الحلقة 6:
استدارت بصعوبة الى يسارها لتتفاجئ برئيتها لصورة الثنائي السعيد التي كانت توضع على الصوان الذي يحاذيها، نهضت مهرولة لتمسك بالاطار علها تتاكد من صحة ما هي بصدد رئيته.
لم تخطئ الرئية، ضلت دون حركة محملقة بالاطار الذي كان يحمل صورتها بفستان زفاف مبتسمة، متكئة على صدر ياغيز ايجيمان الذي كان في منتهى اناقته مرتديا بذلة سموكينڨ سوداء، ضلت على حالها وهي تحدق بهازان شاميكران قبل ثلاث سنوات و التي لا تختلف كثيرا عن حالها الان، لم تفهم اذا كانت الصورة قد التقطت قبل او بعد ان تصبح هازان ايجيمان ولكن الشيء الوحيد الذي استطاعت فهمه هو ان الفتاة التي بالصورة تبدو في قمة سعادتها.
احست برعشة بداخلها وهي تواصل النظر الى ما تحمله يديها, لسنوات عدة، لم تكن لها صورة تعكس مدى سعادتها لتحتفظ بها، اذ بعد وفاة والدها لم يكن عدد اللحظات التي عاشتها بدون تفكير، بلا مبالاة و بسعادة بالعدد الكبير، لقد كانت مضطرة على التفكير يوميا في كيفية دفعها لفواتير المنزل في الغد، اصرارها على اكمال دراستها و في ذات الوقت تفكيرها بكيفية بقائها ليلا بمفردها لبيعها الليمون، لم يكن لديها وقت كافي لخروجها واستمتاعها بوقتها مع اصدقائها ولكنها كانت تعود ليلا لواقعها الخاص لتكتشف ان كل ما تعيشه خارجا ليس الا مجرد وهم، و لهذا السبب لم تستطع التعرف على الفتاة التي كانت بالصورة ، هل حقا الى هذا الحد يمكن ان تكون عاشت سعادة غامرة ؟ هل حقا من وهبها هذه السعادة الغامرة هو نفسه ياغيز ايجيمان الذي يجلس بالاسفل و الذي لا تحتمل رئيته حتى ؟هل احبها الى هذه الدرجة ؟
الحب...
لقد مر عليها من قبل ولكنه كان مرافقا بالالام، و الكثير و الكثير من المشاكل، لهذا السبب لم تكن تعلم كيف يستطيع الانسان ان يحب و ان يكون سعيدا في ذات الوقت، لطالما اعتقدت ان السعادة لا توجد الا في الروايات و الافلام، الشاب الغني الذي يتزوج بالفتاة الفقيرة و اللذان يعيشان في هناء الى الابد لطالما كان كل هذا بالنسبة اليها فخما بصفة مبالغ فيها و غبيا في نفس الوقت. ولكن هذه الصورة كانت لديها بمثابة الدليل على السعادة التي كانت تعيشها.
استقرت نظرات هازان على وجه ياغيز متفحصة اياه..
هل يا ترى هو ايضا كان يشعر هكذا ؟ لقد كان واضحا ان الرجل الذي بالصورة يبدو سعيدا على الاقل بقدرها، عندما كان يحدثها في المستشفى لم ترى على وجهه هذه الابتسامة, ولكن هاهو ها هنا قادرا على الابتسام بدون خوف.
فكرت داخلها بان اذا كان هذا صحيحا فلربما قد احبا بعضهما حقا ..
اعادت الاطار بيدان مرتجفتان الى مكانه ثم اغلقت عيناها باحكام و
تمتمت بياس متوسلة : يا الله! ارجوك لاستفيق و اجد ان كل ما رئيته هو مجرد كابوس ، حلم فقط و كانني لم اعش ايا منهم يا الله ! ارجوك ..
للحظة فتحت عيناها فلم تتذكر مكان وجودها، استدارت قليلا للتتخلص من الشمس التي رمت بخصلات اشعتها على وجهها، احست بشيء من الحسرة وليس الارتباك عند ادراكها لمكان وجودها، لقد تبين ان كل ما عاشته لم يكن حلما، وهاهي تستقبل رسميا يومها الثاني في حياتها الجديدة، نظرت الى الجانب الايسر من السرير فلاحظت ان اللحاف لايزال مرتبا، من الجيد انه لم يخطر بذهن ياغيز فكرة النوم بجانبها، نهضت من السرير براحة ثم اتجهت الى الحمام، استحمت، غسلت اسنانها و مشطت شعرها الليلي مطلقة اياه على كتفيها...
كان يوم السبت، فتحت هاتفها، توقعت ان تجد دليلها خاليا من الارقام ولكن اتضح ان ياغيز قد تذكر هذا الامر ايضا و قام بحفظ رقم كل فرد من افراد العائلة، للحظة ادهشها وجود اسم سنان في القائمة ولكن تذكرها كونه فردا من العائلة جعلها تشعر بطبيعية هذا الامر..
عند رئيتها لرقم صديقتها المقربة بتول فكرت بالاتصال بها فورا من شدة سعادتها, اذا لايزال رقمها موجودا لديها مماا يعني ان علاقتهما لا تزال قائمة و لايزالان على اتصال، كم غريب هذا الامر، كيف يمكن لاعز صديق ان ينير ماضي اليم، نعم انه ليس بالامر المنطقي ابدا، ولكنها كانت بالنسبة اليها اكثر من مجرد صديقة، اذ ان الاشياء التي لم تكن هازان تخبرها لايجه كانت تخبر بتول عنها، لهذا كانت ولاتزال اعز اصدقائها..
ولكن يجب ان يكون لدى ياغيز تفسير لحمله نفس الارقام التي كانت محفوظة بهاتفها القديم..
كانت غارقة بافكارها حين سمعت بعض الاصوات الاتية من الاسفل، اسرعت نحو باب الغرفة فاتحة اياه ثم اقتربت باتجاه السلالم، اذ لم ترد ان يتم الامساك بها هكذا ايا كان القادم، ولكنها لا تستطيع منع نفسها من الاستماع ايضا، استطاعت سريعا التعرف على صاحب هذا الصوت، انه ياغيز يتحدث مع والده حازم ايجيمان..
- لم اكن بجانبك و لم اساعدك هذه الايام لا تؤاخذني يا ابي ففور تحسن حالة هازان ساعود على راس عملي.
- و هل قلت شيئا كهذا يا بني ؟ انا اخبرتك بحالة العمل لانك سالتني عن ذلك فقط، لم يطلب منك احد العودة الى العمل، لا تستعجل فالكل على علم بالوضع و كما انك لاتزال تبدو لست على مايرام، الم تنم بعد ؟
- ليس تماما
- لاسابيع لم ترى عيناك النوم بني، انظر الى حالة عيناك لا يجوز هذا، ان هازان بخير الان و سوف تستعيد نفسها رويدا رويدا، لقد تكلمت مع الطبيب انا ايضا، صعب اعلم ذلك ولكن اذا بقيت على هذه الحالة فلن تستطيع مساعدتها ابدا.
- تمام يا ابي انت على حق
- انا لا اقبل مجرد قولك اني على حق، علاوة على ذلك هل قمت بقيادة السيارة بهذه الحالة بالامس ؟ سوف اخبر سائقنا ان ياتي هنا لايصالكما حيث تريدان
- ليس هناك داع، انا بخير
- استجمع قواك الى المساء و تعاليا الى القصر لقد اعددنا عشاء للاحتفال بسلامة هازان
فتحت هازان عيناها من الدهشة و اذناها لكي تتاكد من صحة ما سمعته متمتمة داخلها "عشاء للاحتفال ؟ "
صدم ياغيز من ما قاله والده فاحتدت نبرة صوته ليرتفع قليلا: انا ماذا اقول و انت ماذا تقول يا ابي... هل تعلم ما يمكنه الحدوث اذا التقت فجاة بذلك العدد من الاشخاص ؟
- ذلك العدد من الاشخاص الذي تتكلم عنهم هم عائلتها، انهم ليسوا بغرباء! بالامس لم تترك كلمة الا وقلتها لمنعهم من القدوم الى المستشفى بالرغم انهم ارادوا الحضور ، لقد كان عيبا في حق الفتاة وكانه بالامر الذي لايعنينا...
- لاقُل لك انها ليست بحالة تخوّل لها التفكير بالعيب و ما الى ذلك، علاوة على هذا فهي الان لا تحمل نحوكما اي مشاعر عميقة يعني حتى قولكم لها لكلمة "زال الباس" او عدم فعلكم لن يشعرها باي تغيير، حتى الطبيب اوصى قائلا ان معرفتها للعديد من الاشياء فجاة يمكن ان يتسبب لها في حالة من العصبية و التوتر، اولا يجب عليها ان تلملم نفسها قليلا فهي لاتزال غير مستعدة لتصرفاتهم معها
- انظر بني.... بهذا الشكل سوف تعيش بقية حياتها دون معرفة ما حدث، من اين ستبدا اذا لم تعلم اي شيء ؟ حتى الطبيب قال ايضا ان يجب عليها العودة لحياتها السابقة لكي تستعيد ذاكرتها، سوف تتعود مع الوقت، هل انسحابها من الحياة هو الحل الافضل ؟
كانت هازان تنتظر بفضول سماع جواب ياغيز ولكنه لم ينطق بكلمة، لابد وانه هو ايضا بقي في مازق لانه كان ينتابها نفس الشعور.
لم تفهم تحديدا مقصده من كلمة "عائلة" ولكنها كانت على ثقة انها ستكون فقط والدتها و ايجه، و لكن هما اصلا كانا معها بالامس، كما ان قيام عائلة ايجيمان بعشاء للاحتفال على شرفها بدى لها غريبا بعض الشيء، ترى من ايضا خلال هذه الاربع سنوات قد تسربت المياه بينها وبينه ؟ لم تكن تحبهم ابدا و هذا فقط ما تتذكره اذا لما سوف تذهب اليهم؟ ولكن صورة الفتاة التي راتها ليلة امس داهمت ذهنها للحظة، انها حقا مجبرة على معرفة بعض الاشياء..
همت بالنزول من الدرج ببطء مما لفت انتباه ياغيز و حازم فرفعا نظرهما نحوها و ما ان شاهداها حتى نهض كل منهما مسرعا و اتجه هذا الاخير نحوها بسعادة وهو يقول: هازان، يا ابنتي، الحمدلله على سلامتك
كانت هازان في طريقها نحوه تستعد للاجابة ولكنها سرعان ما وجدت نفسها بين ذراعي هذا الرجل العجوز، كانت مذهولة حرفيا امام عناقه الصادق لها، حسنا هي لم تكن لها خصومات مع السيد حازم من قبل ولكنها لم تتصور ابدا انه قد احبها الى درجة ان يعتبرها بمثابة ابنته.
نظرت نحو ياغيز وهي لا تزال بين ذراعي والده فبدا لها كما لو انه خائفا من ان تدفعه في اي لحظة، اما هي فلم تستطع التوقف عن التفكير انه على حق في خوفه هذا، فهي ليست معتادة على هذا الحب ولكنها ايضا لم تكن وقحة الى درجة دفعه عنها، ومع ذلك اذا اعادت النظر في تصرفاتها بالامس فقلق ياغيز هو امر طبيعي، فطالما انها تعتبر زوجها رجلا غريبا عنها فوالده ايضا سيكون كذلك
حازم بصوت ينم عن الحنان: انا سعيد لرئيتك بنيتي، كيف حالك ؟
ادركت هازان انه من غير اللائق ان تقوم بصده خاصة وقد كان واضحا ان صوته نابعا من داخله حقا، رسمت ابتسامة طفيفة على محياها ثم اجابته: انا بخير، شكرا لكم ( صيغة الجمع للاحترام )
جذب كرسيا لها ثم قال : تعالي اجلسي
كان كل من حازم و ياغيز يجلسان على طاولة المطبخ وامام كل منهما فنجانا من القهوة
نظر اليها ياغيز بعينان تشعان قلقا و اهتماما: لم اعلم انكي ستستيقضين باكرا هكذا، سوف احظّر لك بعض الاشياء حالا
لم تنظر اليه و اكتفت بقولها : تمام
و فور نهوضه التفت السيد حازم نحوها متسائلا: اايه ! هل استرحتي جيدا على الاقل ؟
- نعم لقد نمت جيدا، لا يزال لدي بعض الالام ولكن ليس هناك شيء غير هذا، فقط عضلاتي تتمرد بسبب استلقائي لمدة طويلة، لقد ضجروا هم ايضا من التمدد و النوم
ضحك حازم و اردف قائلا: انت فتاة رياضية، لستي متعودة طبعا
بادلته الابتسامة باخرى ثم قالت : علي ان اعمل جيدا لكي اعود الى سابق عهدي، ثلاثة اسابيع ليست بالمدة القصيرة و الجسد لا ياخذ بعين الاعتبار هذه الاشياء
هز راسه معربا عن مشاطرتها الراي ثم قال لها بخشية : هازان يا عزيزتي، في الاصل انا مدين لك باعتذار من اجل البارحة، لربما قد فكرتي في سبب عدم قدومنا، صدقيني لقد اردنا الحضور ولكن ياغيز لم يرد لاي منا المجيء، ذاكرتك .... يعني لقد قال الطبيب ان هذا سيكون صعبا بالنسبة اليك
سكت قليلا وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة ثم اكمل : انتي محقة في اندهاشك الان اذ اننا لم نكن بهذا القرب قبل اربع سنوات انا اتفهم ذلك.. ثم امسك بيدها التي كانت تضعها فوق الطاولة و اكمل : - ارجوكي لا تسيئي فهمي هل يمكنك ذلك ؟ لقد قلقنا كثيرا جميعا كما انني كنت امر يوميا الى المستشفى للاطمئنان عليك، الله العليم لقد خفت كثيرا، ونومك هناك لم يكن بالشيء الهين بالنسبة الينا ابدا، حمدا لله ان هذه الايام قد اصبحت من الماضي، و انتي اصبحتي هنا معنا و بصحة جيدة الشكر لله، سوف يعود كل شيء كما كان عليه صدقيني، ولكنني لازلت نادما على استماعي لكلام ابني العنيد هذا على الاقل كان يجب علي انا ان اتي.
شعرت هازان بعدم الراحة امام نظرات و كلمات حازم التي كانت تدل على مدى خجله فقالت له محاولة اراحته : لااا، ارجوك ليس عليك ان تعتذر، انا حقا لم اسئ الفهم، ذاتا لقد كان كل شيء بالامس كثيراا .... معقد كثيرا، ولايزال يعتبر هكذا، وانا لا الومك ابدا على هذا الشيء يا سيد حازم
سيد حازم، "سيد" عندما سمع كلمتها هذه اندهش قليلا ولكنه استجمع نفسه، خلال السنوات الماضية لم يخطر ببال الرجل ان يتذكر كيف كانت علاقته بهازان قبل اربع سنوات فقد كانت قد تعودت على مناداته بابي حازم لهذا السبب قد شعر بغرابة شديدة عند مناداتها له بالسيد حازم ولكن ليس باليد حيلة غير الانتظار و الصبر..
- تمام يا ابنتي.. اذا انتي تقولين هذا فتمام.. بالمناسبة اوصل لك السلام من كل من في القصر، لقد ارادوا هم ايضا رئيتك ولكن انا لم اذن لهم بهذا حتى قبولك انتي اولا، اذ ان ياغيز يعتبر هذا ليس بالفكرة الجيدة ولكن يجب ان تعلمي، سيكون هناك عشاء في المساء، حتى ان جماعتنا قد اختاروا مكانا ولكن اذا كان هذا مبالغا فيه بالنسبة اليك فيمكننا ان نقوم بشيء في القصر فقط، القرار لك.
كانت هازان قد اتخذت قرارها من قبل نزولها من الدرج لذلك لم تتردد ولو قليلا في الاجابة فقالت ...
كانت هازان قد اتخذت قرارها من قبل نزولها من الدرج لذلك لم تتردد ولو قليلا في الاجابة فقالت : في الواقع انا اريد المجيئ، حيث انني اشعر بالفضول حيال الجميع، كما انه قد حان الوقت للخروج
وضع ياغيز الطبق و الشوكة على الطاولة ثم توجه اليها بالسؤال : هل انتي متاكدة هازان ؟ انتي لستي مضطرة على فعل ذلك
زاد تصرف ياغيز كالحامي لديها من عدم راحتها، صحيح انه زوجها ولديه سلطة عليها و يمكنها تفهم قلقه ايضا عليها و لكن ليس لديه الحق في اتخاذ القرارات مكانها، فاذا لم تستمع بالصدفة الى الحديث الذي دار بينه و بين والده لربما كان لن يخبرها بطلبه، لقد ابعدها عن الناس التي تريد رئيتها بدون علمها، ترى ما الذي فعله ايضا بدون اخبارها ؟
نظرت اليه بحدة ثم قالت : انا متاكدة
نظر السيد حازم الى كليهما بقلق، اما ياغيز فقد اشاح نظره عن هازان التي كانت تحدق به بتحدي ثم عاد الى المطبخ
عاد حازم بالحديث مبتسما : طالما تشعرين بانك على استعداد يا عزيزتي هازان، اذا فليس هناك مشكلة، نحن بانتضاركما مساءا
همت بالنهوض فور رئيتها لنهوض حازم لكي تقوم بايصاله ولكن هذا الاخير سارع بالرفض : ارجوكي لا تتعبي نفسك و اهتمي بصحتك، انا لست غريبا، ساذهب انا الان و مساءا سوف نتحدث كثيرا وانت احرصي على راحتك يا بنيتي
قال كلماته هذه و اتجه نحو ياغيز الى المطبخ لتوديعه ثم خرج.
واصلت هازان جلوسها على الطاولة دون فعل شي اما ياغيز فلم يخاطبها طوال تناولهما لفطورهما، اذ ضل كل منهما لا يكلم الاخر ...
فهمت هازان ان صمت ياغيز هذا بسبب ما حصل قبل قليل ولكنها لم تستطع ان تكون صبورة مثله، لم تستطع مواصلة صمتها اذ ان لديها اسئلة عديدة و مهمة اكثر من الاهتمام بمشاعره الان، انها اربع سنوات كاملة قد فُقدت منها، ليست بالامر الهين ابدا..
قالت متوجهة اليه بالسؤال: ليلة امس لقد شاهدت في الخزانة العديد من الثياب المتنوعة التي تبدو لي
ابتلع ياغيز اللقمة التي كانت في فمه ثم نظر اليها : و ؟
- و .. هل انت من اشتريت هذه الثياب؟
حملق بها بعدم فهم ثم اردف قائلا : و انا لما ساشتري لك ثيابا يا هازان ؟
امسكت هازان نفسها بصعوبة كي لا تزيح عيناها عنه، تمام لربما قد عاملته بعصبية قبل قليل ولكن هل سيستمر في اجابتها بطريقة ساخرة كهذه ؟
ام هل لهذه الدرجة اسئلتها مبهمة ؟
حاولت الهدوء ثم اعادت السؤال بطريقة اخرى : انا اعني بنقود من تم شراء هذه الثياب ؟
- لقد اقتنيتهم انتي بمالك الخاص ولكن من المحتمل ان هناك منهم ما اقتنيته انا كهدية لك
- تعني بمالي الخاص ان.. ؟ انا لا استطيع ان اشتري هكذا فساتين بمالي الخاص حتى وان اردت
وضع ياغيز الشوكة و السكينة اللتان كان يمسك بهما على الطبق ثم قال لها : هازان انتي لم تعودي مجرد مدربة بوكس، لقد فتحتي صالتك الرياضية الخاصة بك ..
صعقت هازان من ما قاله ياغيز مما جعل فمها يبقى مفتوحا لدقائق ولكنها سرعان ما استفاقت من صدمتها ثم قالت بصوت متقطع : ما... ماذا ؟ كيف ذلك ؟ باي نقود فتحته ؟ انا لم اكن اكسب مالا كثيرا يخول لي فتح صالة رياضية، اياك و ان تقول لي انك اعطيتني المال لفتحها
لقد كانت هازان لا تنفك عن تذكر مشاكلها القديمة مع ياغيز، هل الرجل الذي لطالما كانت تعتبره مذنبا لانه احتقرها بسبب المال هو من يقوم باهدائها صالة رياضية الان ؟ هل لهذا الحد اصبحا يحترمان بعضهما ؟ هل فقد كل منهما نفسه الى هذه الدرجة ؟ وهل لهذا السبب قد وقعا في غرام بعضهما البعض ؟
هم ياغيز بالحديث لكي يقطع مجموعة الافكار التي كانت تدور في ذهنها : انا لم اعطكي المال، و حتى ان فعلت فهذا ليس بالامر المستحيل يا هازان فنحن متزوجان، لم يُفتح موضوع النقود بيننا قط ولكن مع ذلك لا تقلقي فانا لم اعطكي المال، وانتي ايضا لم تفتحي ذلك المكان من المال الذي كسبته من عملك كمدربة رياضة، فقد اصبحتي الوجه الاعلاني الخاص بالمستحضرات التجميلية الخاصة بشركتنا.
وجّه ياغيز كرسيه باتجاه هازان التي كانت تنظر اليه باندهاش ثم شرع باخبارها : هل تتذكرين تلك المسابقة التي انضمت اليها اختك ثم عندما قام اخي باختيارك كوجه اعلاني للشركة، لقد كان في البداية قرارا غير منطقي ولكن بعد ذلك اذا استطعتي التذكر، لقد اتخذنا قرارنا في ان تكملي الطريق معنا و من حسن الحظ اننا قررنا هذا فلقد كانت الحملة الاعلانية ناجحة الى درجة اننا وقعنا عقدا معك، و بهذا انتي كسبتي بعض المال و اذا لم تصدقيني يمكنك سؤال والدتك انا متاكد انها لازالت محتفضة باخبار الصحف المتعلقة بهذا الامر.
شعرت هازان ببعض الراحة من ما سمعته و في نفس الوقت اقلقها. لقد استطاعت تذكر طلب سنان و ياغيز لكي تكون الموديل الخاصة بالشركة، حينها كانت تريد معرفة الشيء الذي كان يقوم سنان باخفائه لهذا السبب قبلت بعرضهم ولكنها لم تاخذ ابدا هذا الامر على محمل الجد ولكن اتضح ان الكذبة اصبحت حقيقة .
ادركت هازان انها اذا واصلت سلسلة اسالتها فلن يكون ياغيز الشخص الصحيح الذي سيجيبها عليهم او لعلها احست انه من غير اللائق ان تساله عن ما يدور في ذهنها فابعدت ما يجول بفكرها ثم اكملت حديثها من حيث كان قائلة : ولكنني ايضا لا اظن انني قد نجحت في ادارة صالة رياضية بنفسي، او هل فعلت ؟
اجابها ياغيز بصوت خافت اذ انه كان خائفا من امكانية انفجارها في اي لحظة : وانا ايضا ساعدتك قليلا في ما يخص كيفية ادارة اموالك
ولكن هازان توجهت اليه بسؤال ادهشه : هل كان هذا قبل بداية خروجنا معا ام بعد ذلك ؟
سكت ياغيز للحظة ثم اجابها : قبل ذلك
رفعت هازان حاجبيها متعجبة، اذا لقد كان هذا قبل مواعدتهما لبعضهما البعض و هذا يعني انها كانت تثق به من قبل ان يصبحا معا، لقد كانت تثق به الى درجة تلقيها النصائح منه حتى في ما يخص المال مع العلم ان هذا الامر لطالما كان مشكلة بينهما، كان من الصعب تصديق وجود علاقة بينهما مريحة الى درجة التكلم في هذه الامور ولكن هذا ما حدث.
ساد صمت غريب بينهما فاضاف ياغيز لتخريبه وهو يدقق النظر بها : لقد اردتي القيام ببعض الاشياء من خلال ماتكسبينه من مال، اذ انك تقومين بدفع مصاريف دراسة اختك كما انك قمت بشراء منزل لوالدتك
ايه! على الاقل هذا تماما يشبه الاشياء التي قد تفعلها، لهذا السبب لم تقل شيئا ابدا، وواصلت النظر اليه بفضول لكي يكمل كلامه
- لقد كان هذا حلمك، ان تديري صالة رياضية خاصة بك.
سرحت هازان بافكارها قليلا، اذا لقد اتضح انها قد اطلعته عن احلامها ايضا، و بدون ان تشعر احكمت قبضتها على المناديل التي كانت توضع على الطاولة وعند ادراكها لما قامت به تمنت ان يكون ياغيز لم يرى حركتها
احس ياغيز بالجو الغريب الذي ساد المكان بعد ما قاله، فاقترب منها اكثر مواصلا كلماته : لقد خفتي
ثم اكمل كلامه عندما رئى نظرات هازان المليئة بالاسالة : من عدم النجاح، ولكنك اصريتي و انا كنت على ثقة انك قادرة على فعلها، لقد كنتي استاذة جيدة، حتى ان تلامذتك لم يترددوا في تعقبك
انت وجه تجميلي و رياضية في ذات الوقت وعند فتحك للصالة، الجميع قد اتوا الى هناك بفضول، اذ يمكنني القول انه قد اصبح لديك معجبون كثيرون، حتى ان الشبان اصبحوا يقفون بالدور لكي تقومين بتدريبهم ..
نظرت هازان بعينيه الغاضبتين فلاحظت وجود شعور اخر وراء هذا الغضب،
لقد كان من الغريب جدا ان يقوم ياغيز ايجيمان باضهار مشاعر الغيرة عليه،اذ انه عندما فُتِح موضوع سنان قد حاول جاهدا عدم اضهاره غيرته ولكن ماالذي تغير الان وجعله لا يتردد ولو للحظة لاضهار شعوره هذا لها، ضلت على حالها دون حركة محاولة استيعاب عدم اخفاء ياغيز مشاعره لاول مرة وبدون تفكير مسبق طرحت عليه سؤال: جيد، وهذا.... هل كان قبل خروجنا ؟
فوجئ ياغيز من سؤالها ولكنه تعمد النظر بيعينيها مباشرة ثم قال لها : بعده... ولم امنعك من هذا فقط لانني اعلم مدى عشقك للرياضة
ضلت هازان تراقبه بدهشة وهو يهم بالحديث و العصبية بادية على وجهه:- و لقد تشاجرنا كثيرا سابقا بسبب هذا الامر، ارجوكي للا نفعل هذا مرة اخرى
اجابته وهي تدقق النظر به و كانها لا تصدقه : طالما انك تعلم اننا سنفتعل شجارا لماذا تعاود فتح الموضوع اذا ؟
نهض ياغيز من مكانه وشرع في لملمة الاطباق وهو يقول : لان ... لانني لست نادما ولو حدث هذا مرة اخرى لفعلت نفس الشيء
وضع الاطباق في الالة ثم عاد اليها راميا اياها بنظرات غير مفهومة : الا اذا كنتي تريدين العكس ؟
لم تفهم هازان ما كان يقصده قبل ذلك، طالما انها تفعل دائما ما تريده مهما حدث اذا لماذا يستمر في اسماعها هذا الكلام
ولكنها بعد سماعها لاخر كلماته، استطاعت فهم المعنى الصحيح لما قاله، لقد كان يحاول افهامها انه لديه الحق في الغيرة عليها ولكنه ايضا يحترم قراراتها و يقدرها..
ولكن ترى هل اراد ان يخبرها انها اذا ارادت الذهاب مع شخص اخر فلن يمانع و سيسمح لها بذلك ؟؟؟! 😱😱😨*******************
وهيك خلصت الحلقة السادسة ... انشالله تكونو حبيتوها 🙏💖💖
يلا شو رايكم فيها ؟
شو رايكم بيلي شافتو هازان و يلي عملتو مع ياغيز و كيف قبلت الدعوة !
شو رايكم بيلي صار خلال الاربع سنين ؟ شو رايكم بقصة الصالة و الغيرة ؟
و ياترى فعلا ياغيز قصد يلي فهمتو هازان ؟
يلا شو توقعاتكم للحلقة الجاية ؟
يا ترى شو رح يصير بالعشاء ؟ وشو ردة فعل هازان لما تشوف سنان و العيلة و كيف رح يتصرفو معها ؟؟! 💖💖
أنت تقرأ
مفقودة (مكتملة)
Romanceتوقفت للحظة، اجالت نظرها بتفاصيل وجهه الجميل الذي زينته الشامات المتناثرة هنا وهناك، مدت يدها المرتعشة بلطف لكي لا توقضه، هناك شعور قوي داخلها يدفعها لتلمس هذه التفاصيل الدقيقة بكلتا يديها، مررت اصابعها برقة متحسسة كل مكان في وجهه لتستقر اخيرا فوق ش...