الحلقة الثالثة

3.8K 83 2
                                    

الحلقة 3:
- هازان بنيتي حمدا لله، اشكرك يا الله
هرولت فضيلة نحو ابنتها وهي تردد هذه الكلمات و لكن اثناء محاولتها اخذها بين احضانها، تالمت هازان مما جعلها تنتفض قليلا بعدم راحة ثم سمحت لها باحتضانها مع الانتباه الى اصابتها، رفعت هازان راسها الى الفتاة ذات العينان الزمرديتان التي كانت تقف وراء فضيلة و لاول مرة منذ ان استيقضت من غيبوبتها شعرت بشيء من السعادة في قلبها وهي ترى ايجه اختها الصغرى امامها، فارتسمت على محياها ابتسامة تنم عن فرحها
قالت ايجه وهي تخاطب والدتها: امي بلطف يافاش، على هذا الحال فانت من سيكمل كسر ضلوع ابنتك التي لم تكسر من جراء الحادث
ابتعدت فضيلة رغما عنها و قد تجمعت دموع رقيقة بعينيها وهي ترى ابنتها في صحة جيدة، و ما ان ابتعدت هي حتى ارتمت ايجه بين احضان اختها متشبثة بها تأبى الابتعاد وهي تقول: لقد اخفتنا كثيرا يا اختي، لقد كنا كل يوم نموت رعبا من احتمال سماعنا لخبر سيء
صاحت فضيلة و هي تقول: اصمتي يا بنت، انفخي في فمكِ، لقد مر و انتهى حمدا لله.. هل انت افضل حال يا ابنتي ؟ هل هناك ما يالمك ؟ هل انت بحاجة الى شيء ما ؟ هل ياكلونك ؟ هل اعد لك الحساء و احضره لك ؟
نظرت هازان الى والدتها التي كانت تتحدث سريعا وبدون انقطاع حتى انها لم تتوقف لاسترجاع نفسها ولو لثانية ثم قالت لها : انا بخير يا امي، حتى انه بقي القليل لخروجي من المستشفى كما انني اكلت فارتاحي و لا تقلقي، انه فقط ....
لم تكمل هازان كلامها اذ لم تجد الكلمات لكي تقول هذا، لقد كان صعبا جدا بالنسبة اليها، جلست والدتها حذوها ثم امسكت بيدها و قالت : وهذا سيمر يا عزيزتي، لقد استيقضتي لتوك بعد ثلاثة اسابيع من الغيبوبة فلا تحزني نفسك من اجل اي شيء من هنا فصاعدا، انظري، كم هناك من طبيب في تركيا، سنذهب اليهم واحدا تلو الاخر و سوف تستعيدين صحتك رويدا رويدا، ابنتي فتاة قوية، بعد اسابيع عدة قد فتحت عيناها و قد خرجت بصحة و عافية من ذلك الحادث اللعين و ستمرين من هذا ايضا..
قالت فضيلة كلماتها ثم وضعت يدها لتداعب شعر ابنتها، اما هازان فقد ادركت ان خلال الاربع سنوات المفقودة قد تغيرت علاقتها بوالدتها حتى ان لمسات فضيلة قد ايقضت الطفلة الصغيرة التي بداخلها كما انها شعرت بنوع من الاحتياج لها ولكن شعورها هذا كان جديدا عليها و غير متوقع الى درجة انها احست بغصة خانقة في حلقها و شعرت برغبة شديدة بالبكاء، اغرورقت عينا هازان بالدموع و لكنها لم تستطع منعها من النزول فاجهشت بالبكاء سامحة لجداول ساخنة احرقت وجنتاها بالانهمار، لم تنطق كل من ايجه و فضيلة بكلمة واحدة فقد اكتفيا باحتضانها، و هاهي مرة اخرى تشعر بدفئ العائلة الذي حرمت منه منذ مدة طويلة حتى انها في هذه المرة لم ترد لاي منهما تركها ابدا
ابتعدت فضيلة قليلا كاتمة دموعها وهي تقول : هادي هادي هادي، امسحي هذه الدموع من عينيك، نحن هنا، بجانبك، سنفعل ما بوسعنا و عاجلا ام اجلا سيعود كل شيء على حاله، فامامنا عمر طويل لنعيشه، ليس هناك مجال للاستسلام، بيسيتماك يوك.
اخذت هازان نفسا عميقا و استجمعت نفسها ثم هزت راسها معربة عن موافقتها على كلام والدتها
- انا سوف اذهب للتحدث مع الطبيب لكي اعلم كيف ساعتني بك من هنا فصاعدا
قالت فضيلة جملتها الاخيرة ثم همت بالخروج تاركة الاختان بمفردهما.
لم تبتسم هازان في وجه والدتها وهي تهم بالرحيل و لعل هذه الاخيرة قد احست بذلك، ولكن ليس ذنب هازان ان لم تكن علاقتها بفضيلة قبل اربعة سنين تشبه علاقة الام و ابنتها، فهمت فضيلة ما يدور في ذهن هازان ولكنها لم ترد اجبارها فتركتها مع اختها على انفراد و خرجت ..
عند ترك فضيلة لابنتيها بمفردهما، لاحظت هازان كم ان اختها قد ازدادت جمالا، لقد كانت ايجه دائما جميلة ولكن خلال السنوات الاخيرة قد ازدادت جمالا و نضجا.
- دور بي باكيم سانا، توقفي لالقي نظرة عليك، تبدين جميلة جدا ايجه، اين هي تلك البنت القديمة التي قبل اربع سنوات و اين هي الان ؟
ابتسمت ايجه فازداد جمالها ثم قالت في حالة من الحزن : عندما تقولين هذا يا اختي يخيل لي اننا لم نرى بعضنا منذ مدة طويلة في حين اننا قبل اسابيع تحدثنا، على اي حال....
صمتت قليلا ثم حاولت التخفيف على اختها فاضافت : في الاصل، ليس هناك شيء غريب بالامر، و السبب اننا لم نعد نلتقي باستمرار كما ذي قبل لذلك حتى و ان تغير بي شيء فمن الطبيعي انك لن تلاحظي ذلك على الفور
- لم نعد نلتقي باستمرار كما ذي قبل ؟
- لم نعد نلتقي باستمرار  لانني انتقلت الى ازمير، انا طالبة اخر سنة في جامعة 9 ايلول للتجارة يا اختي
احست هازان بسعادة شديدة غمرتها ثم فكرت ان من الممكن انها قد سمعت هذا الخبر و طارت من سعادتها به من قبل ثم قالت لاختها بحماس : ولكن هذا شيء رائع ايجه ! انا حقا لا اصدق هذا ! حتى انني لا استطيع وصف مدى سعادتي، انا حقا فخورة بك
نظرت ايجه الى هازان بامتنان ثم اجابتها : بفضلك يا اختي، لو لم تجبريني لربما كنت لا ازال غير مدركة لما افعله في حياتي، اما الان فانا سعيدة لدرجة ....
كانت هازان تحدق باختها و كانها لم ترها منذ سنوات مضت، كم كبرت و نضجت، ولكن حتى وان كبرت فهي كلما نظرت بعينيها رات تلك الطفلة الصغيرة الملتصقة بساقيها، ضلت هكذا للحظات ثم ابتسمت لها و قالت : لا اعلم حقا ماذا ساقول و لكن هذا نجاحك انت، لقد اسعدتني كثيرا ايجه هيمدي شوك، حتى انك لا تستطيعين التخيل، او في الحقيقة من الممكن انك تستطيعين فلربما قد رايتي نفس ردة فعلي هذه من قبل
اكملت حديثها ثم رسمت على شفتيها ابتسامة ملئها الحسرة : هذا يعني انك في ازمير ! اييه احكي لي مالذي حدث ايضا ؟ اخر ما اتذكره انا هو مداهمة ياسين لقصر ايجيمان بالسلاح و اطلاقه النار علينا و من بعد ذلك لا اتذكر شيئا اخر، هل اصابني يومها ؟ هل هو في السجن ؟
تغيرت ملامح ايجه ثم اجابتها : لم يصبكِ يا اختي، لكنه كاد يفعل، لازلت كلما اتذكر ذلك اليوم يدب الخوف في نفسي، المهم انه لم يحدث مكروه لاحد يومها، ولكن بعد بضعة اشهر ادخل ياسين الى السجن ثم عاود الخروج، الان هو في الخارج و لكننا لا نتحدث اذ ان كل منا ذهب في طريقه
لم يخفى على هازان نظرات الحب التي لازالت تشع من عينا اختها عند حديثها عن ياسين مما اكد لها انها لم تنسى اول حب لها، و لكنها ارتاحت لمعرفتها ان ياسين لم يسجن بسبب اطلاقه النار عليهم ذلك اليوم
- كل هذا اصبح من الماضي يا اختي،  انا الان سعيدة جدا من عيشي في ازمير، كما انني بنيت صداقات جديدة و ابتعادي عن اسطنبول حقا افادني
- الابتعاد عن اسطنبول فقط او عن امي ايضا ؟
ضحكت ايجه ثم قالت : لقد تغيرت امي ... على ما يبدو، يعني صحيح انها احيانا تتخذ موقفا مني كلما تتذكر انني خيبت امالها ولكن ... علاقتنا جيدة
- تتخذ موقفا ؟ انا حقا لا اصدق، لقد كسبتي حلقة جيدة من حياتك و الى الان لا تزال غير راضية ؟
اجابتها ايجه مبتسمة معربة عن عدم غضبها من تصرفات والدتها: انتي تعرفينها ابلا، انها تستمر في قول انني اصرف تعبها و شقائها على الكتب السميكة، انها كذلك ليس لدينا ما نفعله ... ولكنها لم تعد معلقة امالها علي لانكي قد حققتي حلمها
عندما ادركت هازان ان هذا الموضوع البغيظ قد فتح مجددا شعرت بالتوتر لا اراديا حتى ان ايجه لاحظت ذلك فسارعت بالقول : ابلا، انا مدركة كم ان هذا الامر غريب جدا بالنسبة اليك فانتما لستما بالثنائي الذي يمكن ان يخطر ببال احد، ولكن بعد فترة اكتشفت انه ليس بالشيء الغريب لا اعلم ربما لانني تعرفت على اخي ياغيز جيدا
- توقفي للحظة ! يعني انت الان تقولين لي اننا تزوجنا لاننا اغرمنا ببعضنا البعض ؟
نظرت اليها ايجه في حالة من الذهول ثم قالت : هل هناك سبب اخر ؟
- لا اعلم، لربما كان زواجا ناتجا عن اتفاق او بالتهديد، بالغصب او لقد اجبرتُ .... !
- اختي هل انتي مدركة لما تقولينه ؟ هل انتي شخص كهذا ؟ هل اخي ياغيز شخص كما تتكلمين ؟
- هل تنادينه باخي ؟
- لقد قام باخوته معي كما يفعل مع سيلين اخته و لازال يفعل
دققت هازان النظر في عيني اختها علها ترى نظرات الكذب بهما ولكنها لم ترى غير الصدق مما جعلها تصدق كلام ايجه
هزت هذه الاخيرة راسها يمنة و يسرة ثم قالت : انا لا اكذب عليك، لقد كان زواجكما نتاجا لعشق حقيقي، ولم يجبركي او يهددكي احدا لكي تتزوجيه، و هذا الشيء انتي ايضا تعرفينه، بالاضافة الى انكِ لم تفعلي اي شيء في حياتك انت لا تريدينه، انتي تعرفين هذا حق المعرفة، لو كان هناك سبب اخر لزواجك به هل ساخفيه عنك ؟ هل ساكون راضية لرئيتك تتعذبين يا اختي ؟
سماعها لكلمات ايجه جعلها تتذكر ما حدث بينها و بينه قبل ساعة، تذكرت تلك اللحظة التي سمعت بها لاول مرة هذا الخبر " هازان انتي لستي زوجة سنان، بل زوجتي انا"
وكأن الزمن قد توقف، غرقت بافكارها للحظات مكررة داخلها، هذا غير ممكن الحدوث، هكذا شيء لا يمكن ان يحدث حتى انه مستحيل، هي و ياغيز ايجيمان، انهما مثل جبلان لا يستطيعان الالتقاء، نظرت اليه وهي تنتظر و تتمنى ان يقول لها " لقد كنت امزح معك" و لكنها فور رئيتها لنظرات الاهتمام و الجدية التي تكسو عيناه استطاعت فهم انه كان يقول الحقيقة.
ليس هناك اهمية لما تفكر به او تريده او ان كان ممكنا او غير ممكن فقد كان من يقف امامها هو زوجها.
عاودت النظر اليه بعدم تصديق ثم قالت: ماذا عن سنان ؟
- حقا هازان ؟ انا اقوم باخبارك اننا متزوجان وانت الشيء الوحيد الذي يثير فضولك هو هذا ؟
لم يعد ياغيز قادرا على كتم احتقانه وهو ما جعله يفقد السيطرة على اعصابه و ارتفع صوته..
انزعجت هازان من صراخه فاجابته بقسوة : لا تؤاخذني ولكن اخر ما اتذكره هو ان الايجيمان الوحيد الذي اردته ان يكون بجانبي هو هو، و الان انت من اصبحت الايجيمان الذي لا يخرج من غرفتي
كان ذهنها مشتت من ما عرفته عن حياتها، وقد تسللت داخلها مشاعر مختلفة جمعت بين التوتر، الذعر و الخوف ثم زاد هو بصراخه على حالها فارادت ان تحدثه بنفس الطريقة التي حدثها بها، ولكن عند رئيتها لملامح وجهه المبالغ فيها و التي تدل على قمة غضبه و حزنه في ذات الوقت تراجعت قليلا، لم تعلم ان كلماتها الاخيرة ستاثر عليه الى هذه الدرجة ولم تعلم انها ستئذيه..
قامت بابتلاع ريقها محاولة الهدوء ثم قالت له برفق : انا اسفة، انا فقط متوترة جدا، حياتي كلها تغيرت فجاة و بشكل تام و انا لا اعلم ماذا سافعل او بماذا سافكر
قامت بابتلاع لعابها محاولة الهدوء ثم قالت له برفق : انا اسفة، انا فقط متوترة جدا، حياتي كلها تغيرت فجاة و بشكل تام و انا لا اعلم ماذا سافعل او بماذا سافكر
نظر اليها قليلا ثم نهض و بدا يذرع الغرفة ذهابا و ايابا وهو يقول : هاير، هاير انا افهم، و انا ايضا لم ارد ان اقول هذا
لفض كلماته وقد كان واضحا انه يحاول بذل قصارى جهده لكي يتمالك اعصابه و ينسى ما قالته له هازان قبل قليل، اما هازان فلاحظت تغير خطواته من الاسراع الى الابطاء و لكن تعابير وجهه كانت هي نفسها تنم عن القلق و التوتر..
وقف امامها و قال بنبرة صوت غير مستقرة: لقد اتى سنان الى هنا عدة مرات عندما كنتي غائبة عن الوعي، لقد قلق هو ايضا عليكِ
فهمت هازان انه قد اجابها على سؤالها بطريقة ما، هزت راسها ببطئ ثم قررت انه من الافضل ان لا تتحدث بهذا الموضوع اكثر، ففي النهاية هناك العديد من النقاط الغير مفهومة و يمكنها اخذ اجابتها في ما يخص سنان من شخص اخر غير ياغيز... و لكنها الى الان لا تعلم ما ستقوله له، هناك اشياء تريد معرفتها لا تحصى و لا تعد ولكنها لم تجد الشجاعة ان تساله عن ما يدور في خاطرها، مجرد محاولتها للتعود على فكرة انه الان زوجها كان صعبا بما فيه الكفاية و اضافة الى ذلك فهي لا تظن انها ستستطيع التحمل اذا اخبرها القصة بشكل جيد، لاا هي لم تظن بل كانت متاكدة من ذلك
نظرت اليه وقد خيرت تاجيل سؤالها ذاك و تعويضه بسؤال يهمها الان، قالت : هل لدى عائلتي خبر باسيقاضي ؟
- نعم لقد اتصلت بهما، انهما على الطريق
اجابته بامتنان : جيد شكرا لك
لم تكن علاقتهما تتخللها عبارات الشكر و الاعتذار، اذ ان شكرها له الان كان رسمي اكثر من اللازم بالنسبة له ولكنه آثر الصمت و عاد للجلوس في مقعده مرة اخرى ...
***************************
احبائي اسفة كتير كتير عالتاخير بس عنجد كنت كتير مشغولة و ما فضيت نزل شي 😑🙈 بشكركم على تفاعلكم و متابعتكم بالرغم من انو التفاعل قليل بس انشالله بالاحداث الجاية بلاقي تفاعل اكبر 🙏💖💖
يلاا شو رايكم بهاي الحلقة ؟
الحوار يلي دار بين ياغيز و هازان ؟
شو رايكم بحكي ايجه لاختها ؟
و ياترى صدقت كلامها ؟
شو رايكم بياغيز و ردود افعاله ؟
اعتذار هازان ؟ !

مفقودة (مكتملة) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن