XXIII

149 22 4
                                    


{ أصدق الحزن .. ابتسامة في عيون دامعة }

--------------------



هبطتْ طائرةُ داني الخاصة في المطار و نزلَ منها برفقةِ نورا إلى سيارةٍ سوداء طويلة .



كَانَتْ وجهةُ السائق معلومةً دُونَ أنْ يحدثهُ أحد فقد وُظفَ فقط لإيصالهِ هو و نورا إلى المقبرة ثُمَّ الرجوعَ إلى المطارِ مجددًا .



حالما دخلا إلى السيارةِ حَلَ الصمتُ ضيفًا مُرحَبًا بهِ مرةً أُخرى . وضَعتْ نورا يدهَا على يدهِ لتُرسِلَ لَهُ بعضًا مِنَ الدعمِ و المُأزرة .




بعدَ نِصفِ ساعةٍ تقريبًا سَكَنتْ حركة سيارةٍ سوداء فارهة ، ترجلَ منها و شعرهُ القاتمُ تناثرَ فَوْقَ عينيهِ ليزيدَهُ جمالًا .



خرجتْ خلفهُ و تقدمتْ نحوهُ ، نظرَ إلى عينها المتلألئة التي تَشكِي من وهنها و عجزها ،



عانقتهُ عناقًا كان الأسفُ عنوانهُ و العجزُ ختامهُ لكنُ بطريقةٍ ما كان يمداهُ بالثبات و التماسك .


همس لها بخفوت " أنتِ ثباتي في عز الهروب "-مقتبسة-



فصلتْ عناقهما و نظرتْ لَهُ بامتنان لمجاملتهِ لكنهُ لم يجاملها في حياتهِ قط ، فمشاعرهُ اتجاهها صادقة فالحب كلمةٌ لا تفِي و لا تكفِي ما يشعر بهِ فهي نبعُ الحنان و الأمان ، أمهُ التي لم تلدهُ .



حرك قدميهِ إلى داخلِ المقبرة إلى تِلْكَ البقعةِ التي يحفظها عن ظهرِ قلب . أصبحَ مقابلًا لقبرين ،



الذي على يمينهِ قبرٌ قد نُقِشَ عليهِ روكو جيتي ، و الذي عن يسارهِ نُقِشَ عليهِ أورنيلا جيتي .


خلعَ نظارتهُ الشمسية الداكنة و أذنَ لدمعةٍ أنْ تسقط ، جثى على ركبتيهِ و نظرَ إلى القبرين بصمتْ .



لم يعلم كيفَ يعبر عن براكينِ مشاعرهِ ، فكانت خليطًا من الحزن ، الأسى ، الفقدان و أهمها الإشتياق .


مسحَ بيديهِ على قبرِ أبيهِ و تحدث برجفةٍ " مرحبًا أبي ، كيفَ حالك ؟ "


صمتْ ثم أردفَ بإبتسامة دافئة " أبي هل تذكر ما قلتهُ لَكَ السنةَ الماضية عندما أخبرتكَ عنها "



ألتمعتْ عيناه عندما لاحَ خيالها في ذاكرتهِ ، تِلْكَ الشقراءُ الفاتنة التي تتعثرُ الأنفاسُ لرؤيةِ حُسنِ وجهها البشوش و جسدها المنحوت .




" أعشقهَا بل أنا هائمٌ بحبهَا و لم ألتقي بهَا سوى مرتان ، أيُ سحرٍ هذا الذي أقعُ لَهُ منصاعًا دُونَ أي مقاومة أو تخطيط ؟! "



أكملَ بخيبةِ أملٍ باديةٍ على محياه " لم أُقابلهَا منذُ سنةٍ و صديقتها لم تسمح لِي بإقترابِ مِنْهَا عندما رأيتُهَا صدفةً للمرةِ الثانية ، أبي أنا أرغبُ بهَا ، منذُ أن رأيتُ شراستهَا أولَ مرةٍ ، كَانَتْ تبرحُ الرجالَ ضربًا ... "



  وجه البوكر || Poker face  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن