( 35 )
_ قلب أم ! _
خيّم الصمت فوقهما... منذ إنطلق "هاشم" بسيارته متجهًا إلى منزل السيدة "ناهد".. لم تنبس معه "فرح" بكلمة، و إنما بقيت كما هي، على نفس الموقف الذي إتخذته ضده، بل أن الغضب ما أدرج عليه في الحقيقة.. بسبب ما فعله بأمها !!!
-أما لصمتك من نهاية ؟ .. قالها "هاشم" بتساؤل و هو يرمقها بنظرة جانبية
لم ترد عليه
فأطلق نهدة مطولة و قال :
-معك كل الحق.. لا أستطيع أن ألومك على أيّ إعراض و نفور منك تجاهي. لكن هذا لا يمنع أن أواصل المحاولة. بالنهاية لم أكن وحدي المخطئ يا فرح !
و هنا نظرت إليه، كانت نظرة ملؤها الإستنكار العدائي، فأدار وجهه ليقابلها بصمود ...
تبادلا النظرات طويلًا حتى إضطر هو لإعادة ناظريه نحو الطريق أمامه، و ما لبث أن سمع صوتها باللحظة التالية.. أخيرًا تقرر التحدث إليه مجددًا :
-ربما خطئي أنا الوحيد هو أنني خضعت لك و وافقت على الزواج منك. ما كان ليحدث لي كل ذلك !
يرمقها "هاشم" بنظرة خاطفة و هو يقول :
-أنت جبانة يا فرح.. جبنك كاد يودي بك إلى التهلكة. ما الذي كان سيحدث إذا أتيت إليّ و إعترفت بكل شيء ؟ قبل الزواج أو حتى بعد ليلة الزفاف ؟ لماذا آثرت وضع نفسك موضع شك و جعلتني أظن بك الظنون عوض أن أحط علمًا بقصتك و أؤازرك.. أنت إبنة خالي أولًا و أخيرًا
أفلتت منها ضحكة هازئة، ثم سمعها تقول بسخرية :
-أحقًا أنت تقول ذلك ؟ هل هذا يعني بأنني إذا كنت قد ذهبت لأخبرك عن مصيبة حياتي كنت أنت لتصدقني ؟ كنت ستفعل هذا بسهولة ؟ دون أن تعتريك ذرة شك بإدعاءاتي. و كنت ستسامحني في حينها ؟؟!!!
صمت "هاشم" لبرهة، يفكر بكلامها، بينما لم تنتظر هي إجابته و سرعان ما أشاحت بوجهها عنه للجهة الأخرى ..
يزفر "هاشم" بسأم حين تأكد من إستحالة الوصول إلى تسوية معها، على الأقل الآن.. ما دفعه للقليل من الإنفعال و هو يهتف من بين أسنانه :
-تبالغين كثيرًا في غضبك مني يا فرح رغم أن ذنبي في الحقيقة لا يساوي شيئًا أمام ما فعلته بك أمك. و مع ذلك أبديت نية للصفح عنها
تجهمت "فرح" قائلة بجفاف دون أن تنظر إليه :
-من قال لك أنني سأصفح عنها ؟ ألهذه الدرجة تراني قد فقدت عقلي بحيث أعفو عن المرأة التي دمرت حياتي كلها !!
عبس "هاشم" متمتمًا :
-هذا ما يفهمه أيّ شخص من كلامك. من لهفتك عليها قبل أن نغادر منزل صديقتك.. بالواقع أنني مذهول. كيف أنك لم تكرهينها حتى الآن ؟!!