الحلقة 17:
وضعت سيلين فنجان القهوة على الطاولة ثم قالت بتردد: هازان... هل هناك مشكلة بينك و بين اخي؟
صدمت هازان من سؤالها لدرجة أنها لم تجد ما ستجيب، لكن سيلين واصلت حديثها: باك، انظري انا لا اعلم مالذي يحدث بينكما ولكن باستطاعتي ملاحظة بعض التغييرات، اخي منذ أيام عديدة يبقى لساعات متأخرة من الليل وهو يعمل، يضع أوقات غريبة جدا لاعشية العمل، وفي حين انكي استفقتي حديثا من الغيبوبة فإذا كنت اعرف اخي جيدا فهو لن يترككي لدقيقة واحدة ابدا، كما أنه أصبح لا يضع هاتفه على وضع الصامت خلال الاجتماعات، صدقيني.. ما أريد قوله هو أنه أينما كان، و كيفما كان فهو دائم القلق عليكي، و يريد دائما أن يكون مطمئنا عليكي، ولكن ما لا افهمه هو أنه طالما يهتم لأمرك هكذا فلماذا لا يريد العودة إلى المنزل باكرا؟
شعرت هازان بمغص تملكها وكأنها قد تم وخزها، ومع علمها أن هذا الألم سيزداد مع مواصلة سيلين لكلامها الا انها أرادت أن تواصل الاستماع إليها..
قالت بصوت مغصوص: في.. في السابق لم يكن هناك اعشية عمل أليس كذلك؟
ترددت الفتاة للحظة ثم اجابتها: هاير، لاا
كانت هذه الكلمة التي ترددت على مسمعها بمثابة سكين شقت قلبها، أبعدت عينيها عنها وقد شعرت برغبة غريبة في البكاء، إذا لقد كان ما فكرت به صحيح، ياغيز كان يهرب منها..
- في السابق لم يكن اخي بالشخص الذي يعمل دائما، يعني قبل دخولك حياته كان كذلك طبعا ولكن عندما أصبح معك طرءت بعض التغييرات على حياته، و بعد زواجكما أصبح يخصص الوقت الأكبر للبقاء معك و مع عائلته، مثلا هناك بعض الأعمال التي كان هو يهتم بها أصبحت الآن تحت إشراف اخي جوكهان، في الواقع هو لازال يعمل بكثافة ولكن كان يفعل ما بوسعه لكي يكون معكي كل مساء حتى أنه كان يأخذكي معه إلى بعض اعشية العمل لكي يكون معكي دائما
ابتسمت سيلين وكأنها قد أحسنت ربط المسألة و إيصالها إلى مكان جيد، ومن الواضح انه لم يكن سهلا عليها هي أيضا الحديث بهذا مع هازان، لذلك أخذت نفسا ثم مدت يدها نحو فنجانها ..
حاولت هازان التصرف وكأن ما قيل لها لم يزعجها ابدا برسم ابتسامة على شفتيها ولكنها لم تفلح بذلك، لأنها كانت في حالة سيئة لدرجة عدم قدرتها على التظاهر بشيء حتى..
لم يكن ياغيز مذنبا ابدا، هي من قامت ببناء جدار بينها و بينه قبل أيام و فعلت الكثير من أجل هذا، ولكنها كانت تعتقد أنه سيصبر أكثر عليها، اعتقدت أن ما فعلته هذا الصباح سيصلح ما بينهما، و ظنت انها قامت بلملمة الأمر ولكن في الحقيقة كانت مجرد مجاملات، إذ أن كل منهما يعلم بداخله انه لم يحل ابدا..
كان قلبها يعتصر حسرة حتى أنها لم تستطع رفع رأسها لمواجهة سيلين..
قالت بينها و بين نفسها " إذا لهذا السبب قال إنه لن يستطيع المجيء هذا المساء؟
قالت سيلين: والله انا لا اعلم ماذا يوجد هذه الليلة ولكن من حسن الحظ أن الاجتماع قد الغي و انا تخلصت لليلة من الجلوس على الطاولات
رفعت هازان رأسها باندهاش: هل الغي؟ يعني أنه لا يوجد اجتماع هذا المساء؟
- لا يوجد، انا لا اشتكي ولكن لو قال لي هذا من الأمس أفضل، لقد استعددت كثيرا، اتعبت نفسي دون جدوى، كعادته اخي يتخذ قرارات مفاجئة كهذه كما يحلو له
احست هازان بتلاشي شعور الحزن الذي كان يتملكها، و شعرت بشيء آخر يتدفق داخلها مختلف عن الحزن زاد من صعوبة تنفسها، نهضت من مقعدها مبتسمة
قالت سيلين بتعجب: إلى أين؟
- لا تؤاخذينني سيلين، ولكن لدي أمر عاجل في المنزل و علي الذهاب سريعا الان
أكملت حديثها ثم خرجت مهرولة ثم استقلت سيارة أجرة..
عند وصولها إلى المنزل التقت بياغيز على الباب، كان هذا الأخير يقوم بفتح الباب حين تسمر بمكانه وهو ينظر إليها باندهاش..
قال لها : هل اتيتي الان؟
- هذا السؤال انا من يجب علي طرحه على ما اعتقد.. لقد كان لديك عشاء؟
رسم ابتسامة غريبة على شفتيه ثم اردف: شيء... لقد تم إلغائه، العملاء أرادوا تعويضه ليوم آخر، وانا لم اتصل بكي لاعتقادي انكي عدتي منذ زمن، والا كنت مررت لأخذكي
لم تستطع هازان كتم ضحكتها أمام محاولته الفاشلة للكذب، اما ياغيز فقد استقرت نظراته المتفحصة عليها محاولا فهم سبب ابتسامها، مما جعلها تشعر بخجل شديد فقامت بقضم شفتها السفلى
- لقد طال عملي ولم أعلم كيف مر الوقت
لم تكن المرة الأولى التي تقوم بها هازان بهذه الحركة، وفي كل مرة كانت تفعلها، كانت تشتعل نيران ياغيز، لم يستطع إزاحة نظره عن شفتيها الكرزيتين التي لطالما كانت هازان تشبعه قبلات ملتهبة من بينهما، لطالما كانت تتفنن في اذابته بقبلاتها المتفرقة عن طريقهما، لطالما...
كان في طريقه إلى أن يضعف أمامها و ينقض عليهما ليروي عطشه منها و من حبها حين قطعت أفكاره محاولة تغيير الموضوع لأنها احست برعشة بسبب نظراته التي كادت تجعلها بين احضانه فقالت بصوت متقطع : اييه... هل أنت جائع؟
لملم هو الآخر نفسه ثم اجابها : نعم و انتي؟
قالت له رافعة حاجبيها : وانا ايضا، على ما اذكر فاليوم كان دورك في اعداد الطعام
ياغيز وهو يلعب بالمفاتيح التي بيده: ماذا لو نأكل بالخارج؟
لم تكن هازان تنتظر منه هذا الاقتراح، لم تكن لترفض عرضه ولكن إذا كان سياخذها إلى مطعم فخم فيجب عليها ارتداء ثياب ملائمة، لا تستطيع الذهاب بما ترتديه الان
قالت بضيق : إذا يجب علي تغيير ملابسي
قاطعها ياغيز فورا : هاير، لا، لم أفكر بالذهاب إلى مكان كذلك اساسا، لدي فكرة أفضل، لا يوجد مشكلة بملابسكي
ثم أضاف عند رايته لعينا هازان المتسائلة: اينان بانا، صدقيني، هلا ذهبنا؟
نظرت هازان فإذا بها ترى بعينيه نوع من البهجة التي لم ترها منذ مدة فقالت: تمام
كانت تتمشى على الساحل و بيدها ساندويشة كفتة محاولة تهريب عينيها من نظراته..
- لقد اتضح انه لا يوجد شيء لا تعرفه عني
رفع ياغيز حاجبيه..
قالت بتحدي:- تمام.. تمام واضح.. جيد، إذا و ما هي الأماكن الأخرى التي أحب الاكل فيها خارجا؟ هل تعلم هذا أيضا؟ ام انك على علم فقط بالاسطى عمر صاحب سندويشات الكفته؟
نظر إليها ياغيز بنظرة وكأنه يقول لها "انتي من اردتي هذا"
- في الأصل انتي تحبين مكان إدريس أكثر كما انكي تفضلين أكلة السمك ولكنكي كنتي تاتين هنا تكرارا لأنكي تعلمين أن مكان الاسطى عمر لا يقصده الكثيرون لهذا تاتين لاكسابه بعض المال..
كانت تحدق بتعابير وجهه الهادئة و المريحة التي زادت من إعجابها بالحديث معه، وعلاوة على ذلك كان ياغيز يعرفها جيدا، كانت و كأنها وجدت صديقا قديما لديها ولم يكن هذا الشيء جديدا عليها فقد فعلها ياغيز قبل ذلك حتى أنها تعودت على هذا الوضع..
للحظة غاصت بافكارها في شريط الفيديو الذي شاهدته بالأمس، لقد كانا في يوم ما انسانين مرتاحين، يمرحان و يمزحان و يضحكان بدون أن يجرح أحدهما الآخر، فلماذا لا يعودا كما كانا في ذلك الوقت؟
قالت هازان و بذهنها فكرة : ايه و ما رأيك لو قمت لك باختبار؟
- اختبار؟
- ايفت، لدي بعض الأسئلة التي ساطرحها عليك و لنرى كم ستستطيع الإجابة؟
ياغيز وهو يبتسم: جيدي اولامازسن هازان! لا يمكن أن تكوني جدية هازان!
- تشوك جدييم، انا جادة كثيرا، طالما أنك تعرفني لهذا الحد إذا لا يوجد ما تخشاه، كما أن هناك جائزة لك إذا استطعت الإجابة عن أسئلتي
تذكرت هازان فورا تسجيل الفيديو خاصتهما، نظرت إلى ياغيز بتفحص، إذ أرادت أن ترى إذا كان ما قالته يسمعه للمرة الأولى ام سمعه من قبل أو إذا تذكر ام لم يتذكر شيء..
لمعة سرت بعيني ياغيز لم تفت هازان رغم الظلام الذي كان يسود المكان، وهذه اللمعة جعلتها تتأكد من أنه قد تذكر ما أرادت أن تذكره به..
قال ياغيز بنبرة صوت متحركشة: و الجائزة؟
واصلت هي النظر بداخل عينيه دون إزاحة نظرها ثم قالت : إذا أجبت على جميع أسئلتي سوف اقوم بأي شيء تطلبه مني و إذا لم تفعل فأنت من ستقوم بتنفيذ طلباتي🤓
أبعد ياغيز نظره لكي لا تستطيع هازان قراءة ما بعينيه، ولكن هيهات فقد استطاعت هذه الأخيرة ملاحظة فهمه و تذكره لذلك اليوم، لقد كان يحاول الهروب من عينيها اللتان كانتا تلاحقانه، كان يخاف من خروج ياغيز القديم، ياغيز العاشق الذي لا يرى أحدا عندما تكون هي أمامه، ياغيز الذي لم يظهر نفسه إلا لها هي فقط، ضاع بين شعور قلبه و ما تذكره و بين نظراتها الساكنة كسكون البحر في ليلة صيفية..
- فار ميسين ؟ هل انت موجود؟
ياغيز بهدوء : هل هناك قوانين للجائزة؟
- وهذا جزء من الاختبار اساسا، ولا أظن انك لا تعرف قوانيني
- جيد إذا، لنبدأ
بادلته الابتسامة ثم قالت:تمام، لنبدأ اولا بموضوع تلك الزهور التي أحبها، ذلك اليوم في المشفى كنت متأكدا جدا انها ليست المفضلة لدي، قل إذا ماهي زهوري المفضلة؟
- الباباتيا
انتبهت هازان لعدم ابتسامه و ملامحه الحزينة وهو يقولها، فاردفت : هل ستحاسبني لأنني احب الباباتيا ياغيز باي؟ هل تفكر الان أنني فتاة صغيرة؟
قال ياغيز راسما ابتسامة طفيفة ممزوجة ببعض الجدية على شفتيه: هل هذا شيء يحاسب عليه؟
أنت تقرأ
مفقودة (مكتملة)
Romanceتوقفت للحظة، اجالت نظرها بتفاصيل وجهه الجميل الذي زينته الشامات المتناثرة هنا وهناك، مدت يدها المرتعشة بلطف لكي لا توقضه، هناك شعور قوي داخلها يدفعها لتلمس هذه التفاصيل الدقيقة بكلتا يديها، مررت اصابعها برقة متحسسة كل مكان في وجهه لتستقر اخيرا فوق ش...