( 32 )
_ معي أنا ! _
كانت "چمان" مفطورة من البكاء.. كان بائسة إلى حدٍ كبير.. غارقة بيأسها المتجدد و كآبتها السحيقة التي بالكاد تخلصت منها مؤخرًا
لم تلاحظ ولوج أمها إلى غرفتها، و لم تشعر بإقترابها منها إلا حين سمعت صوتها خلفها تمامًا :
-چمان !
إلتفتت "چمان" نحو أمها بعينيها المتورمتان من شدة البكاء، لتنظر لها "آسيا" بذهول.. لأول مرة ترى إبنتها في تلك الحالة المزرية، و لم تكن تتخيل أبدًا أن يجيئ اليوم و تراها هكذا !!!
-ماذا دهاك يا بُنيتي ؟!! .. و وضعت كفها أسفل ذقنها الدقيق
تطلعت "چمان" إليها بنظراتها الدامعة... و رغم محنتها المريرة خرج صوتها الرقيق ثابت النبرات :
-لقد خسرت يا أمي.. للمرة الثانية أنا أخسر هاشم. سوف يعود مع فرح.. سوف يجدها أليس كذلك ؟!
تطلق "آسيا" زفرة مطولة و هي تشيح عن إبنتها للحظات، ثم ترمقها من جديد بشيء من التعاطف و تجلس على طرف السرير إلى جوارها قائلة :
-ماذا قلت لك من قبل ؟ بل ماذا فعلت بك ؟ چمان إذا كان ما تكابدينه الآن مشقة من فعل أحدهم فلا ريب أنني الفاعلة.. أنا التي منحتك الأمل بعد موت أختك و أحييته بداخلك. بأن هاشم سيغدو لك و لن يؤول إلى غيرك من بعد چنى. أنا المخطئة.. أرجوك أغفري لي هذا !
-و لماذا لا يؤول إليّ ؟؟؟ .. صاحت "چمان" بإنفعال جم
هبت واقفة و هي تستطرد من قلب ينهشه الحقد و العشق :
-بمّ أخطأت ؟ ألم أحبه كفايةً ؟ ألم أفصح عن رغبتي فيه جهرًا حتى قبل أن يتزوج من أختي ؟ جميع نساء هذه العائلة تزوجن قسرًا عنهم من ذويهم. حتى أنت يا أمي أجبرك جدي على الزواج من إبن عمك.. لكن أنا. و لسخرية القدر أحببت هاشم. منذ أن عرفت معنى الحياة. نموت على حبه.. تخيلت حياتي معه هو و كنت على أتم الإستعداد لأن أهبه نفسي و أتزوج منه بإرادتي الحرة. دون إجبار من أحد.. هذا ما ظننته سيحدث بكل سهولة عندما أبلغ سن الزواج. كان هاشم ملائمًا لي أنا. لي وحدي.. لكنكم سلبتموني إياه.. لم يريده أحد بقدري. لا چنى و لا حتى فرح. فلماذا لا يريدني هو ؟ لماذا لا يحبني كما أحبه ؟ لماذا لا يراني أبدًا لمـاذا لمـاذا لمــاذا !!!!!!
-كفى. كفى يا عزيزتي أرجوك ! .. هتفت "آسيا" بجزع و هي تقوم لتضم إبنتها إلى صدرها فورًا
ضمتها بقوة و أخذت تمسد على ظهرها و هي تهدئها بصوت ملؤه الآسى :
-إهدأي.. إهدأي چمان. صدقيني لن أسامح نفسي.. هذا كله ذنبي. ذنبي أنا. و الله كنت لأواصل المحاولة من أجلك. لكني عاهدت الله منذ مشكلة أخيك مع هاشم ألا أظلم أحدًا حتى لا أرى فيكما كا يؤذيني.. يا حبيبتي الغالية لن أتحمل أن يمسك و أخيك مكروهًا. أنا ليس لي سواكما بهذه الحياة