( 17 ) _ محاصرة ! _

22.3K 790 53
                                    

( 17 )

_ محاصرة ! _

لا تدري ماذا حدث.. أفاقت فوجدت أن الظلمة قد حلّت فوق منزل عائلتها المهيب... هكذا !

مصابيح غرفتها الصفراء التي تضاء ليلًا أنبأتها بذلك، و لكن كيف ؟ هل نامت لكل تلك المدة ؟ .. آخر ما تذكره إغشائها بحفل آل"الرشيدي" بعد رؤية ماضيها كله متجسدًا أمامها مباشرةً.. "طارق الرشيدي"... جلادها الذي سرق طفولتها و براءتها لغير رجعةٍ

لكن أهذا كل شيء ؟؟؟

بالأحرى لا... هناك أمرًا آخر... أجل.. "هاشم".. المجوهرات.. محبس الزواج.. و بطاقات العرس !!!!

-أرى أنك عدت مجددًا !

شهقت "فرح" مذعورة حين أتاها صوت "هاشم" فجأة من حيث لا تدري.. و قد أوقف وجيب وجيب قلبها المتسارع عن الخفقان للحظة.. قبل أن تدير رأسها لترمي نحو مصدر الصوت نظرة مستطلعة ...

رأته.. نعم... كان يجلس غائصًا بإسترخاء في كرسي وثير بمحاذاة سريرها.. كان كما رأته قبل فقدانها وعيها، فقط إستغنى عن سترته و ربطة عنقه.. و كانت تصفيفة شعره المرتبة قد تشعثت الآن على نحوٍ جذاب، ربما لطول مدة مكوثه هنا بجوارها، إذ يبدو أنه لم يبارح مكانه أبدًا منذ الصباح !

-من جديد أهلًا بعودتك إلى أرض الواقع يا عزيزتي !

كانت عيناه رقيقتين، لكنهما متوترتين، أحست أنهما تذيبان عظامها المتيبسة ...

-هـ هاشم ! .. نطقت "فرح" بصوت متحشرج مكتومٍ

ثم تآوهت بشدة عندما حركت يدها اليسرى عفويًا، رفعتها تلقائيًا محتملة وخزة الألم الحادة، فإذا بها ترى ( كانولا ) موصولة بخرطوم شفاف دقيقٍ جدًا لكيس محلولٍ معلق فوق رأسها !!!!!

ما لبثت أن تستوعب هذا، لتجد "هاشم" قد إنتقل إلى جوارها باللحظة التالية، كانت تحاول الإرتفاع بجزعها فسارع هو بثبيتها بكلتا يداه و هو يقول بحزم لا يخلو من اللطف :

-رويدك فرح.. رويدك. هوّني عليك يا حبيبتي. لا تقلقي أنت بخير. فقط إلزمي مكانك. لا تتحركي !

هتفت بجزع : ماذا حدث ؟ ماذا حدث لي ؟!!

أخذ يهدئها ممسدًا على شعرها بحنان :

-قلت لك أسكني. أنت بخير. إن هي إلا إغماءة أخرى أصابتك .. و شرح لها بإستفاضة أكثر :

-كنا نتبادل أطراف الحديث. و فجأة سقطت بين يديّ ثانيةً. تملكني الهلع عندما رأيتك مغشية للمرة الثانية و لم يمض على الأولى أربعة و عشرون ساعة.. حملتك إلى فراشك و ذهبت أخابر طبيب العائلة. بينما حضر جميع من البيت إثر صوتي العالٍ و صياحي المنفعل بالهاتف. و من بينهم صديقتك غادة. ما تركتك للحظة حتى جاء الطبيب و طمأننا جميعًا. قال أنك أصبت بإنهيار عصبي لنفس الأسباب التي ذكرها الطبيب الأول ليلة أمس.. لربما كان الشّعور بالخوف أو التعرّض لصدمة قوية. أو الإصابة بالآلام الشديدة.. و الأرجح أنني قد إستبعدت الإحتمال الأخير. فأنا أعتقد جدًا بأنك شعرت بالصدمة و الخوف حين فاجأتك صباح اليوم بموعد زفافنا.. أليس صحيحًا ؟!

كيف أقول لا ... للمبدعة مريم غريبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن