( 3 ) _ بذيئة ! _

49.7K 1K 80
                                    

( 3 )

_ بذيئة ! _

لقد كان نهارًا صعبًا منذ بدايته... كل شيء صعب و متعب

درجة الحرارة منخفضة جدًا و البرودة تخيّم على المدينة بأكملها، و رغم هذا كانت "فرح" تكد و تعمل بأقصى ما لديها من جهد لتدفئ جسمها الهزيل بالحركة المستمرة.. هنا ببيت المشغولات اليدوية، الخاص بإنتاج الفُرش و الدثائر المنزلية، و التابع لتلك السيدة الغليظة صاحبة الوجه العابس على الدوام ...

كانت كالعادة تقف فوق رؤوس الفتيات اللاتي يعملن خلف ماكينات الخياطة في صفوف متساوية

متى ترى إحداهن تتغافل عن العمل لحظة سهوًا أو عمدًا تطلق لسانها السليط فورًا و تمعن فيهن جميعًا إهانةً و تقريعًا بأسوأ بالألفاظ النابية مثلها تمامًا

و لولا أن "فرح" تحظى بمكانة خاصة قليلًا في هذا المكان كونها من أمهر و أذكى العاملات، لم تكن لتتجرأ على التوقف قبل إنهاء ما تفعله الآن، ثم تقوم و تمضي صوب غرفة التخزين بعد أن حصلت على إذن الرئيسة لتتلقى تلك المكالمة المُلحة ...

-نعم غادة ! .. ما الأمر أخبريني.. غادة لديّ عمل الآن.. لا تقلقيني ماذا حدث ؟ .. حسنًا.. سآتي حالًا !

و أغلقت مع "غادة" و هي تعود مسرعة إلى رئيستها ...

تمكنت من الحصول على الإذن بالذهاب بإختلاق كذبة بيضاء، أخبرتها بأن أمها المريضة قد زاد عليها التعب و يجب أن تذهب لتأخذها إلى المشفى بسرعة

و هكذا غادرت عملها و حملت نفسها بسيارة أجرة لتكون أمام المنزل في غضون دقائق معدودة ...

-ما الأمر غادة ؟ ماما بخير ؟؟؟؟ .. قالتها "فرح" عندما فتحت باب الشقة

و إندفعت لاهثة صوب صديقتها التي قنّعت وجهها بشيء من التحفظ الباعث على الغرابة ...

-إطمئني يا عزيزتي والدتك على أحسن ما يرام ! .. طمئنتها "غادة" بصوتها الحنون

لتزفر "فرح" بإرتياح ما لبث أن تحول إلى عاصفة هوجاء ...

-إذن لماذا حدثتني بهذه الطريقة على الهاتف ؟ لماذا جعلتني أترك العمل في منتصف اليوم هكذا ؟ ألا تعرفين كيف تتعامل السيدة تيسير مع العاملات في العادة ؟ لو آ ا ..

-إهدأي فرح. إهدأي من فضلك ! .. قاطعتها "غادة" بلهجة لطيفة لا تخلو من الحزم

لتلاحظ "فرح" أن صديقتها كانت تزجرها بنظرة تحذيرية غريبة منذ دخولها، و قبل أن تسألها ما بها بادرت الأخيرة و هي تقبض على كفها و تشد عليه :

-لم يكن من الملائم إخبارك بالأمر على الهاتف. كان يجب أن تآتي بسرعة لتستقبلي السيد هاشم بنفسك ! .. و أشارت بعينيها إلى شيء ما خلفها

عقدت "فرح" حاجبيها بشدة و هي تلتفت ورائها فورًا، لترى ذلك الرجل الجالس بالصالون يراقبها في صمت و هدوء شديدين.. حبست أنفاسها بصدمة بادئ الأمر، عندما أذهلتها رؤية ذاك الكائن الماثل أمامها !!!

كيف أقول لا ... للمبدعة مريم غريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن