السيدة فضيلة تصرخ من المطبخ: اخرجي طقم الفضة خاصتنا ذاك يا ابنتي
كانتا تساعدان والدتهما في التحضيرات وذلك أن السيدة فضيلة قد دعت عائلة ايجيمان للعشاء على شرف تخرج ابنتها..
هذا المساء سيجتمع الجميع ببيتها للاحتفال، إذ فكرت انه سيكون هذا اليوم مناسب قبل ذهاب ايجه إلى إنكلترا..
كانت هازان حزينة لمفارقة شقيقتها، ولكنها لم تقل شيئا، فهي تدرك أن ايجه قد عملت بجد طوال السنة و هي تستحق هذه العطلة، إضافة إلى مغامرة الحادث خاصتها و الذي بفضله اضطرت شقيقتها أن تعيش أسابيع من الرعب و عدم الراحة لذلك بالمختصر ليس لديها الحق في التفوه بكلمة...
هرولت ايجه باتجاه الباب فور سماعها للطرق، اما هازان فاكملت سريعا وضع آخر طبق بيدها على السفرة ثم تبعت شقيقتها، فتحا الباب معا لتبدأ مراسم الترحاب و لتكتشف هازان أن الجميع قد استجاب لدعوتها بالفعل..
حيث أن ياغيز و فور خروجه هو و سيلين من الشركة مر على القصر و أتى مع بقية العائلة.. ابتسمت هازان فور التقاء عينيها بعينيه ولكن سرعان ما اختفت ابتسامتها عندما رأت سنان الذي كان يقف ورائه، في الواقع هي كانت على علم بقدومه، ولكن مع ذلك لم تفكر انها ستستطيع التعامل معه كأن شيئا لم يكن..
طوال أيامها بازمير لم يأتي سنان بذهنها ابدا، والحقيقة انها لا تعلم حتى شعورها تجاه ذلك الموضوع، لازالت تشعر بالضيق عند لقائها به وجها لوجه و اضطرارها للحديث معه..
على الأقل أصبح باستطاعتها السيطرة على مشاعر الحقد التي تعتمل قلبها أو بالأحرى عند رئيتها له لم تعد تتذكر غرفة الفندق، ومجرد تخطيها لهذا يشعرها حقا بالسعادة ولكن من ناحية أخرى فهي لا تعتقد أن باستطاعتها التصرف معه كان شيئا لم يكن..
كانت فضيلة ترحب بالجميع و تدعوهم إلى الدخول حين قاطعها سنان قائلا: ساقاطعك لدقيقة سيدة فضيلة, قبل دخولنا هناك أمر علينا حله اولا
اتجهت الأنظار نحو سنان الذي اكمل حديثه بكل ثقة : انا لم ابارك بعد، كما أنني لم أقدم لايجه هدية تخرجها، والان بعد اذنكم فأنا اريد ان اسلمها هديتها بنفسي
التفتت ايجه إليه و الحماس يقتلها وهي تنتظر إخراج سنان للهدية من مكان ما ولكن هذا الأخير قام بفتح باب المنزل متجها إلى الخارج ثم أشار لايجه بأن تتبعه..
اتجهت أنظار هازان الي ياغيز الذي كان يسند ضهره إلى الحائط وقد بان عليه عدم التأثر ولو قليلا بما هو بصدد الحدوث ولربما هو على علم بأمر الهدية..
خرجت هي أيضا وراء بقية العائلة لتشاهد سنان وهو يشير الى السيارة الميني كوبر الحمراء التي ركنت وراء سيارات كل من ياغيز و السيد حازم..
سارت ايجه باتجاه السيارة وهي تضع يديها على فمها الذي لم يُغلق من شدة دهشتها ثم نظرت إلى سنان بعدم تصديق، فلوّح هو بدوره بالمفاتيح التي بيده وهو يقول: چولي چولي كولان، استخدميها بهناء
اتجهت نحوه ثم ارتمت بين احضانه معربة عن شكرها حين نظرت هازان نحو والدتها ولكن هذه الأخيرة كانت في منتهى سعادتها، اذا هل هي الوحيدة التي انزعجت من هذه الهدية؟ انها بالكاد تستطيع ابتلاع أمر إنجلترا لتخرج السيارة الان؟ حتى أن اعتراضها على العطلة يبدو سخيفا أمام هذا..
رفعت حاجبيها بانزعاج ثم سارت إلى الداخل تاركة الجميع ورائها متمتمة داخلها " هذا حقا كثير جدا"...
لم تستطع التخلص من توترها طوال العشاء، إذ شعرت انها الوحيدة بينهم التي تلتزم الصمت و لا تتبادل أطراف الحديث معهم، من الواضح أن العراك، التجنب و الانزعاج مع هذه العائلة قد أصبح من الماضي، لربما الأجواء ليست مثالية و لكن على الأقل فهم مجموعة من الأشخاص التي تتقاسم نفس الآراء، لازالت تتسائل عن مكانها بينهم، لربما هي لازالت لا تستطيع مناداتهم بعائلتي ولكنها أيضا لم تعد تعتبرهم غرباء عنها، وهذا كان سببا كفيلا لجعلها تواصل الابتسام بوجههم طوال جلوسها بينهم..
اكمل الجميع العشاء، و اتخذ كل منهم مكانا في غرفة الجلوس في حين توجهت هازان إلى المطبخ، وضعت الاطباق سريعا ثم التفتت للخروج ولكنها سرعان ما توقفت حين رأت سنان يدخل المطبخ وهو يبتسم : لم نستطع التكلم في تلك الضجة، كيف حالك؟
اجابته هازان ببرود تام: انا بخير، هل يجب أن أكون العكس؟
- لاا، طبعا لم اقصد هذا... انا فقط تساءلت إذا كانت علاقتنا لازالت سيئة، يعني هل لازلنا متخاصمين؟
- خصام؟
تساءلت هازان ثم انفجرت ضاحكة مواصلة : سنان هل نحن أطفال لكي نتخاصم؟
- انتي تعلمين جيدا ما اقصده، انا اريد ان اعلم إذا زال غضبك و حنقك علي ام لا!؟
- هل انا اتصرف معك هكذا؟
- يعني لقد كنتي طبيعية هذا المساء أمام الجميع ولكن مهما حاولتي الاخفاء فأنا أعلم جيدا انك لستِ سعيدة برئيتي
قالت هازان فورا و بدون تردد: صحيح، انا لست سعيدة
عبس وجه سنان وقد تلاشت منه التعابير ثم قال: هازان... مالذي استطيع فعله؟ مالذي استطيع فعله لكي تسامحينني؟
-هيتشبير شاي، لا شيء، لا شيء ستفعله يمكنه تغيير كل ما حدث
اقترب منها سنان وهو يقول: اعلم انني لن استطيع تغيير ما حدث ولكن كيف اجعلك تنسين؟ كيف استطيع منعك من التفكير بهم؟ هذا ما أريد معرفته، وانتي أيضا لستي سعيدة بهذا الوضع، إذ كلما التقينا وجها لوجه يعود كلانا إلى ذات النقطة، اعطني الأذن لمساعدتك على ترك ما حدث في الماضي، لينتهي هذا الحقد..
تنفست هازان بعمق وهي تستمر بالنظر إليه، لقد كان ما قاله صحيح ولكن هناك فرق شاسع بين القول و الفعل..
- كلماتك تلك ، و افترائاتك... نظرك بوجهي وكأن شيئا لم يكن، ومواصلتك الكذب رغم علمك بحقيقة الأمر و مواصلتي تصديق اكاذيبك كالغبية...
كانت هازان تتكلم بتقطع وكأن كل كلمة تتفوه بها أقسى من التي تسبقها وكأنها لا تريد استيعابهم بذهنها..
- انا اعلم، انتي محقة، أعلم ولكن الا نستطيع التصرف وكأن شيئا لم يكن؟ الا نستطيع وضع لحظات أخرى مكانها؟ لحظات جميلة؟
هزت هازان رأسها يمنة و يسرة ثم قالت: هل تعلم كم خيبت ظني بك سنان؟ لقد سقطت من نظري لدرجة ان ليس هناك شيء سيعيدك..
ساد الصمت للحظات بعد تفوه هازان بكلماتها الأخيرة، لأول مرة تفصح حقا عن ما يخالجها بدون شجار و بدون صراخ، وهو ما ادهشها و جعلها تستغرب تصرفها الغير معتاد هذا ولعل سنان أيضا لم يتوقع هكذا جواب منها وهو ما يبدو على ملامح وجهه المصدومة..
- استطيع إصلاح هذا، كما أن باستطاعتي أن أريكي انني تغيرت، يمكننا البدء من جديد، انا لا أطلب منك أن تثقي بي مباشرة ولكن إذا أعطيتني فرصة فبامكاني كسب ثقتك مرة أخرى، انا أعدك هازان، لن اخيب ظنك مرة أخرى ولن اجرحك ثانية ابدا..
نظرت هازان نحوه باصرار رغم شعورها بصدقه و اسفه الشديد، لم تستطع اتخاذ القرار الصائب بعد، اي خيار سيكون الأفضل؟ هل تركها لكل هذه الأشياء ورائها و المضي قدما ام تركها لغضبها ليزول مع الوقت؟
هربت عيناها لعدم استطاعتها اتخاذ القرار الصائب، اما سنان فقد كان يواصل النظر إليها وكأنه ينتظر جوابا رغم أنه لم يطرح عليها أي سؤال..
ساد الصمت بينهما للحظات حين قال سنان ببطء : هازان..
هم بإكمال حديثه الا ان دخول ياغيز الي المطبخ جعله يلتزم الصمت و يتصلب في مكانه وهو ذات الشيء الذي حدث مع هازان.. لكن ياغيز رفع يداه نحوهما مشيرا إلى أكواب الشاي التي يحملها ثم وضعهم فوق الطاولة و خرج دون النظر نحوهما حتى..
ابتلعت هازان لعابها من شدة قلقها، إذ لم تستطع منع نفسها من الشعور وكأنه قد تم امساكها بالجرم المشهد.. التفتت نحو سنان فور خروجه وقد بانت على وجهها علامات الخوف متسائلة : هل تظن أنه سمع حديثنا؟
بادلها سنان النظرات رافعا حاجبيه: وان سمع ماذا سيحدث؟ اساسا انا لا أفهم سبب عدم اخبارك له أو تبيين اي شيء أمامه، لماذا نخفي ما حدث؟
احست هازان وكأنها قد تلقت صفعة على وجهها عند سماعها لكلمات سنان فنظرت إليه كالمصعوقة..
لماذا تشعر وكأنها تقوم بأشياء من وراء ظهر ياغيز؟ لماذا تملكها هذا الاحساس القاتل الذي تسبب في اختناقها! لطالما حاولت جاهدة إخفاء الأمر عن ياغيز ولكن هذا لا يخفي حقيقية انها كانت تشعر دائما بتأنيب الضمير، وقول سنان لهذا الان قد زاد الطين بلة..
حدجته بنظرة غاضبة وكأنها تقوم بتحذيره بأن لا يعيد سؤالها عن شيء كهذا مرة أخرى، اما هذا الأخير فقد التزم الصمت و خرج من المطبخ وقد بان عليه الخجل..
لكنها لم تستطع الكف عن التفكير انها هي التي عليها أن تخجل من ما تفعله مع ياغيز....
*************
واحد، اثنان... يمين، يسار... واحد، اثنان... يمين، يسار...
كانت تضرب كيس الرمل بكل ما أوتيت من قوة، لربما نسيت كم مضى من الزمن لم تمارس به هوايتها ولكن منذ ارتدائها قفازات الملاكمة استطاعت الشعور بالغربة وكأنها لم ترتديهم منذ سنوات، كم اشتاقت لهذا الإحساس الذي ينسيها ما يألمها و يحطم فؤادها..
لطالما كانت الملاكمة هي مهربها الوحيد الذي تلجأ اليه عند شعورها بالاختناق... كانت تسدد لكماتها واحدة تلو الأخرى حين امسك أحدهم بكيس الرمل الذي أمامها..
أنزلت يديها و هي تحدجه بنظرات قاتلة و صدرها يهتز صعودا و نزولا بفعل نسق تنفسها السريع...
سنان : اوو ها قد عادت هازان ابي إلى الحلبة، كم جميل رئيتك أمام كيس الرمل ثانية هازان
ضلت تنظر اليه باشمئزاز ثم قالت وهي تخلع قفازاتها مستخدمة أسنانها: والله هذا مكاني الطبيعي ولكن انت ماذا تفعل هنا!؟
سنان بسخرية: على ما يبدو أنك سددت لكمتك على مكان غير كيس الرمل
اجابته بملل وهي تحاول المحافظة على هدوئها: انا لست بارعة بتسديد اللكمات بقدرك سنان
فهم سنان مقصدها وهذا ما جعله يشعر نوعا ما بالإهانة، احنى رأسه إلى الاسفل قليلا ثم رفعه باتجاهها وقد تخللت عيناه لمعة تدل على صدقه: إلى متى هازان!؟ إلى متى سنظل على هذا الحال؟ حقد و غضب و مشاحنات بالكلام و خاصة قذف الذع العبارات و الكلمات علي؟ متى ستنسين الماضي؟
- عندما استطيع ذلك سنان، عندما استطيع
قذفت هازان كلماتها وهي تنظر داخل عينيه مباشرة دلالة على ثقتها مما تقول ثم همت بالرحيل تاركة اياه وراءها محدقا في الفراغ..
لا تنكر انها مع مرور الايام و في كل محادثة بينها و بين سنان يزيد اقتناعها بصدقه في ما يقول و لكنها هازان.. هازان ابي كما قال.. هازان التي لا تسمح لاحد بكسرها.. انها هازان التي لا تكسر.. هازان التي لا تكسر لان قشرتها صلبة كما قال لها ياغيز ايجيمان في يوم من الايام... لحظة هل قالت ياغيز قبل قليل؟ هل خطر هذا الأخير على بالها بدون سبب؟ هل أخذ حيزا في حياتها لدرجة ذكرها له في اي موضوع؟ هل هي... كانت تمشي مرددة داخلها هذه التساؤلات حين احست بيد تمسك معصمها.. استدارت نحو سنان قاطعة بذلك حبل أفكارها وهي تنظر إلى يده التي تمسكها بنظرات حانقة..
- ماذا تفعل سنان هل جننت؟ اترك يدي حالا
لم يزح سنان نظراته عنها ثم ركع أمامها و قد تركت يده معصمها ليلسقها بيده الأخرى في شكل عمودي واضعا اياهما تحت ذقنه (على هذه الشاكلة 🙏🏻) وهو يقول : اناا اسف هازان.. اناا سنان ايجيمان اعتذر منك هازان ايجيمان على النذالة و الحقارة و البشاعة التي اقترفتها بحقك.. انا اعترف انني كنت الخروف الأسود في عائلة ايجيمان..
ثم سكت قليلا وكأنه يفكر بشيء ثم اكمل حديثه و ابتسامة خرقاء اعتلت ثغره: علي الإقرار انني لازلت كذلك.. ولكنني حقا ندمان هازان.. انا نادم بشدة على فعلتي الشنيعة و اعترف انها كانت من ابشع ما اقترفت خلال حياتي التافهة.. لذا هازان انظري انا هنا تحت قدميك، اقدم اعتذاراتي الخالصة لك عن كل ما بدر مني و ارجو ان تقبليها لاني حقا لا احتمل حنقك هذا خاصة و انني اختبرته منذ سنوات و على الإقرار انه لم يكن سهلا أيضا حينها لذلك لا اريد تكرار تلك الأيام.. فارجوكِ أقبلي اعتذاري
كانت هازان في قمة غضبها وهو يمسك بمعصمها وقد بان ذلك على وجهها و عيناها التي كانت تحدجه بنظرات قاتلة، ولكن غضبها تبدد وهي ترى هذا الأخير يركع أمامها واضعا يديه تحت ذقنه مرددا شتى عبارات الاعتذار معربا عن ندمه ناعتا نفسه بالعديد من الأوصاف التي تعد شتائم اكثر من اوصاف.. لما الكذب.. لقد لان قلبها كثيرا بفعل اعتذاره و قيامه بهذه الحركة الغير متوقعة من شخص كسنان ايجيمان النرجسي الذي لا يهتم لمشاعر احد غير نفسه.. وصلها اعتذاره كما سبقته مشاعره الصادقة فتحولت نظراتها من الغضب إلى التأثر ثم الابتسام... عضت شفتها السفلى مانعة نفسها من الضحك وهو ينعت نفسه بالخاروف الأسود وانه لازال كذلك.. ثم آلمها قلبها عندما ذكرها بأنه قد عايش غضبها هذا قبلا والذي لا تتذكر منه شيئا ولكنها لم تستسلم لالمها هذا و سرعان ما قالت متوجهة بكلامها لسنان الذي لايزال قابعا أمامها : انهض سنان
نظر إليها يحاول استيعاب ما قالته و باي نبرة قالته..
- سنان هل ستبقى هكذا مطولا؟ اذا كنت ستفعل فاعلمني بذلك لاني حقا لدي أعمال أخرى اهتم بها غير البقاء هنا و مشاهدتك هكذا.. قالت هازان وقد كشف ثغرها عن ابتسامة ساخرة
نهض سنان سريعا فور رئيته لابتسامة هازان و التي لم يراها تبتسم له منذ خروجها من المشفى بعد حادث السيارة اللعين الذي تسبب في كل هذا..
قال محاولا فهم ما تعنيه هازان تحديدا: وما استطيع فهمه من كلامك و ابتسامتك هذه؟ هازان حقا لطالما كنت أواجه صعوبات في فهم ردود أفعالك و حتى كلماتك ولازلت كذلك..
ضحكت هازان هذه المرة كاشفة بذلك عن أسنانها.. ضحكت لأنها اكتشفت ان سنان حقا لم يتغير ابدا، انه سنان الطائش و الغبي نوعا ما و المضحك.. اجابته ولازالت ابتسامتها تملأ فمها: أعني انك متخلف و على ما يبدو انني مضطرة لقبول اعتذارك فكما تعلم لا نستطيع اخذ أفعال المتخلفين امثالك بعين الاعتبار
انفرجت شفتا سنان عن ابتسامة عريضة و قفز أمامها رافعا يده على شكل قبضة ساحبا اياها إلى الاسفل وهو يقول : نعم، نعم هذا هوو
كانت تشاهد تصرفاته الخرقاء وهي تبتسم حين احست به يحتضنها قائلا: شكراا هازان اشكرك جزيل الشكر لأنك قبلتي اعتذاري
لم تبدي هازان اي ردة فعل و لم تتحرك ابدا، ضلت متصنمة من دهشتها ولكن ليس من ما فعله سنان بل لأنها لم تشعر باي شيء جراء اقترابه منها، على عكس ما ينتابها و ما يجعلها تشعر مجرد اقتراب ياغيز منها.. مهلا هل قالت ياغيز مرة أخرى الان؟ يا الاهي لماذا تستمر في تذكره دائما؟
ابتعد سنان و الابتسامة لاتزال تقسم شفتيه ليردف: انا حقا سعيد لقبولك اعتذاري هازان و كعربون شكر سادعوك لتناول الغداء معي ما رأيك؟
لم تنتبه هازان لما قاله ذلك انها كانت شاردة بافكارها ولكنها سرعان ما استفاقت على يد سنان التي كان يلوح بها امام وجهها : هاااي هازان ألوو
استقرت نظراتها عليه وقالت: انا معك، ماذا قلت الان!؟
- قلت اني سادعوك للغداء معي لشكرك
- لا داعي سنان، اساسا لدي مخططات أخرى
قال سنان باصرار: ارجوك هازان اقبلي دعوتي، فلتكن هذه بداية لصداقتنا
فكرت هازان قليلا ثم هزت برأسها معربة عن موافقتها على عرضه..
تنحى سنان جانبا مادا يده وابتسامة تعلو فمه: اذا تفضلي سيدة ايجيمان، السيدات اولا
ابتسمت هي الأخرى بالمقابل وقالت: سامر اولا إلى غرفة تغيير الملابس ثم نخرج
- تحت امرك سيدة هازان
قامت هازان بتغيير ملابسها، حملت حقيبتها الرياضية ثم همت بالخروج..
وجدت سنان ينتظرها في صالة الاستقبال وفور رئيته لها قال: هازان سنذهب بسيارتي، اتركي سيارتك هنا سأتصل بالسائق لياتي و يأخذها إلى البلازا تمام!
قالت هازان بعدم فهم: عن أي سيارة تتحدث سنان؟ انا ليس لدي سيارة
- ولماذا؟ تسائل سنان باستغراب
ترددت هازان في الإجابة ثم قالت : اولا لاني لا أتذكر مهارتي في ما يتعلق بالسياقة و ثانيا لأنني و حسب رأي ياغيز لازلت غير مستعدة للجلوس ثانية أمام عجلة القيادة
ضل سنان يحدق بها مطولا ثم رفع حاجبية وابتسم و كأن فكرة خطرت ذهنه، قال: تعالي معي هازان هيا
ضلت هازان متسمرة في مكانها دون حركة الا ان سنان واصل الحاحه : هازان انا اخاطبك، هيا فلنذهب
مشت باتجاه سيارة سنان ثم نحو باب المقعد الجانبي للسيارة ( الي جنب السائق) وهمت بفتحه الا ان صوت سنان اوقفها...
سنان وهو يتجه نحوها : هازان تعالي من هنا
ثم امسك بمعصمها محاولا جرها معه إلا أن هازان انتشلت يدها منه وقد ظهر الانزعاج على ملامحها، قالت بنبرة حادة وهي توجه نظرها نحو يده : سنان لن أحذرك عن فعل هذا ثانية تمام! ولا تحدثني بصيغة الأمر
رفع سنان يداه إلى الأعلى علامة على استسلامه ثم قال: تمام انا اعتذر ولكن رجاءا هازان تعالي من هنا
ضلت هازان تنظر اليه قليلا ثم احنت راسها و تحركت نحوه..
فتح سنان الذي سبقها باب سيارته الخاص بالسائق ثم قال: اليوم هازان انتي من ستقلينا إلى المطعم و من ثم ستقومين بايصالنا إلى البلازا
فور تلفظ سنان بتلك الكلمات، تذكرت هازان الحديث الذي دار بينها و بين ياغيز في ما يخص هذا الموضوع و وعدها له بأنها لن تحاول العودة إلى السياقة ابدا قبل تحسنها و شفائها التام..
لا لن تنكث بوعدها لياغيز، لقد وعدته و ستحافظ على وعدها، هو يريد مصلحتها ولا يريد لها أن تتاذى... ولكنه يعاملها كدمية بلورية يخاف عليها ان تكسر.. هي ليست طفلة و هي ادرى بمصلحتها.. هل ياغيز سيأتي الان و يدلي عليها ما ستفعل و ما لا ستفعل!؟ انها هازان، هازان شاميكران التي لم تستمع لكلام والدتها طوال حياتها هل سترضخ لاوامر ياغيز ايجيمان الان؟ لن تفعل اساسا هو يبالغ في خوفه عليها.. لقد تحسنت الان و باستطاعتها ممارسة الرياضة اذن لا ضير في المحاولة..
فكرت مطولا وهي تحدق بالباب المفتوح أمامها ثم قالت وهي تهم بالركوب : تمام، ليكن كما تقول
صعدت هازان واستدارت لتضع حقيبتها في الوراء ثم شرعت في وضع الحزام.. أما سنان فقد فعل المثل ثم نظر إليها وهو يبتسم: اذا هل انتي مستعدة هازان هانم
قالت هازان وهي تقوم بتشغيل المحرك: كما لم أكن سابقا
ثم انطلقت بالسيارة مخلفة ورائها غيوما من الغبار...
**********
شارفت الساعة على الحادية عشر مساء وياغيز لم يأتي بعد.. كانت هازان تنتظره على أحر من الجمر خاصة وانها تعودت على مواعيد قدومه إذ لم يكن يتجاوز العاشرة وهذا ما زاد من قلقها و ارتيابها.. لماذا لم يأتي بعد؟ هل هو بخير؟ هل حصل له مكروه لا سمح الله؟ هل انشغل بشدة لدرجة عدم انتباهه على الساعة؟ ثم فكرت قليلا أخرى وقامت بحذف كل هذه الأفكار من ذهنها بحجة انه لو حدث مكروه كان الخبر قد ذاع في الصحف ثم انحنت نحو الطاولة الخشبية و ضربت عليها بقفى اصابعها وهي تردد : لا سمح الله لا سمح الله
يا الاهي لماذا تهتم لأمره كثيرا؟ اساسا لما هي مستيقظة إلى الآن؟ توقفي هازان عن التصرف كزوجة خرقاء تنتظر زوجها أمام الباب وبيدها صينية ماء دافئ لنقع اقدامه فيها..
توجهت نحو السلالم المؤدية لغرفتها ولكنها توقفت للحظة وكأنها أدركت شيئا.. تذكرت كلمات والدتها عندما قالت لها أن الرجل إذا لم يجد ما يريده في بيته فهو يسعى لايجاده خارجه.. شعرت بانقباض في صدرها وهي تتمتم: ماذا لو كان ياغيز يخونني؟ ماذا لو كان الان بين أحضان فتاة أخرى؟ يقترب منها.. يحتضنها.. يقبلها.. يشعرها بما جعلها تشعر به من أحاسيس هوجاء عند اقترابه منها ذلك اليوم! كان صدرها يغلي و أفكارها تعصف بها شمالا و جنوبا.. لماذا تملكتها هذه الاحاسيس من الأساس؟ ما بالها هي بما يفعله او بما يشغله؟ هو حر.. طالما هي لا تعتبره زوجا لها فهو أيضا له الحرية التامة في فعل اي شيء.. اي شيء؟؟ ولكنه زوجها حتى وان كان على الورق فقط فهو زوجها هي ولا يحق له التسكع مع أي فتاة هكذا لا يحق له ال...
كانت تواصل سلسلة الحقوق و الواجبات داخلها حين سمعت صوت المفاتيح ثم صوت فتح الباب لتنهض مهرولة نحو الاريكة البيضاء رامية بنفسها فوقها متضاهرة بمشاهدتها التلفاز..
كانت الساعة تدل على العاشرة والنصف ليلا عندما كان ياغيز منكبا فوق مكتبه في الشركة و قد تناثرت العديد من الأوراق حوله بصفة عشوائية، كان في حالة من الفوضى العارمة...شعر مبعثر، ربطة عنق مفكوكة تتدلى من جانبي قميصه و ازرار مفتوحة.. رفع رأسه محاولا طقطقة رقبته التي تشنجت من طول مدة انحنائه، مرر يده ممسدا اياها ليلاحظ الساعة التي كان يضعها على معصمه، نظر إليها فانتبه ان الوقت قد تأخر بالفعل، لقد أرهق نفسه كثيرا اليوم و يريد نيل قسط من الراحة لكنه لا يريد العودة.. لا يريد رئيتها.. لا يريد أن يواجهها.. ولكن لابد انها نامت.. لعلها لم تنتبه لعدم عودته من الأساس.. لو كانت تهتم لأمره لاتصلت به لتتسائل عن سبب تأخره ولكنها لا تهتم ابدا.. انه حقا يعيش اسوء ايام حياته.. زوجته، الفتاة التي لطالما عشقها لا تتذكره ولا تهتم لأمره حتى انها لا تعتبره موجودا اصلا، علاوة على هذا هي لا تعير كلامه او نصائحه أهمية.. هذا شعور مؤلم حقا، لقد نسي منذ سنوات هذا الشعور ولكن هاهو يختبره مرة أخرى ولكن الفرق ان هازان الان زوجته و الفتاة التي لطالما كانت تبادله مشاعر العشق و الشغف التي يكنها لها، اما الان فهي ليست الا هازان القديمة التي لا يعني لها اسم ياغيز ايجيمان شيئا... تنهد آخذا نفسا عميقا وهو يقوم بفرك عينيه ثم نهض من مقعده حاملا سترته و هاتفه متجها نحو الباب...
دخل الشقة في صمت محاولا عدم أحداث ضجيج لكنه تفاجئ فور رئيته لها جالسة على الاريكة و عيناها مستقرة على التلفاز.. كما توقع.. لم تنتبه حتى لقدومه فكيف ستنتبه لتأخره.. احنى راسه بيئس و الغصة تملأ قلبه ثم اتجه إلى غرفة الضيوف التي أصبحت خاصته منذ فقدان هازان لذاكرتها...
تضاهرت بعدم انتباهها لدخوله وهي تنتظر ان يلقي عليها السلام او يتجه نحوها ولكنها صدمت وهي تشاهده يتجه نحو غرفته بدون أن يعيرها حتى الاهتمام فالتفتت نحوه وقالت بسرعة: ياغيز هل أتيت لم انتبه اسفة
توقف للحظة وهو يستمع لكلماتها التي زادت من قهره.. استدار نحوها بتخاثل لتتسع عينا هازان وهي تجيل نظرها عليه.. احست بحسرة تتملكها.. كما توقعت.. لقد كان مع احداهن.. لهذا السبب لم يلقي عليها التحية.. لكي لا تنتبه إلى حالته هذه.. وهي الغبية التي بقيت تنتظره.. شدت قبضتها على الوسادة التي تحدها محاولة كتم غضبها وهي تتخيل مجموعة من السيناريوهات التي زادت من احتقانها...
استدار ياغيز قليلا وقال: مساء الخير هازان
ثم عاد ليتجه نحو غرفته وهذا ما جعلها تصل إلى ذروة غضبها.. اذن هو لا يريد النظر بوجهي حتى! هل اسعدته الفتاة التي كان معها لدرجة انه كره رئيتي او حتى مخاطبتي؟
قالت بنبرة جدية متناسية افكارها: هل احظر لك شيئا تأكله؟
اجابها بدون أن يلتفت نحوها: لا اريد، انا مرهق و اريد فقط أن ارتاح
"ارهقته أيضا.. يا الاهي اريد ان اقتلها و اقتله معها الان... لا استطيع كتم غضبي.. يا الاهي ساعدني.. "رددت داخلها ويدها تعتصر الوسادة التي أصبحت لا تُرى بين يديها...
كم تريد الصراخ بوجهه الان و محاسبته على فعله هذا بها و تجاهله المتعمد لها... انها زوجته وليس لديه حق بأن يخونها او يتجاهلها هكذا... إذا الرجال كلهم سواسية.. حتى ياغيز ايجيمان الذي ينعته الجميع بارقى و أنبل الأوصاف اتضح انه ليس إلا رجل كالبقية في النهاية... رجل يتبع نزواته و حاجياته الجنسية فقط... ولكن لا.. لن تهتم.. فليفعل ما يشاء هي حقا لا يهمها أمره... حتى انها ستصعد الان الى غرفتها و تنام وكأن شيئا لم يكن. ..
نهضت من مكانها متجهة نحو السلالم ولكنها وجدت نفسها تتجه لا اراديا نحو غرفته.. اقتربت منها لتسمع صوت المياه تتدفق فعلمت انه يستحم.. فضولها دفعها إلى الدخول متسللة.. استقر نظرها على ثيابه التي رميت بطريقة فوضوية على السرير فمدت يدها لتلتقط قميصه و كزوجة تقليدية تشك بزوجها الخائن قربت القميص من انفها و اخذت تشتمه تارة و تتفقده أخرى علها تجد رائحة عطر او خصلات شعر او آثار حمرة عليه... ولكنها لم تجد شيئا يريح قلبها.. "وخائن محترف أيضا، كم انا محضوضة" ، تمتمت بصوت مسموع لا شعوريا.. لكن صوته وهو يتوجه إليها بالحديث هو ما جعلها تنتبه لفعلتها..
اكمل ياغيز استحمامه او بالأحرى محاولته إخراج كمية التعاسة التي تتآكل داخله.. لف جزئه السفلي بمنشفة و هم بالخروج عندما شاهدها وهي تتفحص قميصه ثم سمعها تتمتم.. اقترب قليلا منها وهو يقول: هل تعتقدين حقا انني اقوم بخيانتك هازان؟
تسمرت في مكانها لا تعلم ما ستفعل او ما ستقول ولكنها سرعان ما احست باقترابه إليها لتستجمع قواها و تستدير لتواجهه.. لا تعلم ما الحجة التي ستخترعها الان ولكنها متأكده انه لن يصدقها وهذا ما ازعجها...
لفت جسدها ببطء وهي تنزل يدها التي تحمل القميص.. استجمعت ما تبقى لها من قوة ثم رفعت رأسها نحوه، لكنها للحظة نسيت كل ما كانت تخطط لقوله فور رئيتها له على تلك الشاكلة.. كان يقف بكامل رجولته و اغرائه بصدره العاري الذي وجدت قطرات الماء طريقها على منحنياته المصقولة، جالت عيناها بدون وعي منها بداية من خصلات شعره المبللة والتي تدلت على جبينه حاجبة بذلك رئيته وصولا إلى جسده الطاغي الرجولة الذي كان يستر جزئه السفلي بمنشفة.. ولكن هذا لم يمنعها أيضا من تخيل ما تحت قطعة القماش البيضاء تلك وهي تتبع حرف ال(V) الذي بدى واضحا من نهاية بطنه وصولا إلى المنشفة التي غطت ما تبقى منه.. احست هازان بالحرارة تتأجج داخلها لتستقر على وجهها... اثارها منظره هذا و جعلها تتخيل اشياءا لم تعتقد يوما انها ستفكر بفعلها لاحد او مع احد... يا الاهي هازان ماذا تفعلين؟ ما هذه الأفكار المنحرفة يا هذه؟ هل انتي بوعيك؟ توقفي عن التفكير بهذه الأشياء القذرة.. لقد فسدت أخلاقك حقا.. علاوة على ذلك كفي عن النظر اليه هكذا وكأنك ستفترسينه.. ولكن منظره هذا يجعلني اريد الاقتراب منه و تمرير اصابعي على كامل منحنيات جسده و لمس وشمه الغريب ذاك.. سرت قشعريرة بفعل تخيلاتها لكنها حاولت السيطرة على مشاعرها و أفكارها التي أصبحت خاصة بالبالغين فقط.. رفعت نظرها نحو وجهه المكان الذي اعتقدت انه سيكون مهربها و لكن هيهات فياغيز ايجيمان كان حقا فتنة من راسه حتى اخمض قدميه...
كان يشاهدها وهي تجيل نظرها على جسده بعينان هائمتان و وجه غطته حمرة خفيفة زادت من جمالها... فهم معنى نظراتها وكم تمنى لو يأخذها الان و هنا على هذا السرير حتى الصباح بدون توقف عله يزيل شوقه إليها، للمستها و لرائحتها التي لم تغادر أنفه منذ عرفها و احبها... تلك الحمرة التي علت وجهها ذكرته باللحظات التي كانت تصل إلى نشوتها تحته وهي تئن بإسمه... اوف مجرد تذكر هذا حقا يجعله ينتصب.. ولكنه محق.. انها هازان زوجته و حبيبته و كل ما لديه.. انها اجمل ما حدث في حياته.. يشتاق إليها كثيرا.. و يريد الشعور بها بين يديه من جديد.. يريد لمسها، تقبيلها، مضاجعتها دون توقف.. ولكنه ببساطة لا يستطيع... انها على بعد خطوتين منه ولكنه لا يستطيع حتى الاقتراب اكثر منها... انه الموت البطيئ.. هذا هو البعد عنها... موت بطيئ لعين...
نظرت داخل عيناه لتلاحظ اختفاء الزرقة التي كانت تزينهما والتي حلت عوضها ضلام دامس لم تعلم سببه كالعادة.. هذا حقا لم يعد يحتمل.. يجب عليها محاولة فهمه و فهم تصرفاته و ردود أفعاله اكثر من هنا فصاعدا...
قالت و قد خرجت كلماتها بصعوبة: م.. ماذا تعني؟
اجابها بصوت اجش محاولا تمالك نفسه: انتي هي من عليك اخباري بما تعنينه بما تمتمتي به منذ قليل؟
تلعثمت هازان وهي تحاول إيجاد حجة مقنعة تخبره بها: انه.. بسبب.. لقد قلت.. انا كنت.. القميص... لقد دخلت لأخذ ثيابك الملوثة.. طرقت الباب عدة مرات ولكنك لم تجبني لذلك دخلت وكنت على وشك اخذ ما نويت أخذه إلى أن داهمتني.. أعني إلى أن خرجت من الحمام..
رفع ياغيز حاجبيه و قد رُسمت على شفتيه ابتسامة سخرية دلت على عدم تصديقه لما سمعه..
- ثيابي الملوثة اذا؟ ولكنكِ لم تفعلي هذا من قبل؟
هازان وهي تنظر إلى إلى أي مكان غير عينا ياغيز وهذا ما أكد له عدم صدقها بما تقول..
- هل نسيت انني لا أتذكر شيئا من ما كنت عليه!؟ علاوة على ذلك هل تقوم باستجوابي الان الله الله؟
ابتسم ياغيز ابتسامة جانبية.. انها هازان.. لقد توقع ما ستفعله تماما.. لطالما فعلت هذا عندما يتم حشرها في الزاوية.. تخترع أكاذيب غير مقنعة ثم تحاول إلقاء اللوم على من أمامها لكي تخرج نفسها من الموقف... انه لا يعرفها بل حفضها عن ضهر قلب... يريد الان ان يحتضنها و يصر عليها ان تعترف بغيرتها عليه و من ثم يبرر لها سبب تأخره ولكنه لا يستطيع ولا يريد... لقد قطع هذا الصباح وعدا على نفسه ولن ينكث به.. فلتفعل هي ما تريد، وليفعل هو الاخر أيضا ما يريد بدون استشارة أحدهما الاخر، طالما هي لا تهتم لأمره و لكلامه فهو أيضا لن يفعل... هذا هو قانون ياغيز ايجيمان الجديد...
حذف الابتسامة التي كانت مرتسمة على محياه ليضع قناع البرود مكانها حاجبا بذلك البركان الذي كان يغلي بداخله ثم قال: اذا اكملتي اخذ ما تريدين فيمكنك الانصراف
صعقت هازان من معاملته الباردة و المهينة لها و اشتد عضبها ولكنها لن تسمح له بملاحظة ذلك، رسمت ابتسامة زائفة على وجهها وهي تقول: لا لقد فحصت ما كنت أنوي أخذه ولكني لم أجد شيئا، ثم قالت مصححة : أعني انها نظيفة لا يوجد عليها آثار اي تلوث
رفع ياغيز احد حاجبيه وهو يرمقها محاولا قراءة ما يدور بذهنها...
همت هازان بالخروج لكن ياغيز كان اسرع منها ليقف أمامها مانعا تقدمها...
كانت تتجه نحو الباب حين احست به أمامها، لا يفصل بينهما غير بضع انشات.. تسللت رائحته التي تعبق رجولة لتعبي انفها فاغمضت عيناها مستسلمة إلى شعور السلام و الأمان الذي تملكها وهي تشعر برأسها يقابل صدره العريض.. أخذها ملمس يديه التي كانت كالريشة وهو يمررها على جلدها صعودا ليخللها بين خصلات شعرها الليلي الحالك السواد... ارجع خصلات شعرها المتئرجحة على وجهها إلى الوراء ثم امسك بذقنها رافعا راسها لتقابل وجهه... نظرت اليه تلك النظرة التي يعشقها.. النظرة التي انتظرها طويلا.. النظرة التي تعني و تحكي له الكثير.. وهذا ما جعله يشعر بنيران تشتعل داخله، نيران ستحرقه و تحرقها معه.. و ما أجمل هكذا احتراق... انحنى نحو شفتيها حتى أصبح وجهه يلامس وجهها..
احست بانفاسه الساخنة تلفح وجهها فتسارعت نبضات قلبها ليهتز صدرها بنسق تنفسها التسارع، وهذا ما زاد من اشتعاله وهو يشعر بصدرها يهتز فوق صدره..
لم يعد قادرا على المقاومة اكثر، يريدها و يريد قربها اكثر من اي شيء في هذه الحياة.. اغمض عينيه مستسلما لمشاعره الجارفة الا انه وللحظة فتح عينيه ساحبا نفسه إلى الوراء..
سرت رعشة بكامل جسدها وهي تنتظر لمسته لتحط على شفتيها لياخذها لعالمه كما فعل من قبل الا انها احست به يبتعد عنها فجأة.. فتحت عيناها و قد ادركها الخجل للحالة التي كانت عليها.. لم تعلم ما ستفعل او ما ستقول لذلك آثرت الصمت و هربت نحو باب الغرفة للخروج منها في أسرع وقت قبل أن تخونها دموعها و تجد طريقها على وجنتيها الا انها سرعان ما توقفت حين سمعته يقول: من الغد يمكنك الذهاب إلى أي وكالة سيارات لاختيار السيارة التي تريدينها
سكت قليلا ثم اكمل بصوت مبحوح دل على المه : كان عليك اخباري انك تريدين العودة إلى القيادة وليس ان تقطعي وعودا لا تستطيعين الوفاء بها.. ولكني اعتذر حقا على تدخلي في أمر لا يعنيني..**********************
مرحبا حبيباتي 😍❤️
خلصت الحلقة السادسة و العشرون و يا رب تكون نالت اعجابكم 🙏🏻❤️ لا تنسوا تعلقوا كتير و تعملوا فوت 😍❤️
بحبكم 💓
أنت تقرأ
مفقودة (مكتملة)
Romanceتوقفت للحظة، اجالت نظرها بتفاصيل وجهه الجميل الذي زينته الشامات المتناثرة هنا وهناك، مدت يدها المرتعشة بلطف لكي لا توقضه، هناك شعور قوي داخلها يدفعها لتلمس هذه التفاصيل الدقيقة بكلتا يديها، مررت اصابعها برقة متحسسة كل مكان في وجهه لتستقر اخيرا فوق ش...