فجأة،وبدون سابق إنذار.تعالى صوت رنين جرس الباب ليتردد صداه بزوايا البيت الذي كان مؤثتا بذوق،ومكونا من طابقين،والكائن بأحد الأحياء الشعبية بمدينة الدار البيضاء،فسارعت نحوه إحدى الخادمتين لفتحه،وإسمها زهرة،وهي شابة في السادسة،والعشرين من عمرها،وهي فتاةمن البادية كانت قد تركتها،وأتت إلى المدينة الغول باحثة عن عمل لإعالة نفسها،و مساعدة والديها،فكان لها ذلك،فهاهي الأن حصلت على عمل،ومرتاحة فيه،كما انها تسكن بالبيت الذي هي تعمل فيه،وفي منتصف طريقها إليه.كانت قد إلتقت البتول التي كانت قد شدت ذراعها بلطف مانعة تقدمها نحوه، وصرفتها بلباقة مشيرة لها بالعودة إلى عملها،قائلة لها بأنها هي التي من ستتولى بنفسها مهمة فتحه،وهذا ماكان،فتحركت هذه الأخيرة بإتجاهه،وهي تتأفف بإنزعاج لظنها أن من كان يقرعه لحظتها هو ذاك الشاب السمج نفسه الذي كان قد جاء قبلا،ولأكثر من مرة للسؤال عن السيدة سعاد،يود لقائها والتحدث إليها،ولكن وللأسف،فهو لم يتمكن،لأنه تعذر عليه ذلك،والواضح بأنه قدعاد مرة أخرى للسبب نفسه،وهذا ماكانت تحدث به نفسها،وهي في طريقها إليه،وهي تجهل بأن ماكانت تظنه لم يكن مصيبا،ولم يكن بمحله،وهذا ما إكتشفته فور فتحها للباب بحركة فجائية،وسريعة لتجد نفسها تقف قبالة شاب تراه لأول مرة،والذي كان ينتحي جانبا وموليا ظهره لها،فحاولت ان تلفت إنتباهه إليها،وفعلا نجحت بمحاولتها تلك،لأنه إستدار بجسده ناحيتها،وهو يبتسم لها محييا،فلاحظت وسامته،وأناقة مظهره الذي كان جذابا،وهي تردعليه التحية،ثم أخذت تنتظر بصمت الذي سيخبرها به،فرأته يخلع النظارات الشمسية التي كانت أنيقة،والباهضة الثمن التي كان يرتديها لحماية عينيه من أشعة الشمس،وهو يسألها بلباقة إن كان بإستطاعته لقاء السيدة سعاد،والتحدث معها بعدما عرفها عن نفسه،وبأن إسمه ايوب،وبانه من معارفها هي وإبنها البكر فؤاد،وسعد،فنظرت إليه مباشرة،وبإستغراب وهي مشدوهة،و متوجسة،بينما كان هو قد لاحظ كل التعابير التي كانت تظهر تباعا على ملامح وجهها الذي كان بشوشا فور سماعها الكلام الذي كان قد قاله،وهنا سمعها تسأله متعجبة:
- ماذا؟!!........أولهذا أتيت ياسيد أيوب؟!!.....أولهذا السبب أنت هنا......؟!!
-محقة!والأن أيمكنك إخبارها بالذي طلبته منك توا....... لوسمحت!،ولكن مهلا.... لقد نسيت أن أسالك ما إسمك..
- إسمي البتول........وردا على الذي طلبته،للأسف ياسيد أيوب لن يكون هذا ممكنا.....
-ولماذا.......؟!!هل من مانع؟!!!.....هل لي أن أعرف سبب إستحالته.......؟!!
-تريد أن تعرف......؟!!
-لهذا أنا سألتك....... ؟!!!
-حسنا ياسيد أيوب.......... لأن السيدة ......... التي انت أتيت من أجلها....
-مابها؟!!!مابها السيدة سعاد؟!!!
- لاشيء،هي بخير............ولكنها ليست متواجدة بالبيت فمنذ أن غادرته لم تعد حتى الأن........
-ألديك فكرة عن موعد عودتها.........؟!!
-لا،لا فكرة لدي .....لذا أنا أقترح أن.......
و هنا لاذت البتول بصمتها فجأة عندما تنبهت إلى أنه لم يكن مصغيا للكلام الذي كانت تقوله له،وأنه شاردا ببصره،وبأفكاره،وفاغرا فاهه،مذهولا،متسمرا مكانه،وهو ينظر من فوق كتفيها بإتجاه الداخل،فأثار تصرفه هذا إستغرابها،وفضولها مما جعلها تستدير بخفة،وهي تقف مكانها ملقية نظرة خاطفة من فوق كتفها بنفس الإتجاه إلى حيث كان ناظرا،لتتفاجأ برؤية بطلةروايتنا الجميلة الحسناء الفاتنة حياة،وهي تتحدث هاتفيا،وقد بدت لها رائعة،ومتألقة،وجذابة جدا،وهنا،وبسرعة عادت البتول ملتفتة إليه،وهي مشدوهة،لتجده لايزال على حاله كما تركته محلقا بعالم الأحلام خاصته،فنبهته من شروده معيدة إياه الى ارض الواقع،ليواجه عيناها المحدقتان به بشك،وريبة،وبغموض،وبتساؤل عن الذي كان يصير معه،والذي كان هو نفسه يجهله تماما،فمنذ اول لحظة وقعت عينيه الإثنتان على تلك الحورية الفاتنة،و التي لفتت إنتباهه،وشدته إليها بقوة،فما كان منه إلا الإبتسام ببلاهة.بينما كانت البتول تسأله:
-ماالخطب سيد أيوب........؟!!ماذا هناك........؟!!
-مامن شيء بتول .....ما من شيء ..... !
-أمتأكد؟!
-متأكد......متأكد
-حسنا ياسيد أيوب.........،والأن؟!!
- وهنا قاطعها،وهو يسألها دهشا:
-،والأن........؟!!!!والأن ماذا.......؟!!
-أظنك هنا...... من أجل سيدة سعاد........وهذا الذي سبق سبق،وقلته أليس كذلك.......؟!
-أجل ،هذا الذي قلته......
-حسنا،وهي توا ليست بالبيت،لذا أقترح عليك أن تغادر الأن،وتعود لاحقا لرؤيتها،كما يمكنك ان تترك لها رسالة شفهية،وأنا سأتولى بنفسي مهمة توصيلها لها،فمارأيك؟
-بصراحة ؟!لاأدري.......،ولكن علي ان أذهب الأن،وسأعود لاحقا لرؤيتها،ولأتحدث إليها،........وقبل أن أنسى أتمنى أن تخبريها بمجيئي،وبأني وفيت بوعدي لها،وهذا هو..... المطلوب منك إيصاله لها........
- مهلا،مهلا ياسيد أيوب،فانا لم أفهم........أي وعد؟!
هنا تجاهل أيوب سؤالها،وتابع قائلا لها:
-ولن تفهمي،لذا،فلاداعي لأن تسألي.......المهم ان تخبريها بالذي قلته لك توا،وأعتذر إن كنت قد أزعجتك.....
-مامن إزعاج....
بينما البتول تحدثت إليه،كان هو قد راح في واد آخر تاركا إياها تكلم نفسها،وراح يتساءل سره عن هوية تلك الفاتنة الحسناء الصغيرة التي شغلته،وتفكيره بها،وشدته إليها بقوة هو نفسه إستغربها،وهنا خطرت له فكرة،وهي سؤال تلك الواقفة أمامه عنها إلا أنه سرعان ما تراجع مترددا،بعدما كاد فعلها،ولكنه خشي أن يسئ فهمه،ولهذا ظل لائذا بصمته إلى أن إنسحب مذعنا لإرادة البتول وهو يرتدي نظاراته التي كان يضعها على عينيه،وهو يتحرك متجها إلى حيث كان تاركا سيارته الفارهة مركونة،وما إن وصل إليها،حتى فتح بابها ،وصعد إليها ليجلس خلف مقودها مادا يده ليشغل محركها قبل أن يعاود إغلاقه ثانية،منطلقا نحو وجهته التي لا يعرفها إلا هو وحده.....
وفي هذه الأثناء كانت البتول قد إرتدت إلى الداخل
وأوصدت الباب خلفها بإحكام،وإستدارت،وهي تحدث
نفسها بصوت مسموع:،
-يارب.......ليثني أفهم هذا الذي حصل،والذي يحصل.....؟ أشعر بأنه ثمة شيء ؟!!.......أكاد أجن.......
وهنا تناهى إليها صوت تعرفه،كان صوت صغيرتها حياة التي صادفتها،وهي في طريقها عائدة للجلوس بمكانها المعتاد بزاوية الردهة التي كانت مفروشة،فضمتها إليها بذراعيها من الخلف مسندة رأسها على كتفها متسائلة:
-مابك عزيزتي بتول؟!!ما الذي دهاك.......؟!!!أراك تكلمين نفسك، ماالخطب........؟!!
هنا إقتربت البتول منها أكثر،وهي تدير وجهها تجاهها وهي تنظر إليها،وفي نفس الوقت تجيبها على سؤالها قائلة:
-بصراحة حياة؟!! فعلا ليثني أعرف هذا الذي يجري......
-لم أفهم بتول.....ماذا هناك..... ؟!!!!
-وأنا أيضا لا أفهم هذا الذي يصير......ولكن ما أنا متأكدة منه هو أنه ثمة شيء......حدسي ينبئني بهذا......
- حسنا بتول،فلتخبريني............ مع من كنت تتحدثين عند الباب ؟!!
-اتحدث مع شاب.........
- شاب؟!!اهو الشاب نفسه.....؟!!!!
-لا،لم يكن هو.......... أراك متفاجئة؟!!!
- لم يكن هو؟!!!!!..........ومن كان؟!!
-بصراحة.........!!!أنا لأول مرة أراه،وكل الذي عرفته منه أن إسمه أيوب....وانه احد معارف السيدة سعاد،وإبنها فؤاد.......
-حسنا،والسيد ايوب هذا........؟!!وماالذي جاء به؟!!! ماذا كان يريد؟!!
-ولم،برأيك؟!!
- أولهذا أتى.........؟!!!أولهذا كان هو هنا؟!!من أجلها.......؟!
-هذا ما قاله.....
-و فيما كان يريدها؟!!
- كان يود لقائها،والتحدث معها إلا أنه لم يتمكن.......،لأنه تعذر عليه ذلك......
-هل ان اعرف بم أجبته عندما سألك عنها؟!!!
-بالذي نعرفه أنا،وأنت............والأن سأدعك لأعود للذي
ينتظرني.....
وهمت البتول بتركها،ولكنها توقفت فجاة عندما سمعتها
وهي تسألها:
-مهلا ،مهلا لحظة بتول؟!!أتعرفين شيئا لا أعرفه؟!!!
وهنا وجهت البتول عينيها،لتنظر إليها مباشرة،واجابتها:
-لا،لاأعرف شيئا....
وإنسحبت البتول بعد الذي كانت قد قالته لها متوجهة بإتجاه المطبخ،وأمابطلتنا حياة،فجلست مكانها بتوجس وهي ملتقطة ذاك الكتاب الذي كانت تقرأ فيه لإنهائه،إلا أنها سرعان ماأحست بأنها فقدت رغبتها بذلك،فطوته ثانية،ونحته جانبا،ثم مدت يدها لتلتقط وسادة،وضمتها إليها متسائلة في سرها عن الذي يصير،وعن الذي كانت البتول تقصده بكلامها،فهي بدت لها مصرة على ماكانت تقوله، وبأنها متأكدة بأنه ثمة شئ فعلا،فتوجست،وهنا حدثتها نفسها بأنه يتوجب عليها بأن تكون حذرة جدا، ومستعدة لتواجه ماهو آت،وتتوقع الأسوأ،لتستطيع أن تحمي نفسها من شر،وغدر زوجة والدها السيدة وإبنها البكر،وفجأة هاجمتها مشاعر أخافتها،وأربكتها،فحاولت كبتها بجهد كان مضاعفا،وهي تذكر نفسها بحقيقتهما البشعة،وماهما قادران عليه،وهذا الذي لطالما أخافها،بل أرعبها،وبشدة ولايزال،فهما من الأسوأ الأشخاص الذين دخلوا حياتها،و منذ أول دخولهما،وهي لم تسلم منهما ومن خبثهما،ومن شرهما........
أنت تقرأ
غدر
Romance💞من المعروف لكل منا طباعه وأحلامه،وطموحاته وإفكاره،ومن خلال فصول هاته الرواية المستوحاة من واقعنا المعاش ،سنعيش مع أبطالها تفاصيل أحداثها 💞