( 29 )
_ الحق ! _
كان يجلس في شرفة غرفته، أسفل شمس الظهيرة، و كانت صغيرته تجلس على حضنه في منتهى الهدوء
كانت ممدة على صدره، ترفع وجهها الجميل و تتطلع إليه ببراءتها المحببة، تمد أناملها الضئيلة و تداعب شعيرات لحيته التي نمت كثيرًا بشكل ملحوظ
يبتسم الأب لها رغم ما فيه من هموم، يلتقط كفها الناعم و يقربه لفمه ليطبع عليه قبلته الحنونة، ثم يمسك بها و يعدلها ليضمها إلى صدره بقوة ...
كم هو بحاجة لحضن تلك الصغيرة.. لا يرتاح إلا معها، و ما من أحدٍ سواها قادرًا على مداواته، إبنته، طفلته الصغيرة.. الحب الوحيد الصادق بحياته.. و عمره كله ...
-سيد هاشم !
عبس "هاشم" عندما أتاه صوت إحدى المستخدمات من خلفه، ألقى نظرة عليها من فوق كتفه قائلًا بجفاف :
-ماذا هناك ؟!
-الدكتورة غادة جاءت و تطلب رؤيتك يا سيدي. قالت بأن بينكما موعد !
يقوم "هاشم" من مكانه قبل أن تتم الأخيرة جملتها، يسألها بصوت أجش و هو يحاوط "سيرين" بذراعيه :
-أين هيا الآن ؟
-لقد أجلستها بقاعة الإستقبال !
يتجه "هاشم" إلى هناك مباشرةً ...
كان البيت ساكن كعادته مؤخرًا، فلم يراه أحد و هو يلج إلى المضافة الصغيرة حيث تجلس "غادة" بإنتظاره.. وجدها بالفعل، فإتجه نحوها فورًا
ما إن رأته هي حتى قامت واقفة و هي تقول بلهجة متحفظة :
-سيد هاشم.. صباح الخير !
إكتفت بهذا و لم تمد له يدها للمصافحة حتى
لكنه تجاوز التحيات و قال بإقتضاب حاد و هو يقف مقابلها تفصل بينهما مسافة قدم واحدة :
-أعتقد بأنه لا داع للمقدمات دكتورة خاصةً و أن جلستنا هذه تأخرت لإسبوعًا كاملًا.. أما كنت تريدين إبلاغي بسر عن صديقتك المقربة ؟ بالمناسبة أين هي الآن ؟ ألا تعرفين مكانها أم أنك تأوي ريّان فقط بينما تخبئينها بمكانٍ يصعب الوصول إليه !
غادة بدهشة لا تخلو من التوتر :
-هل كنت تعرف بأن ريّان عندي طوال هذا الوقت ؟ كنت تعرف و آ ..
-تركته ! .. قاطعها "هاشم" بصلابة شديدة، و تابع بخشونة مخيفة :
-أجل كنت أعرف. و تركته لسببٍ واحد فقط.. ريثما أجد تلك الخائنة. إن هي إلا مسألة وقت و أكتشف طريقها. عندها سآتي بهما معًا إلى هنا. سأضعهما أسفل قدميّ و سوف يتمنيان الموت أمام العذاب الذي سأصبه عليهما صبًا !
أجفلت "غادة" بإرتباك قائلة :
-سيد هاشم. رجاءًا إسمعني.. أنت لا تفهم كل الحقيقة. فرح لم تـ آ ..