نار الحب 29
توجه مراد و حنين الى أقرب حديقة للشركة و جلسا ثم خيم صمت رهيب قبل أن يبدأ مراد بالحديث بنبرة تملؤها الخيبة والحزن و المعاناة:منذ عشر سنوات كنت في الجامعة و كنت فتى مغرور جدا و لعوب. جميع فتيات الجامعة كن يحبنني ويتحدثن معي سواء لجاذبيتي أو لأني وريث عائلة الشاوي. كن جميعهم تقريبا يخرجون معي مقابل المال و كنت فتى وسخ الى حد كببر. كل يوم سهرات وملاهي ليلية و فقط أضيع المال و أشتري كل شيء لقاءه. في سنتي الأخيرة كنت مستهترا جدا في دراستي فكررت العام و عند الدخول الجامعي ،كنت قادما بسرعة بسيارتي الى الجامعة ولم أنتبه لفتاة كانت تعبر الشارع حينها و صدمتها. ارتجلت من سيارتي و ذهبت لها و كانت تقريبا فاقدة الوعي فقط لأن الإصطدام لم يكن شديدا. بعد مدة وجيزة استيقظت ثم سألتها إن كانت بخير فلم تجب اﻻ أنها نهضت بمشقة و غادرت فتبعتها و قدمت لها بعض المال كدليل على اعتذاري. وأتذكر أنها نظرت لي بشدة ثم قالت لي : ليس كل شيء ستستطيع شراءه بالمال و فكلمة اعتذار فقط تكفي فخذ كالك واعطه لمن يحتاجه و في المرة القادمة جرب أن تقول عذرا قبل أن تفتح محفظة نقودك . ثم ذهبت وتركتني مصدوما من إجابتها تلك. عدت الى المنزل وكنت أفكر فيها كثيرا فهي المرة الأولى التي يرفض فيها أحدهم المال. في اليوم التالي دخلت محاضرات صف آخر لتعويض احدى الحصص و عندما جلست صدمت عندما رأيتها آتية رفقة صديقاتها فلن تتصوري مقدار السعادة التي أحسست بها لرؤيتها. المهم بدأت أتقرب منها وأحببتها فكانت تلك المرة الأولى التي أحب فيها فتاة بالرغم من كثرة العلاقات التي مررت بها . ومن شدة حبها توقفت عن الذهاب للملهى وعن كثير من الأشياء السيئة فأحسست أنها المرة الأولى التي يحبني فيها أحدهم لشخصي وليس لمالي. وكنت أنوي الزواج بها فور تخرجنا من الجامعة و أخبرت أبي بذلك. فبدا مترددا في البداية لأنهامن عائلة فقيرة كما قال ولا نتناسب مستوانا الإجتماعي لكنه فجأة وافق في الأخير ولم أكن أعلم كيف لكن لم يهمني الأمر فقد كانت فرحتي أكبر بكثير.و قبل زواجنا بليلة فقط ذهبت رفقة صديقي حسام الى ملهى للإحتفال بيومي الأخير في العزوبية و كنت أتمنى لو أني لم أذهب قط.. صمت مراد لفترة ثم أردف بحزن شديد:لقد وجدتها.. وجدت نرمين رفقة شاب آخر و سمعتها تقول له : لا تقلق سأتزوج به فقط من أجل أن أستولي على ثروته فمراد أصبح أعمى بحبي ولن يرفض لي أي طلب لدا ابق مطمإن ثم ضحكا باستهزاء. بعد سماع هذا من نرمين لن تتصوري ردة فعلي فما ظننتها في يوم من الأيام ستخفي وجها شريرا وراء براءة وجهها الطفولي الذي كانت تظهره. دخلت حينها في أزمة نفسية شديدة وكرهت جميع الفتيات و لم أدخل في أية علاقة عاطفية بعدها. حتى أني قررت الإنتقام منها إلا أني وجدت أنها توفيت بحادث سيارة مما زاد من حرقة قلبي حتى على عدم القدرة على الثأر منها وعندما صدمتك ذلك اليوم بالسيارة لما رأيتك تذكرتها وأردت أن أنتقم منها بشدة على ما فعلته بي لذا لم أكن قد اعتبرتك حنين في عقلي الباطني بل حسبتك نرمين لذا أخذت أختك ظننا مني أني سأحرق قلب نرمين كما فعلت بي لكن تراجعت بعد أن استرجعت وعيي. أفهمت الآن لم حدث كل هذا. صحيح الذنب ليس ذنبك لأنك تشبهينها لكن هذا ما حدث.
صمتت حنين ولم تستطع الرد ثم أخذت حقيبتها و كادت تغادر الا أن مراد أوقفها وقال لها : نا بك لا تجيببن
ردت حنين بنبرة مخنوقة: قد تفهمتك الآن. لذا لا تقلق.
ثم غادرت حنين و عيناها ممتلئتان بالدموع و هي تتذكر كل المواقف التي جرت بينها و بين مراد و عند دفاعه عنها ووقوفه بجانبها بالرغم من أنها كانت تؤنبه فقالت وهي تؤنب نفسها : ما بي أبكي الآن. فأنا أكيد أني لا أحبه لكن لم تألمت عندما أخبرني أنني فقط شبيه من كان يحبها وواضح أنه يفعل هذا معي فقط لأني أذكره بحبيبته فواضح من نبرة صوته أنه يود لو كانت هنا وأكيد أنه كان سيسامحها. توقفت حنين للحظة ثم كسحت دموعها وقالت : كفى يا حنين كفى. ماكان يجب عليك أن تحلمي بأي شيء فانسي كل شيء وعامليه بطريقة عادية.
******حل صباح يوم تالي و استعدت ملاك وحنين لإخراج نهلة من المشفى والذهاب بها الى المنزل. ودعت ملاك حسام وشكرته على جهوده ثم ذهبوا الى بيتهم. وبعد ذلك غادرت حنين الى عملها تاركة ملاك ونهلة في البيت.
عند وصول حنين الى العمل لم تود لقاء مراد الا أنها كانت تكره نفسها على ذلك و عاملته بجمود شديد مما أثار استغراب مراد فنادى عليها وقال لها: ما بك يا حنين لم تعامليني هكذا بهذا البرود
ردت حنين و هي تتحاشى النظر الى وجهه: لا شيء سيدي أنا فقط هنا للقيام بعملي
استغرب مراد من رد حنين و قال لها: حسنا يا آنسة حنين.
على كل استعدي فلنا رحلة عمل غدا إن شاء الله لثلاث أيام
حنين: ماذا.. أي رحلة عمل
مراد: رحلة من أجل المناقصة التي فقدناها قبل أيام و ستذهبين معي
حنين: فهمت سيدي حسنا.
ثم غادرت حنين وقاب مراد في نفسه: ما بها لم تغيرت فجأة و أصبحت هكذا.
*****
كانت ملاك تذاكر الى أن سمعت طرق بالباب فنهضت وفتحت الباب ووجدت رجلا يبدو عليه الثراء فقالت: نعم سيدي.
محمود: أهذا بيت السيدة نهلة
ملاك: نعم ما الأمر سيدي
محمود: أنا من معارفها وأود رؤيتها إن كانت بالبيت والتحدث معها
ملاك: أجل هي موجودة لكن..
محمود: حسنا هل لي بالدخول
ملاك: أجل سيدي تفضل ولكن أخشى أنك لن تستطيع الحديث معها
استغرب محمود الا أنه قال لملاك: حسنا أرشديني أين هي
أرشدت ملاك محمود وأدخلته الى غرفة نهلة التي كانت مستلقية ولا تحدث أية حركة.
دخل محمود و صدم لما رأى نهلة بتلك الحالة فقالت له ملاك: هاهي أمي يا سيدي لكن كما أخبرتك فأمي لن تستطيع الحديث معك لأنها أصيبت بشلل كلي
قال محمود باستغراب: شلل
ملاك: أجل يا سيدي
ظلت نهلة تنظر فقط الى محمود في حين أن محمود أخبر ملاك أن تتركهم لوحدهم. نظرت ملاك الى نهلة و قرأت عبارات التأكيد على وجهها ثم غادرت ملاك و أغلقت الغرفة وتوجهت لإكمال مذاكرتها.
اقترب محمود من نهلة التي التمعت عيناها بالدموع و أمسك يدها و بدأ يذرف دموعا ثم قال لها: آسف يا نهلة على كل ما حدث أنا جد آسف. لكن لم يكن ذلك بيدي فأنا لم أرد ذلك. ثم صمت قليلا وأردف: لا أعلم كيف أصبحت على هذا الحال. لكن أقسم لك أني بحثت مطولا عنك لكن لم أجدك.بالرغم من أنك لن تتحدثي إلا أني أود أن أخبرك أن لا تخافي عن ابننا فقد اعتنيت به كثيرا و أنا أود منك أن تسامحيني كثيرا على ابعاد ابنك عنك . أرجوك سامحيني يا نهلة و قد أحضرت صورة ابننا تفضلي و انظري. هاهو لقد أصبح شابا يافعا. نظرت نهلة للصورة و ذرفت عيناها الدموع بشدة و كذا محمود ظل يبكي ثم قدم الصورة لنهلة و قال لها : سأترك لك هذه و أرجوك سامحيني يا نهلة فأنا لم يكن بيدي فعل أي شيء. ثم غادر محمود بسرعة و أغلق الباب حتى أن ملاك لم تنتبه له متى غادر فقط سمعت صوت صفق الباب.
أنت تقرأ
نار الحب
Romanceرواية نار الحب عندما تفقد أعز الأشخاص في هذه الدنيا عندما تظل وحيدا في مواجهة الذئاب عندما تفرض عليك الحياة أن تظل قويا ولا تستسلم عندما يظل الماضي يتبعنا و نحاول أن نهرب منه لكن دون جدوى عندما يكون الحب مرادفا للضعف ونحاول أن نهرب منه لكن يظل يت...