ترجية بيبي رحاب

السقوط

الجزء ٢٠

كُل فردٍ منا يحمل قصة مختلفة عن الآخر ،ومبادئ وأحلام و أهداف ،قد نتفق في ظاهرها لكن حتمًا سنختلف في مضمونها أو في طرق الوصول إليها ،على سبيل المثال ،قد تخسر مبادئك بأكملها و أنت تحاول العثور على ذاتك .

_____
نور تقف امام النافذة وهي تقبض بأحد كفيها جانب الستارة الأيسر  و تنظر من النافذة إلتي تطل على حديقة مليئة بأزهار الجوري الحمراء و شجرة السدر بعيدة تراقبها بشموخها المعتاد المتفرع .
اغمضت عينها قليلا و انصتت لصوت الذكريات القديمة ،صوت ضحكة عمها علي المجلجلة و أن اختفى بريقها وعنفوانها بعد وفاة وردة لكنها كانت وما زالت الصفة الملتصقة بهِ ،لا يكاد أحد يذكر علي دون ضحكته ولا احد يذكر ضحكة جميلة إلا ويذكر علي .
عادت تنظر من جديد و تتذكر كيف كان الجميع يتحدث أمامها بغيابه عن تغيره رغم المكابرة إلتي تصدر منه ،فالجميع كاد يبصم أن علي الآن ماهو إلا شبح علي السابق ، على الرغم من اتقان الدور و تمثيله الجيد ، يضحك ويتحدث و يتكلم بصخب ومرح ،لكنه كان في الداخل هش ،هش لدرجةٍ أنه يتحطم لأجزاء عديدة لو سمع بصدفة أغنية قديمة !!!

بعد وفاة وردة بسنة ٩١ ،اخذ عمي وقت طويل يله استعاد عقله وعافيته و حياتة لكن مو بصورة ١٠٠٪  ،جانت عمتي ذهب تحجيلي شون كضه أول اشهر بعد وفاة وردة ،جانت تكولي صار مجنون رسمي ، يحبس روحه بالغرفة وما يطلع ماياكل, مجان يستقبل اي احد بغرفته بس صديقه عمر ، بيبي وجدي وابوية وعمي تعبوا من الحجي وياه حاولوا يخففون عنه لكن بدون فائدة ، جان يومية بلليل يشغل سيارته ويروح يم ابو وردة يتشاركون وجعهم سوا ،ويرجع تالي الليل ريحة الشرب تارسه حلكه وكوة يمشي مايعرفون شون جان يوصل لبيتهم سلامات ،وهو الشرب ما مبقي ذرة وعي براسه ،
عمي إلي جان مليان صحة ونشاط وتفائل وطاقة أيجابية ،ذبل و انطفى ،أصعب شي من تشوف إنسان عزيز عليك ينطفي ويذبل كدام عينك وماتكدر اساعده ،و أكثر وحدة جانت تذبل وياه وتنطفي بيبتي رحاب
____
نحنُ أقوياء جدًا نتظاهر بكل الأشياء الجيدة ،نضحك و ننجح و نصل لمراحل مختلفة من الشجاعة ،لا نخاف شيئًا، لكننا عندما نُحب نضعف ،يصبح الهواء البارد إلذي يحمل فيروس الإنفلونزا لمن نُحب عدوا لنا نخافه و نقاتله كي لا يصيب من نُحب
فكيف حالنا عندما يكون مع الموت لو سرق منا من نُحب فجأة وبدون سابق أنذار !؟

__
سنة الواحد وتسعين اعتبرت سنة عدم رسوب ،بعد شهور و ويه بداية الدوام رجع عمي للجامعة مو علمود الدراسة لا ،علمود المكان ، ومثل مايكول محمد عبده "الأماكن كلها مشتاكة لك" جان كل شبر بيها يذكره بوردة ،كل ممر بية ذكرى ،كل شجرة جانت يمها قصة ،جانت السوالف ترجع بأذنه وهو يمشي ،والمواقف تنعاد اكباله ،جان يحس حتى الحياطين بيها ريحتها و أنفاسها مضموضة بالكتب مال مكتبة المركزية .

أصعب شعور يعيشه الإنسان من يرجع لمكان جان يلتقي بيه ويه أغلى إنسان بحياته ،بس يلكه مكانه فارغ ،يلكه روحه وحده بنص الذكريات .
جان كلشي بالجامعة يذكره بيها بصوتها  بمشيتها حتى بحركات ايديها ،رجع علي للكلية بس مارجع مثل آخر مرة جان بيها ويه وردة ،رجع بس بي أشياء ميتة وعايش بطرك النفس والذكريات .
____
لا تقول للشخص الحزين أنسى ،ولا تطلب منه أن يستعيد عافيته بسرعة ،و أياك أن تستخف بحزنه ، بالعكس كُن بجانبه فقط حتى و أن تتطلب الأمر إن تجلس فقط بدون أن تنطق بكلمة ، بعض الأوجاع و الاحزان و الفقد تكون الإيام كفيلة بعلاجها و لو بشكل جزئي .
___
رجع عمي لحياته لخاطر بيبي ، بيبي إلي ظلت سنتين مخليه كرسي اكبال باب غرفته ،تخاف لا يسوي شي بروحه ،بيبي ام حضن الجبير و الگلب الأكبر ،سنتين جانت لابسة أسود تضامنا ويه حزنه ، دمعتها ما نشفت عليه ، تبجي من تسمعه يبجي و تون على ونته ،حاولت تخفف عليها وتحجي وياه ومن شافت ماكو فايدة حزنت وياه ، كلش زين اذكر جملة كالتها بيبي الي قبل سنين من سألتها بصورة سريعة عن هاي المرحلة الي بحياته عمو وشون جان متحمله بيها ،
اذكرها نزلت دموعها و مسحتهن بطارف الشيلة البيضة مالتها وگالت :
_جنت احس بلوعته وحزنه ،بس هو جان فاگد حبيبه و أني جنت فاكده ضنه و بنهاية لچمة الفگد محد يكدر يهونها بس ربج .
رجع عمي تدريجيا لحياته بعد ما تمرضت بيبي من حزنها عليه و الكل حاجوا و لاموه بنفس الوقت وكالوله لخاطر امك حاول ،وهو يموت على بيبي ومنو الي ما يموت عليها ،حاول تدريجيا وبالفعل بيبي رجعت عافيتها وياه تدريجيا و اخذ الشهادة البكالوريوس حتى يفرح بيبي بعد ماجان يروح للجامعة بس حتى يعيش ذكرياته ،مع تعاطف الاساتذة و اصدقاءه، حاول يرجع يضحك و يسولف و يحجي لخاطرها ، بس جانت اله قوانين خاصة فرضها على الكل ،الكبار والصغار ، و الي جان يخالف قوانينه يشوف منه وجه محلو ،القوانين جانت
_محد يفتح وياه موضوع الزواج بأي شكل من الأشكال
_محد يحاول يحجي وياه حتى ينسى وردة
_و من يمر بفترات حزن و يقفل  عليه باب غرفته ممنوع احد يدخل عليه او يحاجي حتى لو استمر ايام على هالحطه .
احترموا قوانينه حتى مايخسروه و سمحوا اله يعيش حزنه بغرفته شوكت مايحب بدون تدخل .
جانت أني بنيته و حبيبته وصديقته ودلوعته و وين مايروح وياه ،مجان بس عم ،جان أب و أخ و صديق و كلشي ،جنت مثل ظله وين مايروح وياه وكلشي يسولفلي على رغم عمري اصغير بس لحد هسه اذكر كل اسوالفه
بيبي مجانت تقبل يحجيلي عن وردة تكوله اصغيره راح اطلع عينها بهل الخرابيط
جان يضحك بصوت عالي ويكولها :
يمه هو منو يكدر يعيش بلا هالخرابيط ،
ويباوع عليه ويغمزلي بعينه
ويكمل كلام
هاي ترباتي ،رفعة راسي
جنت أبتسم على كلامه وافرح على الرغم مجنت افهم شيقصد برفعة رأسي واني بذاك العمر الصغير .
طفولتي كضيتها اروح وارجع للمدرسة بسيارته ، و انروح لاصدقاء كلهم اعرفهم وشايفتهم
ياما كعدت على صبه مال بيت عمر واضحك على سوالفهم الي يادوب جنت افتهمها لو همه يشاقوني
جنت مدللة من الكل ،النساتل والحلويات جانت ماعرف منين تجيني ارقى واغلى شي
جنت مرات اصيحله بابا جان يطير من الفرح لحد ما ظليت اكولها اله وحتى صديقاتي عبالهم أبوية الحقيقي.
أكثر شي جان يضوج منه عمي الحرب و سوالفها وذكرياته،بعد ال ٩١ انسحب من اي انتماء حزبي ، ورغم سواله هذا مشاكل ، بس كدر يتلافها بسبب منصب عمي مصطفى ،جان يسب ويشتم الكل من يجي طاري الحروب ، جان يكره كل بشر يسعى للحرب ،وهذا الشي جان جدي دائما يحذره منه ومن كلامه ،يخاف لا احد يبلغ عليه الفرقة الحزبية ويروح ورة الشمس ،جان بداخله سخط جبير على الحاكم و الجيش و حتى الشعب ،جان دائما يگول إلي:
سبب الحروب هي أن شعوبها تمتلك خزائن كبيرة من الجُبن .