( 38 ) الأخير :
_ الشهد خيار.. مُر ! _
مر الوقت... حتى لو كان مروره بطيئًا.. حتى لو كانت الأيام مثقلة بالحزن و الأسى.. حتى لو خلت الدقائق و اللحظات من أيّ نوع من أنواع الراحة و السلام
لم تعد تعبأ لشيء من كل هذا.. خاصةً حين أخبرها بكذبته، خبر حملها الزائف.. لم تتألم.. لدهشتها لم تتأثر أبدًا.. رغم أنها إستحسنت شعور الأمومة المزعوم
بل أنها أحبته، بكل خوفها و رعبها و قلقها منه، تمنت فعلًا لو أنها ترزق بطفل.. تمنحه كل الحنان و الحب الذي حرمت منه طيلة حياتها، تحميه و ترعاه و تفديه بروحها إن لزم الأمر.. ليته كان محقًا هذه المرة، ليتها حظت بطفلًا منه فعلًا... ليتها !
-العائلة بإنتظارنا !
سمعت "فرح" صوت زوجها اللطيف آت من خلفها
ردت عليه بهدوء بينما تلاحظ حيث كانت تجلس بصالون غرفة النوم هبوط المغيب عبر النافذة المفتوحة :
-أنت إذهب لهم.. و أنا سألحق بك قريبًا !
و هنا يطلق "هاشم" نهدة مشحونة من صدره، لقد ضاق ذرعًا بهدوئها.. أقله عندما كانت تغضب و تثور كان يفطن إلى نواياها... لكنه الآن يجهل ما يجول بخاطرها، يجهله تمامًا و هذا شيء يضيق عليه الخناق بشدة !!!
-فرح يجب أن نسوي هذه الخلافات بيننا .. قالها "هاشم" بشيء من الإنفعال و الضيق
إستدار حولها و جلس مقابلها و هو يتابع بجدية :
-لا ألتمس منك صفحًا عمّ بدر مني.. لكن على الأقل تجاهلي مشاعرك و لو قليلًا حتى تتمكني من الغدو فرد من أسرتنا و زوجة طبيعية و أم لطفلتي. فرح سيرين بحاجة إلى أم. و أنت بمقام أمها الآن. أرجوك يتحتم أن تخرجي من هذه الحالة بأسرع وقت. جميعنا بحاجة إليك !
بقيت "فرح" صامتة لبرهة، ثم تطلعت إليه قائلة :
-و هل تظن بأن هذا عدلًا يا هاشم ؟ أن تحملني بكل هذا العبء ؟ هل صرت أنا المسؤولة عن الجميع الآن ؟ إذن ما دورك أنت ؟!
هز رأسه و مد يده ممسكًا بكفها و هو يقول بلطف :
-أنا موجود من أجلك طبعًا.. صدقي أو لا تصدقي الآن ما عاد يهمني شيء أو أحدٍ في العالم سواك. نعم أنا كبير هذه العائلة.. لكن أولى إهتماماتي أنت. لقد أخبرتك بأنني لن أكف عنك حتى أشفيك تمامًا. حتى أشفي تلك الطفلة بداخلك. أنا واحد ضمن كثيرون أساؤوا إليك.. الآن أحاول التكفير عن ذنبي إزائك. ساعديني رجاءًا. لأجلك ليس لأجلي. و ربما تسنح لنا فرصة أخرى !
يلتوي ثغر "فرح" بإبتسامة ساخرة، تواصل النظر بعينيه الجادتين و هي تقول بتهكم :
-فرصة أخرى.. أنا لم تعد أمامي أيّ فرصة يا هاشم. لقد إنتهيت