بدأت تستفيق من غفوتها علي مهلٍ ، آلام شديدة تجتاح بدنها ، جعلتها تتأوه وهي تحاول تفرقة جفناها المتثاقلان عن بعضهما ، أصوات حولها لم تتبين لمن ولكن بمجرد أن بدأت ترفرف بأهدابها اختفت تماماً وحل صمت قاتل مكانها كصمت .. القبور !
فتحت عيناها تطالع وجهه الحبيب الذي كان مشرفاً عليها من علو وهو يقبض بيد علي ظهر فراشها وباليد الأخري يحتضن كفها ، ابتسمت له وهي تدور بعيناها فى الوجوه حولها والتي كانت ما بين واجمة ، متعاطفة وأخري حزينة باكية .. لم تشأ تصديق ما دار بخلدها في تلك اللحظة فالتفتت مسرعة نحو زوجها الذي يرمقها بثبات يعلم الله كم جاهد ليرسمه على ملامحه رغم قلبه النازف ألماً وهي تسأله بحذر : إ إبني فين !
تخشي إجابته ، نعم تخافها كما لم تخاف يوما ، تخشي نطقه لما قرأته سلفاً في الأعين حولها ، لم يجد فمه السبيل للكلام مكتفياً بنظرة صامته وهو يسحب مقعداً ليجلس عليه مجاوراً لفراشها ولازال ممسكاً بيدها ، احتضن يدها بكلتا راحتيه وهو يميل بجسده نحوها قبل أن يرفعها لفمه لاثماً لها ، رفع نحوها عينان حمراوان فارتجفت عضلة واحده فى وجهها ، عضلة واحدة فقط كان رد فعلها على اجابته غير المنطوقة .. لم تبكي بل اعتدلت في جلستها بوهن وهي تسحب كفها بهدوء من يده ، نظرت نحو أمها الباكية نظرة لم تخطئ الأخيرة مغزاها قبل أن تشيح ببصرها عنها وهي تعيد نظرها نحو زوجها " ممكن تسيبونا لوحدنا "
صوتها كان هامساً ، مهزوزاً رغم صلابتها الظاهرة .. إلا أن الصمت المحيط بها جعل جملتها تصلهم واضحة وبدون كلمة أخري تحرك الجميع للخارج معادا والدتها التي أخذت ترمقها بحزن وأعين متورمة من شدة البكاء فهتفت بصوت أعلي " كلكوا عاوزة باسم بس "
توقف محمد الذي كان آخر الخارجين من الغرفة عن جملتها الأخيرة ورمق والدته بنظرة آسفة قبل أن يعود أدراجه ساحباً لمقعدها المدولب أمامه لخارج الغرفة ،،،،،
بمجرد انغلاق الباب رفعت نحوه عينان متوسلتان محتقنتان بالدموع " ممكن تحضني " قبل أن تكمل جملتها كانت متوسده صدره الرحب وبدون وعي منها قبضت على ظهر قميصه وأجهشت في بكاء تقطع له نياط قلبه وهو يشدد من احتضانها هاتفاً " وحدي الله يا مها قدر الله وماشاء فعل " مها بقهر " حاسة أن روحي اتسحبت مني يا باسم ليه بيحصلي كده ليه أنا علطول حظي كده "
أتعرف تأثير كلماتها عليه الآن ! اتدري ما يعتمل بصدره من ألم ، لقد كان في الفترة الأخيرة يحصي الأيام الباقية لولادتها ، يتخيل شكل طفله ، ولكنها الآن تحتاجه أكثر من أي وقت مضي ، لقد غفر لها ولكنه لم يتوقع أن غلطتها تلك ستعود لتفتح الجروح القديمة من جديد ، ولكن ذلك ليس بوقت لرثاء الذات ، زوجته تحتاجه وهو أشد إحتياجاً لها .. ابتعد ولازال محتضناً لها مقبلاً قمة رأسها بحنان قبل أن ينظر لعمق عيناها " استغفري الله ده نصيب وياعالم ممكن كان اتولد عنده اعاقة تعيشي طول عمرك حزينة عليه " أومأت برأسها بطاعة وهي تستغفر الله سرا فسحبها مجداا لصدره وهو يربت علي ظهرها بهدوء لا يعرف لكم من الوقت حتي انتظمت أنفاسها وراحت في ثبات عميق ،،،،،،،
أنت تقرأ
حواء ترمي النرد (الجزء الثاني من سلسلة ألحان حوائية)
Romanceحواء الكيان ٖ حواء الأمان ٖ حواء بحر من كبرياء فإحذر وإلا إبتلعك الطوفان