35

233 5 0
                                    

نار الحب 35
كانت حنين تتمشى وتفكر في كل ما حدث أمامها اليوم الى أن سمعت هشام ينادي عليها: حنين انتظري
توقفت حنين و انتظرت هشام الى أن لحقها ثم تمشيا الى أن وصلا الى حديقة عامة و جلسا . صمتا لمدة ثم قالت حنين: أتعلم قبل مدة كنت أظن أني الوحيدة التي تهاني من المشاكل.. وأني الوحيدة المعذبة لكن ما اكتشفته منذ مدة قصيرة و اليوم جعلني أتأكد أن لكل واحد مما همه. وهم كل واحد مختلف عن الآخر لكي يواسي بعضنا الآخر ويساعد بعضنا الآخر.
هشام: بالتأكيد ياحنين. فالمشاكل هي اختبار و لا حياة بدون مشاكل وصعوبات. فنحن فقط نخفي ما بنا لكي لا نؤثر على الآخرين.
حنين: معك حق.
صمت هشام قليلا ثم قال بحزن: أتعلمين يا حنين..أنا حقا لا أحب مراد بسبب ما فعله بي لكن تألمت بشدة لما سمعت ما حدث له  فهو بالرغم من ذلك لا يستحق كل هذا
حنين: أجل..لكن يا هشام لا أفهم لم تكرهان بعضكما وأنتما أبناء عمومة.
صمت هشام قليلا ثم نظر الى يده و قال: أنا لا أكره مراد تحديدا. أنا فقط مستاء منه بعدما طردني وشوه سمعتي بالشركة. و وددت أن أتحداه وأكسره كما فعل بي..ثم إني سأخبرك سرا
حنين: ماهو
هشام: مراد ليس ابن عمي
حنين باستغراب: كيف...
هشام: في الحقيقة أنا فقط طفل متبنى. وقد علمت هذا منذ سنتين.. حين كانت أمي.أقصد السيدة التي ربتني على فراش الموت..أخبرتني أني لست ابنهم..و أن أبي الذي رباني و الذي توفى منذ سنوات كان عقيما لا يلد...
اندهشت حنين لما سمعته من هشام و فتحت فمها من شدة الصدمة ثم قالت: كيف هذا.. وأين والديك...
هشام بألم: لا أعرف أي شيء..فعندما سألتها قالت لي أن أم مراد هي من أعطتني لها لتكفلني و تربيني وهي لا تعرف والدي ولا من أين أخذتني أم مراد.. لا تستطيعين أن تتخيلي يا حنين بم أحسست حينئذ فقد تشتت كليا و لم أعرف بم أصبت فأنا لا أعرف والدي ولم تخليا عني..ألهذه الدرجة كنت نذير شؤم ليتركاني لشخص غيرهما يربيني أم ماذا..أود فعلا لو أجدهما وأسألهما عن كل هذا..أود تفسيرا لأرضي ضميري فقط..فأنا لا أعلم لم ولداني إن لم يرغبا بي..
تألمت حنين لما قاله هشام فصمتت ولم تتحدث في حين أن هشام اغرورقت عيناه بالدموع ثم أضاف: لقد أصبحت سيئا جدا بعدما عرفت ماحدث..وأصبحت أفكر بشر ولا يهمني الا نفسي..لم أكن هكذا أبدا..لكني أصبحت فجأة قاسيا..
حنين: لا يا هشام..أنت طيب جدا ودائما ما تساعدني وتقف بجانبي..أنت لست سيئا البتة
هشام بانكسار: لا أعلم إن كنت ستحتفظين برأيك لو علمت ما فعلت بك.
حنين: ماذا تقصد
هشام بألم يتحدث تارة ويصمت أخرى: قبل مدة خرجت من المنزل وأنا متعصب جدا و أخذت سيارتي وقدت بسرعة ولم أنتبه حتى ظهرت أمامي سيارة أخرى. تلك السيارة أرادت أن تتحاشى الإصطدام بي فانحرفت عن المسار مما أدى الى وقوع حادث سير أليم..
لم أعرف بم أصبت تلك اللحظة فترجلت من سيارتي و ذهبت الى السيارة الأخرى بهلع فرأيت رجل و امرأة مصابان و الدماء تسيل منهما فطلبت بسرعة سيارة الإسعاف و نقلتهم الى مشفى الشاوي ....   حنين أتعلمين أن هذان الشخصان هما ..هما والديك..
صدمت حنين لم سمعته وظلت صامتة لم تنطق بحرف واحد فأردف هشام بألم أكبر: أنا السبب في وفاة أبيك وحال أمك..ءنا السبب..لو كنت منتبها تلك الليلة ما حدث كل هذا وما تألمت لهذه الدرجة وما وقعت كل هذه المشاكل لك..أنا آسف حقا يا حنين..آسف..
صمتت حنين لمدة طويلة ثم تماسكت وقالت: أجبني يا هشام..أأنت تساعدني لتخفف عنك ألم ما تسببت به
هشام: لا يا حنين فأنا لم أكن أعلم أنهما والديك..فعندما أتيت وسها الى المشفى أتيت لأراك أنت..ولم أعرف أنها والدتك حتى سألت الممرضة عن مصير الشخصان  حينها أخبرني وعلمت أن من تعرضا للحادث والديك..أنا آسف يا حنين و أنا مستعد لأي عقوبة.. وحتى إن لم ترغبي برؤيتي مجددا سأختفي من حياتك..لكن اعلمي أني لا يهنؤ لي بال كل ليلة بسبب ما حدث...
صمتت حنين وذرفت دموعا فنهض هشام مغادرا الا أن حنين قالت: لقد كان حادثا و كان كل شيء مقدرا..وأنا لن أعاقبك..صحيح أني ألومك في نفسي لأن لك جانب من المسؤولية فيما حدث..لكن لا بأس فأبي لن يعود حتى وإن غضبت عليك الآن فلا شيء سيعود كما كان لدا سأقنع نفسي أنه حادث ..لن أسامحك بسهولة لكن سأرغم نفسي على ذلك فقد قدر الله وما شاء فعل.
ظل هشام صامتا وكله ندم ثم قال: حنين..أنا فعلا لم أقصد وأنا آسف وأشكرك على تفهمك.
لم تجب حنين هشام ونهضت و تمشت في صمت في حين أن هشام جلس و بدأ يبكي في حسرة..
*****
صدم محمود بعدما سمعه من مراد و جلس في أقرب كرسي له ثم مسك بقلبه في ألم. قلق حسام عليه ثم توجه اليه وقال:ما بك يا سيد محمود أهناك ما يؤلمك
محمود: ألا يوجد ألم أكثر من أن ترى أحد أبنائك يحدثك هكذا..أنا طول حياتي لم أرغب الا في الأفضل لهم و عملت جاهدا على حمايتهم لكن أنت ترى الآن لقد ذهبوا وأنبوني على كل مافعلته لهم و الذي كان عن حسن نية مني.
صمت حسام ولم يجب فأضاف محمود: أنا المخطئ لأني أحببتهم بشدة حتى أني آذيت العديد من الناس من أجل سعادتهم و هنائهم.. لكن لا يوجدمن يفهم الأب ولن يحسوا بي حتى يصبحوا آباء مثلي.. لن يحسوا.. أأخطأت أنا بشيء يا حسام قل لي
حسام: أنت أب و كل أب يود الأفضل لأبنائه..لكن المشكلة أنك آذيت العديد من الناس واستغلبت نفوذك وسلطتك لتسعد أبناءك وتؤذي كل من يقف في طريقهم ونسيت أن الله لا يحب الظلم لأي سبب كان..فأنت يا سيدي واسمح لي أن أقولها..لم يهمك سوى ابنائك و فعلت المستحيل لسعادتهم ختى بو كان على حساب غيرهم و هذا خطأ. فعلى المؤمن أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
صمت محمود ثم قال بندم: معك حق يا بني..معك حق..
****
في الليل كل شخص كان بغرفته بالفندق. كل واحد مهموم و يستعرض ذكرياته و آلامه. الكل يذرف دموعا ندما وحسرة على الماضي الذي رحل بكل أخطائه و الذي أخذ معه الكثير من الأشياء و رحل معه أحباء. حنين في غرفتها تتذكر والدها وحياتها قبلا أما مراد فظل مهموما يتألم لما فعله به والده و صديقه المقرب . أما نرمين فكانت جالسة تنظر الى صور والدتها التي توفيت و تبكي بحسرة..أنا حسام فكان في الشرفة نادما على أخطائه و على مافعله ومحمود جالسا في الظلام بيفكر فيما قاله مراد له وستذكر ما فعله من سوء مع نرمين و مع كل شخص آخر..وهشام كان ينظر في الفراغ و عقله وتفكيره مشوش.. كانت قلوب الكل تعزف أوتار الألم والفراق والحزن وتحكي عن النار التي تسبب فيها الحب.. لم ينم أحدهم تلك الليلة ولم يغمض لهم جفن حتى الصباح و اتجهو كلهم الى المطار من دون أن يرى أو يحدث أحدهم الآخر.
*****
استيقظت فاتن ووجدت نفسها نائمة على كرسي في بيت ملاك وتذكرت أنها ظلت طوال الليل في ذلك المنزل الذي بالرغم من بساطته الا أنها أحست فيه براحة كبيرة. استردت وعيها ثم أخذت هاتفها واتصلت برامز و طلبت رؤيته لأمر مهم بعد ساعة. بعدها توجهت فاتن الى منزل حسام و طرقت الباب ففتحت ملاك ثم قالت: إذا أردت رؤية حسام فهو غير موجود
فاتن: لاأنا أود رؤيتك أنت
ملاك بصدمة: لكن كيف علمت أني هنا
فاتن: لأني من اتصل بحسام وأخبره أن يأتي وياخذك فلم أرد أن تبقيا بالشارع وأمك مريضة.
فوجئت ملاك ولم ترد ثم قالت فاتن: ملاك أود أن أتحدث معك هلا دخلت
ملاك : حسنا تفضلي
دخلت فاتن الى المنزل وأغلقت ملاك الباب . وقفت فاتن ثم أخذت مفاتيح من حقيبتها وسلمتها الى ملاك وقالت: قبلا فأنانيتي وأموالي هي من أعمت عيني أرجو أن تقبلي اعتذاري وتقبلي هذا البيت كهدية مني
صدمت ملاك بشدة لما سمعته ثم ابتسمت وقالت:أنت طيبة يا فاتن..و تستحقين كل خير لكن لا أستطيع أن أقبل هدية بذلك الحجم بالرغم من أنه بيتي ومليء بذكرياتي
فاتن: صدقت إنه بيتك وبه ذكرياتك وطفولتك لدا إنه حقك في الأصل..أن فقط كنت طالطريق لتحصلي على حقك.اقبنلي ولا تعاندي أرجوك
ملاك: حسنا موافهقة يا فاتن..ثم توجهت ملاك وأمسكت المفاتيح ثم عانقت فاتن بشدة و غادرت فاتن متجهة الى رامز.

نار الحبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن