( 20 )
_ طال إنتظاري ! _
ما برحت الصغيرة تبكي بين يدي جدتها الحانقتين كوجهها العابس بشدة، كانت تنهرها لفظيًا بين الفينة و الأخرى أثناء إنشغالها بهندمة الفستان الذي أوصت عليه مخصوصًا لأجلها.. حتى تلبسه إياها الليلة، بزفاف أبيها الأسطوري.. بالواقع هي قد أوصت على إثنين آخرين لها و لإبنتها الشابة.. بنفس اللون... و بقصات مختلفة !!!
-اللعنة على هذا. قلت لك كفي عن البكاء أضجرتني ! .. قالتها "آسيا" بما يشبه الصراخ
ليزداد بكاء الصغيرة حرارةً و تنهمر دموعها الساخنة أكثر مغرقة وجهها الجميل.. و لحسن حظها تقتحم "چشم".. جدتها الثانية، الغرفة فجأة و تلج بإطلالتها البراقة الرصينة، حيث كانت ترتدي فستانًا يليق بسنها جمع بين اللونين الأزرق و البيچ مع تسريحة شعر مرفوعة أبرزت نضج ملامحها و جمالها الموروث ...
-بحق الله ماذا تفعلين بالفتاة آسيا ؟!! .. صاحت "چشم" بجزع و هي تهرع نحو الصغيرة مسرعة
-هل جننت ؟؟؟
و إنتزعتها من يد "آسيا" و فورًا أخذت تهدئها و تمسح لها دموعها و تؤرجحها بلطف بين ذراعيها، بينما تصيح الأخيرة بعصبية :
-لا يحق لك إقتحام غرفتي و أخذ حفيدتي مني بالقوة هكذا يا چشم. تلك الصغيرة حفيدتي و لن أسمح لأيّ أحد مهما كان أن يضع يد أخرى بشؤونها. لقد ماتت أمها لكنني ما زلت هنا و أنا فقط من سأحل مكان إبنتي و ليست تلك الفتاة يتيمة أخي خطتك أنت و إبنك لن تفلح ما دمت حية و أتنفس أتسمعين !!!
رمقتها "چشم" بذهول و قالت :
-أيّ هراء الذي تتفوهين به ؟ ماذا دهاك يا آسيا ؟ لمَ كل هذه الثورة ماذا فعلت و معي هاشم لك ؟!!
آسيا بإحتدام منفعل :
-أيتها الطيبة.. كان المفترض أن تحل چمان محل عروس إبنك الليلة. تلك كانت مشيئتنا أنا و أنت منذ توفت چنى.. قلنا مستحيل أن تربي حفيدتنا إمرآة أخرى فإذا بك تحنثي بكلمتك و تباركين زواج هاشم من تلك الملعونة !!!
قذفتها "چشم" بتكشيرة غاضبة، لكنها لم تستطع إلا التخفيف من حدة الوضع بقولها :
-آسيا.. يا أختي.. جميعنا نعرف أن هذه كانت وصية أبي. هو أراد ذلك لا حيلة لنا. الوصية واجب تنفيذها
تنفعل "آسيا" أكثر :
-واجب تنفيذها على حساب إبنتي و سعادتها ؟ ألا تعرفين أنها مغرمة بإبنك حتى قبل أن يتزوج من أختها ؟ ثم أننا لطالما نبذنا أسرة أخي و ما كنا لنفكر بهم لولا تلك الوصية الخرقاء. كيف تتخذين الآن صف المرآة الحقيرة التي تلاعبت بأخانا و تقبلين إبنتها زوجة لإبنك ؟!!
عبست "چشم" و هي تقول بجدية :
-و هل لكل هذا أهمية ؟ أريد أن يكون إبني سعيدًا.. و فرح هي الفتاة التي يريدها