت لو حصل إيه
أميرة وقد إستبد القلق بها : تعالي أنا مستنياكي
أغلقت الخط فبادرت والدتها بالسؤال : في ايه يا بنتي مش إنچي دي زميلتك الي حكيتيلي عنها
أميرة بشرود : أيوة يا ماما
الأم : طب هتيجي ليه دلوقتي وهتسيب باباها لمين
أميرة : أكيد حصل حاجة ربنا يستر ،،،،،،
بعد نصف ساعة ،،
رنين جرس الباب جعلها تهب مسرعة من جلستها .. فتحت الباب وقبل أن تتكلم ألقت إنچي بنفسها بين أحضانها تتلمس فيها الأمان الذي إفتقدته .. أغلقت أميرة الباب من خلفها وربتت علي ظهرها بحنان .. أتلك إنچي التي لقبتها قبلاً بالمرأة الحديدية .. لا تري أمامها سوي طفلة ضلت الطريق لأبويها ، طفلة باكية لم تتصور يوماً أن تكون تلك هي نفسها التي إستمدت منها الشجاعة قبلاً .. جلست بجوارها تحثها علي الحديث ...
أميرة : مالك حصل إيه لده كله أول مرة أشوفك كدة وإيه الي لابساه ده
إنچي ببكاء : تعبت يا أميرة خلاص معدتش قادرة اتحمل أنا بشر
أميرة برفق : طيب إحكي حصل ايه علشان ترتاحي
أخذت إنچي نفس عميق ثم زفرته علي مهل وبدأت بالكلام : من شوية جه جوز أختي ثم إبتسمت بسخرية وتابعت بيتطمن علي بابا
طبعاً انتي عارفة ان ادوية بابا بتتعبه خصوصاً بعد جلسة الكيماوي بتاعته فبينام مبيحسش .. صمتت قليلاً تبتلع ريقها وتابعت : من زمان وهو بيتحرش بيا وانا بعمل عبيطة وهو مكانش بيزودها يعني يعتبر تحرش لفظي بس
برقت عينا أميرة وبدا علي ملامحها عدم الإرتياح ولكن صديقتها كانت وكأنها إنعزلت عن العالم المحيط وهي تتابع حديثها ،،،
فلاش باك ،،،
منير خير إيه جابك دلوقتي
إبتسم بسخرية وهو يطالعها بوقاحة : أختك عاوزة تطمن علي أبوها بلاش !
نظرت إنچي لساعة معصمها ثم له وهتفت بذهول : دلوقتي ؟
منير بلا مبالاه : آه دلوقتي هو فيه مواعيد للزيارة وانا معرفش ثم نظر للباب وتابع : وهنفضل نتكلم على الباب كتير كدة
إنچي بتوتر : ب بس بابا نايم
منير وهو يبعدها عن طريقه بصلف مغلقاً الباب خلفه : انا هبص عليه مش هصحيه أختك مصدعاني
إنچي مشيرة لغرفة والدها : طيب اتفضل
وضع يده في جيب بنطاله وتحرك بهدوء ثم إلتفت لها نصف إلتفاته : إعمليلي شاي علشان مصدع
أومأت له وتحركت نحو المطبخ ،،
وضعت الصينية علي المنضدة وتوجهت نحو غرفة والدها .. لم يكن بالغرفة غير والدها الراقد بلا حول ولا قوة .. ضيقت بين عينيها وهو تخرج من الغرفة بهدوء ،، أيعقل أنه قد ذهب ولكنها لم تسمع صوت إنغلاق باب الشقة فأين ذهب !!
نور غرفتها المضاء جعل ناقوس الخطر يدق في رأسها .. تقدمت بهدوء وفتحت الباب لتجده ممدداً بأريحية في فراشها
إنچي بذهول : انت بتعمل ايه هنا
منير بابتسامة سمجة : مفيش الوقت اتأخر وقولت لأختك اني هبات هنا
إنچي ببلاهه : تباب هنا فين !
منير مشيراً للسرير تحته : هنا
إنچي بإنفعال : إنت اتجننت عاوز الناس تجيب في سيرتي تبات ازاي ومراتك مش معاك وبعدين بتعمل ايه في أوضتي
منير ببرود : والناس مالها وبعدين أنا حمايا تعبان وانا .. ثم نظر لجسدها بوقاحة وتابع : براعيه
إنچي بنفاذ صبر وهو تفتح باب الغرفة عن آخره : إتفضل روح بيتك ولما تحب تطمن ابقي تعالا بالنهار ولما تحب تبات ابقي جيب مراتك معاك
إعتدل منير فى جلسته وأنزل قدميه عن السرير ثم هتف بتساؤل ساخر : ولو مروحتش هتعملي إيه
إنچي بصراخ : إطلع برة
وقبل أن تعي ما تحدث وجدته أمامها يغلق الباب ويدفعها نحو السرير
إنچي بصدمة وهو تحاول دفعه عنها : إنت إتجننت بتعمل ايه
منير وهو يحاول تثبيت جسدها المتشنج تحته : بعمل الي نفسي أعمله من زمان
إنچي ببكاء وهو تحاول إزاحة جسده الضخم عنها : إبعد عني حرام عليك أنا أخت مراتك
إقترب من وجهها حتي لفحتها أنفاسه الكريهه : مفيش مانع نتسلي مع بعض شوية ومحدش هيعرف
إنچي بصراخ : إبعد عني .. وضع يده علي فمها محاولاً إسكاتها وما كان منها الا انها عضته من يده بكل قوتها .. إبتعد عنها متأوهاً فهتف بشراسة وهى تندفع نحوه تحاول غرز أظافرها في وجهه : إطلع برة يا ابن ال .....
أمسك يدها بقوة وقربها منه ثم همس بصوت كالفحيح : إحمدي ربنا ان حد بصلك يا عانس
إخذت تبكي وهي تدفعه عنها فتابع : بتتنططي علي إيه ده بدال ما تبوسي إيدي اني بصيتلك .. توحشت نظراتها ودفعته عنها بكل قوتها ، بكل قهرها ، بكلمه باتت تمقتها وهو بكل وقاحة يلقي بها في وجهها ، بحقد على مجتمع يصنفها كسلعة تالفة لا مشتري لها ، سقط على السرير مجدداً ولكن تلك المرة أسرعت بحمل حقيبتها وركضت لخارج المنزل يصحبها صدي صوته الصارخ بها أن تتوقف وكلمة واحدة تتردد في عقلها بصوته المقيت (إنتي عانس) ،،،
(منذ متي أصبحت المرأة سلعة قد تنتهي صلاحيتها ، منذ متي أصبح تقدير المرأة أساسه رواجها في سوق الزواج ، قد إستوصاكم رسول الله بالنساء خيراً ، وها أنتم تقيمون سوقاً للنساء)
أنهت إنچي سردها لما حدث وهي تضرب صدرها هاتفة بألم : أيوة أنا عانس في نظر مجتمع معوق . فكرك مبسمعش كلام الجيران عني . مبتوصلنين مصمصة الستات وهم بيتصعبوا علي حالي وإني بقيت بايرة ومفيش حد هيتقدملي ، فكرك ده مبيوجعنيش ! أنا بتقطع من كلامهم يا أميرة ورغم كده بضحك ، برسم علي وشي ملامح مش ليا أنا عانس يا أميرة عانس ......
إحتضنت أميرة تلك الباكية بقهر ، بألم ، بقلب نازف ، بجرح ظنته قد إلتئم وها هو يعاود النزف من جديد ،،،،
أنت تقرأ
حواء ترمي النرد (الجزء الثاني من سلسلة ألحان حوائية)
Romanceحواء الكيان ٖ حواء الأمان ٖ حواء بحر من كبرياء فإحذر وإلا إبتلعك الطوفان