وأنّي أُحبهُ فوق العادة.

31 5 1
                                    

كان هادِئًا ، مُستقرًا في مقعدهِ بِكَل أريحيّة ، لا ينظُر إليّ مُباشَرةً ، أو يتجنّب النظَر إلى عينَاي ، نبضاتهِ هذا اليَوم كانت مسموعَة إلَى حدٍ كَبير ، و ارتچاف يديه كان لافتًا للأنظار ، على غير العادة إبتدعَ حديثًا في عقلهِ ، لينقلهُ لسانه مترددًا "كيفَ كانَ يومِك؟"

"أمّا عنّي فقد كانَ جيدًا ، ماذَا عنك؟"

أعلَم أنّ سؤالي كان مؤلمًا لي قبلهُ ، ولكن لَم يُسعفني عقلِي حينهَا.

"كان ينقُصك ، وحيدًا منذُ الصباح"

انا أعلم وَقع هذا الكلام عليهِ ، فهو عن ألمٍ يخلتج صدرُه.

امّا عن يومِي ، حديثًا بيننا ، كان سيئًا ، كان كذلك لأنهُ بدونه.

اليَوم كان عزاءً في والد صديقَة ، كان مليئًا بالنحيب والدموع المكبوله وكثيرًا من قهر الرجال ، أمّا عنه فَـ عزاءهُ هو رجوعِي للمنزل ، كان يبدو لي أنهُ يأنس بوحدتهِ ، يهوى الهدوء من حولهِ ، کنتُ أعتقد ذلك لأنّي ورثت هذا الطبع عنهُ ، ولكنّي أكذب ، انا كنت أستأنس بانتشار أنفاسهِ بالمكان ، وبتكبيراتهِ عند الصلاة التي يؤديها بالمنزل ، لكِبر سنهِ وعجزه عَن المَسجد ، هو كذلك كان يستأنس بالضوء الناتج عن غُرفتي ، وبصوت حديثي مع نَفسي ، وأحيانًا كان يستأنس بصوت بكائي ، كان يستأنس بهِ لأنهُ يجد من يشاركهُ البُكاء.

كثيرًا كنتُ أتمنّى أن أقضي يومًا وحيدة بالمنزل ،  ولكن بمجرّد خروجهِ للطريق ، كنتُ أبكي عند الباب في إنتظارهِ.

لَم أعرف يومًا كيفَ أنام بهدوء ، إلّا وهو بچواري ، لَم تأتيني نوبات الهلَع المعتادَة إلّا وقد كانت يدي بين يديهِ يُطمئنني ، لقد كان أمانًا ، كان شديدًا عليّ خوفًا وليسَ عِنادًا ، كان لينًا حُبًا وليس دلالًا  ، كان جبرًا من الله.💜

أعي أنّ إختباء مشاعرنا عائق ، وأرى الحواجز التي بنينا رُغمًا عنّا ، وأُشهد الله علينَا أنّ الكلمات المُتحجّرة فِي حلقى كانَت لِرضاه ، ولكنّ طبعي لَم يرضَى ، أدركتُ اليوم أنّي انا العائق ، وأنا من بنيتُ الحواجِز ، وأنّ الرضا رضاهُ وأن طبعِي ليهون أمامهُ ، وأدركت أنّي أُحبهُ فوق العادة.

وأني بدونهِ لا شئ.

وأنّي لأفديه بروحِي لو أمكن.

يا أبي.💚

-أميرة.




Babble.®حيث تعيش القصص. اكتشف الآن