الفصل الثاني والعشرون ( الجزء الأول )

14.2K 442 23
                                    

آخر أيام المصيف ،،،،،
جالساً في غرفته لا يدري ما دهاه ولما أصبحت تحتل جزءاً كبيراً من تفكيره .. لما يشعر بنغزة في قلبه عندما يري حزنها علي حبها الراحل .. هل لازالت تحبه ، هل هناك من تفي لحبها حتي بعد أن يواريه الثري ، غريبة تلك الأميرة تشبه إسمها كثيراً وكأنها أميرة خرجت من إحدي كتب الأساطير ، أسطوريه في رقتها ، في هشاشتها ، في وفائها النادر تلك الأيام .... وقف يعدل من هيئته قبل ان يرفع سماعه الغرفة الداخلية طالباً من عاملة الإستقبال إيصاله بغرفة أخاه ،،،
سيف : الو انچي ايه الأخبار هتنزلوا امتي !
انچي : هنستني أميرة بس ترجع
سيف بتساؤل حذر : ترجع ! ترجع منين !
إنچي : أصلها صحيت بدرى وقالت هتنزل تتمشي علي البحر لحد ما ننزل احنا
سيف مسرعاً : طيب تمام سلام دلوقتي ،،،،
أغلقت الهاتف وهى تكتم ضحكتها بينما يطالعها شادي بجانب عينيه : مش سهله انتى علي فكرة خليتيها تتمشي علي البحر لحد ما ننزل وانتى عارفة المعاد الى بيصحينا فيه سيف كل يوم
إنچي مصفقة بحماااس : هيروحلها هييييه
أخذ يتابع تصرفاتها الطفولية وهى تقفز بسعادة .. غريبة كل ما فيها غريب ، طفلة في جسد أنثي ، تنشر البهجة حولها أينما حلت .. ابتسم لها وهي تحثه علي الأسراع للحاق بهم حتي تتابع كعادتها جلستهما من بعيد ضحك بخفوت وهو يتذكر وضعها ليدها علي خافقها وعيناها دامعتان وكأنها مراهقة تتابع أحد المسلسلات الرومانسية
رفعت احدي حاجبيها هاتفة بنفاذ صبر : انت هتقعد تضحك يلا بقي عاوزة اتفرج الله يخليك ثم تشبثت بيده وهي تهتف برجاء طفولى : بليييييز .. ابتسم بحنان وهم بالتربيت على يدها ولكنه تذكر تلك اللسعة التى تعريه عندما يلامسها فأومأ برأسه وهو يشير لها نحو الباب لتتقدمه ،،،،،
نظر لظهرها الذي توليه اياه وعقلها فيما يبدو شرد فى البعيييد اتسعت حدقتاه عندما لمح يدها ترتفع لتمسح وجنتها ، أتبكى ! .. لم يستطيع الصمود أكثر ، اندفع نحوها حتي وقف أمامها تماماً أجفلت شاهقه وهى تتراجع خطوة للخلف هاتفة : مستر سيف خضيتني
سيف : كنتي بتعيطي ليه يا أميرة حد زعلك
أميرة وهي تحرك رأسها نفياً : بالعكس والله محدش زعلنى خالص
نظر لها ملياً ثم أشار لمقعدين تحت احدى المظلات هاتفاً طيب تعالى نقعد ،،،
جلسا وكل منهما شارداً في الفراغ والصمت يلفهما ، يناظران البحر الساكن بلا أمواج أمامهما وكلٍ منهما عقله في عالم آخر صاخب بعكس السكون المحيط بهما فقد اختارت عندما قررت اللجوء للبحر لتبثه شكواها مكاناً منعزلاً حتي لا تقاطعها تطفلات الآخرين ،،،
قطع سيف الصمت القاتل بينهما عندما هتف  بشرود : عارفة يا أميرة الواحد بيستغرب لما يقابل واحدة زيك
أميرة بتساؤل : زيي ازاى مش فاهمة !
سيف باسماً وهو يلتفت لها : وفية ، مخلصة لواحد معادش له وجود حواليها .. تغضنت ملامحها فتابع ساخراً بشرود : بعكس ستات تانية بتتخلي عن اجوازهم علشان لقوا الأفضل أو الي من وجهه نظرهم أفضل
لانت ملامحها وهي تنظر لملامحه المنقبضة بأسي : الي يبيعك مش هقولك متشتريهوش لأ اتبرع بيه لإنه مش مكسب حتي لو رجع من نفسه ندمان .. أومأ برأسه موافقاً فنظرت للبحر أمامها بشرود حزين : كان حنين عليا أوي .. التفت لها سيف فلم تبالي وتابعت : عرفته فى الكلية كان زميلى حبينا بعض وبمجرد ما اتخرجنا دور على شغل واتجوزنا بعد محاولااات لإقناع بابا .. نظرت له فأومأ لها يحثها علي المتابعة فأكملت : كنت فرحانه اوى وهو كان صديق وزوج وأخ وأب بس ... صمتت قليلاً وقد بدأت تنشج بهدوء : بس لما راح بالطريقة دي حسيت انى كإني في كابوس وهصحي منه الاقيه قدامي بيطمني انه معايا وعمره ما هيسيبني زى ما دايماً كان بيقولى .. حسيت كانهم بيضحكوا عليا وعاوزين بس يبعدونى عنه بقيت أخرج من الشغل بدري ارجع شقتى . ثم تنهدت بأسي وتابعت وهي تنظر له : هتصدقني لو قولتلك انى كنت بحسه حوليا ، كنت بسمع صوته وبحس بوجوده لحد ما في يوم اتفاجئت ببابا جاي ورايا بعد ما دخلت البيت وقعد يضربني .. ثم نظرت له ببكاء مرير وهتفت وهى تشير لنفسها : تخيل بابا شك فيا انا علشان واحد ابن حرام اتكلم عليا بالباطل علشان أرملة وبروح الشقة لوحدي ثم ابتسمت بسخرية وتابعت : بس بابا صدقه رغم انه عارف ربانى ازاى موثقش فيا وصدقه وجه يولع في الشقة ، بدأت تنتفض فخشي عليها ان تتعب ان تابعت حديثها أكثر .. أقترب مربتاً على كتفها هاتفا بأسي لحالها : خلاص يا أميرة متكمليش اهدي
وكأنها لم تسمعه تابعت : فضل يشدني والشقة مولعة وانا مش مصدقة ان خلاص كل حاجة راحت حتى ريحته .. حدفت نفسي جوة الشقة وهو كان ماسكني .. اتسعت حدقتا سيف بصدمة فتابعت : اتحرقنا بابا متحملش بس انا طلعت مشوهه جوة وبرة وفقدته للأبد ،،، صمت مطبق لفهما لا يستطيع الحديث وهى أنهكها طول الحديث لم تشعر الا وهى تلقي برأسها على صدره وتجهش في البكاء .. اتسعت حدقتاه بصدمة ولكنها كانت فى حالة من اللاوعي استشعرها بينما كانت تحكي له قصتها البائسة .. بدي في حاله من التردد ويداه معلقتان في الهواء يعتصرهما مانعاً نفسه من احتوائها بين ذراعيه بشق الأنفس .. بينما وقف الثنائي الآخر فاغري الأفواه ينظران لبعضهما البعض بأعين جاحظه .. كان شادى اول ما افاق من صدمته هاتفاً بذهول : هو فيه ايه !
إنچي والدموع تلتمع في عينيها : واضح انهم أخيراً فتحوا قلوبهم لبعض وحكوا الى جواهم ثم نظرت له نظرة ذات مغزي قبل ان تتركه وتعود لغرفتهما في الفندق ،،
أعاد نظره نحو أخيه لا يدري أيرثي لحاله أم لحال تلك المسكينة التي رأت من الحياة ما رأت ولكنها حافظت علي نفسها وكبرياءها وذكري لراحل عن الدنيا لم يرحل عن قلبها أبداً .. ابتلع غصة ألم في حلقه وهو ينظر في الفراغ التي خلفته بعدها ويزفر بخفوت لاحقاً بها ،،،،،
دلف للغرفة فوجدها جالسة على الفراش توليه ظهرها بصمت ولكنه عرف من حركة كتفيها الرتيبة تفاعلاً مع نشيجها الصامت أنها تبكي .. أغلق الباب وتحرك مقترباً منها بهدوء .. لا يعلم سبب بكاءها أو لا يريد ان يعلم .. جلس على المقعد المواجه لها بعد أن قربه منها ثم مد يديه ليبعد يداها عن وجهها هامساً : بتعيطي ليه بس !
نظرت له برجاء : هو انا وحشة اوي يا شادي !
إرتد للخلف بصدمة : وحشة مين قال كده ؟
إنجي بمرارة : تصرفاتك أدينا أهو عايشين مع بعض جوزى ومش جوزى ، معايا ومش معايا كل ده ليه قولي انا عملتلك ايه يخلي علاقتنا بالشكل ده .. نظر لعينيها بتردد فتابعت : أنا مش عارفة حاجة قولت مش واخد عليكى واتفاجئ بالجواز وظروفك ثم نظرت في عمق عيناه وتابعت : بس انت حتي مبتحاولش كإنك رسمت لحياتنا مسار مش عاوز تحيد عنه .. أشاح ببصره عنها معتصراً عيناه بألم فقبضت علي يده هاتفة بانفعال : متدورش وشك عني انا عملتلك ايه لكل ده فهمني !
نظر لها بحزن ثم فتح فمه ليتكلم ولكنه اغلقه مجدداً وهو يغمض عيناه معتصراً لهما فامتدت يدها لا إرادياً لتمسك بذقنه رافعه وجهه نحوها وهي تهمس برجاء : أرجوك من حقي أفهم
شادي نافضاً يدها بانفعال وهو يقف مولياً ظهره لها : عاوزة تعرفى ايه يا إنچي
تحركت من مكانها مقتربة منه حتي أصبحت تقف خلفه تماماً هاتفة بانفعال مماثل : كل حاجة
التفت لها بحده قابضاً على ذراعيها وهو يهزها بين يديه كالخرقة البالية ولكنها لم تبالى وظلت تطالعه بثبات حتي هتف : عاوزة تعرفي انى متعقد من الستات عاوزة تعرفي ليه صح أومأت برأسها فتابع وهو يهز بدنها بلا وعي : علشان كل الستات الى عرفتهم في حياتى كانوا زبالة الست الوحيدة الى بثق فيها هي أمي وده علشان هي من جيل غير الجيل الفاسد ده .. نفضها عنه وتوجه نحو الفراش جالساً وعيناه تحدقان في الفراغ بشرود ولكنها لن تدعه ليس بعد ان بدأ في الإفصاح عما يؤرقه .. توجت نحوه وجلست بدورها تستحثه علي الحديث فهمس بشرود : كنت في تانية جامعة لما أبويا اتجوز واحده تانية على أمي .. كانت عيلة أصغر مني معرفش جابها من انهى داهيه .. طبعاً أبويا كان راجل كبير في السن وبعد ما بقي معاها فلوس بدأت تدور علي الى مش عارف يديهولها و من هنا بدأت تتقرب مني علي اننا في سن بعض وانا أكتر حد هيفهمها وبدأت تشكي .. في الأول لومتها لانها هي الى عملت ده فى نفسها وعلشان ايه علشان شوية فلوس متسواش .. خرجت يومها من عندي معيطة بس مهمنيش كان لازم أفوقها لنفسها ثم ابتسم ساخراً وتابع : بس الى محسبتش حسابه انها تبدأ تغريني علشان تعوض الي ناقصها منه .. شهقت إنچي واضعة ليدها على فمها بصدمة بينما تابع : سيبت البيت ومشيت محدش عرف غير سيف أخويا وهو الى ساعدنى اقعد مع ناس صحابة ومرجعتس البيت غير لما أبويا مات ومشيت منه .. نظر لوجهها المحتقن : ها أكمل ولا كفاية عليكي كدة !
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تومئ له ليتابع ولم تتأخر إستجابته : ومرات أخويا الي اتجوزته عن حب كبييير زى ما بيقولوا وسابته علشان واحد أغني منه ثم تحولت ملامحه لساخرة وتابع : لأ ومش بس كده دى رمتله بنتها و مفكرتش تسأل عنها الا لما الى اتجوزته رماها بعد شهر من غير ولا مليم رجعت ترمي حبالها علي أخويا تاني .. انتبه لنشيجها فالتفت لها هاتفاً وهو يقبض على كتفيها : انا عارف انك مش كده بس ..... غصب عني خايف
نظرت للألم المرسوم في عينيه بحنان ثم رفعت يدها تربت علي يده المعتصره لكتفها هامسة : وانا مش عاوزة أكتر من كده
ضيق بين عينيه متفحصاً لها فتابعت : كونك تحكيلي يعني بدأت تثق فيا ولو مجرد بداية أنا راضية يا شادي بس ليا عندك طلب .. نظر لها بتساؤل فهتفت برجاء : حاول تفتحلي قلبك متبنيش بيننا حواجز بعد كده ، حاول معايا وأوعدك عمرك ما هتندم ،،،،،،،،

حواء ترمي النرد (الجزء الثاني من سلسلة ألحان حوائية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن