( 13 )
_ فظ ! _
رغم إمضائها بضعة أيام هنا، في هذا البيت الذي حرمت منه طيلة سنوات طفولتها، و رغم هالة الثراء المحيطة بها و تنعمها بكافة وسائل الراحة و الترف.. إلا أنها لم تنخدع أبدًا بأقنعة الود الزائفة التي يرتديها أمامها أفراد عائلتها الكريمة
خاصةً عمتها الكبرى، و أم زوجها !
العمة "چشم".. لقد عرفت "فرح" منذ الوهلة الأولى التي عمد فيها "هاشم" إلى إماطة النقاب عن خبر زواجه بها، أن إستقبالها الحافل لها و لأمها و مشاعر العطف و السعادة بحضورها لم تكن سوى مجاملة.. مجرد مجاملة و رضوى لروح أبيها المتوفى، لم تتفاجأ أصلًا من مشاعر البغض و الحقد الجلية التي رأتها بالأيام السابقة ظاهرة على الجميع
كما لم تجزع الآن و هي تجلس أمام العمة "چشم" بالحديقة الخلفية للمنزل، تحت آشعة شمس الظهيرة الشتوية، بل العكس، كانت مبتسمة بلطف و هي تبادلها أطراف الحديث حول الموضوع بالغ الأهمية بالنسبة لها ...
-ذلك الحفل يقام سنويًا يا عزيزتي ! .. قالتها "چشم" بإبتسامة عريضة
فرح بحماسة متكلفة :
-رائع. يبدو أنه الأضخم أيضًا
وافقتها "چشم" بشدة :
-الأضخم على الإطلاق. لا يذهب إليه سوى صفوة المجتمع فقط
فرح بتساؤل : و لكن ما هي مناسبته يا ترى ؟
-إنها عائلة الرشيدي. مؤسسي المدينة الأصليون. نصف العقارات التجارية و المنشآت السياحية هنا تحمل لوائهم. كل عام من تاريخ الغد يقيمون إحتفالًا ضخمًا لذكرى إنشاء أول مؤسسة خاصة لهم
أومأت "فرح" بتفهم، لتكمل "چشم" بجدية :
-هاشم يساهم معهم بأعمال كبيرة جدًا يمكن القول بأنه يكاد يكون عضوًا رئيسيًا في شئون ملكية أعمالهم. ما أود أن تعرفيه أن كلا العائلتان ترتبطان ببعضهما إرتباطًا وثيقًا توارثته الأجيال حتى يومنا هذا
عقدت "فرح" حاجبيها مستوضحة :
-و إذن !
تنهدت "چشم" و قالت :
-جميعنا سنذهب إلى الحفل كالمعتاد. و أنت بالطبع مدعوّة كونك فردًا من عائلتنا. لكن حريًا بي أن أنبهك. الأجواء ستكون غريبة جدًا عليك و كان يتوجب أن أقضي معك وقت أطول قبل هذا اليوم. لكن لا بأس أريدك فقط أن تلتزمي التواجد بجواري أو بجوار زوجك حتى نتأكد من عدم حدوث أيّ مشكلة
عبست "فرح" في هذه اللحظة قائلة بخشونة :
-و هل أنا من سأفتعل المشاكل يا عمة ؟!!
إرتبكت ملامح "چشم" عندما سمعت رد إبنة أخيها، حاولت أن تصلح موقفها و هي تقول بإبتسامة متوترة :