🔥الحلقة السابعة و العشرون 🔥

13.6K 119 88
                                    

مرحبا أعزائي 😍 البارت طويييل كتيررر فيه اكتر من 6800 كلمة ومليئ بالمشاعر و الاحاسيس والأحداث 🔥 طبعا متل ما وعدتكم لهيك اقروه بتمعن و بصفة متواصلة وحاولوا تتخيلوا وانشالله يعجبكم 🙏🏻❤️😘 والأهم بدي تفاعل قوي لحتى واصل للاحسن 👊🏻💪🏻❤️

وقفت أمام النافذة الكبيرة التي تكشف مشهدا رائعا لهذه المدينة الهادئة ليلا رغم فوضتها العارمة صباحا.. كانت مستمتعة بمنظر الاضواء المختلفة التي انعكست على سماء اسطنبول المظلمة لتعطها طابعا رومانسيا حين احست بأصابع يديه تلتف حول خصرها ثم تجذبها نحوه بلطف ليلامس ضهرها صدره العريض...
لا يعلم كم مر من الوقت وهو يشاهدها وهي تقف أمام نافذة شقته بالبلازا واضعة جبينها على البلور و عيناها تتحول تارة إلى السماء و أخرى إلى شوارع المدينة.. هي تعشق منظر و جمال اسطنبول ليلا ولكنها لا تعلم أن هنالك من غارق بعشقها و مغرم بجمالها و مولع بمشاهدتها هي ليلا و نهارا.. هي التي سكن عشقها قلبه و تملكت رائحتها صدره و تعلقت كل خلية من  جسده بملمس جسدها منذ رئيته لها..
كان قد خرج لتوه من غرفة الاستحمام مرتديا برنص الحمام خاصته عندما لمحها وهي على تلك الحالة فلم يستطع منع نفسه من التقدم نحوها و أخذها بين يديه.. أغرق رأسه في عنقها مستنشقا رائحتها التي أصبحت الهواء بالنسبة اليه وهو يشد عليها أكثر وكأنه يريد إدخالها بجسده..
همس مقابل عنقها: من الذي ازعج حبيبتي و جعلها تقف كالهائمة!؟
لمسته التي تجعلها تذوب بين يديه، أنفاسه التي تشعل بها نيرانا لا يستطيع احد غيره اخمادها و رائحته التي تعبق رجولة  تجعلها تريده وبشدة.. اغمضت عيناها مستمتعة بالمشاعر التي تشتعل بداخلها مميلة رأسها على رأسه ثم قالت بصوت دافئ: وكيف لي أن لا أكون هائمة و انا لدي حبيب وسيم، حنون و يهتم بي هكذا؟ انا هائمة فقط بحبك حبيبي
قبل خدها قبلة طويلة جعلتها تبتسم.. ثم قالت: ياغيز..
لم ينطق ببنت شفه، فقط اكتفى بالاستمرار في استنشاق عبير زهرته الوردية التي ادمن رائحتها..
همست مرة أخرى بصوت ناعم اشبه بالغمغمة: ياغيز...
اجابها بنبرة ثقيلة: امممم..
هازان بجدية: عدني انك لن تتخلى عني مهما حدث..
ياغيز بثقة و بدون أن يرفع راسه عن عنقها: حتى وان أردت فلا استطيع.... لأنكِ و ببساطة روحي... و لا يستطيع المرء التخلي عن روحه مهما حدث أوليس كذلك؟
سكت قليلا ثم اكمل بتقطع : انتي الهواء الذي اتنفسه هازان.. انتي جنتي.. و وانتي جحيمي.. وجودك هو سبب وجودي و بقائك هو سبب بقائي.. فأنتي الحياة بالنسبة الي ومن بعدك الموت مئالي... هل تستطيعين قبول كلامي هذا كاجابة؟
ابتسمت هازان وهي تشد بيدها على يديه التي تعتصر خصرها ثم قالت: انا لم اسأل سؤالا من الاساس
ابتسم هو الاخر وارجع رأسه داخل عنقها وهو يحاول كتم الرغبة اللعينة التي تمزق كيانه... زرع قبلة رطبة جاهد كثيرا لمنع نفسه من زرعها على انحنائة رقبتها... احس بجسدها وقد ارتخى بين يديه فالهب هذا به نيرانا من الشهوة المفرطة والتي تأمره وبشدة ان يأخذها اليه الان وبدون تردد.. لم يمنع نفسه هذه المرة ولم يكبت رغبته بها التي يحاول جاهدا اخفائها كل ما رآها او بالأحرى لم يستطع كبتها.. دحرج شفاهه الرقيقة على رقبتها وصولا إلى كتفها ليطبع قبلة أخرى عليه وانفاسه الساخنة تحرق جلدها...
لم تعد هازان قادرة على المقاومة اكثر... فارخت رأسها إلى الوراء سامحة له بفعل ما يريد.. تريده و تريد قربه و تشتاق إلى لمسته ولن تمنعه و تمنع نفسها مجددا من عيش هذا النعيم..فلتذهب كلمات والدتها إلى الجحيم.. انه ليس اي شخص.. انه ياغيز حبيبها الذي لن يتخلى عنها مهما حدث..
سرت رعشة زعزعت جسدها وهي تشعر بقبلاته التي امتدت على طول رقبتها وصولا إلى اذنها لترفع يدها ملامسة وجهه الذي أصبح شديد الحمرة بفعل الحرارة التي تأججت بجسده..
تمتم عند اذنها بصوت يكاد يكون  مسموع: ماذا تفعلين بي هازان؟
قال كلماته ثم عاد يوزع قبلاته ولكن هذه المرة يداه وجدتا طريقهما على جسدها بكل جرأة و احترافية.. فتآوهت هازان معلنة بذلك استسلامها التام اليه...
كانت تشعر بالرغبة تشق خلايا جسدها الذي أصبح يصرخ به و باسمه وزادت حركة يده التي مررها ببطء مميت على اسفل بطنها ثم فخذيها من رغبتها فخرجت آه من بين شفتيها بدون احساس منها...
هل تستطيع مجرد كلمة، لا ليست كلمة.. بل صوت بل ترجمة احساس باطني ان تُفقِد الإنسان عقله، حواسه و كل خلاياه.. نعم هذا ما حدث مع ياغيز فور سماعه لتؤوهها ليغيب تماما عن هذا العالم و يغرق بعالم اسمه هازان.. هازان و ياغيز فقط..
تحولت حركاته من الهدوء إلى التمرد.. فاغرس اصابعه بخصرها شادا اياها اليه اكثر لتشعر هازان بشيء متضخم يحتك بمؤخرتها والذي لم يكن غير رجولته المستثارة.. لم تفهم ماهو او تضاهرت بعدم الفهم وذلك ان مجرد شعورها بتصلبه على مؤخرتها أدى إلى اهتزاز أطرافها وكأنها لُدِغت... ولكنها لدغة محببة.. لدغة في غاية الاثارة.. لدغة افقدتها عقلها... لأنها لم تشعر بنفسها حتى وهي تستدير لتقابل وجهه..
لم يعد قادرا على تمالك نفسه اكثر.. انها تثيره حد الجحيم.. وهذا واضح من الكيفية التي تصلب بها عضوه.. يريد الاحساس بها اكثر.. يريدها ان تتعرف على عالمه الخاص.. على وجهه الاخر.. شخصيته الأخرى التي لم ولن تظهر لأحد غيرها.. يريدها و الليلة سيعرفها على الطرف المظلم لياغيز ايجيمان...
استدارت نحوه بوجه متوهج و صدر يهتز بقوة متبعا نسق نبضات قلبها الغير منتظمة .. نظرت إلى عينيه التي اكتساها ظلام دامس وكأنها تتوسله الاقتراب منها اكثر ثم أنزلت نظرها ليستقر على شفتيه.. لم تعلم من اين أتت بجرئتها هذه ولكنها رفعت يديها لتضعهما على جانبي ياقة برنصه وهي تركز النظر على شفتيه..
فاجئته تصرفاتها و جرئتها ولكنه لم يحرك ساكنا.. تاركا لها المجال لفعل ما تشاء.. كانت كل حركة منها وكل لمسة تفقده ما تبقى من صوابه مع ذلك استسلم للمساتها المرتعشة فوق صدره..
لطالما أرادت فعل هذا.. لطالما تمنت تمرير اصابعها على منحنيات صدره المصقول و تقبيل الوشم الذي نحت فوقه.. لذلك وبدون تفكير مسبق وجدت اصابعها تتوغل داخل برنص الحمام الذي كان يرتديه متحسسة جلده المشتعل ببطء شديد جاعلة ياغيز يضغط على أسنانه بقوة محاولا السيطرة على نفسه لمدة أطول..
تحركت اصابعها بروية على صدره وصولا إلى عضلات معدته لتشعر بيده وهي تمسك معصمها لتوقفها عن ما تفعله...
لم يعد باستطاعته التحمل اكثر.. هناك جحيم تستقر اسفله بسببها و بسبب عدم خبرتها التي زادت من استثارته.. امسك بيدٍ معصمها و بالاخرى وجهها لينقض على شفتيها مقبلا اياهما بكل ما به من حب، شهوة، شغف و اشتياق لها، جذبها بيده التي أمسكت معصمها لتلتسق بجسده وهو مستمر بامتصاص شفتيها.. سمعها تإن بين شفتيه فاتحة فمها قليلا ليستغل بدوره الفرصة و يقوم بإدخال لسانه لينهش كل انش من فمها...
احست بطعم الدم بين شفتيها بفعل امتصاصه المتكرر والعنيف و بلسانه يخترق جوفها مانعا تنفسها ولكنها لم تأبه ولم تهتم فقد كان ما تعيشه اسعد لحظات حياتها التي تتمنى عدم انتهائها، لم تأبه بل رفعت يدها مخللة اصابعها بين خصلات شعره مبادلة اياه قبلته الهوجاء.. حركتها هذه كانت كالكبريت الذي زاد من اشتعال ياغيز.. ليتعمق هذا الأخير بقبلاته اكثر فأكثر شادا شعرها بين يديه بتملك... ضلا على تلك الحال لمدة ليست بقصيرة إلى أن سحب ياغيز شفتيه من بين خاصتيها لينحني بهما إلى عنقها يمتص كل انش به ويداه تسللت الى ازرار قميصها لفتحهم.. امتص عنقها، ذقنها، اذنيها و اي مكان اعترض طريقه بشهوانية مفرطة.. أما هازان فقد كانت كل حركة يقوم بها تزيد من رغبتها و شهوتها التي أصبحت واضحة بسبب تئوهاتها المتتالية..
اغمضت عينيها وهي تشعر بالمتعة تخترق كل خلية من جسدها وذلك بسبب حركة ياغيز الأخيرة...
فتح الازرار الأولى من قميصها وهو مستمر بزرع علامات ملكيته على طول عنقها ثم انزل يديه ليعتصر مؤخرتها بين كفيه مقربا اياها اليه لتتلامس أنوثتها برجولته المستثارة ليزأر كالوحوش لاعنا بين اسنانه..
شعور رائع ان تختبر كل شيء للمرة الأولى مع الإنسان الذي تعشقه و تريده بشدة.. هازان اختبرت المعنى الحقيقي للصداقة مع ياغيز ثم المعنى الحقيقي للحب، ثم المعنى الحقيقي للعشق، التعلق، الشغف و هاهي الان تختبر المعنى الحقيقي للرغبة معه أيضا.. ان تشعر بالحب يتدفق من عينا و جسد شريكك.. أن تجد جسدك يعبر عن ما بداخلك و ينطق بكل كلمة لا تقولها شفاهك.. أن ترى تأثيرك على من تحب هذا حقا شعور لا يضاهي اي شعور اخر في الحياة.. لم يكن هذا ياغيز رجل الأعمال المثالي و المؤدب والذي لا يُسمع صوته الا عند الضرورة.. بل شخص آخر مثير حد اللعنة بحركاته الهمجية و لعناته المتواصل التي تثبت مدى إستمتاعه بما يفعله...
كانت نبضات كل منهما تصدح باذني الاخر، و انفاسهما المتهدجة تلفح وجه أحدهما الاخر ولكن كل هذا لم يكن مهما مقارنة بما كانا يشعران به من أحاسيس خيالية...
هم بالنزول إلى صدرها حين سمع صوت طرق الباب .. لم يأبه ياغيز البته بصوت جرس الباب الذي ملئ الشقة وكذلك هازان الا ان الطارق كان ملحا في طرقه مما جعل كل منهما يبتعد مرغما عن الاخر .. لينتبها على الحالة التي كانا عليها..
شعر مبعثر، ازرار قميص مفتوحة، شفتان متورمتان، عنق توزعت عليه بقع حمراء و جسد بالكاد يستطيع الوقوف.. هذه كانت حالتها وهي تحدق بعينيه اللتان ازدادتا قتامة، شعره المبلل الذي تدلت منه خصلات أمامية بصفة عشوائية و مؤزره الشبه مفتوح من الأعلى..
بادلها النظرات بأخرى هائمة.. ثم اقترب منها مقبلا جبينها برقة ممررا يديه فوق شعرها ليعدله ثم إلى قميصها وهو يحاول إعادة إقفال ازراره وهي بدورها رفعت يدها نحو ياقة برنصه و عدلتها بايادي مرتعشة ثم تمتمت بصوت مرتجف بسبب تنفسها المتقطع: ياغيز.. الباب لايزال يطرق..
وضع جبينه على جبينها واجابها ليخرج صوته اجشا بفعل رغبته: هل تعلمين انني اريد ان ابقى هكذا إلى الأبد؟
ارتسمت ابتسامة رضا على شفتيها.. انه حبيبها و عشقها الابدي.. انه ياغيز أغلى ما لديها.. لطالما كانت كل كلمة منه عبارة عن امل يزين حياتها و دواء لجراحها.. هزت راسها معربة عن موافقته الرأي ثم همست أمام شفتيه: اعلم هذا من نفسي
هدأ الطرق فهمّ ياغيز لأخذ شفتيها مرة أخرى عله يروي عطشه من عذوبتها الا انه توقف وهو يسمع هاتفه يرن.. لعق شفته السفلى بغضب ثم انفجر كل منهما ضاحكا...
ياغيز وهو يتجه نحو هاتفه الموضوع فوق الطاولة: لنعلم من هذا المُصر على مقاطعتنا 
ثم سكت قليلا و عاد لينظر باتجاه هازان : سنان
فاجابته متسائلة : ماذا به؟
ياغيز وهو يتجه نحو الباب:  انه ميت لا محالة
ضحكت هازان ملئ فمها ثم قالت: ياغيز!
التفت نحوها بعينان متسائلتان.. فأسرت شفتها السفلى بين أسنانها ثم اشارت إلى جزئه السفلي الذي كان تضخمه واضحا من خلال برنصه لينظر هو بدوره إلى مكان اشارتها...
رفع عيناه إليها وهو يبتسم بخبث ثم قال بصوت شبه مسموع: هل ترين ما تفعلينه بي؟ حبيبي هلا قمتي انتي بفتح الباب.. ساعود انا بعد لحظات..
احمر وجه هازان بفعل كلمات ياغيز و نظراته الملمحة ولكنها احنت رأسها و اتجهت نحو الباب لفتحه لتجد كل من سنان، جوكهان وزوجته ياسمين و شقيقتهما الصغرى سيلين..
  ********
ثلاثة أيام منذ اخر مواجهة لهما والتي أعادت كل من ياغيز و هازان إلى نقطة البداية... ثلاثة ايام لم يتحدثا فيها سوى عند إلقاء السلام و رغم محاولات هازان المتكررة في مناقشة الأمر معه أو توضيح وجهة نظرها الا ان جميع محاولاتها كانت تبوء  بالفشل وذلك بسبب غياب ياغيز المتواصل عن المنزل والذي حتى عند حظوره يكون في شدة البرود معها...
كانت تتخبط في داخلها بسبب معاملته الباردة و تجنبه المتكرر لها، ولكن أليست هي من أرادت هذا؟ أليس هي من كانت تكره تدخله المتواصل بها و بتصرفاتها؟ لماذا اذن يزعجها عدم اكتراثه الان؟ لماذا أصبحت لا تستطيع النوم الا عند عودته! لما تنتظره على الدرج كل ليلة كالمهووسة! وكيف أصبحت تشتاق لبحة صوته و يرتجف قلبها عندما يلقي سلامه عليها صباحا او مساءا حتى لو بنبرة باردة؟ ماهو سبب تداخل قلبها و احاسيسها هكذا؟ والسؤال الأهم لماذا تشعر بأن حالتها هذه مألوفة لديها وكأنها قد عاشتها من قبل؟ لكنها تذكر جيدا انها لم تشعر هكذا مع سنان ابدا... سنان و منذ رئيتها له أعجبت به و إعجابها الغير متبادل تطور ليصبح حبا ثم أصبح متبادلا بكل بساطة و بدون عذاب او تضارب في المشاعر كالذي تختبره الان...
جلست كعادتها على اول درجة من السلالم التي تتوسط شقة ياغيز و أفكارها تعصف بها يمنة و يسرة إلى أن سمعت صوت إدخال مفاتيح داخل قفل الباب لتنتفض من مكانها مهرولة نحو غرفتها ككل مرة لتقف وراء الباب و تنتظر قدومه إليها الذي لطالما انتهى بدخوله إلى غرفته مباشرة و اصابتها هي بخيبة امل...
امالت رأسها على الباب متأملة قدومه حين سمعت طرقا خفيفا ليهتز قلبها فرحا... واخيرا لان قلبه و قرر مسامحتها...فكرت وهي تسمع مناداته لها بصوته المبحوح  الذي أصبح جسدها ينتفض فور سماعه: هازان..
ما هذا هازان كالمراهقة؟ تماسكي و لا تبيني له ضعفك تجاهه، لا تفعلي..
اغمضت عيناها و تنفست بعمق ثم فتحت الباب متضاهرة بالنعاس... الا انها نسيت كل ما فكرت به و ما اتخذته من قرارات بينها و بين نفسها عندما التقت عيناها بزرقة عيناه البلورية والتي رغم صفاء لونها الا انها تكاد تكون مظلمة من شدة الأسرار و الغموض الذي يحمله صاحبها.. لماذا يخيل لها أنها لم تره منذ أشهر.. لماذا تشعر بأن شكله قد تغير منذ اخر مرة رأته بها بوضوح؟ لربما بسبب السواد الذي أحاط بعينيه او بسبب ذقنه التي من الواضح انه لم يقم بحلقها منذ مدة... او لربما بسبب حالته المبعثرة... كل هذه الاحتمالات واردة ولكن هناك سبب آخر، لطالما كان هناك ذلك الشيء الغامض بعيني ياغيز ايجيمان والذي لطالما حاولت فهمه ولربما قد فعلت وهذا ما يزعجها.. لكن رغم حالته المبعثرة ووجهه المرهق الا ان جسده كان يصرخ وسامة و رجولة جعلتها تقف أمامه وهي تحدق به كالغائبة عن الوعي...
سمعت صدى صوت ينادي باسمها لتنتبه لنفسها وقد بانت على وجهها علامات الاحراج الا ان ياغيز لم يعر الانتباه لما حدث ثم قال لها: هازان لقد اتصل بي جوكهان و قام بدعوتنا للخروج إلى العشاء غدا مساءا ولكني أخبرته انني ساقوم باستشارتك اولا
استقرت عيناها على شفتيه وهي تتابع تحركهما وكم أرادت ان يقترب منها و يأخذ شفتيها بين خاصتيه في قبلة محمومة لا تنتهي... هازان... هازان انتي حقا تحولتي إلى كتلة انحراف و قلة أدب متحركة... ماذا قال يا الاهي؟ هل قال جوكهان الان؟ لقد سمعت كلمة عشاء على ما اعتقد! اوووف هازان اوووف لا أصدق انني انا من تفكر هكذا.. الان تأكدت انني تغيرت حقا...
ركزي ركزي ماذا قال الان..
- هازان انا أسألك ما رأيك بما قلت؟
هازان بتلعثم لا تعلم ما ستقول ولكنها تداركت الامر: انت ما رأيك اولا؟
ياغيز مركزا نظره باتجاه عينيها: لا أعلم ولكن لربما العشاء سيكون فرصة جيدة لك للالتقاء بصديقتك بتول و البقية و توديع ايجه قبل ذهابها إلى عطلتها
فهمت هازان لتوها ما قاله منذ البدايه ولكنها تضاهرت بالتفكير بالامر ثم اجابت: لا مانع لدي
رغم تضاهرها بعدم التأثر ولكنها بداخلها كانت سعيدة.. فلربما هذه فرصتها لتتحسن علاقتها معه اخيرا..
القى ياغيز نظرة اخيرة على وجهها ثم قال: سأتصل به اذا
قال كلماته ثم هم بالرحيل، الا انها قامت بايقافه... لا تعلم ما الحجة التي ستخترعها لتطيل الكلام ولكنها تريد فقط مواصلة الحديث معه و خاصة النظر اليه..
قالت وهي تفكر بما ستقوله: ياغيز...
التفت نحوها فورا ينتظر ما ستتفوه به..
هازان وقد هذت بأول ما خطر على بالها بدون تفكير: يلزمني فستان جديد من أجل العشاء..
غبية هازان، غبية.. ما الهراء الذي تفوهتي به لتوك؟ فستان؟ انتي حقا فقدتي عقلك..
اجابها ياغيز بدون تردد: لا تقلقي سوف ارسل لك مجموعة فساتين لتختاري من بينها ما يروقك
هازان : حسنا
ياغيز ببرود وهو يتجه نحو السلالم: تصبحين على خير هازان
هازان وهي تجيل عينيها عليه وكأنها تحاول حفظ تفاصيله : تصبح على خير ياغيز
ضلت تتقلب لساعات على فراشها وهي تمسك بالوسادة التي تحاذيها والتي أصبحت تحتضنها كل ليلة وبدون وعي منها منذ لاحظت وجود رائحة ياغيز عليها .. حتى انها لم تعلم متى او كيف داهمها النعاس لتغط في نوم عميق...
************
استيقظت باكرا رغم كمية النعاس الذي كان يتملكها وفي ذهنها العديد من الأعمال التي عليها القيام بها، اخذت حماما ساخنا ثم ارتدت بنطلونا اسود اختارت معه قميصا ابيضا قامت بإدخال نصفه الأمامي بداخل بنطلونها ثم وقفت أمام المرآة لتمشيط شعرها الأسود الليلي...و ختمت تحظيراتها باحمر شفاه وردي يكاد يكون مرئيا ولكنه زاد من جمال شفتيها الكرزيتين...
نزلت من السلالم باحثة بعينيها عن ياغيز حين رأته يتجه نحو البهو المؤدي لباب الشقة لتتكلم فورا: صباح الخير ياغيز
ألتفت هذا الأخير فورا نحوها وهو يرسم تلك الابتسامة والتي رغم برودها الا انها اصبحت تفقد هازان صوابها ثم أجاب : صباح الخير.. هل ستذهبين إلى الصالة؟ هل اتصل بالسائق؟
اكملت هازان طريقها نحوه وهي تقول: لن اذهب اليوم فكما تعلم لدينا دعوة مساءا و علي القيام بأشياء قبل هذا
ياغيز بتفهم: حسنا اذا سأرسل لك السائق ليأخذك حيث تريدين
شاهدته وهو يخرج هاتفه من جيبه ويهم بالاتصال لتقول : لا داعي للسائق، فسيا..
كانت تهم باتمام كلامها الا ان ياغيز قاطعها قائلا: لقد أخبرتك مرارا ان تقومي باختيار سيارة لك ولكنك استمريتي في الرفض.. حقا لا أعلم سبب رفضك هازان ولكن إذا كنت أنا السبب فليس عليك فعل هذا لأنني حقا لن انزعج.. في النهاية انتي راشدة و يمكنك اتخاذ قراراتك بنفس...
قاطعته بصوت اشبه بالغمغمة: كنت سأخبرك ان سيارتك ستفي بالغرض اي هل يمكنك ايصالي في طريقك؟
ركز ياغيز نظره على عيناها بدهشة وكأنه يحاول استيعاب ما قالته للتو.. مرت لحظات من الصمت، رفعت بها الألسن الراية البيضاء معلنة استسلامها لحديث الاعين..
تكلم ياغيز وقد شعر بالندم لتصرفه المتسرع: لا مانع لدي.. اذًا ان كنتي جاهزة لنذهب...
صعد كل منهما السيارة، وضع ياغيز حزام الأمان ثم سألها : إلى أي مكان ستذهبين
هازان وهي تقوم بدورها بوضع الحزام: إلى السوق
رفع حاجبيه باستغراب: اذكر انني اخبرتك اني سأحضر لك مجموعة فساتين لكي تختاري ما شئتي منها!
حولت هازان نظرها نحو عيناه البلوريتين واردفت: نعم ياغيز اذكر ذلك ولكنني أيضا لا أذكر اني اخبرتك بذهابي لشراء فستان؟
ياغيز بتردد: لقد قلتي انك ذاهبة إلى السوق
هازان مازحة: لمعلوماتك ياغيز ايجيمان.. السوق لا تباع به فقط الفساتين.. هناك أشياء أخرى أيضا.. ولكن لا أستطيع لومك.. فكونك ابن عائلة ايجيمان الغنية، الفتى الذي ولد وتربى في قصر فعدم معرفتك لهذا طبيعي..
رغم الابتسامة التي كانت تشق فمها و نبرة صوتها التي كانت تدل على مزاحها لا محالة الا انها لاحظت انكماش وجه ياغيز و تغير ملامحه إلى الانزعاج... لم تعلم مالذي حدث... ماذا قالت؟ هل قالت شيئا لم يكن عليها قوله؟ ولكنها لم تقل غير اشياء حقيقية عنه علاوة على ذلك فهي قالتهم في قالب مزاح... لماذا يتخذ موقفا الان؟ اووووف ياغيز... اووف ياغيز ستفقدني عقلي بتصرفاتك الغير مفهومة...
أعاد نظره نحو المقود ليقوم بتشغيل السيارة ثم انطلق بدون التفوه باي كلمة...
***********
تجولت من محل إلى آخر لساعات، اشترت العديد من الأشياء من بينها ملابس يومية، ملابس رياضية، واخرى داخلية ثم عادت إلى البلازا... توجهت فور دخولها إلى غرفتها لكي تضع مشترياتها حين لمحت ثلاث صناديق وردية فوق سريرها لتهرول نحوهم والفضول يقتلها عن محتوياتهم.. فتحت الصندوق الأكبر بينهم لتجد فستانا من اللون الاحمر القاني في غاية من البساطة و الأناقة.. رفرف قلبها وهي تدقق بتفاصيله الرقيقة لتنتقل فورا لفتح الصناديق الأخرى بحماس طفلة صغيرة تفتح هدايا عيد مولدها... اخذت بين يديها زوجا من الاحذية الذهبية ذات الكعب العالي و حقيبة صغيرة بذات اللون والسعادة تشق صدرها... راقها اختياره.. بل احبته بشدة لانه يلائم ذوقها تماما.. وضعتهم فوق سريرها وابتسامة تزين ثغرها ثم اتجهت نحو غرفة الاستحمام...
كانت الساعة السادسة مساءا حين خرجت هازان من الحمام  بعد ساعة من الاسترخاء داخل حوض من المياه الساخنة وقد لفت نفسها بمنشفة...
سنان: اخي لا تنسى الليلة، ستأتيان أليس كذلك؟
ياغيز وكل تركيزه منصب على الحاسوب الذي امامه: اعتقد ذلك
سنان بنبرة مأكدة : ليس هناك اعتقد وما شابه.. ستأتيان لا نقاش اخي.. منذ احتفالنا بخروج هازان من المستشفى لم نسهر ابدا
ياغيز بعصبيه: تمام سنان تمام لقد اكلت رأسي...اليس لديك ما تفعله غير الجلوس هنا و تشتيت تركيزي؟
سنان وقد بانت على وجهه ملامح الاستغراب من تصرف أخاه: هوب هوب على مهلك سيد ياغيز ايجيمان، لما كل هذه العصبية؟ انظر انا اتذكر جيدا حالتك هذه و هذا حقا ليس بالشيء الجيد.. انها علامات عودة السيد ياغيز ايجيمان البارد، مدمن العمل لذا تمالك أعصابك اخي... ها و حاول أيضا ان لا تأتي بهذا المود في المساء
قال سنان كلماته بوجه أخيه ثم هم بالانصراف...
منذ قدومه صباحا كان في قمة انزعاجه.. يشعر بضيق في صدره حد الاختناق ولا يعلم حقا إلى متى سيدوم هذا... كل تفصيل كان يسعده في حياته أصبح الان مصدر تعاسة و ألم بالنسبة اليه..
هازان و علاقته بها التي أصبحت اكثر برودا من ذي قبل، عدم التفاهم الذي أصبح جليا بينهما، وحدته و بروده اللذان عادا إلى حياته من جديد، اشتياقه لها والذي أصبح يعذب جسده كل ما رآها و حتى ان لم يرها.. والعديد من الاشياء الأخرى التي  تبعث به الرغبة في الصراخ بأعلى صوته... ولكنه ياغيز ايجيمان الثلاجة كما كانت تنعته هازان منذ سنين وحتى قبل شهر من الان.. انه ياغيز السيد ثلاجة، المثالي الذي لا يشكي همه لأي كان.. والذي رغم الصرخات التي تمزق جسده الا ان فمه دائما مغلق... هي وحدها من آنست وحدته و انارت ضلمته و اذابت جليده و هي نفسها التي أعادت كل هذا به من جديد.. هي فقط من تستطيع أخذه بين يديها و تشكيله كما تريد.. هي فقط.. زرع قناع البرود على وجهه وكأن شيئا لم يكن وهو يستمع لشقيقه الذي منذ دخوله المكتب وهو يحدثه عن مواضيع اغلبها لم يسمعها.. لم يكن تجاهله لسنان بسبب امر السيارة فبنظر ياغيز ليس شقيقه المخطئ بالنهاية هذا الأخير لم يكن يعلم بما دار بينه وبين هازان ولكن تجاهله كان بسبب أفكاره المشوشة والتي كانت تعصف به يمينا ثم شمالا...
لم يستطع تمالك اعصابه فصرخ بوجه شقيقه بحدة... ولكن كلمات هذا الأخير كانت حقيقية لدرجة انه لم يستطع الإجابة او محاولة التبرير.." ااه هازان.. اه ماذا تفعلين بي... يا الاهي ساعدني.. انا حقا سافقد عقلي" تمتم ياغيز وهو يمرر اصابعه المضطربة بين خصلات شعره.. نظر إلى ساعته فلاحظ انها السادسة  مساءا بالفعل لينهض من مقعده متجها نحو باب مكتبه ثم باب الشركة مقررا العودة إلى المنزل..
اكملت وضع اخر لمسات من مساحيق التجميل على وجهها لتنظر إلى نفسها وقد بدت في غاية الجمال رغم بساطة ما زين وجهها.. لم تكن تعتقد انها ستتجمل بشيء من المساحيق المتنوعة التي وزعت فوق مرآتها الا انها وفور امساكها بإحدى فرش التجميل وجدت يدها تتحرك بإتقان و سلاسة على تفاصيل وجهها.. لعل العقل باستطاعته النسيان و محو كل ما عايشه و تعلمه الإنسان ولكن هذا صعب بالنسبة للجسد و القلب...
وجه جميل بعينان واسعتان زينهما كحل اسود و قليل من الماسكرا التي زادت من ثقابة و سحر نظراتها، فم ممتلئ غلفه احمر شفاه لامع بعث بشفيتها نوعا من الإغراء الصارخ و خدود كستهما حمرة خفيفة ليكتمل بها سحرها...
وقفت وعلامات الرضا التام قد بانت على ملامحها ثم سارت باتجاه فستانها...
دلف إلى شقته متجها إلى غرفته ليستحم عله ينتزع القليل من الهموم التي تكدر قلبه و تتعب جسده.. خلع ملابسه ثم دخل تحت المياه الباردة...
نظرت إلى صورتها المعكوسة على المرآة وكانها ترى نفسها هكذا للمرة الأولى في حياتها، مع العلم ان انها المرة الثانية حسب ما تتذكره.. تعلمون أين كانت المرة الأولى لذا لا داعي لتقليب المواجع... انها هازان أخرى ليست حتى من راتها ذاك اليوم.. انها هازان جميلة بوجهها، ساحرة بشعرها المنسدل على منحنيات جسدها و أنيقة بفستانها الأحمر الذي انسدلت أطراف ياقته فوق كتفيها ليكشف عن بشرة في غاية الصفاء و صدر مكتنز زاد من اغرائها الذي ستر الفستان بقيته ليصل إلى ركبتيها.. ابتسمت و سرحت بافكارها إلى ردة فعل ياغيز عند رئيته لها هكذا...هل سيعجبه ام لا..هل سيلاحظها هكذا ام كعادته منذ ثلاثة أيام لن ينظر بوجهها حتى؟ ولكن لااا سيد ايجيمان ليس الليلة..الليلة سوف تنظر الي و تتمعن بالنظر ايضا..حتى انك ستفقد صوابك من ما سافعله بك.. هيا لنرى سيد ياغيز..
خرج من غرفته وهو يرتدي بنطلون جينز ازرق داكن و جاكيت و حذاء بنفس اللون مع قميص ابيض.. كان في منتهى البساطة ولكن فخامته المعتادة و رجولته الطاغية زادتا من وسلامته القاتلة... نظر في ارجاء غرفة الجلوس فهم بمنادتها الا انه توقف واجما وهو يشاهدها وهي تتبختر على السلالم لتتصاعد أصوات انذار الحرائق خاصته معلنة عن تأجج الحرارة داخل جسده...
رأته يخرج من غرفته برجولته الطاغية والتي أصبحت مؤخرا تلاحظها بكثرة... او لاكون أوضح من اليوم الذي حدث بينهما تقارب بازمير... ولكنها لن تستسلم لمشاعرها.. لقد اتخذت قرارها بأن تصيبه بالجنون هذه الليلة و سوف تفعل...
وضعت قدمها على السلالم ثم شرعت بالنزول بكل اغراء وهي تنظر إلى عينيه مباشرة...
اوووف انا اختنق هنا.. أشعر بالحرارة الشديدة... لم اعتقد ان الفستان سيكون عليها مثاليا لهذه الدرجة.. انه ليس مثالي.. بل رائع.. تبدو جميلة بكل ما للكلمة من معنى بعيناها الليليتين التي تقتلني بنظرة منهما، بشفتيها الكرزيتين اللتان تدعواني بكل جرأة إلى جولة من القبلات المحمومة و بجسدها الفاتن الذي يصرخ أنوثة و اغراءا... حتى أن كلمة جميلة لا تنصفها أعزائي... انها اميرتي الجميلة الوحيدة القادرة على إشعال نار الرغبة داخلي و الوحيدة القادرة على اخمادها بمجرد نظرة منها...
وقفت أمامه وقد احمرت خجلا من نظراته التي جردتها من ملابسها علانية.. ولكن هذا لم يمنعها من ارتداء ابتسامة الفوز على شفتيها وهي ترى ثمار مخططاتها.. قالت بخبث مقاطعة تفحصه: ياغيز انا جاهزة، هل نخرج؟
رفع عينيه وهو يقوم برمشهما وكأنه يحاول تشتيت انتباهه الذي تركز عليها ثم اجابها بصوت اجش شبيه بالغمغمة : ها.. نعم..يمكننا نعم..
ثم اتجه بخطى بطيئة نحو الباب فاتحا اياه و قال : تفضلي
بادلته هازان بابتسامة ثم همت بالخروج ليتبعها جسد ياغيز كالمغيب عن الوعي ..
كان عشاءا لطيفا، الاخوة ايجيمان كانوا كعادتهم في غاية من الظرافة و خفة الظل، ولأول مرة لم تشعر هازان بالانزعاج او عدم الراحة بصحبتهم بل كانت في منتهى المرح وهي تشارك كل فرد منهم الأحاديث و النكات وما زاد من سرورها وجود ايجه معها... شيء واحد فقط ما كان يؤرقها.. وهو ياغيز الذي كان وكأنه في عالم آخر غير الذي هم فيه.. كان احيانا ما يبتسم على إحدى الأحاديث و اغلب الأوقات ينظر في الفراغ وكأنه لا يرى ولا يسمع أحدا من بينهم..ضايقتها حالته هذه و جعلتها تشعر بكدر يتملك صدرها..لا تريد رئيته هكذا.. كان مخططها ان تجعله يفقد عقله بسبب تجاهلها له ولكن لم يخطر ببالها ان ردة فعله ستكون على هذا النحو.. لماذا تهتم به من الأساس لماذا تستمر في قلقها عليه؟ حتى انها أصبحت تفكر به كثيرا هذه الآونة ولا تعلم كيف او لما.. واذا أردتم الحقيقة فلم تعد تهمها معاني تصرفاتها ابدا.. هي فقط تشعر بالذنب لانه بالنهاية زوجها و يكن لها مشاعر حقيقية.. لذا لن تكون قاسية لدرجة جرحه بهذه الطريقة.. لن تتركه هكذا.. سوف تقوم هي بالمبادرة لإخراجه من تبرمه هذا..
كان يجلس بجانبها و نظره مرتكز على المضيق حين قربت وجهها منه حتى أصبحت تفصلهما بضع انشات ثم همست له: ياغيز.. هل انت بخير؟
غصة اعتملت قلبه منذ جلوسه هنا و مشاهدتها وهي تتسامر و تتبادل أطراف الحديث مع الجميع الا هو.. تذكر مثل هذه السهرات التي كانا بها يلتصقان ببضهما البعض كعصافير الحب تارة يضحكان و أخرى يحتضنان بعضهما أمام الجميع بعدم اهتمام.. هازان لم تكن لتضحك على شيء إلا قبل أن تستدير نحوه و ترى انه اضحكه اولا.. هازان لم تكن لتسرد قصة او طرفة الا و ان شاركها هو بسردها.. هازان لم تكن لتضل بعيدة عنه ولا تهتم حتى إذا اكل او لا... لأول مرة يشعر حقا ان من أمامه ليست هازان زوجته و حبيبته التي لا ترى الحياة الا من عينيه..
هذا جعله حقا يشعر بالاختناق حد الموت... لذا آثر الصمت و القوقعة داخل عالمه المليء بالالم إلى أن شعر بانفاسها الساخنة تلفح وجهه و صوتها العذب يرن داخل أذنيه.. استفاق من شروده موجها نظره نحوها ليضيع في تفاصيل وجهها الذي عشقه من اول نظرة.. تأمل عينيها بهيام ثم شفاهها و كم تمنى اسرهما بين خاصتيه عله يخمد البركان الذي يغلي داخله من اشتياقه لها و تألمه من تجاهلها...
شعرت هازان بفراشات ترفرف بمعدتها وهي ترى عيناه وقد استقرتا على شفتيها.. انه يفكر تماما بما تفكر به و يريد ما تريده أيضا.. ولكن ليس الآن.. قالت مرة اخرى: ياغيز.. لماذا لم تأكل؟ هل انت بخير؟
ياغيز محاولا تمالك نفسه: انا بخير و لست جائعا
هزت برأسها بتفهم، استجمعت شجاعتها ثم مدت يدها باتجاه صدره و قامت بفتح اول زر من قميصه وهي تنظر داخل عينيه : هكذا افضل..
حركتها جعلت عضلاته تتصلب و نبضات قلبه تتسارع... ما الذي تحاول فعله به الآن؟ لو كانا بمفردهما لاخذها اليه في نفس اللحظة وعلى هذه الطاولة... هذه الفتاة حقا ستفقده ما تبقى من صوابه.. ابتلع ريقه محاولا ضبط دقات قلبه وعيناه لازالتا تفترسانها حين سمع صوت سنان وهو يخاطبهما..
سنان بسخرية: اووووه نحن هنا... يمكنكما تأجيل هذا إلى حين عودتكما إلى المنزل...
ثم اكمل متوجها بالحديث إلى جوكهان : اخي لقد عادا هاذين إلى ما كانا عليه... وهذا بصالحنا يعني اننا لن نرى السيد ثلاجة مدمن العمل مرة أخرى
رفعت هازان حاجبيها باستغراب وهي تنظر إلى سنان و ابتسامة جانبية علت شفتيها: السيد ثلاجة؟ ماذا يعني هذا؟
سنان باستغراب: كيف؟ ألم تخبرها اخي؟ انه اسم الدلع خاصتك الذي تنادين ياغيز به.. حتى هناك العديد من الأسماء الأخرى..
أراد سنان المواصلة الا ان ياغيز قاطعه : سنان...
سنان ضاحكا: هاها انه يحاول منعي الان... هازان لقد كنتي تنعتينه بالثلاجة ( buzdolabı) و الرجل الآلي( robot) و هناك اسم اخر من اختراع السيدة فضيلة... اخي ماذا كان هل تتذكره؟
جوكهان و ابتسامة سخرية على محياه : كيف تنسى هذا يا بني.. انه البارد هههه ( soğuk nevale)
قهقه الجميع و معهم ياغيز و هازان...
هازان متسائلة : ولكن ما دخل امي لتلقب ياغيز هكذا؟
ياسمين : عزيزتي هازان امك هوايتها وضع القاب للجميع غير أسمائهم الحقيقية
جوكهان ضاحكا: لقد كانت تنعت ياسمين بالافعى المجلجلة (engerek)
ضحك الكل فاضافت ياسمين: هل نسيت لقبك؟ ههههه لقد كانت تلقبه بالسيدة القروية
ضحكت هازان ملأ فمها وقالت موجهة نظرها إلى ايجه التي كانت تضحك في صمت: ليس إلى هذا الحد!
هزت ايجه رأسها اي نعم ضاحكة: اختي لا تسألي انا حقا أخجل من تصرفاتها
سنان ولازالت الابتسامة تشق فمه: بلى بلى وأكثر
سيلين مأكدة كلام أخيها ضاحكة: ليس عليك الخجل ايجه انها السيدة فضيلة ولقد اعتدنا عليها
لم يعلق ياغيز.. فقط اكتفى بالابتسام معهم ولكن تفكيره كان مع هازان التي ستفقده عقله يوما ما بحركاتها التي تارة تكون باردة واخرى جمرة تلهب روحه و كيانه...
شارفت الساعة على الحادية عشر ليلا عندما كان كل من سنان و جوكهان يقصان ذكريات و طرائف طفولتهما التي لم يذكر اسم ياغيز بها وهو ما لاحظته هازان وجعلها تشعر بوخز بصدرها.. آلمها قلبها من أجله.. لقد عاش سنان و جوكهان طفولة عادية حتى انها اجمل من العادية.. فقط ياغيز من حرم من طفولته، حرم من اللعب و المرح مع اخواته.. وحرم حتى من وجوده وسط عائلة تهتم به و ترعاه كما فعلت مع بقية أبنائها... هناك شيء غريب بهذا الموضوع... هناك سبب.. لماذا ياغيز وليس جوكهان خاصة وانه الأخ الأكبر؟ هناك سبب مقنع و عليها معرفته عاجلا ام آجلا ...
استدارت نحوه لترى لمعة كست عيناه الحزينتين.. لم تستطع منع نفسها ولم تعلم كيف فعلت ولكنها وضعت كفها فوق ظهر يده وشدت باصابعها عليها.. تريد التخفيف عنه و اخباره انها ستكون معه ولن تتركه وحيدا كما فعل والده ولكنها فضلت ان تعبر عن ما تريد قوله بطريقة أخرى.. نظر هو إليها فورا لتتبتسم بوجهه ابتسامة دافئة و نظرات مهتمة جعلته يعتقد للحظة انها استعادت ذاكرتها... لقد كانت نفس نظرات هازان... هازان صديقته المقربة و حبيبته و زوجته و أقرب شخص اليه.. وهذا ما جعله يبادلها الابتسامة وكأنه يخبرها انه بخير طالما هي بجانبه و تشجعه على تخطي ما عاشه...
قاطع سنان حديث اعينهما عندما قال: يكفي ذكريات لليلة، لقد حان وقت المرح
ايجه بحماس: نعم، فلنذهب إلى إحدى النوادي الليلية و نرقص، اريد سهرة قبل سفري
سنان: لكِ هذا أيتها الصغيرة.. تم اذا سأتصل بأحد أصدقائي ليؤمن لنا مكانا
جوكهان : و سيتصل بأحد أصدقائه أيضا... هل سمعت موافقتنا يا هذا؟
ياغيز بابتسامة جانبية: لا تهتم لكلامه اخي، فكما تعلم لقد قطعت علاقاته بالعمل في الشركة منذ زمن لهذا ليس لديه علم بالاجتماع الذي سيعقد في الصباح الباكر
جوكهان ضاحكا: ولكنك تظلمه ياغيز، سنان يعمل و بجد كل ليلة حتى أنه كل ليلة مع شركة جديدة.. متفاني..
ضحك ياغيز ملئ فمه على تلميحات جوكهان اما البنات فرغم ان كلامه لم يكن واضحا الا انهن فهمن ما يقصده ولم يستطعن  كتم ضحكاتهن...
سنان مازحا: كل إنسان و مجالات اختصاصه و أماكن ابداعه اخي، لنعد إلى موضوعنا الأساسي وهو هل نسهر الليلة ام لا
قالت ياسمين : انا موجودة.. اريد ان ارقص
ايجه مؤكدة: وانا ايضا
نظر سنان نحو سيلين التي اجابته بكل ثقة: اخي انا معك إلى الموت
ارسل سنان لها قبلة في الهواء و التفت إلى هازان التي لازالت تمسك بيد ياغيز...
قالت مبتسمة: انا اكون حيث زوجي يكون...
لم يستوعب ياغيز ما قالته لتوها ولكنه احس ومنذ مدة ليست بقليلة بسعادة تغمره، هازان هذه الليلة متغيرة.. و طبعا إلى الأحسن... يريد أن يستمتع بتغيرها اكثر... لا يريد لهذا السحر الذي أصابها الليلة ان يزول سريعا.. لذلك لن ينهي هذه الليلة هنا..
التفت ياغيز نحوها ثم قال: لا مانع لدي طالما هازان تريد ذلك
وجهت هي أيضا نظرها اليه وقالت باهتمام: ولكن لديك اجتماع غدا..
ياغيز بثقة: لا يهم.. طالما تريدين هذا.. لا تهتمي لأمري
ابتسمت بوجهه ثم حولت نظرها الى سنان: تمام انا موافقة اذا
ايجه بحماس : هذه هي اختي
سنان ممسكا بهاتفه: اذا سأتصل بجماعتي
قالت ياسمين رافعة حاجبيها للبنات: سنستأذن منكم شباب فكما تعلمون لدينا ماكياج علينا تجديده..
وقف كل من هازان، ايجه، ياسمين و سيلين متجهات إلى الحمام..
فور ابتعاد البنات.. نظر جوكهان إلى ياغيز متسائلا : شششش بني ما حالتك هذه!؟
مسح ياغيز تحت حاجبه مغمضا عيناه بتعب ثم تمتم بصوت شبه مسموع: لست على ما يرام.. البته
سمع جوكهان ما قاله ليسيطر القلق على ملامحه: ما بك ياغيز... فضفض لي.. يمكنني سماعك في اي وقت
رفع راسه ناظرا إلى أخيه محاولا إخفاء وجعه قدر الامكان: بعض المشاكل بيني و بين هازان
جوكهان باستغراب : ماذا تروي ياغيز؟ لقد اوشكتما على المضاجعة أمامنا قبل قليل
خرجت ضحكة تشوبها السخرية من فم ياغيز ثم قال: اي مضاجعة هذه اخي؟ انا لم ألم...
كان سيكمل لكنه انتبه إلى الكلام الذي سيقوله عن زوجته أمام أخيه فتراجع عن ما سيقول..
نظر جوكهان بصدمة إليه وذلك انه فهم ما كان ينوي قوله.. تردد قليلا في سؤاله ولكنه لعن نفسه ثم تلفظ بما أراد قوله بكلمات متقطعة : ياغيز... الم... اقصد... انت و هازان منذ متى لم تكونا معا؟
اغمض ياغيز عينيه ثم فتحهما ليبادل جوكهان نظرات الصدمة بأخرى مترددة...
جوكهان وقد فهم معنى نظرات اخيه: حاولت معها ام لم تحاول؟
ياغيز وقد بان عليه عدم الارتياح: انا لم احاول وهي لا تريد
جوكهان: مالذي ادراك انها لا تريد.. كل امرأة تريد.. اللعنة لقد جعلتني اقول كلاما لا يجب قوله..
ياغيز بثقة: انا اعرف هازان اخي.. اعرف زوجتي جيدا.. هي تبادر دوما عندما تكون....
لم يكمل كلامه لان جوكهان قاطعه: ياغيز انت حقا كما قالت ايجه عنك.. تتجول في الأطراف على انك الذكي ولكنك غبي احيانا.. بني هازان فقدت ذاكرتها يعني انها لا تتذكر حبها لك و لا تتذكر ما كان يحدث بينكما... اقصد هذه الأمور.. يعني لا أعتقد اني اذا فقدت الذاكرة سأعود و اتصرف بنفس الطريقة و الارياحية مع ياسمين أيضا.. هل تفهمني؟ هي لا تتذكر كيف تشعر عندما تكون معك لذلك حاول تذكيرها.. و تأكد أن هازانك ستعود قريبا.. فالجسد لا ينسى ابدا على عكس العقل..
أنهى سنان اتصاله والذي كان يستمع إلى حديثهما رغم انشغاله بمكالمته الهاتفية ثم اضاف بسخرية: لا أصدق ان دروسنا ذلك اليوم قد ذهبت في مهب الرياح يا اخي... لازلت تتذكر تلك السهرة أليس كذلك؟
جوكهان ضاحكا: لقد كانت ليلة توديع العزوبية خاصته... اتذكر حديثنا كلمة كلمة
Flash back...

مفقودة (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن