كان أيوب يقود سيارته عبر طرقات المدينة،ومشاهد الذي حصل معه تشغله،وتشغل تفكيره ،وخاصة صورة تلك الحسناء التي شدته إليها،وبقوة،ليجد نفسه،ودون أن يشعر،بأنه قد وصل إلى مقصده،والذي كان هو البيت والكائن بشارع راق من أرقى شوارع المدينة،فأوقفها بمكان المخصص لها،وأطفأ المحرك خاصتها،وفتح بابها الذي كان محاذيا له قبل مد يده،ليلتقط حافظة أوراقه ومفاتيحه،وهاتفه ويترجل قبل إعادة إغلاقه مجددا،ثم تحرك متجها نحو باب مدخل البيت الذي كان عبارة عن فيلا،والتي كانت محاطة بحديقة متناسقة بشكل جميل ومكونة من طابقين،ومؤثتة بذوق،وبفخامة،وفوردخوله إليها،ومباشرة كان قد توجه إلى غرفة الجلوس،وهو في طريقه إليها،وأثناء تقدمه بإتجاهها صادف مرور إحدى الخادمتين،وبعد التحية،ومحادثة وجيزة جدا معها علم منها بوجود ضيوف غير مرغوب بهم،وخاصة بعدما علم هويتهم،وتأكد منها،فهو لطالما كان،ولازال يتحاشى اي لقاء بهم،ويتهرب من مجالستهم،ولايزال،ولكن ماكان قد زاد الطين بلة هو إكتشافه صدفة نواياهم الخبيثة التي يضمرونها له،ولكل أسرته،تخطيطهم الذكي للإستيلاء على كل الممتلكات خاصتهم،والأدهى من ذلك هوسعيهم وبإصرار لتزويجه من إحدى بناتهم،وفجأة وهو يتحرك مبتعدا،أشارلها بيده،وبإيماءة من راسه بنفي وجوده.إن هم سألوها عنه،فأذعنت لرغبته،وبخفة إرتدت متوجهة نحو المطبخ...........وأما هو،فقد تابع سيره ناحية غرفة الجلوس،وفور دخوله لها،وهناك خلع سترته ألقاها بها على الفراش،وأرخى ربطة عنقه بعض الشئ وهو يجلس نصف مستلق،و مستندا على وسائد،وعيناه شاخصتان في سقفها شاردا ببصره وبأفكاره في نقوشه التقليدية وكل تفكيره مشدود للذي صار معه أثناء زيارته للسيدة سعاد،فهو لم يكن يعلم بالذي سيصير معه هناك،والذي لم يكن متوقعا بالنسبة له،فصور ماحصل معه كانت تمر بمخيلته،وكأنها شريط سينمائي محاولا تحليله مليا لإستيعابه،وتحديد ماهية المشاعر التي إنتابته لحظتها والتي عجز عن فهمها لأنه لم يختبرها قبلا،ولذلك،فهو لم،ولايستطيع تسميتها،وهو على وضعه ذاك ،لم ينتبه لدخول شقيقه يوسف الذي كان يكبره ببضع سنوات،ولا لإقترابه،ليقف على بعد خطوات منه،متسائلا في نفسه بإستغراب،ودهشة عن الحاصل معه،وهو على حاله ذاك وهنا تأكد له بأن ثمة شيء ما صار معه،ويشغله لدرجة أنه لم يلحظ الذي يقع حوله،وبأنه موجودا معه بالغرفة نفسها،واقفا بقربه إلى أن نبهه لوجوده معه،فماكان من هذا الأخير إلا أن واجه نظراته التي فيها شك،و ريبة مستغربا،ومتسائلا بصمت،وهنا إعتدل أيوب في جلسته بشكل فجائي،وسريع معتذرا منه عن شروده،وهو ضاما وسادة بذراعه،ورفع عينيه إليه مرة ثانية،ليجده يجلس بقربه،وهو ايضا ضم إليه وسادة،بدأ يتحدث معه،وهو يسأله قائلا:
-مابك أيوب؟!!!
-أنا؟!!
-أجل أنت،ومن غيرك...؟!! لم تبدو غريبا........؟!!ماالذي دهاك....؟!! هل من خطب؟!!فلتخبرني..........
- ساخبرك بماذا؟!!!
-بالذي يصير معك.......
- فلتخبرني أولا.........أغادروا ام لازالوا هنا.......؟!!
-من؟!!من تقصد......؟!!!
-ومن برأيك ؟!!
-أتقصد الضيوف؟!!!.....أجل،لقد غادروا،ومنذ وقت...لم
تسأل.......؟!!!
-أخيرا!ليثني أفهم........ماالذي جاء بهم.......؟!!!!
-وما ادرني؟!!!فكل ما عرفته هو انهم كانوا ينتظرونك ويسألون عنك بإلحاح.........
- ماذا......؟!!!!هذا ما كان ينقصني.......
-دعنا منهم الأن،وأجب عن سؤالي،مالذي يحصل معك...
أانت بخير....؟!!!!
- اجل،بخير،انا بخير...............وما يحصل معي أنا أجهله
ولا أدري كنهه....
-واضح بأنه ثمة شيء او لنقول أشياء حصلت معك....... أظنها هي السبب فيما أنت فيه.........
-أستصدقني...... ؟!!!إن انا قلت لك باني فعلا أجهل الذي يصير معي......؟!!!
-عليك الإجابة على سؤالي هذا........؟!!أأنت بخير.....؟!!!
-كما ترى بعينيك......! ها أنا امامك.......كيف ابدو لك؟!!
-أقلت ما أراه.....؟!!ولكن ماأراه أنا لم،ولايعجبني،واضح بانه ثمة شيء يشغلك.........وهو سبب وراء ما أنت فيه وفي أنك هكذا...
-هكذا كيف؟!!
-تبدو غامضا،ومشوشا......؟!!
-فلتطمئن يوسف،فانا بخير،صدقني..............سبق،وقلت لك بأني بخير ،و ما من خطب......؟!!!
-أمتأكد؟!!
- متأكد،وكما ترى.........ها أنا واقف أمامك....
-ثمة شيء،أليس كذلك........؟!!!انا متأكد مما أقوله ايوب فلتصارحني.......
-حسنا،حسنا...... محق.........ثمة شيء....
- الم أقول لك ثمة شيء...... أرى ان تخميني كان بمحله فهات ماعندك......
- رأيتها...........لقد رأيتها؟!!!
-من؟!!!!! من التي رأيتها؟!!
-الفتاة.....
- فتاة........؟!!!!أي فتاة هاته......؟!!،ومن تكون..... ؟!!! أأعرفها؟!!!
-لا،لاتعرفها،وأنا مثلك،لإنها المرة الأولى التي اراها فيها كانت هذا اليوم.......
- قلت.........لأول مرة؟!!!........حسنا،وأين كان هذا........؟!!ومتى.......؟!!!
-منذ ساعة،ونصف تقريبا،ببيت السيدة سعاد.....
- السيدة سعاد.......؟!!!
-اجل السيدة سعاد........
-وماالذي أخذك إلى بيتها........ ؟!!!!ماالذي ذهب بك إلى هناك؟!
-هي طلبت ذلك عندما إلتقيتها منذ بضعة أيام،وألحت علي،فهي من كانت تريد رؤيتي،والتحدث معي،وتصر على ذلك....
-وهل تحدثما؟!!
-كلا لم نفعل......
-ولماذا ؟!!
-لأني لم أتمكن،فقد تعذر علي ذلك،حتى أني لم أرها....... لأنها لم تكن متواجدة بالبيت لحظتها......ولكن أتعرف؟!! سعدت جدا عندما علمت بغيابها.....
-ماذا.....؟!!!!وكيف هذا......؟!!!!
-لأني كنت محظوظا جدا،فلحظتها.......رأيت.......
وصمت فجأة لثوان قبل أن يتابع قائلا:
-لحظتها.......ماذا؟!!!!
- رأيتها.........لقد رأيت الفتاة..........
- التي أخبرتني عنها..........
-أجل........هي
-لكنك لم تخبرني من تكون.....؟!!
- بصراحة يوسف.......... انا لاأعرف هويتها......
- لاتعرف؟!!!...........ربما تكون إحدى قريباتها......
-لا ،لاأظن...........فهي ليست قريبتها.........
-إن لم تكن كذلك،فقد تكون إبنتها.....
-لاهذا،ولا ذاك.....
-وما يدريك؟!!ربما هي كذلك.....
-لا،فأنا أظنها إحدى قريبات حياة، او لربما تكون إحدى صديقاتها....
- ومن تكون حياة هاته؟!!!!
-هي إبنة زوجها السيد نجيب.........
-أتعيش معهما بالبيت نفسه؟!!!
-أجل.........فهو بيت والدها......
- حسنا،أتعلم ايوب........يتملكني إحساس قوي بأنها قد تكون هي حياة نفسها.....؟!!!
-لاأظن،فآخر مرة رأيتها فيها،كانت لاتزال طفلة صغيرة جدا........
-فلتخبرني،.........متى كان هذا؟!!!!لاتقل لي بأن هذا كان قبل سفرك إلى.....
وهنا قاطع أيوب شقيقه قائلا:
-محق بهذا الذي قلته،توا........فهذا فعلا الذي حصل قبل سفري إلى كندا.........
-برأيك.....؟!!!وبعد مرور كل هذه الأعوام ......ألاتظن بأن هاته الصغيرة قد كبرت،وصارت فتاة شابة في مقتبل العمر،ولها حياتها،وأحلامها كباقي قريناتها اللاتي هن في سنها،ولربما تكون هي الأن متزوجة،ولها أبناء.....
-قلت ،ليست هي......أنا متأكد......
-متأكد..........وكيف هذا؟!!!!
- ليست هي ......
-أراك مصرا؟!!!.........!!!!فلتصفها لي....
-ماذا؟!!!!
-فلتصفها لي....
-من؟!!!
-ومن برأيك؟!!!.........أهي جميلة؟!
-.مهلا،مهلا يا أخي........ أنسيت بأنك متزوج،وأب.....؟!!!
-لا،لم أنس.........ولتجيب على سؤالي........
-بصراحة.........؟!!!!لا أجد كلمات لوصفها.....
-ألا تبالغ بعض الشيء.....؟!!!!!
-صدقني يوسف ،فأنا فعلا لا أجد ما أقوله.........
-ليس لهذه الدرجة.......
- لأنك لم ترها،لوكنت رأيتها لعذرتني......
-مهلا،مهلا أيوب،فلتصارحني......أهو إعجاب أم حب من أول نظرة؟!
-لا هذا ولا ذاك........
- ولكن طريقة كلامك هاته تفضحك،وتدل على إنك.....
- أني ماذا؟!!!
- أنت من يملك الإجابة على سؤالك هذا.......
-انا فقط عبرت عن ما شعرت به فقط،لاأقل،ولا أكثر عندما رأتها عيناي،وهي تتحدث هاتفيا،فأنا فعلا لم أعد أدري ما أصابني،لقد إنتابني شعور قوي بالتلاشي،حتى أني فقدت إحساسي بمرور الوقت،وبالمكان الذي انا فيه متواجدا إلى أن نبهتني البتول لذلك.......
-حسنا،وماذا حصل بعدها؟!!
-لحظتها تملكتني مشاعر متباينة أجهلها،لم أعرفها قبلا إنها المرة الأولى التي إختبرت فيها مشاعر كهاته....اتعلم
يوسف؟!!! أني إلى الأن،لم،ولا أستطيع تحديد ماهيتها
وإستيعابها،وردا على سؤالك......يجب أن تعرف بأنه من
السابق لأوانه الحديث بهذا الموضوع، لذل دعنا لانستبق
الأمور.........
-أظنك قد وقعت،بل انا متأكد....وإنتهى الأمر......
-ماهذا الذي تقوله؟!!!
- أتراهن؟!!!!
-سبق،وقلت لك......
- وأنا أيضا أعرف،ومتأكد من الذي أقوله......
-كفاك مزاحا.....اعلم بأنك تمازحني كعادتك......
وسكت فجأة،ليلتقط نفسا عميقا،وزفره،ثم تابع قائلا:
- أتمازحني أليس كذلك......؟!!!!
- ومن قال لك هذا ايوب.............؟!!للأسف،فأنا جاد جدا تعرفني أ
وهنا ضحك هذا الأخير،يتابع قائلا:
-بالطبع أعرفك،فأنت شقيقي الأكبر.....والأن......
-ماذا.........؟!!!!يبدولي بأنك ستتهرب من إنهاء الحديث
لم يعقب أيوب على كلام شقيقه،فهو فعلا لايدري الذي كان سيقوله،ولهذا فضل أن يلوذ بالصمت،وفجأة إنتفض من مكانه واقفا،وملقيا نظرة إلى ساعة معصمه بعدما أزاح الوسادة التي كانت بين ذراعيه جانبا بشيء من الإنفعال.كان يوسف قد لاحظه،فسأله قائلا:
-مابالك،تنظر إلى الساعة؟!!!
-كما ترى،فأنا علي الذهاب الأن.........
-لاحظت هذا،ولكن إلى أين؟!!!!
-الأن انا مضطر للمغادرة،وفورا!!!!
-ولم العجلة؟!!!دعنا ننهي حديثنا أولا،وبعدها يمكنك.....
-أسف يا أخي........لن يكون هذا ممكنا الأن،لأني سأتأخر فلندعه لحين عودتي.........
-ذاهب،لترى تلك السيدة ،أم الفتاة.......؟!!!
-بصراحة؟!!!لرؤية الإثنان معا.....
-لم أفهم......
-إسمعني جيدا،دعني أذهب الأن،وعند عودتي،سأخبرك بكل ما سيصير معي.........وأتمنى بأن يظل هذا الحديث بيننا......
-حسنا!وستجدني منتظرا.......
أنت تقرأ
غدر
Roman d'amour💞من المعروف لكل منا طباعه وأحلامه،وطموحاته وإفكاره،ومن خلال فصول هاته الرواية المستوحاة من واقعنا المعاش ،سنعيش مع أبطالها تفاصيل أحداثها 💞