مرحبا ❤️ بعرف انو في كتار مزعوجين او زعلانين بسبب تأخري الكبير على تنزيل البارت بس رح قلكم للمرة الالف انو مو دايما الإنسان بتجيه الأفكار او النفس للكتابة و الكتابة من الأشياء الي ما فيك تعملها اذا ما كان إلك خلق لهيك تأخرت كتيير... و بذات الوقت كنت حابة انو اكتب بارت مليان أحداث و وضح فيه كل تساؤلاتكم وانشالله كون توفقت اني امحي كل تساؤل كان عندكم في ما يخص القصة و الاحداث و اذا لسا في اي شي غامض فيكم تقولولي اياه مشان انا كمان انتبهله... حبيت هاد البارت يكون هديتي الكم بمناسبة السنة الجديدة بس متل ما بتعرفوا شو صار معي لما كنت عم نزله 😭 المهم انا عدت الجزء الي انمحى واعذروا أخطائي الاملائية 🙏🏻❤️❤️😍😍😘😘 انتوا عيلتي التانية و حتى لو زعلتوا مني انا ما بزعل منكم لاني بحبكم ❤️💝💘 رح اترككم هلا مع احلى بارت بالنسبة الي..
**************صدح صوت فرامل السيارة المرسيدس ذات اللون الفضي التي توقفت أمام مستشفى ميديستايت (Medistate) الواقع ببيكوز اسطنبول.. همت هازان بالترجل منها فاتحة الباب بيد مهزوزة من شدة قلقها ولكنها استدارت نحو ياغيز الذي كان يقبع بجانبها واضعا كلتا يديه على المقود وقد استقرت زرقاوتيه على البلور الأمامي للسيارة تطالعان الفراغ القاتم الذي في الخارج... لم تفهم ما سبب حالته تلك.. فمدت يدها إلى كتفه وقامت في البدايه بهزه بلطف ولكن هزاتها أصبحت أقوى مع عدم استجابته لندائها : ياغيز.. ياغيز.. هل انت معي؟
خرجت تنهيدة مريرة من بين شفاهه عبرت عن الأسى الذي يعتمل خلده.. ليلقي بعيناه التى ترقرقت بعبرات استعصى عليه السماح لها بالنزول نحو عينيها القلقتان على ما هو عليه...
-" انا السبب في هذا" تشدق ياغيز بشجن لم يخفى على هازان التي سادت وجهها ملامح التوجس من ما يقصده فاردفت وهي تغلق باب السيارة الذي يجاورها لتسلط جل تركيزها عليه: مالذي انت السبب به ياغيز؟ هلا وضحت لي ما تقصده بكلامك؟
كان سؤالها بمثابة نثر كم من الملح على جرح حديث لم يتمم التئامه بعد.. ولوهلة خيل لها انها رأت عبرة تشق اهدابه مرورا إلى وجنته ليشيح ياغيز بوجهه بعيدا عنها وكأن حرارة دموعه لدغت بشرته.. قاوم بجد منع نفسه من الانهيار ولكن شعور الندم و الألم اللذان ينهشان كل ذرة داخله يأمرانه بالخضوع.. احنى راسه فوق ذراعيه اللتان احتضنتا عجلة القيادة و اطلق العنان لعيناه لتمطر دموعا سخية على ماضيه و حاضره.. لازالت ذكريات ذلك اليوم تلازم ذهنه.. لقد كان اتعس يوم في حياته البائسة.. اليوم الذي هبت به العاصفة التي اودت به و بماضيه و حاضره إلى السراب.. اليوم الذي تيقن ان حياته كانت مجرد لعبة شطرنج حركها والده كما شاء.. لهذا السبب تحديدا لم يستطع مسامحته مهما فعل و حتى بعد مرور سنة و نصف على ما حدث..
فلاش باك 💭
كره نفسه و كره الجميع بعد ما اكتشفه من أكاذيب من اقرب الناس اليه ولم يعد يثق بأحد من حوله.. هجر حياته.. عمله.. عائلته و الجميع حتى الفتاة التي كانت الحياة بالنسبة اليه.. لم يكن بحالته الطبيعية عندما اقدم على القرار الذي قسم ظهر هازان و دمرها.. لم يخطر ببالها يوما ان يقف أمامها و يطلب منها الطلاق بكل سهولة.. بكل بساطة.. وكأنه لا يعلم ان كل خلية داخلها تنبض به و بإسمه... وكأنه لم يحبها يوما و نسي ما عانياه من أجل أن يكونا معا تحت سقف واحد.. وكأنه نسي انها عادت والدتها و المجتمع من أجله و من أجل كرامته.. لم يكن قراره مجرد كلمات بسبب النيران التي تستعر داخله بل بدأت في التحقق حين شرع المحامي خاصته في إعداد الوثائق اللازمة بينما شرع أحدهم في إعداد حقائبه لمغادرة هذا البلد الذي كان ضالما له منذ نعومة اضافره.. لم تكن اسطنبول ضالمة إلى هذا الحد معه فبسببها و بها تعرف على اجمل ما حدث بحياته.. بها تعرف عليها و بها عشقها و عشقه لها جعل من هذه المدينة موطنه.. ولكنه سيغادرها الان و روحه تأبى المغادرة.. عاد إلى أمريكا تاركا هازان في حالة يرثى لها بدون علمه انها كانت تحمل في احشائها نطفة منه.. مرت بايام قاسية و عصيبة في غيابه.. قضتها بين الانتحاب و النوم و جلسات الطلاق التي كانت تؤول بالتاجيل بسبب تغيب ياغيز عن الحظور.. لم تعلم اذا كانت ستفرح ام ستحزن من ما يحدث.. هل حقا تخلى ياغيز عنها نهائيا؟ هل استطاع محوها و محو كل ما يتعلق بها من حياته؟ تبادرت بذهنها هذه الأسئلة مرارا حتى انها اتصلت به في كل مرة علها تحصل على إجابة تريح قلبها ولكنه في كل مرة يردها خائبة بسبب فصله المكالمة و انتهاء سلسلة محاولاتها باقفاله لهاتفه..
لما هي لا تستطيع؟ لما ليست قادرة على تحمل حياتها من بعده؟ لما تشعر به في كل مكان حولها؟ جافاها النوم منذ ذهابه.. كيف ستنام وهي التي اعتادت ان تتوسد صدره طوال الليل.. كيف ستتنفس بانتظام بدون استنشاقها لرائحته ... كيف... كيف... كيف.. و كيف.... هكذا أصبحت أيامها.. سؤال تلو الاخر بدون إجابات... تدمرت نفسيتها و ازدادت حالتها سوءا مع مرور الايام.. قل أكلها كما قل نومها و كثر بكائها و نحيبها.. لم تخبر أحدا بحملها فقد أرادته ان يعلم منها هكذا خبر... حاولت ولكن محاولاتها كانت دائما تبوء بالفشل الذريع... لم تيأس بل انتظرت اتصاله من يوم سماعها خبر حملها علّ قلبه يرق و يبادر بمهاتفتها ولو لمرة لتزفه هذا الخبر.. انتظرت كل هذا الوقت ولم تخبر أحدا إلى أن أتى ذلك اليوم المشؤوم الذي خسرت هازان به اخر خيط كان يربطها بياغيز إلى الأبد... خسرت طفلها الذي لم تره بعد.. اجهضت بسبب وضعها النفسي المتئزم و اضرابها عن الطعام الذي ضر جنينها ليلقى حتفه داخلها... علم الجميع حينها فتلقت كلمات البعض اللائمة و الاخرى المشفقة.. ولكن ما نفع الكلمات بعد ما حدث لها و ياغيز ومن ثم ما حدث لطفلهما... خسرت كل شيء في شهرين فقط.. خسرت ما بنته لسنوات في شهرين لعينين... خسرت حتى استعدادها لتكون حاملا مرة أخرى...
نهاية الفلاش باك 💭
لقد كانت الأسباب كثيرة لعدم قدرته على مسامحة ابيه.. بداية من كذبة حياته مرورا بحرمانه من هازان لاشهر وصولا لخسارته أمله الوحيد في بناء حياة جديدة مستقرة و سعيدة مع أغلى اثنان على قلبه بعيدا عن الجميع... لقد تسبب والده له بكل هذا ويعلم انه لن يستطيع العفو عنه يوما ولكن لماذا شعور تأنيب الضمير يمزق كل ذرة به؟ ما سبب هذه الغصة التي تملكت صدره مانعة عنه التنفس؟ لما يشعر بخوف شديد يعصف داخله؟ هل تراه يخاف فقدانه؟ رغم كل ما اقترفه في حقه الا انه لازال يحبه من كل قلبه فهو بطله الذي انقذه من الظلام في يوم ما... شهق من بين عبراته ثم أدار وجهه ثانية إلى هازان التي أصابها الذعر بسبب حالته ولم تنفك عن الصراخ في أذنيه بهلع تستفسر عن سبب انهياره... رمقها بعينان كالدم من فرط احمرارهما.. ود لو كان باستطاعته الارتماء بحضنها و الإفصاح عن كل ما يخالجه لتخفف عنه ولو بمجرد نظرة حنونة منها ولكنه في كل مرة يرجع بامنياته خائبا عند تذكره بمئساتها التي زادت معاناته... انها بالكاد تتذكر حياتها فكيف ستذكر خاصته؟ لطالما كانت هازان مخزن أسراره و همومه التي كانت تزيلها عن كاهله بكلماتها المريحة و حضنها الحنون.. رمقها بنظرات اشتياق و لوعة فبادلته هي الأخرى بنظرات قلقة..
- ياغيز هل انت بخير.. ارجوك انت تقلقني عليك..
قالت بنبرة خائفة ثم صمتت قليلا لتميل برأسها أمامه لتقابل وجهه واضعة كف يدها على وجنته ماسحة آثار دموعه من عليها.. آلمتها رئيته يتخبط هكذا.. احست بوجعه و للحظة تذكرت والدها.. القطرة التي تزحلقت على وجنته اخترقت قلبها وبدون تردد وجدت نفسها تمد اناملها نحو وجهه لتمسح عبراته..
- سيكون بخير.. لن يصيبه مكروه انا متأكدة انه سيستعيد صحته من جديد.. وانا.. أنا هنا معك.. دائما.. لست وحيدا ياغيز.. يمكنك البكاء.. لا تمنع دموعك من النزول..
رددت هازان بصوتها الدافئ وهي تخلل اصابعها بين خصلات شعره ليرمقها ياغيز بنظرات عاشقة و ابتسامة رضا امتدت على شفتيه ليتمتم: انتي معي
بادلته هي بابتسامة رقيقة ثم اردفت: انا معك
رفع يده نحوها ماسحا على وجنتها لتقول له: هل ننزل؟
هز راسه ايجابا ثم اعتدل في جلسته و نظر إليها نظرة اخيرة قبل أن يأخذ نفسا عميقا و يترجل من سيارته...
******
" اخي.." بكت سيلين وهي تتجه نحو ياغيز لترتمي بين ذراعيه
" ابي... انه... في... الداخل.. لقد اخذوه.. معهم.." اكملت بكلمات متقطعة تتخللها شهقات متتالية وهي تحتضن ياغيز الذي ضمها هو الاخر إلى صدره وهو يمسح على شعرها محاولا التخفيف عنها...
" سيكون بخير صغيرتي.. كفي عن البكاء انها مجرد أزمة و سيتغلب والدنا عليها كما فعل مع جميع الازمات التي مر بها طوال حياته.. " همس قرب اذنيها وهو يطبع قبلة أعلى راسها ثم ابعدها عنه قليلا و مسح قطرات انسدلت على خديها..
ثم اكمل وهو ينظر إليها بابتسامة حنونة: انه بطلنا.. و الابطال لا تمرض صحيح!"
هزت راسها وقد ضهر شبح ابتسامة على محياها..
فقرص ياغيز خدها و اضاف: اذا اتفقنا! لا بكاء بعد الآن!
مسحت عيناها باصابعها ثم ابتعدت عن طريقه لتحتضن هازان التي كانت تقف بجانبهما تشاهد هذا المشهد الأخوي الرائع والذي حاز فيه زوجها بجائزة افضل اخ في العالم بأسره.. فتذكرت نفسها وهي ترى تصرفاته الحنونة و كلماته المطمئنة لشقيقته... انه تماما يشبهها في هذه النقطة.. إذ لطالما كانت الام و الاب و الأخت لايجه...
تقدم نحو سنان و جوكهان اللذان كانا قابعين على إحدى الكراسي التي أمام غرفة الطوارئ وقد كسى التوتر و الخوف وجهيهما..
احتضنهما واحدا تلو الاخر ثم جلس بجانبهما وهو يسأل عن ما حدث و كيف...
اخبره جوكهان انه كان يدخل من باب القصر حين مر من غرفة الجلوس ليلقي السلام على ابيه ليجده ممددا على الأرض مغشيا عليه فاتصل فورا بالاسعاف و أتى هو و ياسمين و سيلين ورائهم إلى هنا ثم اتصل بسنان ليلحقهم...
وقف ياغيز متجها نحو هازان التي كانت خجلة بسبب فستانها المفتوح وقد فهم هو هذا لذا قام بنزع سترته ثم وضعها على كتفيها لتنظر اليه هي في المقابل بابتسامة دافئة ممررة اصابعها على يده فبادلها بايمائة رقيقة قُطِعت بخروج الطبيب من غرفة الطوارئ ليهرول ياغيز و البقية في اتجاهه..
هب الجميع في وجه الطبيب كل يتسائل عن حال السيد حازم في صوت واحد..
اعتدل رئيس الأطباء في وقفته وهو يبعث بابتسامة مطمئنة في وجوه الجميع ثم قال في هدوء: اهدؤا قليلا ارجوكم.. ليس هناك شيء يبعث للقلق إلى حد الآن على الاقل..
قاطعه سنان متسائلا بعصبية: دكتور قل لنا ما الذي اصاب أبي و كيف حاله الآن؟
نظر ياغيز الى سنان شزرا وكأنه يأمره ان يحافظ على هدوئه.. تابع رئيس الاطباء موضحا: لقد تعرض والدكم إلى أزمة قلبية حادة وذلك بسبب ارتفاع ضغطه الذي يعود إلى الإرهاق، كثرة التفكير او تدهور حالته النفسية.. محظوظون لأننا تدخلنا بسرعة في التشنج و كما اخبرتكم قبلا ليس عليكم القلق لأننا قمنا بالواجب ولكن ستكون هذه الفترة حرجة لذا ستحاولون قدر الإمكان ابعاده عن أي ضغوط نفسية او اي شيء يزعجه كما اننا نقلناه إلى غرفة عادية..
تشدق جوكهان بفضول: هذا يعني انه بخير الان؟
" بخير حتى أنه يريد رئية السيد ياغيز" أجاب رئيس الأطباء
كان ياغيز يصغي إلى هذا الأخير بكل تركيز حين استمع إلى آخر ما قاله ليتشتت ذهنه و يغرق في بحر من الحيرة.. لا يشعر باستعداده التام للقائه.. و الاصح انه لا يريد لقائه.. لازال شعور الذنب يمزق صدره حتى وبعد أن اطمئن على وضعه و في نفس الوقت لايزال غير قادر على مسامحته.. انه حقا في حالة من انفصام الشخصية.. لا يعلم مالذي يريده و مالذي لا يريده.. وجل ما يعلمه هو أنه غير مستعد لرئية ابيه الان.. استقرت أنظار الجميع على ياغيز الشارد الذهن ينتظرون دخوله ولكنه فاجئهم بتراجعه خطوات إلى الوراء ليولي ضهره إليهم ويهم بالانصراف بخطوات سريعة وكأنه يلوذ بالفرار..
لم يستغرب اشقائه ردة فعله فقد تعودوا موقفه هذا من والدهم منذ اكتشافه الحقيقة ولكن ما قام به اثار صدمة هازان التي لحقته فورا.. لقد حان الوقت لتفهم منه سبب حالته في السيارة و ما فعله للتو...
كانت تقف أمام المصعد حين فتح لتظهر من داخله السيدة فضيلة و ايجه وعلامات القلق تكسو وجهيهما... قالت فضيلة بصوت شبه صارخ وهي تتجه نحو ابنتها: هازان يا ابنتي مالذي حدث؟ هل حماك بخير؟ يا الاهي لقد كان بصحة جيدة
" انه بخير يا أمي.. لقد مر بأزمة قلبية ولكن وضعه بات مسقرا الان" أجابت هازان وهي تقبل شقيقتها التي ارتمت بين ذراعيها
" حمدا لله على سلامته.. هيا فلنذهب للاطمئنان عليه" اردفت فضيلة وهي ترفع كفيها في الهواء داعية الله ثم أسرعت خطاها نحو مكان تواجد السيد حازم الذي دلتها موظفة الاستقبال عليه قبل صعودها...
ضغطت هازان على زر المصعد ثانية وهي تقول: اذهبا انتما ساوافيكما بعد قليل
هزت كل من فضيلة و ايجه راسهما بتفهم ثم ذهبا تاركين ورائهم هازان التي استقلت المصعد متجهة للاسفل...
اخذ نفسا عميقا عل الهواء النقي يملأ صدره و يزيح عنه تلك الغصة التي تعيق تنفسه.. خلل اصابعه داخل خصلات شعره بتوتر وهو يذرع حديقة المشفى ذهابا و ايابا.. احس برغبة ملحة في البكاء فانصاع إلى هاته الرغبة و سمح لعبراته بمغادرة جحرها.. جلس على احد الكراسي التي استقرت في الحديقة واضعا وجهه بين كفيه حين احس بيد توضع على كتفه ليرفع نظره فورا إلى صاحبها..
******
-" حمدا لله على سلامتك يا سيد حازم" تنحنحت فضيلة وهي تدلف إلى الغرفة التي تم نقله إليها..
هز هذا الأخير برأسه معربا عن شكره ثم التفت نحو سيلين التي ارتمت على صدره باكية..
-" لقد اخفتنا عليك ابي.. كيف تفعل هذا بنا؟" قالت سيلين وهي تعانق أباها
" حذاري يا سيلين.. لقد خرج ابي لتوه من غرفة الطوارئ" قال جوكهان محذرا شقيقته
ابتسم حازم وتشدق بصوت شبه مسموع دل على تعبه : دعها يا جوكهان انا بخير.. انا اسف عزيزتي لأني افزعتكم جميعا
-" كنت اعتقد انك لازلت بعز شبابك يا أبي ولكنك خيبت ظني" قال سنان مازحا
" نهضت سيلين عن صدر والدها وهي توجه كلماتها لاخيها بنبرة مازحة: ابي لا يزال في عنفوان شبابه ومن يقول غير هذا فهو يغار منه
ضحك الجميع بما فيهم ايجه التي اضافت من بين قهقهاتها: انا سوف اظم صوتي إلى صوت سيلين
سكت الجميع بعد ضحكهم ليتساؤل حازم: أين ياغيز؟
******
رفع عيناه البلوريتين ليجدها حذوه وهي ترمقه بنظرات حانية بثت الراحة و الطمأنينه إلى قلبه..
" لماذا لم تقبل رئيته؟" سألته باهتمام
صمت ياغيز قليلا ثم همس بصوت مبحوح: لا أشعر انني مستعد لذلك
زادتها كلماته توجسا و حيرة على حيرتها.. لم تعلم ما ستقول له.. هي تعلم جيدا ان هناك حلقة مفقودة في هذا الموضوع وهذه الحلقة هي سر تصرفات ياغيز الغريبة تجاه والده... لا تريد أن تضغط عليه لمعرفتها.. لذا سوف تنتظره إلى أن يقرر إخبارها بنفسه...
" انا لا اعلم ما سبب موقفك هذا من السيد حازم ولن اطلب منك أن تعلمني ولكني سأكتفي بأخبارك بشيء واحد فقط.. مهما فعل ومهما أخطئ فالاب يبقى اب.. لقد رأيت كيف كانت حالتك قبل نصف ساعة من الان.. لقد كنت ترتعد خوف حدوث مكروه له.. لذا لا تكابر و لا تحاول إخفاء ما تشعر به.. هل أخبرك بسر؟
نظر إليها ياغيز مصوبا اهتمامه بما ستقوله لتكمل هي بنبرة حملت حزنا عميقا داخلها: انا اكره الوداع حد اللعنة و السبب هو انني لم أستطع توديع ابي قبل موته.. لم أستطع تقبيله و احتضانه.. لم أستطع اخباره كم انني احبه و ساحبه دائما وهذا ترك بي أثرا كبيرا طوال حياتي...
صمتت قليلا آخذة نفسا عميقا داخلها ثم اكملت: اعلم انك تتسائل عن سبب اخباري لك بكل هذا و لكن السبب بسيط جدا وهو ان الحياة قصيرة جدا.. اقصر مما نتخيل.. لما علينا أن نقضيها بعيدا عن الناس الذين نحبهم؟
مد يده باتجاه سوداوتيها ماسحا قطرات فرت من بينهما.. لقد كان يعرف مسبقا عن سبب كرهها للوداع فقد أخبرته بما حدث مع والدها وكيف وعدها بنزهة ولكنه توفي قبل ان يفي بوعده لها... يعلم كل ما قصته هي الآن و يذكر انه قام بالعديد من الأشياء لمساعدتها على تجاوز المها هذا حتى انها تجاوزته بالفعل ولكنه لم يرد مقاطعتها... تركها تخرج ما بقلبها مستمتعا هو بمحاولتها لجعله يشعر بالارتياح... و كم كان لكلماتها البسيطة تلك سحرا خياليا... رمقها بنظرات ناعمة تنم عن الحب ثم همس: شكرا لوجودك معي هازان
لم تجبه ولم تتلفظ باي حرف و اكتفت بمبادلته نفس النظرات فاقتربت منه لتطبع قبلة سريعة على شفتيه...
لم يتوقع ياغيز حركتها تلك ولكنها وللحظة خطفت تفكيره وانسته ما كان يبرم قلبه فوجد نفسه يلتقط شفتيها ثانية في قبلة هادئة بثت السكينة و الراحة داخل ارواحهما...
" احم احم..." تنحنح كدليل على وجوده
ابتعد كل من ياغيز و هازان عن بعضهما البعض ثم نظرا إلى مصدر الصوت ليجدا سنان يقف امامهما و على وجهه ابتسامة خبيثة مما جعل هازان تشعر بالخجل الشديد مطرقة رأسها إلى الأسفل..
قال سنان مازحا: يوجد غرف كثيرة هنا باستطاعتكما اخذ واحدة..
" سنان...." اجابه ياغيز محذرا وهو يحدجه بنظرات حانقة
"تمام، تمام.. لقد كانت مزحة فقط.. على العموم أتيت لاخبارك ان ابي يصر على رئيتك" اردف سنان وهو يتحول من المزاح إلى الجدية
صمت ياغيز ثم نظر إلى هازان والتي بدورها عاودت النظر اليه وكأنها تطمئنه انها معه ثم نهضا معا متوجهين نحو باب المشفى...
دلف إلى الغرفة ببطء فشاهد اباه منسدلا على الفراش حين كان ينظر نحو النافذة ولكنه التفت فور سماعه لصوت إغلاق الباب لينتفض من مكانه محاولا النهوض..
" ياغيز بني.." تشدق السيد حازم وهو ينظر إلى ابنه باشتياق
تقدم ياغيز بخطى بطيئة وهو يحاول استجماع شجاعته لكي يكون قويا امامه...
جذب إحدى المقاعد التي وضعت في ركن من أركان الغرفة واضعا اياه بجانب السرير ثم جلس وهو يتفادى النظر الى ابيه مباشرة..
" حمدا لله على سلامتك.. " تشدق بصوت يكاد يسمع
فنظر حازم إليه و ابتسامة رضا مرسومة على شفتيه.. قال وهو يمد يده تجاهه وكأنه يطلب منه الاقتراب: احمد الله انني بخير عَلّي ارى مسامحتك لي بعد هذه السنوات بني
رفع ياغيز رأسه فور سماعه لآخر كلمات من اباه لتلتقي عيناه بنظرات هذا الأخير المتحسرة ولكنه لم يتفوه ببنت شفة.. لا يعلم ما سيقول او بالأحرى لا يريد تكرار ما فعله بالأمس في الشركة خوفا من انتكاس والده ثانية لذا اكتفى بالصمت..
" لقد حاربت طوال حياتي من أجل اخفاء الحقيقة فقط خوفا من هذا... خوفا من رئية هذه النظرات الحاقدة و المليئة باللوم التي تتخلل عيناك.. خوفا من معاملتك لي كالغرباء او بالأحرى كالاعداء..
لاحظ حازم تغير ملامح ياغيز إلى التكدر فاكمل موضحا: انا لا احاول تبرير فعلتي بهذه الكلمات.. نعم، لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء بسبب هذا.. ارتكبت اخطاءً كبيرة جدا ولكنني ارتكبتها بسبب هذا.. كي لا أرى هذا الجفاء منك يوما ما.. فعلت هذا كي لا تأتي الي يوما ما و تسألني من انا يا أبي.. كي لا أرى بعيناك ذلك الألم و لا احس بتلك السكين التي تغرس داخل قلبك والتي أشعر بطعناتها انا ايضا... سامحني بني... انت ابني انا و سيفينتش ولا شيء يمكنه تغيير هذا ابدا.. نحن لم نفرقك عن اخوتك ابدا، نعم لقد ارتكبنا بعض الأخطاء ولكننا ارتكبناها فقط لحمايتك... ولكننا فشلنا في حمايتك إلى النهاية...
جداول من الدموع الساخنة اخذت طريقها على وجنتي ياغيز الذي كان يسدل رأسه إلى الاسفل وكل كلمة تمر على مسمعه من حديث ابيه تمر معها شرائط من الذكريات الأليمة أمام انظاره...
فلاش باك 💭
تشبثت بتلك الورقة التي تحمل مصيرها بيدين مرتعشتين وهي تضمها إلى صدرها.. هاهي الان تفصلها بضعة لحظات على معرفة الحقيقة التي انتظرتها لسنوات عدة.. أمسكت بها بأنامل مرتعدة وفتحتها وابتسامة سعادة و أمل شقت محياها سرعان ما تبددت لتحل محلها علامات الصدمة و عدم الاستيعاب.. ترقرقت عيناها بدموع سخية وهي تعيد قراءة فحوى نتائج التحليل بعدم فهم حين لمعت صورة عدوها بذهنها لتتجعد ملامحها الحاقدة وتهم بالخروج..
دلفت خارج غرفة الخدم خاصتها و اتجهت نحو غرفة الجلوس كالمغيبة وهي تصرخ باسمه بصوت مقهور لتجده يتجه نحوها نزولا من السلالم التي تتوسط القصر... صدمتها اعمت بصيرتها و حقدها جعلها لا ترى أمامها لتمسكه من تلابيبه وهي تهزه وعيناها تقدحان شررا و غضبا...
"كلاهما ليسا ابنائي.. ماذا يعني هذا يا سيد حازم؟" صاحت كريمة بمرارة وهي تلوح بالورقة أمام وجه السيد حازم الذي كست وجهه علامات الرعب و الجمود...
تصلب في مكانه ولم ينبس ببنت شفه من شدة خوفه من ما سيحدث بعد قليل وهذا ما زاد من احتقان كريمة التي قامت بخضه ثانية...
" أخبرني من منهما ابني؟ ياغيز ام سنان؟ ارجوك أخبرني" تشدقت وقد خرجت كلماتها بصعوبة بسبب بكائها..
هل هذه هي النهاية.. هل هكذا ستكون النهاية بعد ما سعى اليه لكي لا يكتشف ابنه هذه الحقيقة البشعة؟ ' فكر حازم بوجوم قبل أن يرفع نظره إلى الأمام ليجده أمامه...
كان قد اتصل بياغيز في وقت سابق من ظهر ذلك اليوم و طلب منه المجيء إلى القصر، فقد اشتاق اليه كثيرا حيث انه ومنذ زواجه لم يعد يزور والده باستمار كما ذي قبل..
كان ينزل من السلالم متجها نحو غرفة الجلوس التي اعلمته نيرمين بأن ياغيز بأنتظاره بها قبل أن تعترض طريقه هذه الكارثة التي لم يحسب لها حساب...
وجهت نظرها هي الأخرى إلى مكان نظر حازم لترتسم علامات الرعب على سمات وجهها و تسقط يداها المرتعشتان عن تلابيب قميص السيد حازم..
لم تكن حالة ياغيز اقل سوءا من ما هما عليه ابدا.. فقد صعق بشدة من ما سمعه و من ماهو بصدد رئيته.. عقد حاجبيه بعدم استيعاب و تقدم بتثاقل نحوهما و جل نظره مصوب على والده الذي تصنم في مكانه دون حركة..
" مالذي تقوله.. هذه.. المرأة يا أبي..؟ ما دخلك انت بأبنائها؟ لماذا تسألك عن... ؟" تشدق ياغيز بمرارة و قد بان هذا على صوته الذي خرج مبحوحا متقطعا..
"من منهما ابني؟ ياغيز ام سنان.." لم يكمل سؤاله حين تكررت بذهنه فجأة كلماتها الأخيرة ليشعر بغصة تتملكه.. لم يفهم معنى ما قالته او بالأحرى آثر لعب دور الغبي انذاك و إعطاء فرصة الشرح لأبيه.. ولكن دون جدوى، لم يحصل يومها على الجواب الذي يحل كم الغموض الذي يدور من حوله ولكن و كالعادة لم يتوقف بحثه عند ذاك الحد فياغيز ايجيمان لا يقبل بالرضوخ إلى الأمر الواقع و انتظار اليوم الذي ستكشف به جميع الأسرار... وقد آل بحثه إلى اتخاذ قرار مصيري كان سببا في قلب حياته رأسا على عقب..
قام بتحليل ابوة لكسر حيرته و لكنه كُسِر هو و كَسر جميع من حوله وأولهم هازان التي لم تكن سوى ضحية لكذبة فضيعة وضعت نهاية لسعادتها المؤقتة...
كانت ردود أفعاله قوية و مئلمة للجميع وخاصة هي.. استسلامه لصدمته و حسرته أدى به للتفريط بها و بكل شيء يربطه بماضيه.. طالما هو ليس ايجيمان بعد الآن إذا فهو لا يستحق اي شيء اكتسبه من ذلك الاسم.. هذا ما اعتقده ياغيز او بالأحرى الصورة المدمرة لياغيز..
لم يهرب ابدا من المواجهة كما تعود وضرب الحقيقة بوجه تلك المسماة بوالدته و ابيه المزعوم الذي لم ينكر بل سرد له كل ما قام به منذ البداية...
" انت لست ابي لأنك ربيتني.. وانتي لست اما لي لأنك ولدتني.. كلاكما انا لا اعرفكما.." كانت هذه آخر كلمات بسق بها ياغيز في وجه السيد حازم و كريمة قبل أن يخرج من عتبة ذلك القصر بلا رجعة جارا خلفه اذيال الخيبة و الألم...
أنت تقرأ
مفقودة (مكتملة)
Romanceتوقفت للحظة، اجالت نظرها بتفاصيل وجهه الجميل الذي زينته الشامات المتناثرة هنا وهناك، مدت يدها المرتعشة بلطف لكي لا توقضه، هناك شعور قوي داخلها يدفعها لتلمس هذه التفاصيل الدقيقة بكلتا يديها، مررت اصابعها برقة متحسسة كل مكان في وجهه لتستقر اخيرا فوق ش...