( 34 )
_ سُنة المُحب ! _
الآن و قد إمتلأت قاعة الصالون بالدخان الشديد بسبب"ريّان".. حيث أنه ما برح يدخن بشراهة منذ رحيل "هاشم" مع "غادة"... كان ليرافقهم.. إلا إن الموقف الذي وضع به بغتةً أمام الجميع لم يستطع تجاهله
و لو حتى بينه و بين نفسه.. لا ثتوقع أن ينساه أبدًا !
يعتري "آسيا" ضيق شديد من مزاج إبنها العبثي فضلًا عن حنقها السالف منه، لتقوم واقفة و أمام العائلة تصيح فيه بصوتٍ حاد :
-أنت يا باشا.. أما كفاك هذا القرف الذي تشربه ؟ أقلع عن ذلك إذا سمحت فأنا أريدك في أمر !
يلتفت "ريّان" نحو أمه دون أن يكف عن التدخين، بل أنه أخذ يسحب النفس تلو الآخر عبر صمامة سيجارته و تحت أنظار أمه الغاضبة.. نفث الدخان بقوة باللحظة التالية و هو يقول بفتور :
-ماذا تريدين يا أمي ؟ تكلمي.. أنا أسمعك !
آسيا بجمود : لا يمكن أن نتحدث هنا على الملأ. تعال معي .. و إتجهت ناحيته و جاءت لتمسكه من ذراعه
-إبتعدي ! .. هتف "ريّان" مبعدًا يدها عنه قبل حتى أن تلمسه
رمقته "آسيا" بصدمة، بينما يستطرد و قد غدت نظراته مستوحشة :
-لماذا لا تريدين التحدث هنا ؟ ماذا هل أصبحت العائلة مجرد زمرة من الغرباء ؟ ألم نكن فيمَ خلا كيانٍ واحد لا مكان للأسرار بيننا ؟ بلى نحن هكذا بالطبع.. لذا تكلمي يا أمي هؤلاء دمائنا و لا نخفي عنهم شيء !
عبست "آسيا" بشدة قائلة :
-ماذا دهاك بحق اللعنة ؟!!
يبتسم "ريّان" بسماجة مفاجئة و هو يرد عليها ببرود :
-أنا بخير.. أقسم لك بأنني بخير. لكنني أدين بالولاء و الوئام إلى عائلتي الكريمة !
و أشار نحو العائلة المتشحة قاطبةً بالصمت الواجم، فقط يراقبون ما يحدث ...
نظر "ريّان" لأمه ثانيةً و كرر :
-تكلمي يا أمي.. أنا أسمعك !
و إتسعت إبتسامته و هو يرنو إليها بنظرات خبيثة، و كأنه يعلم جيدًا و تسره بنفسها و تريد الإفصاح عنه ...
كزت "آسيا" على أسنانها متمالكة ما تبقى من سيطرتها على نفسها.. كتفت ذراعيها أمام صدرها بشدة، ثم رفعت وجهها ناطقة بلهجةٍ خشنة :
-عظيم كما تريد يا بني الحبيب.. أذا كنت تريد أن نناقش تلك اللعبة الصبيانية بينك و بين تلك الطبيبة هنا أمام عائلتنا فلك هذا طبعًا
ضيّق "ريّان" عينيه و قال متظاهرًا بالبراءة :
-هل تقصدين غادة ؟ الدكتورة غادة صديقة فرح ؟!
آسيا بغضب دفين :
-و من غيرها !!
قال "ريّان" مدعيًا البلاهة :