( 36 )
_ لعبة ! _
إنقضى كل شيء سريعًا.. حتى إجراءات الدفن و مراسم التشييع... كلها تمت في وقتٍ وجيز لا يُذكر
فقد فضل "هاشم" إنهاء كافة الأمور المتعلقة بوالدة زوجته المتوفاة حديثًا مرةً واحدة، لكي يتفرغ تمامًا لـ"فرح".. "فرح" التي أمست ليلة حزينة مظلمة، لا يعرف كيف سيضيئها و يسعدها، أما آن الأوان لتسعد تلك المخلوقة المسكينة !
يلج "ريّان" إلى غرفة المكتب التي باتت مؤخرًا الملتجأ الذي يهرع إليه "هاشم" و يقضى داخلها معظم وقته ...
يجده "ريّان" تقريبًا كما تركه أخر مرة، فقط طفلته "سيرين" تواجدت معه.. تحديدًا تجلس كعادتها بحضنه هادئة، ترنو إليه في صمت بينما هو شاردًا لا يحرك ساكنًا ...
-آمل أن تلك العزلة السقيمة قد أفادتك يا هاشم و ربما أوصلتك لحل بشأن علاقتك بإبنة خالنا !
يرفع "هاشم" بصره نحو إبن خالته في هذه اللحظة.. كان السأم واضحًا عليه و هو يرد عابسًا :
-ماذا تريد ريّان ؟ لست بحاجة مضايقاتك الآن
ريّان بفتور : لم آت لأضايقك يا كبير العائلة. بل جئت لأذكرك بإمتيازاتك هنا.. في هذا المنزل. إلى متى سوف تترك فرح مثل الشاه الضالة هكذا ؟ يتحتم أن تعيدها إلى حصنها. أنت زوجها و نحن عائلتها
زفر "هاشم" و هو يعدل إبنته لينقلها إلى الجانب الآخر و قال :
-لست أنوي تركها مدة طويلة في بيت صديقتها. لكني إرتأيت أن بضعة أيام بدوني سوف تساعدها على تصفية ذهنها و التفكير جيدًا. ما إن أمثل أمامها حتى تثير حفيظتي بشتى الطرق و لا يمكنني السيطرة على غضبي.. ربما لو إبتعدت قليلًا لا تجزع حين تراني من جديد و لعلها تعود معي إلى المنزل دون مشاكل !
ريّان بإستنكار : ما هذا الهراء الذي أسمعه ؟ و لنفرض لم تقبل بالعودة معك.. سوف تتركها ؟!
هاشم بحزم : بالطبع لا. سآتي بها عندما أقرر و مهما كلفني هذا. ستعود طوعًا أو كرهًا !
يرفع "ريّان" حاجبه و يقول و هو يعقد ساعديه أمام صدره :
-و هل هذا مفتاح الحلول خاصتك ؟ هل تظن أنها سوف تمتن لصنيعك الأرعن هذا ؟ هاشم إنك لا زلت لا تفهم.. فرح بالفعل لم تعد تطيقك !
كادت أعصابه تفلت منه، فكبحها بأخر لحظة متذكرًا وجود صغيرته بين يديه ...
كز على أسنانه مغمضًا عيناه بقوة، فتحهما ثانيةً و نظر إلى "ريّان" متمتمًا :
-أنت و لا شك مجنون.. أنا لا أفهم من كلامك شيئًا. هل أنت معي أم ضدي الآن ؟؟؟
ريّان بإبتسامة باردة :
-أنا لا معك و لا ضدك يا هاشم.. إنما أهتم لفرح فقط. لا أنكر أنني لا أستحسن عودتها إليك. لكن بنفس الوقت لن أقبل أن تبتعد عنا بعد الآن. حتى لو رفضت الرجوع إليك على هذا. لن أتردد أبدًا في الزواج منها بدلًا منك !