الفصل 25

241 5 1
                                    

رمق محمود الإطار المكسور مطولا ثم أخذ الصورة من على الأرض و مسك هاتفه وأجرى اتصالا.
****
لم يأبه هشام لكلام فاتن و قال لها بدون مبالاة مكملا طريقه: يا لك من فتاة على كل... أكملي طريقك... وداعا...
ظل هشام يبحث عن حسام و حنين كذلك التي لم يعرفها أين اختفت في المشفى. وبينما هو يسير في الممر رأى حنين تذرف الدموع وهي جالسة على الأرض نصف فاقدة الوعي و رأسها متكئ على الحائط. صدم هشام لما رآها في تلك الحالة فهو لم يعرف ما بها وما جعلها تصير هكذا. اقترب منها هشام بخوف وقال لها بقلق: ماذا حدث يا حنين... ما بك.... أجيبيني أرجوك...
لم تكن حنين تسمع كل ما قاله هشام لكنها كانت تستعرض ذكرياتها وكانت تمر عليها كشريط سينمائي لحظة بلحظة عندما كانت عائلتها مجموعة ولحظات السعادة والفرح وكيف انقلبت حياتهم في لحظة فقط رأسا على عقب. ثم بعد ذلك فقدتالوعي و حملها هشام بسرعة الى أقرب غرفة ونادى على الممرضة.
***
غابة خالية مليئة بالأشواك وصوت أنين قادم من بعيد وحدته ترتفع شيئا فشيئا...من جهة أخرى حديقة زاهية فيها فتاة صغيرة تلعب وتجري وتنشد وتضحك ووالداها جالسين يراقبانها ويستمتعان بمشاهدتها. فجأة تسقط الفتاة وتتألم وتبكي لكن لم يأتي أي أحد لها ونظرت الى حيث كانا والديها جالسين لكنها لم تجدهما. التفتت حولها في جميع الإتجاهات وهي تنادي وتصرخ ببكاء: ماما...بابا....أين أنتما...لاتتركاتي وحيدة....ماما... بابا..إنني أتألم...أرجوكما اظهرا ولاتتركاني إني خائفة .
نهضت الطفلة بصعوبة وبدأت تسير بمشقة وهي تبحث وتكمل نداءها لكن لا أخد يجيبها ولا أحد يوجد في أية ناحية... تسير وتبحث ثم فجأة جاءت غمامة شديدة السواد أضفت لونا رماديا على الحديقة و صوت رعد مدوي وبرق يخطف الأبصار. لم تستطع الفتاة المقاومة فخوفها يزيد ويزيد وكلما سمعت صوت الرعد تحس أن قلبها وقف عن الخفقان ولم تكف أبدا على المناظاة على والديها اللذان تركاها لوحدها... فجأة وبينما هي تسير رأت فتاة جالسة تبكي كذلك ووجهها لا يظهر اذ كان رأسها مدفونا بين قدميها.. توقفت الطفلة وقالت وصوتها يملؤه البكاء: أرجوك ساعديني.... الم تري والدي... أنا أبحث عنهما ولم أجدهما
رفعت الفتاة وجهها و صمتت قليلا ثم قالت لها: أنا أيضا كنت أبحث عن والدي ولم أجدهما... قد تركاني في هذا العالم الموحش وغادرا...وأنت أيضا لا تبحثي فقد تركاك
لم تستوعب الطفلة ماقالته الفتاة وقالت ببراءة يملؤها الغضب: لا... لا يمكن...أبي لن يتركني.. وأمي لن تتركني...أنت تكذبين...
ابتسمت الفتاة بحزن وقالت وعيناها مغرورقتان بالدموع: أتمنى ذلك... فجأة سمعتا صوت أقدام آتية من جهة مظلمة وتقترب منهما...فقالت الطفلة ببراءة وعيناها تضحكان: أهذا أنت يا أبي... لقد كنت أبحث عنك... ثم توجهت وعانقته بحرارة... استغربت الفتاة الأخرى وقالت: أباك...إنه يشبه أبي أنا أيضا...لكنه يبدو فقط أصغر سنا...
نظرت الطفلة الى الفتاة وقالت لها: إن أبي هنا وقد أتى وسبأخذني معه وأكيد أن والدك سيأتي أيضا.
ذرفت الفتاة دمعة حارة ثم قالت لها: ما اسمك يا صغيرتي
ردة الطفلة: اسمي حنين وأنت
لم تستطع الفتاة الإجابة بل ظلت مصدومة لا تعرف ماذا يحدث ومسكت رأسها من شدة الألم ثم قالت بصوت متقطع: حنين...أنت حنين...وأنا حنين... ثم بدأت ترجع الفتاة رويدا رويدا الى الوراء فنادت عليها الطفلة: أين تذهبين...عودي...
نظر والد الطفلة لها و جلس أرضا ليكون قريبا من ابنته ثم احتضنها بشدة وقال لها: لا تقلقي ياابنتي أنا سأكون دائما بجانبك وسأكون دائما بقلبك..لكن لن تريني ولكن تذكري أني دائما بقلبك وأن والدك يحبك وفخور بك...
استغربت الطفلة وقالت له: لم تقول لي هذا يا أبي
رد وابتسامة تعلو شفتيه: يجب أن أذهب فمكاني ليس هنا يا صغيرتي... إذهبي واتبعي تلك الفتاة وابخثي عن أمك واعتني بها جيدا...لا تنسي أنني دائما في قلبك وأني سأظل فخورا بصغيرتي القوية حنين...
ظلت الفتاة تسير غير مصدقة لم يقع فجأت أحست بشخص ما يمسكها من ملابسها فرأت تلك الطفلة وقالت لها ببراءة: لم تسيرين في هذا الطريق...إنه مظلم...أنظري هناك...إنه مضيء ومليء بالنور...هيا بنا فأبي أخبرني أن أرافقك...فأنت من تعلمين أين أمي...
*****
عاد مراد الى حيث ترك حنين عندما ذهب ليحضر لها الماء لكنه لم يجد لها أثرا. فبدأ يبحث هنا وهناك وهو قلق بشدة عليها الى أن فتح غرفة ووجد فيها ملاك جالسة لوحدها تنظر من النافذة فقال لها بقلق: أنت أيضا هنا يا ملاك...ما بكما وأين حنين.. لقد اختفت ولم أجدها
نظرت ملاك الى مراد وقالت له: ما ذا تقصد... أحنين هنا أيضا.
مراد: أجل إنها هنا لكن لا أدري أين ذهبت الآن...
يتبع...

نار الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن