💞الفصل الخامس💞

537 8 9
                                    

-محق ياسيد ايوب،فالوقت يمر بسرعة.....
كان لوقع هاته المفاجأة عليه شديدا،و صاعقا،فإحتاج لثوان كي يستجمع قواه،ويتمالك نفسه،ومشاعره التي كانت قد أفلتت من سيطرته،وهو يراها آتية بإتجاههما هو،والبتول التي كانت توليها ظهرها،وقد بدت له متألقة
وسعيدةجدا،فإبتسم بحرارة،بينما البتول ترتد منسحبة بعدماهمست لها حياة في أذنها بضع كلمات،أما هو،فكان قد إلتفت نحوها،وهو يقول لها دهشا:
-ياإلهي؟!!أأنت هي...... ؟!!!من سيصدق هذا؟......!!!
-ماذا؟!!!لم أفهم........هلا أوضحت.......؟!!!!
-سأشرح لك......
صمت ايوب بغتة،وأحنى رأسه لثوان ملتقطا نفسا كان عميقا،وزفره بهدوء قبل أن يعاود رفعه نحوها مجددا وهو ينظر إليها متسائلا:
-أأنت التي رأيتها ......انت حقيقة؟!!!
وهنا قاطعته،وتقول:
-أنا؟!!أمتأكد؟!!!
-أجل أنسة حياة،أنت.............أنت من رأيتها منذ سنوات تقف كما تقفين أنت أمامي الأن..........
- ولكن أتعرفني؟!!!
- بصراحة...؟!!!لم أكن أعرفك قبلا حتى هاته اللحظة.....
- ولكن،لا أظننا إلتقينا قبلا،ولاحتى رأينا بعضنا البعض تعلم هذا..........؟!!!
- صحيح هذا!إنها المرة الأولى التي نلتقي بها،ولن تكون الأخيرة، هذا هو إحساسي......الذي لم يخذلني يوما......
- كيف تعرف إسمي؟!!!!مع أنك لا تعرفني كما قلت.....
- لم أعرفك شخصيا،ولكن ما سمعته عنك كثير،وأعترف
وأقر بأنه لم يفيك حقك....
-شكرا المجاملة........ ياسيد ايوب......
-يجب أن تعرفي بأني لست مجاملا،فما قلته هو حقيقة
فعلا،فالذي سمعته عنك لم يفيك حقك........فأنت بالفعل جميلة جدا...
-هلا أوضحت؟!!! بصراحة،فأنا لا،لم أفهم .........وماالذي سمعته؟!!وممن سمعته؟!!!
-ممن سمعته ؟!!!
-أجل،ممن ؟!!!
- من شقيق صديق لي.....
وهنا نظرت إليه دهشة،وبإستغراب،بينما،كان هو يحدق بملامح وجهها التي كانت فاتنة،وهو يتابع قائلا:
-هل لي أن أعرف لم أنت تبدين متفاجئة؟!!
-وشقيق صديقك هذا.....
-مابه؟!!!
-أيعرفني؟!!!
-أوتسألينني أنا عنه ؟!!!
-ألم تقل بأنه شقيق صديق لك ؟!!
-بلى،فهذا الذي قلته لك...
- هذا الشخص الذي أنت تتحدث عنه، أنا لا أعرفه....
-بلى،تعرفينه
-أأنت جاد.......؟!!!
-أتظنيني أمازحك؟!!!
-بصراحة ؟!!!لقد أثارت فضولي لأعرف من يكون شقيق صديقك هذا؟!!!! وماإسمه؟!!!!
- سبق،وأخبرتك بأنك تعرفينه........وتعرفينه مليا،كما هو يعرفك أيضا......
-إن كان كما قلت،فما علاقتي أنا به؟!!فلتخبرني من هو
ومن يكون؟!!!
فهم بالإجابة على أسئلتها،ولكنه،سرعان ما لاذ بصمته
عندما سمعها،وهي تعتذر منه متبسمة له،و ترتد،وهي تسارع للرد على الهاتف الذي تعالى فجأة صوت رنينه بإلحاح،وفي اللحظة نفسها كان أيوب قد تفاجأ بظهور البتول أمامه مرة أخرى متسائلة:
-أظن يا سيد أيوب بأنه مامن شيء يدعوك للبقاء هنا؟!!
سبق،وأخبرتني بأنك هنا من أجل السيدة سعاد،وليس من أجل حياة؟!!!هل لي أن أعرف ماالذي تريد الوصول
إليه بالضبط؟!!!
-الذي أريده هو التحدث مع حياة.............هذا كل  الذي أرغبه....!ثمة أشياء أود أن أعرفها منها .....
-ألا تظن بأنك تحدث معها بما يكفي....؟!!!
-لا ليس بعد.... كما أنها تريد إجابة لأسئلتها........
-أي أسئلة هاته؟!!!!!لم أفهم.....
-لقد سألتني عن كيفية معرفتي إسمها مع أني لا أعرفها شخصيا........
-وبم أجبتها؟!!!
-بالذي سبق وأخبرتك به......
-وماذا أيضا؟!!!
-بأني لم أكن أعرفها شخصيا............ولكني سمعت عنها  الكثير.......
-وماالذي سمعته،وممن؟!!!
- من شقيق صديق لي؟!!! يعرفها......
- يعرفها؟!!!!أمتأكد.......؟!!ومن يكون ؟!!!
‐ تعرفينه....فؤاد،سبق،وأخبرتك بهذا.....فانا صديق سعد
في هذه اللحظة كانت حياة تتقدم نحوهما لتقف،معهما ولكنهما لم ينتبها لها،فتصنمت متسمرة مكانها مصدومة ما إن سمعت بإسم فؤاد،و والدته السيدة سعاد  حتى تلاشى تألقها،وإشراقها اللذان كانا باديان عليها،وشحبت ملامحها بغتة،حتى أنها لم تلحظ بأن أيوب كان قد تنبه لها، ويراقبها متتبعا الذي كان يصير معها لحظة بلحظة وقد فاجأه مارأه بشدة،وبمعنى أدق صدمه التغيير الذي راه عليها،ولكنها سرعان ما تمالكت نفسها،وكبحت جماح إنفعالاتها المتباينة،لتبدو طبيعية،وكأن شيئا لم يكن،فهي كانت تعرف جيدا بأن هذان الشخصان كانا من أسوأ الأشخاص  الذين دخلوا حياتها التي إنقلبت رأسا على عقب،كان هذا قد حدث منذ أعوام مضت،وكانت بداية هذا الإنقلاب بموت والدتها الشابة الفجائي بعد إصابتها بمرض عضال،والذي لم يمهلها وقتا،وتلاه زواج والدها من زوجته الثانية بعد مرور بضعة أشهر،وكانت هذه الأخيرة قد أحالت حياتها جحيم لا يطاق منذ أول دخول لها البيت كعروس، لأبيها حينها كانت هي لاتزال صغيرة جدا بحاجة لحب،وحنان الأم اللذان كانت قد حرمت منهما،ولكن لم تجدهما عند زوجة والدها الثانية فهاته الأخيرة التي رفضت تماما منحهما إياها،فهي لم ترى فيها تلك الطفلة،بل رأت فيها الغريمة يتوجب عليها الخلاص منها، فمرت الأيام سريعا،وتلتها اسابيع،وشهور وأعوام،واليوم،فتلك الصغيرة صارت الأن فتاة شابة في مقتبل العمر،هي لم تتجاوز ربيعها السابع عشر،ومنحها خالقها جمالا أخاذا، خلوقة، كما أنها كانت متفوقة في دراستها،وتحلم بدخول الحرم الجامعي رغم  الضغوط التي كانت تتعرض لها،ولازالت ممارسة عليها،وكان كل من عرفها،ومن يعرفها يتمنى رضاها،وفجأة تنبهت من شرودها عند سماعها صوت أيوب الذي كان واقفا على مقربة منها،و ينظر لها مباشرة،لتواجه عيناه اللتان كانتا متبثتان عليها،و هو يسألها عما أصابها، بينما مدت هي يديها،وشدت ذراع البتول التي كانت قد إضطرت إلى للإنسحاب طالبة منها بصمت دعمها،ومساندتها،لتتمالك نفسها،مشاعرها،وهنا سمعته يقول لها متسائلا:
-ماالخطب؟!!أبك شيء ؟!!تبدين،وكأنك......
-أنا ....أنا بخير....
-لم تكذبين علي؟!!!أعرف بأنك لست كذلك.....
وهنا تدخلت التبول في الحديث قبل إبتعادها قائلة:
-وأما أنا يا سيد أيوب، فما سأقوله لك هو بأنك لم يعد لديك ماتفعله هنا،أنت هنا من أجل سيدة البيت،وهي لم تعد إلى الأن.....
-وما المطلوب مني،برأيك؟!!!
-أظنك تعلم الإجابة على سؤالك هذا.....والأن إلى اللقاء
وإنسحبت متوجهة إلى المطبخ،وفي هذه اللحظة كان رنين جهاز الهاتف قد تعالى فجأة،وبإلحاح،فكانت حياة قد تركت هي أيضا مكانها معتذرة،وسارعت نحوه للرد عليه،ودون أن تنطق حرفا،لأنها كانت تحت لاتزال تحت تأثير الصدمة التي تلقتها،فضغطت على نفسها أكثر،كي تبدو طبيعية،وكأن شيئا لم يكن،وحتى لا تشعر والدها الذي كان يتصل هاتفيا بالذي يصير معها،وفور وصولها إليه،كانت قدمدت يدهابسرعة بإتجاهه،لتلتقط السماعة
خاصته،ورفعتها لوضعها على أذنها قائلة:
-ألو؟!ألو أبي؟!!
- ألو حياة..... ؟!!!
وبعد التحية،ومحادثة وجيزة،قالت:
-أجل،أخبرتني البتول بأنك كنت ترغب بالحديث معي
وانك إضطررت لقطع الإتصال بعدما أخبرتها بمعاودة
المهاتفة لاحقا........
-صحيح،ولكن أخبريني أولا،هل عادت....؟!!!
-كلا أبي،فهي لم تعد بعد
-ومنذ متى؟!!!
- منذ مغادرتها.....أتريدها في شئ مهم؟!!!
-لا كنت أتسأل فقط،قبل أن أنسى أنا أود إخبارك بأني
راجع إلى البيت غدا مساءا
- أقلت،ستعود غدا مساءا.....؟!!
- أجل غدا مساءا،وسيكون معي ضيوفا،ولهذا أنا أتصل كي تستعدوا لإستقبالهم،تعرفين ما المطلوب منك فعله..
-فلتطمئن أبي...... سيكون كل شئ جاهزاكما تريده....
-اللهم لك الحمد،والشكر......لقد كبرت صغيرتي،وأصبح يعتمد عليها......
-إنها سنة الحياة أبي،فالصغير سيأتي عليه يوم سيكبر..
وأثناء تلك المحادثة الهاتفية. تملك والدها شعور مبهم وسيطر عليه،بأن صغيرته ليست بخير،وأنه ثمة خطب يصير معها.....فسألها قائلا:
-أخبريني حياة.....
-ماذا؟!!!
-فلتخبريني،ما الذي يحصل معك،أبك شيء........؟!!!مابك بنيتي .....؟!!!
-أنا؟!!
- أجل...... أجل أنت،فمن غيرك؟!!أأنت بخير؟!!!أجيبيني   وبصراحة........
-أنا بخير ....أبي!
- ألا تخفي عني شيئا........؟!!!!لاتشغلي بالي عليك........
-أنا لا أخفي شيئا.....وماالذي سأخفيه؟!!!
وهنا غالبتها دموعها الحبيسة،لتسيل بصمت على خديها فمسحتها بسرعة خاطفة ضاغطة على نفسها،ومشاعرها حتى لا تكشف أمامه،ويعلم بأنها تكذب عليه،وقالت له:
-فلتطمئن أبي،ولا تقلق علي،أنا بخير...
-وهذا ما أتمناه ياصغيرتي، وهو بأن تكوني بخير،والأن قبل أن أنسى....... أخبري سيدة البيت فور عودتها بأني إتصلت بها هاتفيا ،لأكثر من مرة،ولأني سأعاود مهاتفتها أتمنى أن ترد على إتصالي بها.........
-سأخبرها......أهناك شئ آخر؟!!!
-هذا كل شئ....،والأن،إلى اللقاء...
- إلى اللقاء أبي.......
بعد حديثها الهاتفي مع والدها،وضعت السماعة مكانها
وهي تحدث نفسها بصمت قائلة:
-آه،لو تعلم أبي... كم أنا بحاجتك الأن؟!!!
فسالت دموعها للمرة ثانية،فسارعت تجففها،وتتنفس بعمق،وإستدارت،إلا أنها لم تنتبه أن أيوب كان يراقبها بتأثر،ولشعوره بأنها تبكي،وتأكد له ذلك عندما لمحها تكفكف دموعها بحركة سريعة،بكلتا يديها،وهي تتحرك متوجهة إلى الحمام،دخلته،وهناك وقفت عند المغسل وهي ترى صورتها في المرأة،فلاحظت تورم عينيها، وإحمرارهما،فإنحنت،وهي تمد يديها نحو الصنبور،وبعد ان فتحته،وراحت تصفع وجهها بالماء البارد،وبعد ذلك إلتقطت المعلقة على المشجب،لتجفف يديها المبللتان ووجهها قبل أن تعيدها مكانها حيث كانت،ثم إعتدلت في وقفتها،وأخذت نفسا عميقا،وزفرته،وبعد ذلك،كانت قد تحركت تاركة مكانها بإتجاه بابه لتغادره متجهة إلى غرفتها ،وما إن دخلتها حتى ضمت نفسها بكلتا ذراعيها وجلست على طرف سريرها مناجية خالقها بصمت:
-يارب،مالي سواك،فأنت ملاذي،وملجأي............فكن معي ياربي..........ثمة شئ يحصل أنت أعلم به مني، يا رب أنا أرجوك......،بل أتوسلك أن تكون معي،فأنا بحاجتك،يارب ساعدني،حتى أستطيع تجاوز المجهول الذي ينتظرني ومواجهته......يارب أنا بحاجتك......
وهنا تكومت في سريرها ضامة جسدها بذراعيها،وما حصل يشغلها.......

غدرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن